أخبار

غموض لا يزال يلفّ قضية بن لادن في باكستان بعد سنة على مقتله

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

وجّه مقتل أسامة بن لادن قبل سنة ضربة رهيبة إلى شبكة القاعدة، رغم أن بعض أتباعها في العالم، سواء كانوا منظمين أو يتحركون بشكل منفرد، يواصلون رفع راية الجهاد، كما يقول مسؤولون ومحللون.

آخر مكان أقام فيه بن لادن قبل مقتله

نواة شبكة القاعدة التي يطلق عليها المتخصصون تسمية "القاعدة المركزية"، سبق أن زعزع تنظيمها، وتلقت ضربات بسبب الهجمات الصاروخية التي تشنها الطائرات الأميركية بدون طيار في المناطق القبلية في باكستان وأفغانستان، وأصبحت تضم الآن بضع عشرات الأشخاص.

ورغم أنه واصل الدعوات إلى الجهاد العالمي، فإن الخليفة المعيّن لأسامة بن لادن، المصري أيمن الظواهري، لم يتمكن من فرض نفسه، وأن يحلّ محلّ الشخصية التاريخية لمؤسس التنظيم، في حركة الجهاد العالمي.

وأكد جان بيار فيليو أستاذ العلوم السياسية في باريس ومؤلف "القصة الحقيقية للقاعدة" أنه "من أعطى الجوهر للدعوة العالمية للقاعدة كانت شخصية بن لادن. كان شخصية فريدة، وأيمن الظواهري غير قادر أن يحلّ محله".

وأضاف "كان يحيط بشخصية ابن العائلة الثرية جدًا الذي كان بوسعه أن يعيش حياة رخاء، لكنه فضّل حياة الحرمان والتزهد الإرهابي، كان يحيط بها شيء من الرومانسية الجذابة جدًا".

وتابع "لم يتمكن خليفته في أي لحظة خلال السنة التي انقضت، عبر تصريحاته أو أفعاله أو بادراته، من القيام بشيء يميّزه لدى الرأي العام".

وبسبب عدم تمكنها من تنفيذ أو تنظيم هجمات أو مؤامرات على الصعيد العالمي، تواصل القاعدة المركزية محاولة إلهام أتباعها، وخصوصًا الاستفادة من أعمال تمت باسم الإسلام الجهادي، لكنها في الواقع قامت بها منظمات محلية أعلنت عن ولائها لأسامة بن لادن.

في اليمن، يقوم مقاتلو القاعدة في جزيرة العرب بأعمال مسلحة بدون توقف ضد السلطة المركزية في صنعاء، وتمكنوا من الاستيلاء على مدن عدةفي جنوب البلاد.

وفي الصومال يقاوم متمردو حركة الشباب الإسلامية، رغم أنهم أضعفوا، ويواصلون شنّ هجمات واعتداءات، مع اجتذاب إلى صفوفهم متطوعين قدموا من العالم أجمع.

وفي دول الساحل، استفاد عناصر القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من الثورة الليبية وانتهاء نظام معمّر القذافي، ليستعيدوا أطنانًا من الأسلحة، فيما استولوا عبر تحالفهم مع المتمردين الطوارق على أراض شاسعة في شمال مالي.

لكن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يعتبر حتى الآن التنظيم الوحيد الذي اعترف به رسميًا، وقبل سلطة الظواهري، وحاول المساهمة في الجهاد العالمي بالأفعال، وليس بالأقوال فقط، عبر محاولته تفجير طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة.

والقاعدة المركزية وبفضل تواجدها على الانترنت، حيث إنه ليس هناك أي إجراء مضاد يمكنه منعها من ذلك، تشيد وتشجّع على أعمال هذه الحركات، لكنها أصبحت تركز بشكل خاص، كما يقول الخبراء، على أن تجنّد عن بعد متطوعين للجهاد يعملون بانفراد، ويقررون تنفيذ تحركاتهم بكل استقلالية.

ويشكل الفرنسي الشاب من أصل جزائري محمد مراح مثالاً على ذلك، فقد أعلن انتماءه إلى القاعدة، لكن بعد شهر على وقوع أعمال القتل في تولوز ومونتوبان في جنوب غرب فرنسا، لا شيء يتيح ربطه بالتنظيم غير الأقوال.

وقال المكتب الأوروبي للأنتربول في تقرير حول الإرهاب نشره الأربعاء "كلما زاد الضغط على القاعدة المركزية... كلما أصبح من الصعب لها أن تحضر هجمات واسعة النطاق، وستحاول بشكل إضافي أن تجنّد أفرادًا في الغرب للتخطيط لاعتداءات وتنفيذها".

وفي الآونة الأخيرة شرح ريتشارد فادن رئيس جهاز استخبارات الأمن الكندي أمام مجلس الشيوخ الكندي مدى صعوبة قيام الأجهزة مسبقًا برصد ووقف تحرك أشخاص يعملون بشكل منفرد.

