مقاطعة الصحافيين نشاط وزير الداخلية تثير ردود فعل متباينة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تباينت ردود فعل الصحافيين التونسيين بشأن دعوة نقابتهم إلى مقاطعة أنشطة وزير الداخلية علي العريض وذلك في أعقاب تعرض عدد من الصحافيين لاعتداءات من قبل قوات الأمن خلال تغطيتهم الأحداث في شارع بورقيبة.
أثار بيان النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين على ضوء أحداث شارع بورقيبة يوم الإثنين الماضي 9 نيسان (أبريل) ردود فعل متباينة حول شكل التعبير عن إدانة الإعتداءات التي تعرض لها عدد من الصحافيين على أيدي قوات الأمن .
وللتعبير عن الإدانة، فقد دعا المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين إلى حمل الشارة الحمراء يوم الخميس الماضي كما طالبهم بمقاطعة أنشطة وزير الداخلية لمدة أسبوع وذلك ابتداء من 10 إلى 17 نيسان (أبريل) 2012 .
و إن كان الصحافيون قد تعودوا على الإدانات من حين لآخر، فإنّ المطالبة بمعاقبة وزير الداخلية من خلال مقاطعة نشاطه من طرف وسائل الإعلام يعدّ سابقة في تاريخ النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وهي تحصل للمرة الأولى في تاريخ هذه المنظمة .
ويتضاعف حجم الإستغراب عندما تكون المؤسسة الإعلامية العمومية البادئة بتنفيذ هذا الطلب، ممثلة بقناة التلفزة الوطنية الأولى التي أوضح أحد قارئي الأخبار خلال نشرة الثامنة أنّ عدم بث تصريح وزير الداخلية يأتي تنفيذا لقرار النقابة الوطنية للصحافيين.
فهل بعد عام ونصف من عمر الثورة التونسية بلغ الوضع في تونس مرحلة النضج الذي يجعل نقابة الصحافيين تتحكم فعلا بقراراتها مراعاة لمصلحة الصحافيين دون غيرهم بعيدا عن أي تجاذبات سياسية من هنا وهناك أم أنّ النقابة الوطنية للصحافيين تقوم بدور سياسي وفق أجندات حزبية ضيّقة بعيدا عن النضال الحقيقي من أجل مصلحة الصحافيين ؟ .
وزير الداخلية علي العريض وفي الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي التي خصصت لمناقشة أحداث العنف يوم "عيد الشهداء" بشارع بورقيبة اعتبر قرار منع التظاهر بهذا الشارع قانونيا ومن أجل المصلحة العامة و قال :" الكثيرون ممن نصّبوا أنفسهم قائمين على توزيع الوطنية والإقتناع بحرية التعبير لمن يريدون ويتهمون غيرهم من الحكومة ووزارة الداخلية بالإستبداد ." .
وأضاف علي العريض متهما البعض :" أريد أن أذكر بأن بعض من يتزعمون هذا الرأي وعندما كانت الثورة مشتعلة في كل أنحاء البلاد و دم التونسيين يهدر في الشوارع كان هؤلاء مع نظام الإستبداد والفساد لعقود ." .
وفي هذه الجلسة التي قاطعها عدد من الصحافيين عندما أحيلت الكلمة إلى وزير الداخلية الذي اتهم بعض الإعلاميين قائلا :" أريد أن أشير إلى أن عددا من الصحافيين يقومون اليوم بدور الممثل الشرعي والوحيد ، عدد من هؤلاء عاش لسنين عديدة وهو يبرر الإستبداد ويدعمه بل ويشكره ، ومن المؤسف حقا أن تصبح أموال الشعب التي تدفع من عرق جبينه لبعض التلفزات العمومية التي أصبحت مختطفة أو ما يشبه ذلك من طرف البعض من هؤلاء ." .
منجي الخضراوي الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أوضح في إفادة لـ"إيلاف" أنّ:" النقابة لا تعاقب ولكنها تناضل من أجل ضمان حقوق الصحافيين ." .
وأضاف الخضراوي :" قبل 14 كانون الثاني (يناير) وعندما كنا نقوم بنضال معين لمصلحة الصحافيين اختلفت أشكال النضالات من تظاهر واحتجاج و اعتصام وقد تعرضنا للقمع وهو ما اضطر النظام إلى الإنقلاب على نقابة الصحافيين . أما اليوم، وفي ظل الثورة أصبحنا متحررين أكثر وهذه الحرية أهدانا إياها الشهداء وأبناء الشعب التونسي لكل التونسيين وليست منة من أحد .واليوم للصحافيين هامش كبير من الحرية وكذلك بالنسبة إلى الحكومة التي أصبحت تقبل بالرأي الآخر في ظل الديمقراطية وهناك هامش لقبول النقد حتى الحادّ منه و بالتالي نحن الآن في سيرورة ديمقراطية ومن السلوكات الجديدة التي لم نتعود عليها كتونسيين هي أن نكون أحرارا ، وكذلك مثلما نرى في الديمقراطيات من حقنا أن نحتج بكل حرية و هذا فخر لنا كصحافيين تونسيين وهو كذلك فخر للحكومة ولوزارة الداخلية ولوزير الداخلية أيضا ".
