المغاربة ينتظرون المزيد من حكومة بنكيران في الملف الحقوقي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رغم أن عمر الحكومة المغربية التي يقودها الاسلامي عبدالاله بنكيران لم يتجاوز الأربعة أشهر، إلا أن الأوساط الحقوقية وضعت لائحة بمجموعة من "التجاوزات" في مجال حقوق الإنسان، اقترفت منذ تولي الحكومة الحالية مهامها، وعلى رأس تلك التجاوزات التعامل الأمني العنيف.
الرباط: نص الدستور المغربي الجديد، المقرر باستفتاء الأول من تموز/يوليو 2011، على مجمل حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تكريس سمو الاتفاقيات الدولية.
وفرضت هذه المكتسبات الحقوقية، التي أقرها الدستور، على حكومة عبد الإله بنكيران الاهتمام أكثر بهذا المجال، الذي يعد مدخلاً أساسيًا في مسار تحقيق التنمية في المغرب.
ورغم أن عمر هذه الحكومة لم يتجاوز الأربعة أشهر فقط، إلا أن الأوساط الحقوقية وضعت لائحة بمجموعة من "التجاوزات" في مجال حقوق الإنسان، التي اقترفت منذ تولي الحكومة الحالية مهامها.
وفي هذا الإطار، قال عبد الإله بنعبد السلام، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن "أهم شيء إيجابي تحقق في مجال الحقوق المدنية والسياسية يتمثل في مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري"، مبرزًا أن هذه "المصادقة يلزمها التفعيل عبر نشرها في الجريدة الرسمية، وإعمال جميع مواد الاتفاقية قصد الالتزام بها".
وأكد عبد الإله بنعبد السلام، في تصريح لـ"إيلاف"، أن "هذه الحكومة احترمت، نسبيًا، الحق في التظاهر السلمي، خصوصًا في ما يتعلق بتظاهرات 20 فبراير، إلا أنه بعد ذلك اتضح ضيق صدرها، إذ بدأت القوات العمومية تتصدى للتظاهرات السلمية، سواء تلك المتعلقة بحركة 20 فبراير، أو الاحتجاجات السلمية للمواطنين والمواطنات في قضايا تتعلق بالسكن، والترامي على أراضيهم".
وأضاف القيادي الحقوقي: "سجلنا في هذا الصدد عددًا من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في عدد من المناطق، خاصة ما وقع من أحداث في مدينتي تازة وبني بوعياش، وما رافقها من اعتقالات وتعذيب وأحكام غير عادلة، إلى جانب تصاعد ممارسات التعذيب ضد السجناء"، مبرزًا أن "هذا مؤشر سلبي في مجال الحقوق المدنية والسياسية".
كما لوحظ أيضًا، يشرح عبد الإله بنعبد السلام، أن "الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني تعاطت مع ملف الشراكات التي تعقدها الجمعيات الحقوقية بشكل غير سليم، مشيرًا إلى أن "الجمعيات الحقوقية رحبت بمسألة الشفافية، واعتبرت أن نشر التمويل مسألة مهمة، لكنها لاحظت في الوقت نفسه أن الموضوع فيه توظيف لاستهداف عدد من الجمعيات، التي تتميز بعملها الواضح، واحترام الإجراءات الضريبية، في الوقت الذي لم يجرِ فيه الكشف عن 97 في المئة من الجمعيات، حسب تصريحات الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان، التي لا تحترم كل هذه الأمور".
واعتبر القيادي الحقوقي هذا التعاطي بمثابة محاولة للهجوم على هذه الجمعيات نظرًا لمواقفها ومصداقيتها في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان.
كما تطرق بنعبد السلام إلى الجانب المتعلق بالحقوق الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، الذي أكد أنه قُدّم فيه عدد من الوعود التي تبين مع مرور الوقت أنه ليست لديها قوة التفعيل على أرض الواقع"، قبل أن يختم كلامه بالقول "إن هناك تراجعاً في مجال حقوق الإنسان، وهذا مؤشر سلبي وليس في صالح التجربة الحكومية الجديدة".
وكان الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الحبيب الشوباني، نشر أخيرًا، لائحة بأسماء الجمعيات المستفيدة من الدعم الخارجي، وهو الإجراء الذي انتقدته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لاقتصاره على إبراز جمعيات بعينها دون أخرى.
من جهته، قال محمد مجاهد، الأمين العام السابق لحزب الاشتراكي الموحد، إنه "في مجال الحريات العامة، الملفات ذات الطابع الأمني توجد في يد وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية"، مشيرًا إلى أن "هناك استمراراً للخروقات والمس بالحريات العامة، والحكومة تتحمل مسؤولية هذه الأوضاع".
وذكر محمد مجاهد في تصريح لـ "إيلاف"، أن "ملف حقوق الإنسان يراوح مكانه، وفيه نوع من الاستمرارية كما في الملفات الأخرى، ولا يظهر أن هناك قطيعة مع الماضي أو تغييراً نوعياً".
أما عبد العزيز قراقي، وهو أستاذ جامعي في العلوم السياسية في الرباط وناشط في مجال حقوق الإنسان، فاعتبر أن "مسار حقوق الإنسان في مجال السياسات العامة جرى تدشينه مع مسار هيئة الإنصاف والمصالحة، وهو المسار الذي أفرز وثيقتين حقوقيتين مهمتين، هما الأرضية المواطنة والخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان".
وأكد عبد العزيز قراقي في تصريح لـ "إيلاف"، أن "الحكومة مطالبة اليوم بتنزيل هاتين الوثيقتين على أرض الواقع، وتحويلهما إلى برامج عمل ومخططات قابلة للتنفيذ".
غير أن التحدي الحقيقي في مجال حقوق الإنسان الذي يواجه الحكومة، يوضح الناشط الحقوقي، هو "تقديم التقارير الدورية في موعدها، إذ لحد الآن ما زال المغرب يقدم هذه التقارير أمام اللجان الدولية في وقت متأخر، ما يفتح الباب واسعًا أمام التشكيك في السياسات العامة في هذا المجال".
ولعل من بين التحديات الحقيقية التي كانت تواجه المغرب باستمرار، يوضح المحلل السياسي، "غياب جهاز حكومي قادر على أن يهتم بحقوق الإنسان، انطلاقًا من كونها تتداخل مع كافة السياسات العامة الأخرى"، مشيرًا إلى أن هذا "التحدي لم تواجهه أيضًا حكومة عبد الإله بنكيران انطلاقًا من كونها وجدت جهازًا تم وضعه في الأيام الأخيرة من حكومة عباس الفاسي، ويتعلق الأمر بالمندوبية الحكومية الخاصة بحقوق الإنسان".
وذكر عبد العزيز قراقي أن "هذا سيمكن الحكومة من ذراع قادرة على تفعيل المقاربة العرضانية لحقوق الإنسان".