مناظرة الانتخابات الرئاسية الفرنسية "مباراة استعراضية" للجمهور
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لا يرى الفرنسيون أن المناظرة الانتخابين فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي لن تغير في معطيات النتائج بشكل جوهري.
باريس: يتوقع الفرنسيون الذين سيتابعون بالملايين المناظرة التلفزيونية بين المرشحين للرئاسة فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي، ان "يقضي بطلهم على خصمه"، بحسب ما قال خبير في الاتصال السياسي لوكالة فرانس برس، ولو ان هذه المنازلة التقليدية ما بين الدورتين الانتخابيتين "لم تغير يوما المعطيات" بشكل جوهري.
وقال كريستيان ديلبورت المتخصص ايضا في تاريخ وسائل الاعلام وقد اصدر كتابا بعنوان "المناظرات السياسية الكبرى" "ما نريده هو ان نفتخر ببطلنا. ننتظر تاكيدا بان خيارنا صائب، وهو ما تثبته استطلاعات الراي.
وقال ديلبورت "لم تغير اي مناظرة يوما المعطيات السياسية" مضيفا "النتيجة الحقيقية تكون على الصعيد الاعلامي. اما الفرنسيون، فيسمعون ما يريدون سماعه ويعتبرون ان مرشحهم هو الافضل".
ويغتنم كل من المرشحين المناظرة لحشد مؤيديه ودفع الناخبين الى المشاركة في التصويت، وهذا ما يتطلب استعراضا اعلاميا. وقال الخبير "لذلك من الافضل تنظيم منازلة واحدة تزيد من حدة التوتر والترقب".
وفي مطلق الاحوال، حين تقام عدة مناظرات متتالية، لا يذكر الناخبون سوى الاولى بصورة خاصة، وهو ما يحصل في غالب الاحيان خلال الانتخابات الرئاسية الاميركية.
وفي المقابل فان هذه المنازلة التي باتت تقليدية منذ المواجهة الشهيرة بين فاليري جيسكار ديستان وفرنسوا ميتران عام 1974، تؤدي وظيفة رمزية اساسية.
وقال الخبير نفسه ان "المناظرات لا تتشابه اطلاقا، انها مباراة استعراضية" تنطوي دائما على مخاطر بالنسبة لكلا المرشحين، ولو انه ليس هناك ما يثبت تاثيرها على المترددين.
والعنصر الجديد عام 2012 بنظر ديلبورت، الاستاذ في جامعة فرساي، هو "موقع رئيس الجمهورية المنتهية ولايته كالمرشح الاقل حظوظا، وهي سابقة. سيترتب عليه ان ينكشف، ان يهاجم بدون ان يكون عدوانيا. اما فرنسوا هولاند، فسيتوجب عليه تلقي الضربات بدون ان يبدو ضعيفا".
ويعمل كل من المرشحين مع فريقه على تطوير خطابه وتحضير حججه وردوده، ويدرس كيفية اثارة السجال وتفادي الهجمات.
واوضح الخبير ان "كل هذه +العبارات القاضية+ تعد مسبقا. يكون هناك فريق من 10 الى 12 شخصا ينصحون مرشحهم بشان اشاراته ونبرة صوته و+مظهره+" لان الناس "يذكرون صورته اكثر مما يذكروه كلامه".
يذكر الجميع هدوء نيكولا ساركوزي عام 2007 في مواجهة سيغولين روايال التي حاولت اثارة غضبه. وبالطبع تبقى تلك "العبارات القاضية" مطبوعة في الذاكرة الجماعية ومن اشهرها قول فاليري جيسكار ديستان مخاطبا فرنسوا ميتران "انت لا تملك احتكارا حصريا للقلب سيد ميتران".
ويشير ديلبورت الى ان "جملة فاليري جيسكار ديستان لم تلفت في حينه انتباه وسائل الاعلام".
