هل طالت موجة الربيع العربي الإعلام الحكومي؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دبي: اعتبر محللون ومعنيون بالشأن الإعلامي أن ما عرفت بموجة الربيع العربي، لم تصل بعد إلى أجهزة الإعلام الحكومي في الدول العربية بالشكل المطلوب، إذ أن الثورات قامت لتغيير الأنظمة والأجهزة الداعمة لها.
ورأى عدد من هؤلاء تحدثوا لـCNN بالعربية، أن المطلوب على الساحة الإعلامية العربية هو تغيير جذري في أداء أجهزة الإعلام الرسمية، وليس فقط الوقوف مع النظام الموجود وشن الحرب على النظام الساقط، وما يتبعه من "فلول."
فمن مصر، يقول جمال زهران رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد، والنائب السابق بمجلس الشعب، إن الإعلام الرسمي أو الحكومي بمصر، كان فاسدا ومشبوها وأداة من أدوات النظام السابق لخدمة أهدافه، حيث تعمد إغفال ما يدور من حقائق في البلاد، وما يحدث من احتجاجات ضده أثناء الثورة.
وأشار زهران إلى أن الإعلام الرسمي لم يتغير سوى بنسبة 50 في المائة فقط، فعلى الرغم من ثورة عدد من موظفي التليفزيون ضد القيادات القديمة بعهد الرئيس المخلوع، ضمنهم عبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار، إان المجلس العسكري الحاكم مازال يتحكم به كما تخضع هيئة الاستعلامات كاملة له.
ولفت إلى وجود عودة لمن وصفهم بالفلول بالإعلام الرسمي المصري والصحف القومية في ظل ما اعتبره انكماش للثورة، وأيضا منع الضيوف بالبرامج التليفزيونية والتشويش عليهم عند انتقاد السلطة الحاكمة، إضافة إلي تواجد بعض مؤيدي النظام السابق وتحكمهم أيضا بالصحف القومية.
واتهم السلطة الحاكمة أيضا بالسماح بفتح قنوات فضائية في مواجهة الإعلام الثوري، وقال "إن هذا الأمر ظهر واضحا عند احتفاء عددا من الفضائيات بترشيح نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان للرئاسة، ووجود مدفعين عن المجلس العسكري ببرامج مؤثرة مثل توفيق عكاشة وغيره."
من جانبه أشار سعيد اللاوندي الباحث بمركز الأهرام للدراسات، إلى وجود تحولات كثيرة بالإعلام الرسمي المصري منذ قيام الثورة من خلال بث ومتابعة ما يدور بالبلاد من قضايا لم تكن موجودة قبل سقوط نظام حسني مبارك على الرغم من وجود عدد من الانتقادات وتغيير ببعض وزراء الإعلام و قيادات التليفزيون."
كما انتقد اللاوندي الإعلام الرسمي الحكومي بدول الربيع العربي، وقال إنه كان قريبا من النظم التي انقلبت عليها الشعوب العربية وبخاصة رأس النظام، مشيرا إلى أن نقل الخبر كان يتم بشكل يمثل تضليل للحقائق وما يدور بالبلاد في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها هذه الدول.
وفي السياق ذاته، هاجم رئيس حركة الإصلاح الوطني في الجزائر جمال بن عبد السلام المؤسسة الإعلامية الرسمية واتهامها بممارسة التمييز بين الأحزاب، وقال :"نريد من التلفزيون أن يعطينا دقيقة نبدي فيها رأينا كبقية الأحزاب."
وأضاف بن عبد السلام "أنا معارض للسلطة وأنا ضد النظام الحالي وأدعو إلى التغيير السلمي، وأعتقد أن فتح قنوات خاصة هو تكريس لمطالب الشعب ونحن نثمن هذه المبادرة ولو أنها جاءت متأخرة."
من جهته، قال عز الدين ميهوبي الوزير الجزائري السابق للإعلام والاتصال إن "الجزائر تأثرت بشكل أو بآخر من الربيع العربي بدليل الانفتاح الإعلامي الذي عرفته البلاد،" دون أن يضيف تعليقا آخر.
وطالب علي يحيى عبد النور الرئيس الشرفي للرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالجزائر "بتغيير النظام ورفع حالة الطوارئ مع فتح السمعي البصري، وأضاف:"نحن دائما نسعى إلى إعلاء كلمة الشعب ونريد أن تكون صورة الجزائر في ديمقراطيتها واضحة ومميزة، وما للانفتاح على السمعي البصري لدليل على أن السلطة بدأت تستفيق وتكرس إرادة الشعب".
كما قال المسؤول التجاري لقناة "الشروق تي في" وهي أول محطة فضائية خاصة في الجزائر، :"يمكن القول أن الربيع العربي كان له تأثير على السلطة بدليل أنها أبدت الموافقة على الانفتاح السمعي البصري، ولهذا فقناة الشروق تعد رائدة في الجزائر، رغم أنها لا تخضع لقوانين الدولة الجزائرية بل تبقى خاضعة لقوانين الدولة المانحة للاعتماد وهي الأردن."
وفي الأردن، يرى أستاذ الإعلام العربي الدكتور تيسير أبو عرجة بأن تحولا أحدثته حالة الحراك الشعبي في البلاد على الإعلام الرسمي لجهة الانفتاح على قوى المعارضة وتناول قضايا طالما كان مسكوت عنها تاريخيا فيما اتسمت وسائل الإعلام المستقلة بسقوف عالية في المتغطيات الإعلامية.
ويستشهد رئيس قسم الإعلام بجامعة البتراء بالتحول الذي شهده التلفزيون الرسمي من انفتاح على المعارضة ورموزها ونقل الحراك ضمن النشرات الإخبارية اليومية.
وإن لم يتجاوز التلفزيون الرسمي ما وصفه أبو عرجة، بضوابط معينة كالانفتاح على المشاركة التفعالية من الجمهور والسماح بالتعليقات بسقوف عالية، على غرار المواقع الالكترونية،إلا أنه يرى بأن "اللغة الإعلامية الأردنية في الربيع العربي احتكمت إلى الطريقة الأردنية بترسيخ مفهوم التدرج السلمي في الإصلاح."
وأضاف أبو عرجة: "هناك التفات واضح لمتابعة الإعلام الرسمي ونقل الحراك واستضافة رموز المعارضة التي كان من الممنوع استضافتها وإن استغرق ذلك وقت من التفكير لدى المسؤولين في اختيار تلك الرموز ..على أن يكون ذلك ضمن حدود الطريقة اﻷردنية دون أن ينساق الإعلام الرسمي إلى ما تريده المعارضة أو ما تمارسه المواقع الالكترونية من مداخلات وتعليقات."
واعتبر أبو عرجة أن مكتسبات حققتها الثورات العربية في الاعلام الاردني الرسمي، رغم صعوبة تلك الثورات كالليبية منها واليمينية والسورية، وأن رغبة في التعبير الإعلامي تولدت في خطاب الإعلام الرسمي، لعرض المطالبين بالإصلاح "بسلمية" ودون الخروج عن المزاج العام لدى الرأي العام، مقابل عرض منجزات الإصلاح دون "إراقة الدماء أو تدمير البيوت."