أخبار

صحف تونس المجانية... محاولة لإثبات المصداقية وسط الشكوك

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الصحف المجانية في تونس توزع على المواطنين في الأماكن العامة

ظهرت مؤخرًا في تونس الصحف المجانية التي باتت توزع في محطات الميترو والأماكن العامة. الظاهرة لفتت الانتباه وأيّدها البعض لكونها تخدم مشكلة الوقت التي يعاني منها المواطنون، في حين يظن آخرون أن كونها مجانية قد يفقدها القليل من مصداقيتها.

تونس: شهدت الساحة الإعلامية التونسية في الفترة الأخيرة، ظهور صحف جديدة توزع مجانًا على القرّاء في الفضاءات العامة ومحطات الميترو والحافلات.

الصحافة المجانية ظهرت لأول مرة في تونس مؤخرًا، ولكنها تواجدت فعليًا أواخر القرن العشرين، حيث ظهرت في العاصمة السويدية ستوكهولهم العام 1995 لأول مرة حيث كانت أول صحيفة مجانية هي "Metro" توزع على القرّاء مجانًا في محطات الميترو.

هذه الظاهرة الجديدة لفتت الإنتباه، بما أنها كانت مقتصرة على المجتمعات المتقدمة ذات النسق الحياتي السريع، البعض تساءل عن الهدف من توزيع صحف مجانًا، فمن يقف وراءها؟ ومن يموّلها؟ وهل تمثل خطرًا على الصحف العادية التي تباع يوميًا؟
شكري الدريوش، المدير المسؤول عن صحيفة "تونسنا"، وهي أسبوعية مجانية ظهرت مؤخرًا في تونس، تحدث لـ"إيلاف"عن فكرة إطلاق الصحيفة المجانية قائلاً: "منذ أن كنت أعمل في باريس كنت أعرف مثل هذه الصحف وأطلع على محتواها، ونظراً لإقبال القرّاء عليها في محطات الميترو، وبعد الثورة التونسية وفي ظل الحرية التي نعيشها، راودتني فكرة بعث صحيفة مشابهة تكون مجانية وبسرعة كانت البداية".

الدريوش تحدث عن السبب الذي جعله يفكر في صحيفة مجانية: "الإقتصاد المجاني في المعلومات، لأن المعلومة، مثلما قيل، تريد أن تكون مجانية ويجب أن تكون كذلك، وهي معلومة سارية ومتوفرة نعمل على تنظيمها بصورة مباشرة وبشكل جيد، وبالتالي ليس على القارئ أن يدفع ثمن ذلك، مثل الإذاعة تمامًا".
وعن طبيعة المحتوى المقدم للقارئ في صحيفة "تونسنا" المجانية، قال الدريوش: "نعمل على أن تكون الأخبار خفيفة كما في "30 دقيقة" مثلاً، لأن القارئ يكون محكومًا بالوقت وهو في الميترو أو في الحافلة، وفي طريقه إلى العمل وخلال ربع أو نصف ساعة، يمكن أن يقرأ العديد من الأخبار في تلك الصحيفة بلا مقابل فيطلع على الأحداث بصورة خفيفة ومن دون تحليل".

أما عن التمويل، والذي يشكل السؤال الأهم، أجاب الدريوش: "ساهمت بنفسي مع عدد من المؤسسات المالية في هذا المشروع، وهو يسير حاليًا في ظروف طيبة. لقد أخذت الصحيفة طريقها إلى عدد من المؤسسات من خلال الإشهار الذي يصل سريعًا إلى القارئ أي إلى المستهلك".
وأضاف: "نحن مستقلون تمامًا وما من أحد يمكن أن يؤثر على المحتوى الذي نقدمه في ظل حرية الصحافة والتعبير التي نعيشها، ونريد بالطبع أن نكون إيجابيين".
وعن المال السياسي الذي يمكن أن يكون وراء مثل هذه الصحف المجانية أكد أن"المال السياسي يوضع في القنوات التلفزيونية والإذاعية والصحافة التقليدية، وبالتالي فهو غير مرتهن بالصحف المجانية، ونحن نبقى أوفياء لاستقلاليتنا".

