سامي النصف: توقيت تولي الشيخ جابر المبارك للحكومة مناسب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أكد سامي النصف، وزير الإعلام الكويتي السابق، في حوار شامل مع "إيلاف"، أن الإشكال السياسي في بلاده مازال حتى هذه اللحظة باقيًا، وأن إشكالية فهم المغزى والمعنى من الديمقراطيةما زالت في حالة غموض لدى الكثير من القوى السياسية التي ترى أن الحراك السياسي يقوم على كسب هذه الحركة أو تلك ولو كان على حساب تنمية البلد.
الكويت: قال ساميالنصف إن استمرارية مجلس الأمة محل شك كبير لأسباب عدة، متوقعًا أنه لو أجريت انتخابات مجلس الأمة في الكويت اليوم، فإن نسبة التغيير ستتراوح ما بين 40-50% في الوجوه الحالية الموجودة في المجلس، وذلك لأن عاطفة التصويت لدى الناخبين انتهت، على حد قوله.
وأكد أن تولي الشيخ جابر المبارك رئاسة الحكومة الجديدة جاء في التوقيت الصحيح ودعا الى توحيد كافة الجهود والقوى حوله، وأن تمنح الفرصة كاملة له ولوزرائه. وشدد النصف على أن بلاده لن تنهض أو تتقدم أو تصبح تجربتها الديمقراطية قدوة لدول الجوار وللديمقراطيات العربية الجديدة إلا بالتعاون بين السلطتين وكافة القوى السياسية، وطالب رئيس مجلس الأمة السيد أحمد السعدون بأن يمد يد التعاون والإصلاح بين الأغلبية "المعارضة" والأقلية، كما يجب على الجميع في مجلس الأمة التعاون مع الحكومة.
وكشف وزير الإعلام السابق سامي النصف عن أن اعتذاره في الاستمرار في حكومة الشيخ ناصر المحمد ليس خوفًا من التصادم مع المعارضة، أو خشية التهديد من النواب بالاستجواب والصعود للمنصة وإنما نتيجة ظروفه الصحية التي تعرض لها بعد شهرين من توليه الحقيبة الوزارية .
تجربة الكويت الديمقراطية
في البداية ..كيف تقرأون المشهد السياسي الراهن في الكويت؟ وما هي أبرز معطياته؟
الحقيقة أن التجربة الديمقراطية الكويتية تستحق التوقف عندها خاصة في موجة المتغيّرات إلى عالم الديمقراطية القادم الى الساحة العربية، وبالتالي أتصور أن هناك دروساً يمكن تعلمها من هذه التجربة حالها حال التجربة اللبنانية لأنهما تجربتان مستمرتان واحدة منذ ما يقارب السبعين عامًا والأخرى تقارب النصف قرن من الزمن ومن الواضح أن الإشكال السياسي في الكويت باقٍ حتى هذه اللحظة، وأن إشكالية فهم المغزى والمعنى من الديمقراطية مازالت في حالة غموض لدى الكثير من القوى السياسية التي ترى أن الحراك السياسي يقوم على معطى كسب هذه الحركة أو تلك، حتى لو كان الأمر على حساب تنمية البلد، وهذه النظرة الخاطئة لمغزى وفهم اللعبة السياسية قائمة في الكويت، وأدعي أنها قائمة أيضا في لبنان وأخشى ما أخشاه أن يكون هذا النوع من الممارسة السياسية تسبب من قبل في انقسام لبنان وقيام حرب أهلية فيه، كما تسبب كذلك في تخلف الكويت عن شقيقاتها الخليجيات، التي لا تملك هذا النوع من الممارسة، ونخشى ما نخشاه أن الحال كذلك في الوطن العربي. نحن أمة عربية واحدة وهذا النوع من الثقافة السياسية أو عدمها قد يكون أحد أسبابه عدم وجود تنمية سياسية، ناهيك عن بعض الموروثات الثقافية التي لا تتماشى مع الفهم السياسي الصحيح للديمقراطية، بمعنى أن الديمقراطية في نهاية المطاف هي ما يُسمى بـ"حلول منتصف الطريق".
نظرة العرب إلى الديمقراطية كأنها معركة
وتابع : ثقافتنا العربية في الأغلب تقوم على ما قاله الشاعر أبو فراس، لنا الصدر دون العالمين أو القبر، بمعنى أننا قوم لا توسط بيننا، وهو مفهوم يختلف تمامًا عن الفهم الحقيقي للسياسة وأنها لعبة أقرب إلى اللعبة الرياضية لا يهم من يربح فيها، ونحن ننظر دائما إلى الديمقراطية على أنها معركة وحرب دائمة ومستمرة، ومن العار أن نخسر هذه الحرب، ومن ثم نجد أن كل الوسائل تستخدم للفوز فيها ولا يقبل أحد أن يخسر انتخابات وإذا خسر لا يرضى بالنتيجة ويحاول عرقلة اللعبة السياسية كما هو الحال في الكويت الآن، وفي الانتخابات القادمة عندما تتحول الأقلية إلى أكثرية والعكس صحيح، ينعكس الدور وتبقى قضية العرقلة باختلاف شخوصها، دائما الخاسر لا يتقبل الخسارة بروح رياضية لعدم الفهم الصحيح للعبة السياسية فيكون دوره هو المعرقل، ناهيك عن أن الأمور تتصاعد في بعض الأحيان نتيجة الفهم الخاطئ للديمقراطية في الكويت وغيرها، وتؤدي إلى سلسلة أزمات يكون ضررها على الأوطان كبيراً.