وأشار الخضراوي إلى أنّه :" من حق الصحافيين مقاطعة نشاط وزير الداخلية دون أن يتولى وزير الداخلية معاقبة الصحافيين أو أن يقتحم مقر نقابة الصحافيين ودون أن تحرمنا المؤسسات الإعلامية من المنح والأجور وفي هذا الخضم نحن نتمرّس حقيقة على الديمقراطية " .
وأكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أنّ هناك أشكالا نضالية عديدة متاحة من بين التظاهر والإحتجاج والإعتصام واللوائح والمراسلات وكذلك مقاطعة أنشطة الوزارات التي نعتقد أنها تعتدي على الصحافيين دون أن نجرّم الوزير وفي حال وزير الداخلية فهو رجل مناضل قاوم الإستبداد ، ويشرفنا أن نحتج عليه ، ويشرفه أن يجد من يحتج عليه ، وذلك في إطار مدني سلمي وأخوي لما فيه مصلحة هذه البلاد " .
ويوضح الخضراوي :" لا أعتقد أنّ وزير الداخلية يرضى بالإعتداء على الصحافيين فالمقاطعة ليست مقاطعة المناضل علي العريض بل هي مقاطعة لنشاط وزير الداخلية " .
وعن مدى استجابة المؤسسات الصحافية لدعوة النقابة إلى مقاطعة نشاط وزير الداخلية قال الخضراوي :" الإستجابة كانت كبيرة جدا وقد أوضحنا للزملاء الصحافيين أن المعلومة مقدسة ولا بد من أن نبلغها إلى المواطن ولكن دون تمرير لتصريحات الوزير وهذا ما تم فعلا إلا من بعض المؤسسات الموالية ، ويأتي ذلك في إطار الدربة على الإحتجاجات السلمية والديمقراطية والحضارية " .
أما مساعد رئيس التحرير في صحيفة " الصباح نيوز " مراد التائب فقد أكد في إفادته لـ"إيلاف" أنّ له موقفا مغايرا لما تمّ تبنيه من طرف النقابة وقال :" موقفي مخالف تماما لبيان النقابة والمشكلة هي أكبر من هذا البيان أو هذه الإدانة ، فنقابة الصحافيين ومنذ ثورة 14 كانون الثاني (يناير) لم نر منها غير البلاغات والتصريحات بينما قطاع الإعلام يعيش من الداخل مصائب عديدة يومية ، هناك سرقات وأخبار زائفة و ثلب وقدح لأن القطاع أصبح مرتعا للدخلاء ، ورموز الفساد في الإعلام ما يزالون يباشرون مهامهم في المؤسسات الإعلامية التونسية ، فأين نقابة الصحافيين من كل هذا، وأين هم المدافعون عن حرية الصحافيين وحقوق الإنسان" .
الصحافي مراد التائب يواصل إفادته مؤكدا أنه كان في شارع بورقيبة خلال الأحداث الأخيرة :" كنت متواجدا وشاهد عيان على ما حصل ، هناك من رأيته يقترب من عون الأمن ويسمعه كلاما نابيا ليستفزه حتى يضربه وبالتالي علينا أن نكون موضوعيين أمام ما حدث في شارع بورقيبة لنفهم حقيقة بيان نقابة الصحافيين ومناداتها بمقاطعة نشاط وزير الداخلية، الأمر واضح وأنا غير ملزم بتنفيذ ما جاء في هذا البيان" .
وأضاف التائب :" عندما تناضل نقابة الصحافيين حقا من أجل مصالح الصحافيين وتعمل على فضح الفساد والفاسدين داخل العائلة الإعلامية وتنادي فعلا بمقاطعتهم نتيجة فسادهم لأكثر من عشرين سنة ، ويوم تدافع من أجل استرداد حقوق الصحافيين وتمكينهم من حقوقهم وتفضح الظروف التعيسة التي يعملون فيها ، يومها يمكن أن نتحدث عن مقاطعة وزير الداخلية" .
وعن تسييس ما يصدر عن النقابة الوطنية للصحافيين، قال الصحافي مراد التائب :" للأسف الشديد النقابة مسيّسة إلى أبعد الحدود وتحكمها تجاذبات سياسية فنقيبة الصحافيين غير متمكنة ولا تعرف عملها الحقيقي ومعها مجموعة من الصحافيين يعملون على خدمة أطراف سياسية وإيديولوجية معروفة والجميع قادر على معرفتها دون اجتهاد وهي تمثل بوقا وبيدقا لتسيّرهم دون معرفة خلفيتها الحقيقية " .