كما يخضع كل من المرشحين لجلسات "تدريب اعلامي" مكثفة يلعب خلالها احد زملائه دور الخصم.
ويتم درس كل تفاصيل المناظرة بعناية بالغة، بما في ذلك الديكور والطاولة ولون البساط ودرجة الحرارة في الاستديو.
ويقول ديلبورت ان الفريقين لا يقيمان اي اتصال فيما بينهما بل يصلان الى المعركة ويحضران معهم عدة بدلات وقمصان وربطات عنق للتكيف مع اي احتمال قد يطرا في اللحظة الاخيرة.
ويشدد على ان "المهم هو ان كلا من المرشحين يفترض به ان +يوحي بالموقع الرئاسي+".
ويقول ان "المناظرة تتطلب درجة عالية جدا من التركيز. انها لحظة توتر بالغ الحدة كما في مسابقة رياضية كبرى".
وان كان ساركوزي وهولاند مختلفين تماما من حيث الشخصية، الا ان كلاهما محنك في السياسة وقد تواجها اكثر من مرة في السابق.
وقال ديلبورت "عام 1999 خلال الانتخابات الاوروبية، قام هولاند باداء ممتاز مستخدما السخرية والفكاهة، وقد زعزع ساركوزي الذي قال له +تكون لطيفا في بادئ الامر، وبعد ذلك تزداد الامور خطورة+".
حشد المؤيديين
قبل اسبوع من الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، يواصل فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي حشد مؤيديهما فيعقد المرشح الاشتراكي تجمعا الاحد في ملعب بيرسي فيما يعقد الرئيس المنتهية ولايته مهرجانا في تولوز بعدما علق المرشحان المتنافسان حملتهما مساء السبت لحضور مباراة لكرة القدم في ملعب ستاد دو فرانس.
وقبل المناظرة التلفزيونية التي ستجري بينهما مساء الاربعاء وسيشاهدها حوالى عشرين مليون فرنسي، يضاعف المرشحان في عطلة نهاية الاسبوع المداخلات الاعلامية والتجمعات الانتخابية.
وبعد احياء تجمع في كليرمون فيران بعد ظهر امس السبت، يعقد نيكولا ساركوزي مرشح التجمع من اجل حركة شعبية تجمعا انتخابيا كبيرا في تولوز الاحد وتجمعا اخر في افينيون قبل مهرجان حاشد يقام في الاول من ايار/مايو بمناسبة عيد العمل في ساحة التروكاديرو في باريس.
اما هولاند الذي اجرى عدة مقابلات السبت غير انه لم يعقد اي تجمع، فسينظم مهرجانا انتخابيا ضخما الاحد في ملعب بيرسي في باريس يتوقع ان يحضره اكثر من 17 الف شخص.
وسيفتح الملعب ابوابه اعتبارا من الساعة 13,15 على ان يبدأ هولاند خطابه قرابة الساعة 15,00 ولحوالى ساعة امام قيادات الحزب الاشتراكي وانصاره.
وفي انتظار المنازلات الاخيرة، كان من المتوقع ان يعلق المرشحان حملتهما مساء السبت ليحضرا في منصتين مختلفتين مباراة نهائي كأس فرنسا بين فريقي كيفيي وليون.
وبعدما تصاعدت حدة الحملة بشكل ملفت في الايام الاخيرة مع تبادل الطرفين اتهامات ب"الستالينية" و"البيتانية"، اهتزت مع عودة دومينيك ستروس-كان الذي كان يعتبر في الماضي الاوفر حظا للفوز بالرئاسة، الى الظهور في الحياة السياسية بطرحه من جديد فرضية المؤامرة السياسية ضده، وتحريك الاتهامات بتلقي ساركوزي تمويلا غير مشروع من نظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي لحملته الانتخابية عام 2007.