وإذا كانت الكويت قد استطاعت عبر مواردها الضخمة وعدد سكانها الصغير أن تحتمل وتتحمل الكلفة المالية الضخمة لهذا النوع من التأزم السياسي، ومنها التضحية بمشروع تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي، فاليوم الأزمات المتلاحقة في الكويت والإضرابات والإعتصامات أعتقد أنها لن تشجع شركة واحدة من البلدان المجاورة، التي لا يوجد فيها هذا النوع من الأزمات والإضرابات والإعتصامات المصاحبة للعملية الديمقراطية، على القدوم إلى الكويت، وهذا الأمر نخشى أن يكون ثمنه في الوطن العربي أكثر مما هو الحال في الكويت وخاصة في بلدان مثل مصر وسوريا وغيرهما، لأن اقتصادياتهما ضعيفة، لا تحتمل بالفعل هذا النوع من الأزمات لأن مثل هذه الإضرابات والمطالبات الفئوية لها أثمان باهظة مع التظاهر والتجمهر الدائم في ميدان التحرير في مصر للقوى السياسية المختلفة، نخشى ما نخشاه أن هذا الأمر لن يساعد المستثمرين والسيّاح على القدوم إلى مصر .
مرشحون يعلنون معارضتهم للحكومة قبل الفوز
بعد مرور أكثر من شهرين على التئام مجلس الأمة، وبعد أن أصبحت المعارضة تمثل الأغلبية في المجلس وتصدرها للمشهد السياسي. ما هو تقييمكم لأداء الأعضاء البرلماني حتى الآن؟
الإشكالية أنه ضمن الثقافة السياسية في الكويت، التزام مسبق إبان الحملات الانتخابية بخط المعارضة، وأن هذه الحكومات متآمرة علينا ويجب التصدي لها، وهذه هي الرسالة التي يصل بها النائب إلى مجلس الأمة، وعندما يصل إلى البرلمان يلتزم النائب بها رغم أنه يعلم أن الحكومة لم تتشكل بعد، لأن الحكومات في الكويت وغيرها تتشكل بعد انتخاب البرلمان، والإشكالية هي هل تستطيع الكتلة الكبيرة في المجلس، وهي بالأساس تمثل المعارضة، أن تتعاون مع الحكومة وأن توقف عمليات السخونة السياسية والاستجوابات من منظور أنها لم تعد في صف المعارضة ؟
هذا الأمر لا تستطيع فعله لأن أعضاءها أو كثيراً منهم وصلوا الى قبة البرلمان ضمن تعهد باستجواب هذا الوزير أو ذاك، الآن المحك والتحدي القائم هو بمدى التزام 35 نائبًا وهم الكتلة الكبيرة بمفهوم التنمية والبعد عن التأزم والاستجوابات، ولو حاولت كتلة الـ 35 نائبًا والتي تشكل الأغلبية الحالية في البرلمان، أن ترشد الاستجوابات رغم أنها في المجلس السابق كانت الأم والأب للاستجوابات التي تمت، وعندما قيل لها عليك بالاهتمام بالتنمية وعدم الإسراف بالاستجوابات، ذكرت أن الاستجوابات حق مطلق للنائب.
الآن من الصعب أن تحجّم النواب وتدفع بهم للتوقف عن الاستجوابات وهي حاولت القول إنه على النائب أن يمر استجوابه بالأغلبية وأن تناقشه وإنما هو أمر رأى نواب الأغلبية أنه يحجر على حقهم الدستوري سبق لكم ولأكابركم أن ذكروا بأن الاستجواب حق مطلق للنائب لا ينازعه أحد عليه، فالآن هم يدفعون أثماناً باهظة،نتيجة مواقف اتخذوها في المجلس السابق، لم يفكروا بتبعيتها مستقبلاً وعلى الأعراف البرلمانية المصاحبة حالها حال التشريعات للعمل الديمقراطي، وعندما قبلت هذا الأمر في سبيل إسقاط رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الجابر الصباح، بدلت به الآخرين وهذا ما يتم الآن من جانب الأقلية وحتى بعض نواب الأغلبية، فالجميع يقول إن الاستجواب حق مطلق لهم وسيستمرون به، وبالتالي قد يتساءل البعض إذن لماذا حدث ما حدث؟ ولماذا ابتعد رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الذي قيل أنه سبب التأزم وأنه في حال ابتعاده ستختفي الأزمات بعد ذلك، والآن البعض يقول ما الذي تغيّر، فالأزمات ظلت باقية بل إن معدل تغيير الوزراء سيكون كالحال السابق، فالوزير يبقى لأشهر قليلة وهذا لا يشجع على التنمية في الكويت.
التصويت بالعاطفة وليس بالعقل
هل كانت مفاجأة للشارع الكويتي - بعد ظهور نتائج انتخابات مجلس الأمة - اختفاء أسماء بارزة وأيضًا عدم فوز أي نائب خلافًا للبرلمان السابق؟
ما حدث أنه بسبب التخندق الشديد كانت هناك حالة تم بها الذهاب إلى صناديق الانتخابات والتصويت بالعاطفة وليس بالعقل، ولذلك لم ينتخب في المجلس الحالي من رموز الاعتدال ومنهم النساء، لأن المرأة دائمًا رمز الاعتدال وحتى الوجوه المعروفة بالاعتدال سقطت بجدارة، وكثر ممن فازوا هم الأكثر شدة، ووحدة في طرح طائفي وفئوي وغيره، والانتخابات قامت على معطى الكينونة حيث يخاف البعض على كينونته الطائفية أو الفئوية فاختار أكثر الناس تشددًا، والانتخابات الماضية قطعًا ما كان للعقل ولا للحكمة ولا للرزانة أن تنجح فيها.
الآن، الانتخابات الواحدة هي دلالة وانعكاس لحالة نفسية للشعوب في فترة ما، سواء في الكويت أو الانتخابات التي جاءت بعد الربيع العربي لا تعطي دلالة، وإنما الانتخابات الثانية وما بعدها هي الدلالة. جئنا الآن إذا في الكويت للانتخابات اللاحقة واكتشفنا الحال نفسه، أن الناس مازالوا يصوتون للأكثر حدة وشدة وطائفية وفئوية، حينئذ أعتقد أننا سنكون أمام إشكال حقيقي، إنما إذا قلنا أنها كانت طفرة وحالة خاصة في وقت ما، وقد كتبت في عامودي في جريدة الأنباء أنه إذا حدثت انتخابات اليوم أتوقع حدوث تغييرات في وجوه نسبة 40-50% من نواب مجلس الأمة، لأن عاطفة الاختيار في التصويت انتهت، لأن من صوت بعاطفته يرى الصورة اليوم بشكل حقيقي، وهم لم يأتوا بشكل جديد، وهذا هو الفارق، هل تستمر هذه النظرة المتخندقة أم تتوقف؟
والكثير من الرأي العام الكويتي ممن أسقطوا أصوات الحكمة والعقل من المجلس يتساءلون أين الحكمة والعقل في البرلمان؟ والنتائج النهائية للانتخابات الأخيرة لمجلس الأمة قطعًا فيها مفاجآت، جزء منها أن البعض صوت بعواطفه أما الآخرون فهم قبليون وطائفيون، فضلاً عن أن بعض القوى السياسية استطاعت بالفعل أن تقسم صورة العهد السابق فجاء الناس حانقين وغاضبين انعكس ذلك على إسقاط من يعتقدونه أنه امتداد للنهج السابق، وأنجحوا من يرونه أنه كان على النقيض من ذلك.
كذلك أتصور أن قضية الربيع العربي دخلت ضمن الحملة وأن الوطن العربي تجتاحه موجة محافظة ومتدينة هذه أيضًا عكست حالها بانتخاب الإسلاميين والمتدينين، إضافة إلى حدوث تحالفات تمت للمرة الأولى بطريقة فيها كثير من الاحتراف والمهنية، أثرت بشكل كبير، وذلك لأن الانتخابات في الكويت تقوم على الفردية ولذلك عندما يتحالف مرشحان أو أربع مرشحين بشكل سري أو مفاجئ قطعًا سيغيّرون النتائج، ولا شك أن هناك تيارات إسلامية وأخرى محافظة لعبت لعبة التحالفات باحتراف شديد يقابلها فهم خاطئ أو سقوط مدوٍ للتيارات الوطنية والليبرالية التي لم تتفهم لعبة التحالفات، حيث دخلت بنوايا حسنة، كما أنه لم يكن هناك عمل جماعي لها بين الدوائر الخمس أو ضمن الدائرة الواحدة، حيث اختفى التنسيق بينها، بينما التوجهات الأخرى لعبت بمهنية واحتراف شديد وتستحق حقيقة النتائج التي حصلت عليها.
التأزم بين السلطتين سبب رئيسي لحل مجلس الأمة
توقع الناشط السياسي الكويتي د.عبد الرزاق الشايجي ألا يكمل مجلس الأمة الحالي مدته القانونية وأن يتم حله قريبًا. ما هي رؤيتكم لذلك؟
نحن أمام كوب ماء نصفه ممتلئ، والآخر فارغ، ومعطيات الاستمرارية لها ما يدعمها ولو أتى بعض النواب إلى الخدمة العامة، ولخدمة الوطن فسيحرصون على استمرارية المجلس، وإذا قلنا أيضًا أن بعض النواب الآخرين أتوا ،وهذه حقيقة، للتكسب الشخصي والاستفادة المالية، فهم أيضًا سيحرصون كل الحرص على استمرارية هذا المجلس وهذا معطى النصف الممتلئ من الكوب.
أما النصف الفارغ فسيتمثل في عملية الاستجوابات في المجلس، وإذا ما استمرت قد تؤدي بالفعل إلى حل المجلس، لأنها السبب الرئيسي لحل مجلس الأمة في السنوات السابقة نتيجة السخونة المتواصلة للعملية السياسية والتأزم بين السلطتين، وأعتقد أن القيادة السياسية ستجد بكل الإنصاف بماأنها حلت مجلس الأمة في السنوات السابقة، وعلى أساس هذا المعطى الذي يدل دلالة لا خلاف عليها بعدم تعاون السلطتين.
كثرة الاستجوابات تدل على أن السلطتين غير متعاونتين وبالتالي هذا السبب الرئيسي دائمًا لحل مجلس الأمة، حيث ترفع الحكومة إلى سمو أمير البلاد بعد تعاون مجلس الأمة معها، وهذا الأمر هل بالإمكان أن يحدث في هذا المجلس؟ نعم، لأن المجلس لن يستمر على عكس ما توقعه الكثيرون حيث تستمر عملية التأزم والاستجوابات التي بدأت بتهديد رئيس الوزراء الجديد الشيخ جابر المبارك بالاستجواب وتم تنفيذه بالفعل،ثم ستليه ستة استجوابات لوزراء في الحكومة الحالية قادمة على الطريق، وهي لن تكون النهاية لأن هناك من يذكر من النواب أن العملية لن تتوقف عندهم وبالتالي هذا معطى يدل على أن استمرارية مجلس الأمة الحالي محل شك كبير.
قوى محلية وخارجية لها مصلحة في عدم استمرارية المجلس
وتابع: ناهيك عن بعض النظريات التي ترى أن في المجلس كذلك قوى مسخرة لقوى أخرى محلية أو خارجية لا أحد يعلم، إنما هذه القوى لديها مصلحة بعدم استمرارية المجلس سواء لأسباب داخلية أو خارج الكويت حيث يتضايق البعض من اللعبة الديمقراطية وله مصلحة أن تسّود صورتها، وبالطبع هناك أطراف وقوى لها مكاسب فيما لو تم المجلس مدته، وأيضًا هناك قوى سياسية تريد إعادة اللعبة أو الانتخابات، وذكرها النائب في المجلس الحالي مرزوق الغانم، الذي قال إن هذا المجلس عمره أربعة أو خمسةأشهر لأن التكتل الوطني أخفق في الانتخابات بنحو أربعة أو خمسة مرشحين، ولو جمعنا كل هذه المعطيات ستعطينا دلالة النصف الفارغ من كوب الماء حيث أن هناك اشارات، على أن مجلس الأمة لن يستمر، ولكن من الصعب التكهن متى يتم حله، وذلك لأن معطيات اللعبة السياسية الكويتية تتغيّر يومًا بعد يوم، مع الفعل ورد الفعل وبالتالي من الصعب التنبؤ متى يمكن حل المجلس؟ ولكن قطعًا هناك دلالات على أن هذه الموجة قد تهدأ إذا ما انصاع نواب الأغلبية لقرار الأغلبية، إنما إذا رأى البعض غير ذلك أو رأوا أن الأغلبية تتعامل بازدواجية بالمعايير، وهي أن بعض كبار نواب الأغلبية أعلنوا صراحة أنهم سيستجوبون فلاناً وفي الوقت ذاته يقولون للآخرين عليكم أن تتوقفوا عن الاستجوابات.
وقد قال عنها أحد نواب الأغلبية بعدما رأى الأمر "إن كل سؤال قدمه للوزراء قد يحيله إلى استجواب"، وبالتالي هناك فهم خاطئ للاستجواب وكل نائب يريد عملية أو مصلحة ما، أو حتى تعيين فراش عند وزير هدده بالاستجواب، والمادة 50 تمنع هذا الأمر حيث أن عمل السلطة التنفيذية من اختصاصها ويختار الوزير وكيله ومدير مكتبه، وإنما سوء الفهم لأصول اللعبة السياسية وأعرافها يجعل النائب يهدده.
السعدون رئيس كل النواب من كافة التيارات
بعد وصول قطب المعارضة السيد أحمد السعدون إلى رئاسة مجلس الأمة بعد سنوات عدة مرت على رئاسته الأولى له. هل ترون إمكانية حدوث هدوء على الساحة السياسية أو عدم التصعيد لمرحلة التأزم ؟
أعتقد أن السيد أحمد السعدون في إشكال حقيقي، وهو مجرب حيث أنه حل المجلس في عهده مرتين وتم لومه آنذاك بأن يُحكّم توجهه السياسي على عمله كرئيس لمجلس الأمة، لأن رئيس البرلمان ليس رئيس فئة أو شريحة من نواب المجلس بل رئيس كل النواب من كافة التيارات.
الآن إذا السيد أحمد السعدون سيبقى ويستمر على الفهم السابق، وهو أن لديه توجهاً سياسياً بهذا الشكل وسيفضله على عمله كرئيس لمجلس الأمة، أعتقد أن الأزمات ستستمر، إذن الصحيح أن يكون رئيس البرلمان على مسافة واحدة من جميع النواب وعليه ألا يكون خصمًا أو في حالة عداء مع الأعضاء الـ 50 في مجلس الأمة، وعليه أيضًا أن يكون صاحب مبادرات لجمع الأقلية والأغلبية، وحتى هذه اللحظة الأمر غير صحيح، والسعدون كان لديه تحفظ على لقاءات خارج البرلمان والأمر يحتاج إلى تكثيف اللقاءات خارج مجلس الأمة، وعليه أن يستدعي الجانبين الأقلية والأغلبية ويقيم الولائم لهما، حتى يتم التجانس والاتفاق في ما بينهما، فقد يكون لدى أحد نواب الأقلية فكر وطرح مفيد للوطن فلتتبناه الأغلبية، والعكس صحيح.
إذا السيد أحمد السعدون لعب اللعبة هذه المرة بهذه الطريقة وأنا كمراقب سياسي، أعلم أن هذا الدور يلعب في كل الدول فمثلاً في لبنان دولة الرئيس نبيه بري -رئيس مجلس النواب اللبناني- هو رئيس لمجلس النواب منذ 22عامًا، ويمد يد التعاون في الكثير من الأوقات لقوى 14آذار، وهو عادة ما يحاول إصلاح ذات البين، وهذا الدور المفروض على السيد أحمد السعدون أن يلعبه بحكم رئاسته لمجلس الأمة، وبحكم التخندق القائم وبحكم عدم صحة عزل الأقلية، وهي التي تمثل الشعب الكويتي حالها حال الأكثرية لأنها منتخبة بانتخابات حرة، وعلى السعدون أن يمد يد التعاون وأن يحاول الإصلاح ما بين الأغلبية والأقلية، لأن الكويت لن تنهض أو تتقدم أو تصبح تجربتها السياسية قدوة لدول الجوار وللديمقراطيات العربية الجديدة، إلا بهذا النوع من التعاون، وهناك خارطة زرقاء ُجربت وخارطة المناكفة والاستجوابات الكيدية وغيرها جُربت في الحقب السابقة وبقينا مكاننا، الآن هناك حقبة جديدة ومرحلة جديدة وما حدث خلال الشهرين الماضيين بعد التئام مجلس الأمة لا يبشر بالخير لأن نفسالاستجوابات والمناكفةلم تغيّر شيئًا، الآن نحتاج إلى قواعد جديدة للعبة سياسية جديدة تكون فيها فائدة للكويت.
تولي الشيخ جابر المبارك في التوقيت الصحيح
بعد تولي سمو الشيخ جابر المبارك رئاسة الحكومة خلفًا للشيخ ناصر المحمد، هل ترون أن هذا التغيير أحدث ارتياحًا لدى كافة الأوساط والقوى السياسية ؟
الأمور تم تصعيدها في الحقبة السابقة إلى مرحلة ما كان لها أن تستمر، الآن لا نلقي باللوم على أحد فهذا ما حدث، حيث وقعت أخطاء مشتركة ولن أتناول الأسباب وإنما نتحدث عن واقع وصل إلى مرحلة ما عادت تحتمل إنما هل كان من الضروري أن يتم حل مجلس الأمة واستقالة الحكومة؟
فالبعض يرى أنه كان بالإمكان أن تحل الحكومة ولا يتم حل المجلس عادة بسبب تجاوزات وقعت، والتجاوزات بالديمقراطيات الأخرى موجودة لأنه بحل البرلمان ربما يعاقب من لا ذنب له، وهذا ما كان عليه الوضع خلال الشهرين الماضيين وأعتقد أن تولي الشيخ جابر المبارك جاء في التوقيت الصحيح وأنه من المفروض أن تتوحد الجهود وتتوحد القوى حوله وأن يمنح هو و وزراؤه الفرصة كاملة، أما أن نحاسب وزيراً لا على عمله بل على مقال في جريدة كتبه قبل أشهر وسنوات وفهمناه نحن ربما فهمًا خاطئًا، لا يجوز،والبعض يحاسب الوزراء على قضايا وقعت في حكومات سابقة، والرأي الدستوري أن الوزير حتى لو كان هو لذاته يحاسب منذ لحظة تشكيل الوزارة الجديدة.
والبعض الآخر وصل به القول إنه حتى الاستجواب غير دستوري عليه أن يعامل وكأنه دستوري ولا يرفض ولا يحالعلى لجنة تشريعية أوعلى المحكمة الدستورية، وعلى المستجوب أن يرد عليه وأن يقر المستجوب بأنه استجواب دستوري، بينما وفي المقابل من حق الحكومة المطلق أن تحيل البعض على اللجنة التشريعية أو تطلب السرية أو تحيل على المحكمة الدستورية، بل أن الدستور الكويتي يعطي الحكومة الحق في تأجيل الاستجوابات حتى نهاية الفصل التشريعي لمدة أربع سنوات بالأغلبية.
إذن، هذا الكم من الهواية وعدم المهنية التي تصدر من برلمانيين قدامى تعطي دلالة على الحاجة الماسة لما اقترحته مرارًا وتكرارًا تأهيل نواب البرلمان القدامى قبل الجدد عن طريق دورات على العملية السياسية ومللنا من التصريحات وهذه تمهد لأزمات دائمًا .
تصحيح الخطأ ليس بالقيام بخطأ أكبر
ما هو تصوركم لاقتحام بعض نواب المجلس السابق ومؤيديهم يوم 16 نوفمبر الماضي مجلس الأمة؟
لا يجب تصحيح الخطأ بخطأ أكبر، ونحن في الكويت اعتبرنا هذه القضية خطأ يتم تصحيحه بخطأ، ولا شك في أن وجود أقلية وأكثرية قضية موجودة في كل برلمانات العالم، وهذا لا يعني هذا أن الأقلية تذهب الى الشارع إن لم تعجبها نتيجة عملية التصويت.
الأقلية ذهبت إلى الشارع وهذا خطأ، أما الخطأ الذي يليه أنه لا أحد يملك حق اقتحام مجلس الأمة ولا المقار الحكومية المختلفة، إذن الاقتحام بحد ذاته خطأ لا يجوز ولا يمكن القبول به وهذا الخطأ لو تم كان يمكن الاعتذار عنه، إلا أنه تم الإصرار على أن هذا الموقف ليس خطأ وأنه موقف سياسي، وأما بالنسبة لمحاولة البعض من نواب الأغلبية تعديل اتهام النيابة العامة للمقتحمين لمجلس الأمة، فهو خطأ آخر، ومن يوصف الجريمة فهو جهاز قضائي يقرر ما يراه من اتهامات، ولا علاقة لأحد بتعديل الاتهام.
وأعتقد أن هذا الكم من الأخطاء وقع في فترة قصيرة وهي قضية لا يمكن قبولها، وكيف تزرع الأرض لما هو قادم والآن أصبح كل شيء مقبولاً عندما نختصم، والتباين السياسي سيبقى بقاء الدهر، ولكن هل يقبل المبدأ الميكافيللي وهو الغاية تبرر الوسيلة؟
في حالة الخلاف لا نحتكم للتصويت ولا للقانون بل نذهب بما نريد القيام به، وهذه كلها أخطاء لها أثمان باهظة وأتصور أننا مرة أخرى بحاجة إلى قواعد جديدة للعبة السياسية، وبحاجة إلى شيء جميل اسمه "الاعتراف بالخطأ"، وقد حضرت القمة العربية الأخيرة في بغداد وقد أثنت الصحافة العربية على موقف الرئيس التونسي المثقف محمد المنصف المرزوقي، عندما اعتذر للعراق عن فعل بعض المتشددين التونسيين الذين قاموا ببعض التفجيرات في العراق على الرغم من أنه غير مسؤول عنها، ولكن لمجرد انتمائهم إلى تونس.
علينا كذلك في الكويت ومن المفروض أن يتعلم البعض الاعتذار إذا أخطأ، فنحن بشر ولا نكرر الخطأ بآخر وما لم نقم بهذا الأمر، أخشى أن الكويت ستبقى فيها ممارسة لا يمكن اعتبارها قدوة حسنة للدول العربية الأخرى، كحال بعض من ذكر أنه على دول مجلس التعاون الخليجي أن تتوحد، وعليها أن تغيّر أنظمتها السياسية والاقتصادية كما هو الحال في الكويت، وكأنها أصبحت قدوة، وما لم يقال في هذا الشأن هو أن كل يوم أزمة وعملية التنمية متوقفة والمعاناة تزيد وعندئذ نتوحد، وعندما جاءنا الغزو العراقي الغاشم العام 1990 كان الفارق سيكون كبيرًا في حال التوحد الخليجي، فالخطر الداهم لن ينظر بوضعك السياسي، بل سينظر بمقدار القوة التي تتمتع بها أنت وجيرانك، وإذا استطعنا أن نفعل مثل ما قام به الأوروبيون حيث بدأوا بالإتحاد العسكري العام 1945مع حلف"الناتو" ثم في أواخر الخمسينات بالسوق الأوروبية المشتركة"اقتصاديًا"، ثم الإتحاد السياسي الأوروبي وتوحيد العملة منتصف التسعينات.
ونحن في الخليج العربي نحتاج إلى وحدة عسكرية أولاً تليها وحدة اقتصادية ثم يعقبها التحدث عن شكل الأنظمة السياسية في كل دولة، وقد تكون كما هو الحال في الكويت إذا ما تطور أو قد يكون للدول الخليجية الأخرى الحق في اختيار نظام سياسي يدفع بعمليات التنمية والحريات عندها.
لم أتصادم مع المعارضة ولم تهددني منصة الاستجواب
توليتم حقيبتي الإعلام والمواصلات في آخر حكومة تولاها سمو الشيخ ناصر المحمد ولكنّكم اعتذرتم عن الاستمرار لظروف صحية .ما هي ظروف توليكم وتقديم الاستقالة؟ وهل خشيتم من الصعود لمنصة الاستجواب في مجلس الأمة ؟
أولاً لم أصطدم مع المعارضة ولم تهددني منصة الاستجواب، وأنا أعرف ما الذي قمت به، ولا أحد كان يستطيع أن يوقفني على المنصة لسبب بسيط، لأنني دخلت الوزارة وخرجت وثوبي أبيض، ولكن حالتي الصحية لم تساعدني على مواصلة عملي، وأنا من المؤمنين بأن العمل تكليف وليس تشريفاً، فإما أن أكون على قدر المسؤولية وأعمل، وهذا ما قمت به، حيث كنت أعمل باليوم الواحد ما يقارب الـ18أو 20 ساعة كما انخفض وزني 14 كيلو في شهرين، وحتى النوم قلت ساعاته فوصلت إلى حالة صحية أصبحت مواصلة العمل فيها صعباً، كذلك أن أسافر وأبقى لأشهر في الخارج أنا شخصيًا لا يحتمله ضميري، حيث أحصل على رواتب والبلد في أمس الحاجة للمسؤول خاصة أن مسؤوليتي كانت عن وزارتي الإعلام والمواصلات فضلاً عن أن الأخيرة تضم حوالي خمس أو ست وزارات معًا.
ولذلك كان العمل يحتاج إلى صحة، وصحتي لم تساعدني فقررت الاستقالة، إضافة إلى أنني اريد أن أعطي رسالة للآخرين حيث شاهدنا في الكويت وفي بلداننا العربية من يلتصق بالكرسي، وهذه هي الثقافة العربية كشخص أرسل رسالة أن الإنسان يبقى لفترة في منصبه ثم يتولاه غيره .
فهم خاطئ لدور وزارة الإعلام
برأيكم لماذا لا يستمر طويلاً أي وزير يتولى حقيبة الإعلام في الحكومة الكويتية ويترك منصبهإما بالاستقالة أو الصعود إلى المنصة أو الإقالة ؟
الوزارات الأخرى تعمل من الساعة السابعة أو الثامنة صباحًا حتى الثانية والنصف ظهرًا، حتى من يريد أن يحاسب وزيرها سيحاسبه على سبع ساعات، أما وزارة الإعلام تعمل أربع وعشرين ساعة فضلاً عن أن وزير الإعلام عندما يتعرض له شخص يتضايق كثيراً، كذلك عدم تفهم البعض لدور وزارة الإعلام.
وأدعي أن البعض ممن يعملون في وزارة الإعلام لا يتفهمون أولا: أن وزارة الإعلام فيدولة الكويت لا تمثل طرفاً على حساب آخر.
ثانيًا: هي وزارة إعلام قطاعين عام وخاص، وعليها كذلك أن تهتم بالخاص.
ثالثًا :لدينا حساسية مفرطة بالنقد ففي أي لحظة تنتقد قناة خاصة شخصاً ما، فيذهب رأسًا إلى وزير الإعلام وعليه أن يصدر قراراته ويبطش ولا يوجه نقده إلى المحطة، أو أنه يؤمن بالرأي والرأي الآخر، بينما دور النائب يفترض الكثير منالحريات والقوانين التي صدرت بسبب ردود فعل الانتقادات، صدرت من محطات أصبحت غير معقولة، والإعلام الخاص تحديدًا سواء صحفه أو فضائياته وسوق الإعلام في الكويت تحديدًا تعمل وضمن عملها توظف، ناهيك عن دورها في الدفاع عن الكويت حيث دائما صدّام، العدو الأول للكويت، كان يعتبر الإعلام فيلقاً، واليوم صحفنا الخاصة ومحطاتنا الفضائية هي بالنهاية من أجهزة دفاعنا مثل وزارة الدفاع.
وهناك قوانين صدرت بشأن الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وزادت الغرامات إلى مليون دينار تقريبًا، لذا لا أعتقد أنه لن تبقى مؤسسة إعلامية ضمن هذا الجو والسوق محدودة ويظل الإعلام في الكويت ليس مثل الإعلام في مصر، البلد الذي يزيد عدد سكانه عن 85 مليون نسمة، ولا مثل العراق 25مليوناً، إنما نتحدث بالكاد عن مليون كويتي إلى جانب جاليات آسيوية لا تعرف العربية، والجاليات العربية اليوم أصبح من السهل أن تقرأ صحيفتها في اليوم نفسه،ولا تحتاج إلى قراءة جريدة كويتية مع وجود الإنترنت، والشاهد أن إشكالية وزارة الإعلام هي بسبب الفهم الخاطئ لدورها، نرجو من الوزير الشاب الشيخ محمد العبدالله ،خريج أرقى الجامعات وهو داخل اللعبة السياسية ويعرف مداخليها جيدًا، توضيح دور الاعلام.
احتفاظه بالمرتبة الأولى في حرية الإعلام عربيًا
ما هي شهادتكم على الإعلام الكويتي حاليًا كمنظومة، وما هي تحفظاتكم عليه ؟
أعتقد أن الإعلام الكويتي مقدر جدًا بدلالتين وهما : أنه مازال يحتفظ بالمركز الأول في الحريات الإعلامية، وثانيًا أنه عند زيارات جمعية الصحافيين الكويتية إلى الخارج والتي تقوم بدور رائع حقيقة على المستوى العربي، فالذي لاحظته أن الإعلام الكويتي يحظى بمصداقية كبيرة وينعكس هذا التقدير من خلال استقبال القيادات العربية على أعلى المستويات وفي كل مرة نلتقي قيادياً سواء كان زعيماً أو رئيس دولة، نجلس معه أكثر من ساعة ونستشعر خلال هذه اللقاءات بكم المصداقية والتقدير المتميز جدًا عند أغلب الدول التي نزورها.