وقال "ليس أمرًا سهلاً، لأن هؤلاء الأفراد يبدو أنهم مزيج من إرهابيين وأشخاص لديهم مشاكل شخصية خطرة"، مضيفًا "بالتالي من الصعب جدًا بالنسبة إلينا أن نقوم بتطوير عقيدة أو طريقة لمعالجة مثل هذه الحالات. وبصدق، هذا الأمر يثير قلقنا".

وبعد سنة على مقتله في شمال باكستان، لا يزال ملف أسامة بن لادن محاطًا بغموض كبير في البلاد، حيث يشجّع صمت السلطات المحرج على انتشار فرضيات، وفي بعض الأحيان غريبة حول القصة "الفعلية" لزعيم القاعدة وعائلته.

ويقول زين محمد، وهو جالس قرب حقله في أبوت آباد، إنه يرغب فعلاً في أن يتم التوقف عن تسميته "جار بن لادن"، وهي التسمية التي لازمته منذ أيار/مايو الماضي وعملية الكوماندوس الأميركية التي أدت إلى مقتل زعيم القاعدة على بعد أمتار من منزله.

يؤكد هذا الرجل المسنّ حرصه على معرفة الحقيقة، قائلاً إنه "لا يعتقد أن أسامة بن لادن كان متواجدًا هناك"، رغم وقوع العملية وإطلاق النار ووجود عائلته في المنزل.

ويؤكد أورانغزب (37 عامًا)، وهو مدير مدرسة في الحي، أن "بن لادن لم يكن موجودًا هناك. عائلته كانت على الأرجح في المنزل، لكن ليس هو. كل ذلك هو إخراج من صنع الأميركيين والجيش الباكستاني، الذي هو مستعد لكل شيء من أجل تلقي أموالهم"، ملخصًا بذلك الفرضية التي يتداولها كل السكان.

وقال صحافي محلي "الجميع يكرر هذا الأمر، لكن ذلك كي لا يعترفوا بأن الخجل يعتريهم"، مضيفًا "الخجل من كون بن لادن كان مختبئًا في مدينتهم، فيما كان حلفاؤه من القاعدة في الوقت نفسهيقتلون الناس بالآلاف عبر هجماتهم الانتحارية في البلاد".

وصباح 2 أيار/مايو الخجل نفسه الذي واكبه الخوف كان يعتري أعلى هرم الجيش الباكستاني القوي (700 ألف عنصر)، كما يروي مصدر مقرب من أجهزة الأمن، مؤكدًا أن الأجهزة، وكما أكدت على الدوام، لم تكن على علم بوجود بن لادن في أبوت آباد، وهي الفرضية التي لا تحظى بإجماع في واشنطن.

وقال المصدر نفسه إن "القادة العسكريين اعتراهم الخوف عند إدراكهم أنهم غير قادرين على معرفة ما إذا كانت بعض عناصرهم، المقرّبة من الإسلاميين، قامت بمساعدة بن لادن على الاختباء".

وما يدل على خطورة القضية، اعتراف قائد أجهزة استخبارات الجيش الجنرال شوجا باشا في منتصف أيار/مايو أمام البرلمان بـ"قصور" أجهزته في هذه القضية. لكنه لم يقل أي شيء أكثر من ذلك.

ومنع الجيش وصول أي شخص إلى المنزل في أبوت آباد قبل أن يهدمه فجأة في شباط/فبراير الماضي. وقرر الأميركيون من جهتهم عدم نشر أي صورة لجثمان بن لادن، قائلين إنهم دفنوه في البحر، ما أثار أيضًا سيلاً من الشائعات.

ويؤكد البعض أن بن لادن اقتيد حيًا من قبل الأميركيين من أفغانستان إلى أبوت آباد، ثم قتل في المكان من أجل الإساءة إلى سمعة باكستان. ويقول آخرون إنه لا يزال على قيد الحياة.

الغموض نفسه يحيط بمصير أرامله الثلاث والأطفال الذين كانوا يقيمون معه في أبوت آباد. وبعدما أوقفهم الباكستانيون بعد العملية، تم ترحيلهم في نهاية المطاف إلى السعودية السبت، بعد سنة على وقوع العملية، لكن بدون أن يظهروا إلى العلن.

وفي مطلع آذار/مارس، أكد جنرال باكستاني سابق أن إحدى زوجات بن لادن وشت به للأميركيين، بسبب الغيرة من زوجته الشابة. وفي منتصف نيسان/إبريل، أشارت صحيفة "ذي صان" البريطانية إلى أن الزوجة الأولى كانت تأخذ على الزوجة الثانية تواجدها بشكل دائم مع زعيم القاعدة.

وقبل أسبوع على ترحيلهم، أكد شرطي كان يراقب المنزل الذي كانوا فيه، لوكالة فرانس برس، أن إحدى أرامل بن لادن ولدت طفلاً آخر لبن لادن في الآونة الأخيرة.

فهل ستتم في أحد الأيام معرفة كامل الحقيقة حول إقامة بن لادن في باكستان والمتواطئين معه؟... لا شيء يبدو أكيدًا. ويقول المحلل السياسي طلعت مسعود "إنها نقطة ضعف كبيرة للبلاد. لا تتم معاقبة المتطرفين عادة، لأن الشهود يخافون، ولا يمكن للحكومة أن تحمي القضاة".

