إسرائيل تصعد من سياسة الإبعاد بحق الأسرى الفلسطينيين المحررين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تعتمد إسرائيل نهج الإبعاد والنفي منذ عشرات السنين وصعدت هذه السياسة بحسب باحثين ومختصين في شؤون الحركة الأسيرة خلال الآونة الأخيرة، الامر الذي ساهم في ارتفاع عدد المبعدين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة إلى أكثر من 240 مبعداً ومبعدة.
أكد الباحث المختص بشؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، استمرار قيام إسرائيل بسياسة النفي القسري وإبعاد مواطني الضفة الغربية إلى قطاع غزة أو إلى خارج الأراضي الفلسطينية وخاصة لعدد من الأسرى المحررين.
وأوضح أن "هذا التجاوز يشكل جريمة ضد الإنسانية وعقاباً فردياً وجماعياً لهم ولذويهم، ويعكس استهتار إسرائيل بحقوق المدنيين الفلسطينيين باعتبارها من أقسى العقوبات المحظورة وغير المشروعة وغير القانونية".
وقال فروانة، في اتصال هاتفي مع "إيلاف": "إن سياسة الإبعاد مهما كانت الظروف تعدّ جرائم تستوجب الملاحقة والمحاكمة الدولية وفقاً للقانون الدولي".
وبيّن أن "سياسة إبعاد المواطنين والمواطنات بشكل فردي أو جماعي ونفيهم قسراً إلى أماكن بعيدة عن مناطق سكنهم تحت ذرائع وحجج مختلفة، تعتبر سياسة مرفوضة ومخالفة لكافة المواثيق والأعراف الدولية، حتى وإن تمت بموافقة الشخص أو الجماعة المنوي إبعادهم تحت أي ظرف من الظروف".
وقال فروانة، وهو أسير محرر: "إن سياسة الإبعاد وفقاً للقانون الدولي لا تمنح الشرعية على الإطلاق ولا بأي حال من الأحوال، حتى وإن نفذت بالاتفاق بين طرفين على إبعاد أحدهما، ولفترة محدودة الزمن، فالإبعاد أياً كانت طريقته وشكله، هو إجراء غير شرعي وغير قانوني".
وأضاف: "أن الموافقة على ما يخالف اتفاقية جنيف أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني وفقاً للمادة الثامنة التي تنص على أنه (لا يجوز للأشخاص المحميين التنازل في أي حال من الأحوال جزئياً أو كلياً عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقية )".
وبحسب الباحث والمختص بشؤون الأسرى، فإن السلطات الإسرائيلية أعلنت في تموز2002، عن عزمها إبعاد أقارب الأشخاص الذين يشتبه في أنهم قاموا بتنظيم هجمات ضد إسرائيليين أو اشتركوا في تنفيذها، واتخذت قراراً في ذلك ترجمته لاحقاً.
وأكد فروانة، أنه وفي الأول من آب عام 2002 وقَّع قائد القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية تعديلا للأمر العسكري الرقم 378 ( للعام 1970 والمتعلق بالأنظمة الأمنية ) يجيز إبعاد الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.
وقال: "بذلك أصبح قطاع غزة منفى لسكان الضفة أو سجناً كبيراً وجديداً لهم، وتوالت حالات إبعاد المواطنين والأسرى قسراً أو من خلال اتفاق بين الطرفين".
وأوضح أن الإبعاد القسري وفقاً للتفسير الدولي يعني نقل الشخص رغماً عنه داخل أو عبر الحدود الوطنية، ويشكل بذلك ممارسة قسرية غير قانونية للأشخاص المحميين، ويمثل انتهاكاً خطيراً وخرقاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة.
وحول طبيعة هذا الخرق والمادة التي تنص على ذلك، قال فروانة: "إن المادة 147 من اتفاقية جنيف تعتبر الإبعاد جريمة حرب وتنص على أنه (يحظر النقل الجبري أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أياً كانت دواعيه)".
وأضاف: "كذلك المادة 49 من الاتفاقية ذاتهاوالتي تنص على أن (عمليات الإبعاد الفردية أو الجماعية، بالإضافة إلى عمليات تسفير الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي الدولة التي تحتلها أو إلى أراضي أي بلد آخر، سواء أكان محتلاً أم لا، تعتبر محظورة بصرف النظر عن دوافعها ).
وبخصوص النصوص القانونية الأخرى، أكد أن قانون روما الأساسي 'للمحكمة الجنائية الدولية' اعتبر أن الإبعاد يعدّ جريمة حرب.
وبحسب فروانة، فإن قانون روما عرف الإبعاد القسري "بأنه تهجير قسري للأشخاص المعنيين عن طريق الطرد، أو غيره من أفعال الإكراه، واعتبر إبعاد جزء من سكان الأراضي المحتلة أو جميعهم، سواء داخل أراضيهم أو خارجها، على أيدي قوة الاحتلال، بأنه جريمة حرب".
الإبعاد جريمة حرب
إلى ذلك، أكدت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في بيان صحافي، حصلت "إيلاف" على نسخة منه، أن إسرائيل تواصل نقل الأسرى والأسيرات المفرج عنهم من سجونها إلى قطاع غزة.
