أصوات الحرب لا تزال عالية بين السودان والجنوب رغم الهدوء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رصدت تقارير صحافية أميركية أجواء الحرب المدمّرة، وتداعياتها المأساوية، بين شمال وجنوب السودان، في ظل حالة الكرّ والفرّ المستمرة من دون انقطاع على الجبهة الجنوبية.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: في مستهل حديث لها بهذا الخصوص، وتأكيداً على تردي الأوضاع هناك، أوردت مجلة "التايم" الأميركية عن العميد في جيش جنوب السودان، جيمس كواك، قوله: "لقد هاجمونا ليلة أمس بـ 24 قنبلة. وأسقطوا علينا أربع قنابل أخرى قبل عشر دقائق فقط. لذا ليس من الجيد بالنسبة إليكما ( مراسلا المجلة) أن تبقيا هنا لفترة طويلة".
ثم مضت المجلة تقول إن أجواء الحرب المشتعلة هناك باتت أكثر بروزاً، خاصة بعدما حصل جنوب السودان على الاستقلال في العام الماضي، وأن تلك الحرب، التي كانت حربًا أهلية من قبل، قد تحولت الآن إلى صراع إقليمي مكتمل الأركان. ثم لفتت المجلة إلى العمليات القتالية المتواصلة في المنطقة الحدودية الدولية الفعلية منذ أسابيع عدة، وانتقالها إلى الشمال، بعد فرض الجنوب سيطرته على منطقة هجليج النفطية، وقصفه مناطق أكثر عمقاً في الشمال، متعهداً بالاستحواذ على مزيد من الأراضي.
وقال الجنوب إنه يمضي في هذا الطريق للدفاع عن نفسه، في وقت لا يزال فيه من غير المعلوم من الجهة التي بادرت بإطلاق النار أولاً. غير أن الأمر الواضح هو أن التوترات تتصاعد بين الطرفين منذ أشهر عدة، على خلفية وقف الجنوب عمليات إنتاج النفط، واتهام الشمال له بالدخول في علاقات مع العديد من حركات التمرد على طول الحدود.
ولا يزال الرئيس السوداني، عمر البشير، يتمسك بموقفه الرافض للعودة إلى المحادثات، والمتمسك بالرغبة في سحق "حشرات" جنوب السودان. بينما بدأ جيش جنوب السودان يستعد لما يتوقع أن يكون غزواً أرضياً انتقامياً، في الوقت الذي تشنّ فيه الخرطوم هجمات جوية بالقنابل، أسفر بعضها عن مقتل بعض المدنيين.
ويخشي مواطنو جنوب السودان ومصادر أمنية أخرى من أن يحاول الرئيس البشير الاستيلاء على حقول الوحدة النفطية، أو الوصول حتى إلى مدينة بانتيو القريبة من حدود جنوب السودان مع السودان، قبل العودة إلى مائدة التفاوض وهو في وضعية أفضل.
وأعقبت التايم بقولها إن تعبئة جنوب السودان للحرب قد تسببت في إحباط الولايات المتحدة، التي سبق لها أن ساندت مساعيها الرامية إلى الحصول على الاستقلال، ولاتزال تقدم المساعدات والدعم الدبلوماسي لتلك الدولة الوليدة. وأوردت المجلة هنا عن ريك ماشار، نائب رئيس جنوب السودان، قوله: "لقد حررنا هجليج. وتلك المنطقة موجودة في جنوب السودان. ونحن دائماً الطرف الأضعف عند خوض المواجهات".
وربما لم يعد أمام جنوب السودان أي خيارات سوى التراجع والانسحاب. وقد عاد جيشا الشمال والجنوب، حيث كانا يتمركزا في البداية، على الحدود القديمة، لكن شيئاً لم يعد إلى طبيعته. ومازالت أجواء الحرب قائمة، حيث مازال كبار قادة جيش جنوب السودان والقادة الميدانيون يتوافدون على الجبهة القتالية، وتتحضر القوات لخوض معركة كبرى.
فيما أطلقت السودان موجات عديدة لهجوم أرضي يوم الأحد الماضي، لكن الهجوم تم صده. ومنذ ذلك الحين، وحالة من الصمت الغريب تهيمن على الخطوط الأمامية، لم يخرقها سوى صوت طائرات الحرب السودانية والقنابل التي تقذفها.
وتابعت التايم بتأكيدها على أن ذلك الهدوء الحاصل في الخطوط الأمامية قد يكون إشارة إلى أن الضغوط الدبلوماسية الخارجية بدأت تؤتي بثمارها. فيما طالبت فيكتوريا نولاند، متحدثة باسم الخارجية الأميركية، كلا الجانبين يوم الخميس بضرورة إطفاء الطابع الرسمي على عملية وقف إطلاق النار، التي وصفتها بـ "بارقة أمل صغيرة".
هذا ولا تزال جنوب السودان، على عكس جارتها الشمالية، حساسة على ما يبدو تجاه الإدانات الدولية، حيث قال ماشار "لا تتحمل جنوب السودان أن تكون دولة منبوذة". وختمت التايم بقولها إنه وإلى أن يتوصل الطرفان إلى تفاهم، سيظل السلام الحقيقي على طول أحدث منطقة حدودية في العالم سراباً بعيداً عن خارطة طريقة لا تصل إلى أي مكان.