البحث عن معاون العقيد الليبي بين القارة السمراء وفرنسا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يرتبط العثور على بشير صالح بشير، أحد معاوني العقيد الراحل معمّر القذافي الموثوقين، بحل لغز أرصدة ليبية مفقودة تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار. وتدور التكهنات حول مكان وجوده بين احتمال كونه في القارة السمراء في وقت يقول آخرون إنه مختبئ في باريس.
لندن: طاف معاون موثوق من معاوني العقيد معمّر القذافي في أنحاء أفريقا والعالم لسنوات، متنقلا بين الفنادق الفاخرة والقصور الرئاسية حيث أغدق مليارات الدولارات على مشاريع استثمارية، وكان يقوم بدور الوسيط بين القيادة الليبية وأفريقيا وفرنسا.
وبعد فترة وجيزة على سقوط نظام القذافي، اختفى بشير صالح بشير واختفى معه كل ما يعرفه من أسرار. ويقول البعض إن مدير المحفظة الاستثمارية الأفريقية موجود في القارة السمراء، فيما يؤكد آخرون إنه مختبئ في باريس بحماية حلفاء أقوياء.
وقد يكون العثور عليه مفتاح الوصول الى ما يقول مسؤولون ليبيون، إنها أرصدة ليبية مفقودة تصل قيمتها الى 7 مليارات دولار.
ويقول مسؤولون ليبيون كبار إن بشير يمكن أن يساعد أيضا في الإجابة عن أسئلة تتناول علاقات النظام السابق بالمؤسسة السياسية الفرنسية.
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن المصرفي الليبي عبد الحميد الجدي الذي يعمل مع حكومة طرابلس في البحث عن الأرصدة الليبية المفقودة، أنه لا يملك ربع المعلومات التي يملكها بشير، قائلا إن بشير هو "الشخص الوحيد في ليبيا الذي يعرف كل التفاصيل المتعلقة بالاستثمارات الليبية في افريقيا". واضاف الجدي "اننا حقا بحاجة ماسة اليه".
ومن بين الأدوار المتعددة التي قام بها بشير (66 عاما) توليه رئاسة المحفظة الاستثمارية الأفريقية، وهي صندوق سيادي ليبي مختص بالاستثمار من عائدات النفط الليبية في افريقيا، جنوب الصحراء الكبرى بالأساس. وتقول مصادر مطلعة إن المحفظة كانت تعمل بلا حسيب أو رقيب، رغم انها كانت رسميا تحت اشراف هيئة الاستثمار الليبية التي كانت تخضع للتدقيق رغم الفوضى السائدة فيها.
وكان بشير ينفق من أموال النفط الليبي بمشيئة أسرة القذافي حصراً، فكان يستثمر في شراء الفنادق والموارد المعدنية والأسهم، ليصبح في نهاية المطاف من أكبر المستثمرين الأفراد في أفريقيا، كما يقول مسؤولون ليبيون وخبراء ماليون. ويؤكد دبلوماسيون غربيون ان الاستثمارات الليبية امتدت ايضا الى بلدان أقل شفافية مثل بيلاروسيا واوكرانيا.
وفي حين أن محاسبين كانوا يراجعون دفاتر هيئة الاستثمار الليبية فإن المحفظة الاستثمارية الافريقية كانت ثقبا أسود. ويقول مسؤولون في هيئة الاستثمار إنهم لا يملكون قائمة باستثمارات المحفظة أو وثائق عن أماكن الاستثمارات وحجمها في كل بلد.
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن مسؤول كبير في هيئة الاستثمار الليبية أن الهيئة لم تكن تمارس أي رقابة على أين تستثمر المحفظة الأفريقية "ولم يكن بمقدور أحد ان يذهب ويقول لهم "ماذا أنتم فاعلون"؟" واضاف ان ليبيا لا تملك لائحة بالاستثمارات وطبيعتها.