وبينت المؤسسة في بيانها، "أنه وفي ظل الحصار الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية على القطاع وعزله بشكل مطلق عن بقية الضفة الغربية المحتلة، فإن نقل الأسرى المحررين إلى هناك يعدّ جبرياً وجريمة حرب".
ورحبت المؤسسة بالإفراج عن المعتقلة هناء شلبي التي خاضت إضراباً مفتوحاً عن الطعام طوال أربعة وأربعين يوماً رفضاً لسياسة الاعتقال الإداري التي تمارسها إسرائيل بحق السكان المحميين في الأرض الفلسطينية.
وقالت المؤسسة في بيانها: "إن اشتراط إسرائيل الإفراج عن المعتقلة هناء شلبي بنقلها جبراً إلى قطاع غزة، يشكل جريمة حرب وفقاً للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة واجبة التطبيق على الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي حظرت النقل الجبري الجماعي والفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أياً كانت دواعيه".
وكانت الأسيرة هناء شلبي التي دخلت إضراباً مفتوحاً عن الطعام في السجون الإسرائيلية استمر أربعة وأربعين يوماً احتجاجاً على إعادة اعتقالها بعد الإفراج عنها ضمن صفقة التبادل الأخيرة "صفقة شاليط" أبرمت اتفاقاً شخصياً جاء نتيجة ضغوط وابتزاز كما صرحت مؤخراً، مع مندوبين عن الحكومة الإسرائيلية يقضي بإبعادها إلى قطاع غزة لمدة 3 سنوات مقابل إنهاء إضرابها.
وقبيل الإفراج عنها بعثت الشلبي، برسالة عبر محامي نادي الأسير جاء فيها:" أهلي الكرام وأبناء شعبي وجميع أحرار العالم أشكر لكم جهودكم وأقدر كل ما قمتم به من أجلي ومن أجل الأسرى وأتمنى عليكم أن تتفهموا موقفي وقراري الذي كان حراً وهذا ليس ضعفاً مني فقد أضربت 44 يوماً ولقد خسرت من وزني 20 كليو، وكان كل همي أن أكمل الطريق التي فتحها أخي المناضل خضر عدنان وبعدما اطمأننت أن إخواني الأسرى ماضون على هذا الطريق".
إسرائيل تتنصل من ديموقراطيتها
وفي سياق متصل، قال رأفت حمدونة، مدير مركز الأسرى للدراسات وعضو لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية: " إن اسرائيل ما هي إلا دولة عسكر وكل ما يسوق فى الإعلام والعالم على الديموقراطية وفصل السلطات ما هو إلا كذبة".
وأضاف: "أن قرار إبعاد الأسيرة هناء الشلبي بعد محاكمة صورية عسكرية بالإعتقال الإداري لهو خير دليل على تدخل الشاباك والأمن وتفوق سطوته على المحاكم الصورية، موضحاً في الوقت ذاته أن محاكم الأسرى العسكرية خارجة عن القانون تحت ما يسمى بقوانين الطوارىء المخالفة للديموقراطية".
وكان نادي الأسير الفلسطيني قد أوضح في بيان صحافي حصلت "إيلاف" على نسخة منه، أن الشلبي توصلت مع الجهات الإسرائيلية المعنية إلى اتفاق يقضي بإبعادها لمدة ثلاث سنوات إلى قطاع غزة "مكرهة وهي على فراش المرض" بسبب طول فترة الإضراب.
وأكد النادي في بيانه، رفض سياسة الإبعاد التي تنتهجها إسرائيل، وقال: "إن إسرائيل استخدمت الإبعاد وسيلة عقاب لإبعاد كوادر الحركة الوطنية، غير أنه عبر عن احترامه لإرادة الأسيرة هناء الشلبي التي تدهورت حالتها الصحية بشكل خطير في الأيام الماضية مما حدا بها للقبول بهذا الحل على أن تعود بعد ثلاثة أعوام إلى عائلتها في جنين".
من جهته، شدد وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، على رفض هذه السياسة الإسرائيلية، مؤكداً في الوقت ذاته، أن الأسيرة الشلبي، كانت قد وضعت تحت ظروف عصبية هائلة وتم ابتزازها حيث تم استغلال وضعها الصحي بشكل كبير، الأمر الذي اضطرها للقبول بهذا التوجه.
وكان قراقع، قد أكد في تصريحات متعددة، أن "قرار إبعاد الأسيرة الشلبي يعدّ جريمة ضد الإنسانية، واعتبر أن مجرد مساومة فتاة ضعيفة تعيش وضعاً صحياً متدهوراً يعدّ جريمة".
وقال والد الأسيرة: "إن الإدعاء بموافقة هناء على صفقة تقضي بإبعادها إلى غزة يعدّ ضرباً من الكذب لأنها وبعد 44 يوماً من الإضراب لا تستطيع أن تتحدث بشكل طبيعي، إضافة إلى أن حجم الضغوط النفسية الممارس عليها كان كبيراً".