ولفت مصدر مقرّب من أجهزة الأمن إلى أن "اعتراف باشا أمام البرلمان كان بادرة تهدئة موجّهة إلى النخب. لكن في ما يتعلق بالشعب، فإن الجيش يفضّل ترك نظريات المؤامرة تنتشر بدلاً من المجازفة بإعلان شفافية محرجة".

ويطالب ضابط باكستاني، رفض الكشف عن اسمه من جهته، بالتساهل حيال الجيش، الذي يقول إنه يواصل تحقيقه، مشيرًا على سبيل المثال إلى قضية محمد مراح في فرنسا.

وقال إن "الاستخبارات الداخلية الفرنسية كانت على اتصال مع مراح قبل ارتكابه جرائمه، ولا تبدو معفية من المآخذ"، مضيفًا "لكن هل ستقوم بالإقرار بالذنب؟".

بعد مقتل أسامة بن لادن، ساهمت الصعوبات المالية، وكذلك الهجمات بالطائرات بدون طيار على المناطق القبلية الباكستانية، إلى حد كبير في إضعاف تنظيم القاعدة.

وفي ما يلي تذكير بأبرز الأحداث منذ 2 أيار/مايو 2011:


--2011--

- 2 أيار/مايو: مقتل أسامة بن لادن في باكستان بعد حملة مطاردة استمرت عشر سنوات، في عملية كوماندوس للقوات الخاصة الأميركية استهدفت المنزل الذي كان يختبئ فيه في أبوت آباد، المدينة الحامية قرب إسلام آباد.

القاعدة تهدد بالثأر وتتعهد بمواصلة الجهاد.

توتر بين واشنطن وإسلام آباد، وكبار المسؤولين الأميركيين يتهمون باكستان بلعب دور مزدوج.


- 13 أيار/مايو: في باكستان سقوط 98 قتيلاً في هجوم انتحاري أمام مركز تدريب للشرطة في شبقدار (شمال غرب) تبنته حركة طالبان المتحالفة مع القاعدة "انتقامًا لمقتل أسامة بن لادن".


- 29 أيار/مايو: في اليمن، مئات المقاتلين من "أنصار الشريعة" المرتبطين بالقاعدة يستولون على زنجبار (أبين، جنوب) ثم يوسعون سيطرتهم على مناطق مجاورة.


- 8 حزيران/يونيو: زعيم القاعدة في شرق أفريقيا فضل عبد الله محمد (من جزر القمر) أحد الأطراف الأساسيين في اعتداءات نيروبي ودار السلام ضد الأميركيين في 1998، يقتل خلال اشتباك في الصومال.


- 16 حزيران/يونيو: تنظيم القاعدة يعلن عن تولي المصري أيمن الظواهري قيادته خلفًا لأسامة بين لادن.


- 26 تموز/يوليو: زعيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" اليمني ناصر الوحيشي يعلن عن ولائه للظواهري.


- 22 آب/أغسطس: مقتل المسؤول الثاني في القاعدة عطية عبد الرحمن في هجوم بطائرة أميركية بدون طيار في المنطقة القبلية في وزيريستان (شمال-غرب).


- 30 أيلول/سبتمبر: مقتل أنور العولقي الإمام الأميركي اليمني المتطرف المرتبط بالقاعدة وعدو واشنطن، في اليمن بضربة من طائرة أميركية بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه". وكانت واشنطن تشتبه بعلاقة العولقي بالنيجيري عمر فاروق عبد المطلب منفذ الاعتداء الفاشل في 25 كانون الأول/ديسمبر 2009 على طائرة مدنية أميركية.

--2012--

- 25 كانون الثاني/يناير: الرئيس الأميركي باراك أوباما يعلن أنه مع سحب 50 ألف جندي أميركي من العراق خلال السنة، تمكن الجيش وأجهزة الاستخبارات من إعادة تركيز أولوياتهما وإلحاق هذه "الضربات الحاسمة" بالقاعدة، وذلك في خطابه السنوي حول حالة الاتحاد.


- 9 شباط/فبراير: زعيم القاعدة في باكستان بدر منصور يقتل بضربة من طائرة أميركية بدون طيار في معسكر تدريب في ميرانشاه، المدينة الكبرى في المنطقة القبلية في وزيرستان الشمالية.


- 3 نيسان/إبريل: الولايات المتحدة تدرج في المرتبة الثانية على لائحتها للإرهابيين المفترضين الملاحقين في العالم، الباكستاني حافظ سعيد الزعيم الإسلامي المتهم بتنظيم اعتداءات بومباي في 2008، والذي يواصل انتقاد الأميركيين علنًا.


- 26 نيسان/إبريل: باكستان ترحّل إلى السعودية أرامل أسامة بن لادن الثلاث مع أولادهن. وكان حكم، بعد عشرة أشهر من الاحتجاز، على النساء الثلاث بالسجن 45 يومًا بتهمة الإقامة غير الشرعية في البلاد، وبالطرد إلى بلدهن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف