صحافة تونس ما بعد الثورة... انفلات وتصفية حسابات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نددت "الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام" الاستشارية غير الحكومية بحالة "الانفلات وتصفية الحسابات الشخصية والسياسية" التي يعيشها الإعلام التونسي منذ الإطاحة في 14 يناير/كانون الثاني 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
تونس: نشرت الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام في تونس الثلاثاء تقريرًا عامًا قالت إنه تضمن "تشخيصًا لواقع الاعلام والاتصال (في تونس) وسبل تجاوز ما لحق بالقطاع من أضرار جسيمة طيلة عقود من التدمير الممنهج لقيم الحرية ودولة القانون".
وأحدثت الهيئة بموجب مرسوم أصدرته في 10 فبراير/شباط 2011 أول حكومة تونسية بعد الثورة.
وقال كمال العبيدي، رئيس الهيئة، في مؤتمر صحفي إن المشهد الاعلامي في تونس اتسم إثر هروب بن علي بحالة "انفلات إعلامي نتيجة توقف المؤسسات الرقابية عن العمل وحل وزارة الاتصال واتساع مساحة الحرية بطريقة لم يسبق لها مثيل".
وتابع: "من علامات الانفلات الاعلامي الزيغ عن قواعد المهنية وأخلاقياتها وتحول الفضاءات التلفزيونية والإذاعية وصفحات الجرائد إلى ساحات لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية وإلقاء التهم دون إثباتات وتشويه سمعة الآخرين والترويج للإشاعات دون التثبت".
ولفت إلى "افتقار القطاع الاعلامي (في تونس) للأطر القانونية التي تستجيب للمعايير الدولية لحرية التعبير".
ونبه إلى "استمرار المنظومة الدعائية التي خلفها (زين العابدين) بن علي ومستشاروه (السياسيون) في عملها"، قائلاً إن "أعضاء هذه المنظومة استطاعوا من حيث الشكل التلون بلون الثورة ورفعوا شعاراتها من دون أدنى نقد ذاتي لممارساتهم في الماضي أو مساءلة".
وانتقد كمال العبيدي تعيين رئيس الحكومة حمادي الجبالي في يناير/كانون الثاني 2012 معاونين سابقين لنظام بن علي في مناصب قيادية على رأس وسائل الاعلام العمومية: (التلفزيون ووكالة الأنباء وصحيفتان يوميتان واحدة ناطقة بالعربية والثانية بالفرنسية).
وتطرق إلى "ضعف أداء العديد من الصحافيين نتيجة تراجع مستوى التكوين واعتماد أسلوب المحسوبية والولاء في الانتدابات والترقيات وتشديد الحصار (في عهد بن علي) على الصحافيين الملتزمين بقواعد المهنة وأخلاقها".
وقال إن هناك "إرادة شعبية وحرصًا لدى جل الاعلاميين على إصلاح الاعلام والقطع نهائيًا مع الماضي مقابل غموض على مستوى الإرادة السياسية وتردد في الحسم".
وذكر أن الهيئة التي يرأسها "واجهت صعوبات حقيقية في الحصول على وثائق ومعطيات وأرقام تتعلق ببعض الجوانب الحساسة ومنها بالخصوص الجوانب المالية وإشكاليات التمويل وطرقه ومصادره في المؤسسات الإعلامية الخاصة والوكالة التونسية للاتصال الخارجي التي كانت ذراع الدعاية السياسية لنظام بن علي خارج تونس.
وأشار إلى أن الهيئة وجدت نفسها أمام ""محاولات (حكومية) للحد من استقلالية قرارها".
وانتقد "إقدام الحكومة على تنظيم استشارة (يومي 27 و28 أبريل/نيسان 2012) حول القوانين المنظمة لقطاع الاعلام، وذلك قبل صدور التقرير العام لهيئة إصلاح الإعلام والاتصال".
وقال إن هذا "أمر يبعث على الحيرة والخشية من وجود برنامج مسطر مسبقًا تتجه النية نحو تنفيذه بقطع النظر عن قبول الاعلاميين أو رفضهم".
وأضاف أن "هذه الممارسات لا تتماشى وطبيعة المرحلة التي نؤسس فيها لنظام ديمقراطي يكفل حرية الأفراد وكرامتهم".
وأثارت مشاركة إعلاميين معروفين بالدعاية لنظام بن علي في الاستشارة التي دعت اليها الحكومة، استياء بالغًا في صفوف صحافيي تونس.
ورفعت "الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام " نسخًا من تقريرها إلى الرئيس منصف المرزوقي ورئيس الحكومة حمادي الجبالي ورئيس المجلس الوطني التأسيسيمصطفى بن جعفر .
وقال كمال العبيدي إن حمادي الجبالي أبلغه عند تسلّمه الثلاثاء تقرير الهيئة "حرص القيادة السياسية على أن يكون لتونس كباقي الدول الديمقراطية إعلام حر ومستقل وتعددي"، وأن "زمن الوصاية على الإعلام قد ولى دون رجعة".
ورحب العبيدي بـ"تعهدات" رئيس الحكومة لكنه قال: "سنبقى يقظين".