التائب لم يكتف بذلك بل تساءل :" لماذا لم تحرك النقابة ساكنا ولم تصدر بيان إدانة عندما تم الإعتداء على مراسل قناة الجزيرة في المنستير، ولما تعرض بعض الصحف للسرقة ومنها " الصباح نيوز " التي تعرضت للسرقة من طرف صحف تملك المليارات لماذا لا تهتمّ النقابة بذلك .. وهذا دليل واضح على أنّ نقابة الصحافيين لا مصداقية لها ولا تمثل كل الصحافيين لأنها ابتعدت عن المشاكل الحقيقية والعاجلة للصحافيين ولا تدافع عنهم بقدر دفاعها عن أطراف سياسية و إيديولوجية " .
التعليقات
الكر والفر السياسي
تونسي -يبدو ان الذي وقع يوم 9 افريل هو بكل بساطة عملية استدراج للحكومة من خلال وزارة الداخلية لايقاعها في فخ نصب لها بكل دقة في مطبخ ما. وهذا الفخ يحتوي شقين، الشق الاول وهو سياسي المراد منه النيل من وزير الداخلية وبالتالي من الحكومة لحشرها في الزاوية لتبدو مربكة امام الراي العام وخاصة الراي الدولي لتكون محل متابعة وصولا الى المسائلة وبالتالي كبح جماح الحكومة خاصة في الظرف التي تستعد فيه لانطلاق تنفيذ برنامج الميزانية التكميلية، والشق الثاني فهو فني بامتياز والمقصود منه النيل من سلك الامن للقول ان هذا السلك ورغم رضاء الوزير عليه فهو ما زال كما هو بممارساته العنفية مما يعطي الانطباع ان الوزير جانب الموضوعية في التعامل مع المرحلة الالنتقالية بكل ابعادها ووقع بالتالي في الابعاد السلطوية وذلك على حساب المبادئ الديمقراطيةالتي ينادي بها وعذب من اجلها. لكن هذا كله لا يجسد صلب الصراع بين الحكومة والمعارضة بشتى تمظهراتها الحقوقية والمدنية والنقابية والصافية... لان حقيقة الموضوع هو صراع بين نجاح واخفاق. فالذي سينجح ولو نسبيا والمقصود هنا الحكومة يعني بالضرورة اخفاقا كبيرا للمعارضة سيتكرس كواقع لا مفر منه في المحطة الانتخابية القادمة وهذا الذي يقض مضاجع المعارضة لذا تراها تشوه وتستدرج وتزايد علها تقلل من هزائمها لا اكثر ولا اقل. وما لم يصرح به او حتى يلمح به للعامة من كلا الطرفين هو التالي: فكما تخابث وزرير الداخلية لمنع التظاهر من خلال اصدار بلاغه (تعمد منح تراخيص لمجموعتين في نفس المكان والزمان) فبنفس الطريقة تعاملت المعارضة للاطاحة بهذا القرار ونصبت فخا لوزير الداخلية.
الكر والفر السياسي
تونسي -يبدو ان الذي وقع يوم 9 افريل هو بكل بساطة عملية استدراج للحكومة من خلال وزارة الداخلية لايقاعها في فخ نصب لها بكل دقة في مطبخ ما. وهذا الفخ يحتوي شقين، الشق الاول وهو سياسي المراد منه النيل من وزير الداخلية وبالتالي من الحكومة لحشرها في الزاوية لتبدو مربكة امام الراي العام وخاصة الراي الدولي لتكون محل متابعة وصولا الى المسائلة وبالتالي كبح جماح الحكومة خاصة في الظرف التي تستعد فيه لانطلاق تنفيذ برنامج الميزانية التكميلية، والشق الثاني فهو فني بامتياز والمقصود منه النيل من سلك الامن للقول ان هذا السلك ورغم رضاء الوزير عليه فهو ما زال كما هو بممارساته العنفية مما يعطي الانطباع ان الوزير جانب الموضوعية في التعامل مع المرحلة الالنتقالية بكل ابعادها ووقع بالتالي في الابعاد السلطوية وذلك على حساب المبادئ الديمقراطيةالتي ينادي بها وعذب من اجلها. لكن هذا كله لا يجسد صلب الصراع بين الحكومة والمعارضة بشتى تمظهراتها الحقوقية والمدنية والنقابية والصافية... لان حقيقة الموضوع هو صراع بين نجاح واخفاق. فالذي سينجح ولو نسبيا والمقصود هنا الحكومة يعني بالضرورة اخفاقا كبيرا للمعارضة سيتكرس كواقع لا مفر منه في المحطة الانتخابية القادمة وهذا الذي يقض مضاجع المعارضة لذا تراها تشوه وتستدرج وتزايد علها تقلل من هزائمها لا اكثر ولا اقل. وما لم يصرح به او حتى يلمح به للعامة من كلا الطرفين هو التالي: فكما تخابث وزرير الداخلية لمنع التظاهر من خلال اصدار بلاغه (تعمد منح تراخيص لمجموعتين في نفس المكان والزمان) فبنفس الطريقة تعاملت المعارضة للاطاحة بهذا القرار ونصبت فخا لوزير الداخلية.