وعلى الصعيد السياسي، رد كل هولاند وساركوزي على الرسالة التي وجهها اليهما فرنسوا بايرو قبل ان يدلي الزعيم الوسطي بموقفه الخميس بشان تعليمات تصويت محتملة لمناصريه.
وابلغ ساركوزي مرشح الحركة الديموقراطية (9,13% في الدورة الاولى في 22 نيسان/ابريل) انه جعل من مكافحة الديون هدفه الاول مشيرا الى ان مشروعه يتضمن "ارقاما بالغة الدقة والصرامة" و"يلحظ العودة الى التوازن في المالية العامة عام 2016".
وفي رده على فرنسوا بايرو الذي شكك في قدرته على تصحيح اوضاع المالية العامة، شدد فرنسوا هولاند على "الجدية المالية" لبرنامجه، واعدا بانه "سيبذل كل ما في وسعه لتحريك صناعتنا واتاحة الانتاج في فرنسا".
كما تعهد المرشحان بتعزيز الضوابط الاخلاقية في الحياة السياسية، وهو موضوع اخر يطالب به بايرو داعيا الى تنظيم استفتاء حوله.
في هذه الاثناء شددت مارين لون التي حلت في المرتبة الثالثة في الدورة الاولى (11,9% من الاصوات)، في مقابلة اجرتها معها صحيفة جورنال دو ديمانش الالكترونية السبت على ان الجبهة الوطنية (يمين متطرف) التي باتت محور الحملة الانتخابية حققت "انتصارا ايديولوجيا" داعية الى "انفجار الحياة السياسية".
وهدف مارين لوبن هو ترسيخ نتائج الدورة الاولى خلال الانتخابات التشريعية المقبلة، وهو كذلك هدف خصمها من جبهة اليسار جان لوك ميلانشون. وقالت لوبن "اذا وصلنا الى الجمعية الوطنية، سوف نحطم كل شي: العادات، المساومات، التواطؤ... سنقول كل شيء للفرنسيين".
من جهته باشر ميلانشون الوزير السابق في حكومة ليونيل جوسبان، محادثات مع السكرتيرة الاولى للحزب الاشتراكي مارتين اوبري لبحث تقديم ترشيحات مشتركة للحزب الاشتراكي وجبهة اليسار في الدوائر التي تواجه "مخاطر" فوز مرشح من الجبهة الوطنية.
المحطات الانتخابية
يضم جدول اعمال الرئيس الفرنسي الذي سينتخب في الدورة الثانية من الاقتراع الرئاسي انتخابات تشريعية في حزيران/يونيو التي يأمل ان تمنحه اغلبية ليحكم، وسلسلة من اللقاءات الدولية الكبرى.
- منتصف ليل الجمعة الرابع من ايار/مايو: انتهاء الحملة الانتخابية للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
- 05 ايار/مايو: الدورة الثانية من الانتخابات في غوادلوب والمارتينيك وغويانا وسان بارتيليمي وسان مارتان وسان بيار وميكولون وبولينيزيا الفرنسية والسفارات والقنصليات الفرنسية في الاراضي الاميركية.
- الاحد 06 ايار/مايو: الدورة الثانية من الانتخابات في فرنسا وكذلك لاريونيون ومايوت وكاليدونيا الجديدة.
- الخميس 10 ايار/مايو (من حيث المبدأ): اعلان نتائج الدورة الثانية.
- بين 11 و15 ايار/مايو (منتصف الليل على ابعد حد): تنصيب رئيس الجمهورية وكذلك تعيين رئيس للوزراء وتشكيل الحكومة.
- 18 و19 ايار/مايو: قمة مجموعة الثماني في كامب ديفيد (الولايات المتحدة)
- 20 و21 ايار/مايو: قمة حلف شمال الاطلسي في شيكاغو (الولايات المتحدة).
- الاثنين 21 ايار/مايو: بدء الحملة الانتخابية للدورة الاولى للانتخابات التشريعية.