ويؤكد مسؤولون ليبيون ان الوصول الى الأرصدة المفقودة يتسم بأهمية بالغة لأن بعض الدول الأفريقية بدأت تفسخ اتفاقات وصفقات عقدتها مع نظام القذافي، ويتهمون على سبيل المثال زامبيا بالاستيلاء على حصة ليبيا في شركة زامتيل للهاتف المحمول، بدعوى حدوث مخالفات في عملية تقديم العروض واختيار الشركة الفائزة بالعقد.
وقال وزير الخارجية الليبي عاشور بن خيال ان دولا مثل زامبيا تحاول استغلال الوضع مشددا على "ان هذه الأموال ليبية وهي ليست أموال القذافي، بل أموال الشعب الليبي".
ويبقى مكان وجود بشير صالح بشير موضع تكهن، وذكرت وكالة رويترز في وقت سابق ان النيجر منحته جواز سفر في كانون الأول(ديسمبر) الماضي. وأكد رجل أعمال يعرف بشير منذ اكثر من عشر سنوات انه في باريس بحماية اصحاب مصالح اقوياء تعامل معهم في السابق.
وحين سألت صحيفة فايننشيال تايمز وزير الخارجية الفرنسي الن جوبييه عن بشير، أجاب قائلا "إنه من الجائز ان يكون في فرنسا ولكنني لا أستطيع تأكيد ذلك. ما أستطيع ان اقوله لكم أن كواي دورساي (وزارة الخارجية الفرنسية) ليس لها أي علاقة به".
وخلال حرب ليبيا التي استمرت ثمانية أشهر، كان بشير يُشاهد في منتجع جربة التونسي محاطا بحراس يرتدون سترات جلدية ويتنقل بسيارة مرسيدس للقاء رجال أعمال أفارقة، بحسب دبلوماسي غربي التقاه في جربة. وقال عدة دبلوماسيين لصحيفة فايننشيال تايمز، إنهم يعتقدون ان بشير كان يحاول شراء أسلحة وتجنيد مرتزقة لنظام القذافي.
وفي الأسابيع التي أعقبت سقوط النظام قالت وسائل إعلام ليبية رسمية، إن بشير وقع في قبضة كتائب الثوار في الزنتان قبل أن يختفي ثانية. وقال المصرفي عبد الحميد الجدي ان بشير هُرّب سرّا الى فرنسا لأسباب منها ان معلومات قد تكون بحوزته عن العلاقة التي كثر اللغط حولها بين الرئيس نيكولا ساركوزي ونظام القذافي.
ونفى ساركوزي بشدة الاتهامات التي ظهرت في وسائل إعلام فرنسية مؤخرا، بأن حملته الانتخابية عام 2007 تلقت تمويلا من القذافي.
وتلاحق السلطات الليبية بلا هوادة أركان النظام السابق مثل رئيس الاستخبارات السابق عبد الله السنوسي، المعتقل في موريتانيا وآخرين يقيمون الآن في مصر.
ولكن المسؤولين الليبيين يعترفون بأنهم لم يلاحقوا بشير بالقدر نفسه من التصميم. وأدّى هذا الى تكهنات بين الليبيين بأن قضيته وضعت في ثلاجة بموافقة ضمنية من مسؤولين في المجلس الانتقالي الى ما بعد الانتخابات الفرنسية في 22 نيسان (ابريل).
وكانت فرنسا تصدرت حملة حلف الأطلسي الجوية التي ساعدت الثوار في إسقاط نظام القذافي. وقال عضو المجلس الانتقالي طاهر سالم ذياب، ان الفرنسيين يساعدون بشير لافتاً الى "ان رجلا قيمته 7 مليارات دولار يستطيع ان يشتري الكثير من الحماية". ويقول مسؤولون ليبيون ايضا انهم غارقون بالمطالب لملاحقة جميع الهاربين بأموال وأسرار ليبية. واعترف وزير الخارجية بن خيال بأن تسليم الهاربين "يتوقف علينا أكثر مما يتوقف عليهم".