خلاف بين ثقافتين
أكدتم في مقال لكم أن الانقسام الأخطر في الكويت ليس انقسامًا فئويًا، بين قبائل وحضر أو طائفيًا بين سنة وشيعة، بل هو انقسام في حقيقته بين ثقافتين، ما تعليقكم؟ وما السبيل لتوحيد الصفوف وتناغم الثقافتين وتجانسهما؟
الحقيقة، هذا ما أردت تسليط الضوء عليه حيث أن البعض ينشغل بخلافات ويعتقد أنها سنية - شيعية أو قبلية، بينما الأمر ليس بالضرورة كذلك، بل أن هذا النوع من الخلافات غير مبرر لأنه باقٍ بقاء الدهر، وإنما تصورت أو رأيت أن الخلاف الحقيقي في الكويت الذي هو في الخلفية إنما هو في الحقيقة بين ثقافتين، واحدة تؤمن بالوطن وبالدولة، وأخرى تقابلها ترى أن الكويت بلد زائل وأنها لهذا السبب تتعامل مع الكويت بهذا الشكل لأنه علينا أن نأخذ منها الأموال وغيرها وأنا أدعي أن هذا الأمر ليس محصورًا فقط بالكويت وإنما بالوطن العربي كذلك حيث هناك من يرون أن أوطانهم باقية وآخرون يرون أن أوطانهم زائلة وعليهم أن يبحثوا عن مكاسبهم الذاتية، وأن الثقافتين كذلك ضمن الثقافتين، الأولى من يرى أن ولاءه الأول والأخير للوطن، والثقافة الثانية هناك من يرى أن ولاءه الأول والأخير لعائلته أو طائفته أو قبيلته أو حتى لانتماء خارجي وهذه الانتماءات حقيقية أما الوطن فيأتي لاحقًا.
فهذه ثقافة والأخرى كذلك ثقافة، وقد وصلت في النهاية إلى أنه علينا جميعًا أن نتوحد جميعًا حول الثقافة الأولى التي تؤمن بالوطن وبالانتماء والإخلاص والعمل التطوعي وإعطاء الوطن بدلاً من أن نأخذ منه، والابتعاد عن الثقافة الأخرى حينئذ سنتوحد سنة وشيعة وقبائل وحضراً ومقيمين ومواطنين حيث نتعامل بشكل يومي ونخدم ونضحي لأجله حتى يفيدنا ويفيد أبناءنا ونبتعد عن الثقافة الأخرى بأن هذا الوطن زائل أو موقت.
مجتمعاتنا هشة وطرية وليست لدينا ثقافة قبول الآخر
في منظوركم من هم أصحاب المصلحة الحقيقيون في توتر العلاقة بين السنة والشيعة وكذلك بين القبائل والحضر في الكويت والتي تقع بين فترة وأخرى؟
هناك أمور كثيرة ترتبط بذلك ،وليست مقتصرة على الكويت فقط، فمثلاً لبنان أحرق في حرب أهلية لمدة 17عامًا نتيجة تباين طائفي، وهناك عوامل كثيرة منها أسلوب تربيتنا لأبنائنا وحتى ضمن مدارسنا بعدم القبول بالآخر والتعامل مع الآخر كما ذكرت، حتى ضمن لعبة سياسية قبل اللعبة الرياضية.
نحن نتعامل مع هذه اللعبة كأنها حرب وعليّ أن أنتصر فيها، وبالتالي يحتاج الأمر أن أخدش وأقدح بطائفة الآخر أو أصله، كذلك حتى قضية الفوز في الانتخابات وغيرها البعض لا يمانع من حرق الوطن أو الاقتراب إلى مرحلة حرقه لتحقيق هذا النوع من المكسب الفئوي أو الطائفي وهو أن الغاية تبرر الوسيلة، وإذاً، هذا الفوز يمر عبر الإشارة بإصبع الاتهام للآخر ورميه بالموبقات حتى خندق طائفتي أو عائلتي حولي، سأقوم بهذا الأمر، هذه الثقافة السياسية شديدة السوء، هي فهم خاطئ للعبة السياسية التي لا تحتوي على هذا النوع من التعامل وهو أن أحرق بلدي في سبيل القبيلة أو الطائفة، لكي أحصل على الكرسي الأخضر في البرلمان أو غيره.
وهذه الأمور تبقى ضمن تلك الممارسات وفي اللحظة التي يبدأ فيها هذا النوع من الحوار الطائفي - الطائفي أو الفئوي، رأسًا تتخندق الناس حتى العقلاء فالسيد الشيعي يذهب مع نظيره وأيضًا الليبرالي السني يذهب إلى الشيخ السني، وبكم ومقدار الثقافة في المجتمعات بقدر ما تقل التقلبات، وحتى لو حدثت لا يستمع إليها الناس، إنما مجتمعاتناما زالت هشة وطرية ودائمًا أشبه هذه الأمور بعود الثقاب "الكبريت"، حيث إذا ألقيته في ماء بارد لا يَحدث شيء، بينما لو ألقيته على خشب مبلل بالبنزين سيشتعل سريعًا، والمجتمعات المتقدمة هي الأقرب إلى الماء البارد وفي المقابل لو وقعت حادثة طائفية أو فئوية عارضة يشتعل الموقف لأن مجتمعاتنا أقرب إلى الخشب المبلل بالبنزين وما أخشاه أن حالة طائفية أو فئوية واحدة تصنع حالة احتراق، وهذا الأمر قائم في العراق ولبنان والسودان والصومال .