- 09 حزيران/يونيو: الدورة الاولى من الانتخابات التشريعية في غوادلوب والمارتينيك وغويانا وسان بارتيليمي وسان مارتان وسان بيار وميكولون.
- 10 حزيران/يونيو: الدورة الاولى من الانتخابات التشريعية في بقية المناطق.
- 16 حزيران/يونيو: الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية في غوادلوب والمارتينيك وغويانا وسان بارتيليمي وسان مارتان وسان بيار وميكولون.
- 17 حزيران/يونيو: الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية في بقية انحاء البلاد.
- 18 و19 حزيران/يونيو: قمة مجموعة العشرين في لوس كابوس في المكسيك.
- 28 و29 حزيران/يونيو: المجلس الاوروبي في بروكسل.
صلاحيات الرئيس
حددت صلاحيات رئيس الجمهورية الفرنسية في دستور الرابع من تشرين الاول/اكتوبر 1958 الذي ينص على اقامة سلطة تنفيذية من شقين مقسمة بين رئيس الجمهورية والحكومة.
وهناك صلاحيات خاصة برئيس الدولة واخرى يتقاسمها مع رئيس الحكومة.
ومنذ العام 1959 ترسخ مفهوم "النفوذ الحصري" للرئيس في مجالي الدفاع والسياسة الخارجية وتمت المحافظة عليه خلال عهود التعايش الثلاثة التي شهدتها فرنسا.
وقد اضعفت ثلاثة عهود من التعايش بين اليمين واليسار (1986-1988، 1993-1995، 1997-2002) منصب الرئيس لانها جعلت رئيس الدولة في وضع زعيم للمعارضة، ما يتعارض مع روح المؤسسات.
ومع تقليص الولاية الرئاسية من سبع الى خمس سنوات الذي طبق للمرة الاولى في 2002، تراجع احتمال حصول تعايش بسبب تزامن الولاية الرئاسية والولاية البرلمانية.
- رئيس الجمهورية هو حامي الدستور والاستقلال الوطني ووحدة اراضي البلاد، وهو في هذا الاطار مخول بالضغط على "الزر النووي".
- يضمن سير عمل السلطات العامة واستمرارية الدولة.
- يتخذ الاجراءات الواجبة في حال تعرضت البلاد لتهديدات خطرة ومباشرة (صلاحيات استثنائية بموجب المادة 16).
- يعين رئيس الوزراء وينهي مهامه عند تقديم هذا الاخير استقالة حكومته. وباقتراح من رئيس الوزراء، يعين الاعضاء الاخرين في الحكومة وينهي مهامهم. كذلك يرئس مجلس الوزراء ويوقع المراسيم والقرارات.
- يعين السفراء ويصادق على المعاهدات ويتفاوض بشأنها.
- هو القائد الاعلى للجيوش الفرنسية.
- يمكنه ان يجري استفتاء على بعض مشاريع القوانين.
- يصادق على القوانين ويمكنه حل الجمعية الوطنية ودعوة البرلمان الى دورة استثنائية.
- يضمن استقلالية السلطة القضائية ويرئس مجلس القضاء الاعلى كما يتمتع بحق اصدار العفو.
- تعود له المبادرة الى مراجعة الدستور وهي صلاحية يتقاسمها مع البرلمان.
- يمكنه دعوة المجلس الدستوري الى الاجتماع ويختار ثلاثة من اعضائه ويعين رئيسه.
- يتمتع بحصانة موقتة خلال ولايته لكن منذ مراجعة الدستور في 2008 ثمة في المقابل اجراء يسمح باقالة الرئيس في حال تبين انه اخل بواجباته بشكل يتعارض مع مهامه.
لكن البرلمان لم يبت بعد بشكل نهائي في طرق تطبيق هذه الاجراءات التي ستحل مكان احالته الى المحكمة العليا بتهمة "الخيانة العظمى" التي كان ينص عليها الدستور من قبل.