يقيّم الدرويش هذه التجربة بكونها صعبة جدًا، "نظرًا لكثرة الصحف وارتفاع حدّة المنافسة، كما أنّ سوق الإستثمار في الدعاية والإعلان شهدت تراجعًا واضحًا، ونحن على علاقة مباشرة بهذه السوق التي يبدو أنها بعيدة عما هو الحال في أوروبا وحتى في المغرب. ومن جهتنا، كنا نظن أن هذه السوق ستشهد تطورًا واضحًا بعد ما حصل في تونس، ولكن ذلك لم يحصل حتى الآن، على الأقل في غياب المنافسة والديناميكية. والمستثمرون في تونس ما زالوا بحاجة إلى عنصر الثقة حول ما سيحصل في تونس مستقبلاً".
نجوى الهمامي، المديرة المسؤولة لـ" 30 دقيقة "، وهي صحيفة يومية مستقلة جامعة مجانية، تحدثت عن التجربة قائلةً: "إن" 30 دقيقة " هي أول صحيفة يومية مجانية في تونس توفر المعلومة للمواطن التونسي غير القادر على الحصول على المعلومات من دون مقابل، وهي تقدم أخبارًا بسيطة وخفيفة".
"30 دقيقة" يمولها المدير المسؤول فتحي غداس، وهو تونسي مقيم في فرنسا، كذلك العائدمن الإعلانات، وأضافت الهمامي أن الصحيفة لن تكون " بوقًا أو ذراعًا لأي طرف كان " .

وقالت إن المواطن يمكنه أن يصل من خلال "30 دقيقة" إلى المعلومة بيسر وفي أقل وقت ممكن، وهي لا تتعارض مع الصحف التقليدية لأن القارئ يقرأ ذلك الخبر ببساطته مع وجود حوارات وتحقيقات خفيفة، ثم ينتقل إن أراد إلى شراء الصحف وقراءة الخبر بتفاصيله وتحليلاته.
رئيس تحرير "الصباح الأسبوعي"، نور الدين عاشور، تحدث لـ"إيلاف"عن هذه الظاهرة قائلاً: "هو تحدّ جديد للصحافة التقليدية بعد القنوات الإذاعية والتلفزيونية، والصحافة الإلكترونية، والمواقع الإجتماعية وغيرها، فسابقًا كان بإمكانك أن تطلع على الأخبار عبر الانترنت أما الآن فتذهب إلى السوق وتحصل على صحيفة مجانًا وتقرأ فيها شيئًا من الأخبار، وهو ما يهدد المهنة والصحف التقليدية اجتماعيًا واقتصاديًا".

وعن هذا التهديد، قال عاشور: "علينا أن نعرف أولا المحتوى الذي تقدمه هذه الصحف التي تبدو مطمئنة من جهة التمويل، ولكن حتى تضمن توفر الإعلانات، عليها امتلاك سياسة تحريرية، ونحن نخاف من الخلط بين المهنية الصحافية والجانب التجاري وجانب الإثارة للصحف المجانية".
وتابع عاشور " أن الإعلانات وراءها شركات كبيرة يتداخل فيها الجانبان المالي والسياسي وبالتالي لا بد من الإنتباه" .
وأضاف "أن هذه الصحف المجانية يمكن أن تكون منافسة جدية والتخوف مشروع من هذا الجانب، ولكنني متأكد من أن المواطن الذي لا يدفع مبلغًا من المال ثمنًا لصحيفة لا يعطيها أهمية كبيرة ولا يمنحها القيمة التي تستحق، والإنسان عمومًا يحبّذ المجاني في أمور أخرى ولكنه يدفع ثمن الكتاب وثمن الصحيفة، وهذا جانب حضاري، إضافة إلى الجوانب الإقتصادية والإجتماعية" .

عاشور أكد على وجود أزمة في الصحافة المكتوبة التي تجد منافسة كبيرة من الصحافة الإلكترونية ومواقع الإنترنت، ورغم ذلك فهو يراهن على أن الصحافة التقليدية قادرة على التواجد وفرض نفسها على القارئ، كما أن الكتاب الإلكتروني لا يمكنه أن يعوض الكتاب الورقي.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تنويه
تونسي -

اود الاشارة الى ان الصحف المجانية غايتها ربحية ولا غير ، ومستواها المهني متدني جدا شكرا

يا لحلاوة المجانيات
موسى -

لا توجد وسيلة إعلامية في سبيل الله, الصحف كهذه لا بد ان يكون وراءها أغراض سياسوية أو إيديولوجية, أما نحن البسطاء فننظر إلى جيوبنا فقط و نتمتع بمجانيتها.

يا لحلاوة المجانيات
موسى -

لا توجد وسيلة إعلامية في سبيل الله, الصحف كهذه لا بد ان يكون وراءها أغراض سياسوية أو إيديولوجية, أما نحن البسطاء فننظر إلى جيوبنا فقط و نتمتع بمجانيتها.