زيادة عدد أغنياء تركيا تدفع محافظين إلى التقرب من التيار اليساري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"لدينا مجموعة في فايسبوك باسم الفريق المناهض للرأسمالية، وقمنا بمناقشة سبب عدم مشاركتنا كشباب مسلمين بعيد العمال في الواحد من مايو، وإتخذنا قرار المشاركة به".
إسلام أوزكان: كانت هذه أقوال مام أصلان المتحدث باسم موكب الفريق المناهض للرأسمالية، الذي يخطط للمشاركة في إحتفالات عيد العمال. يصف الفريق نفسه بالشباب المسلم المعارض للرأسمالية، وهو ينظم نفسه من خلال الإنترنت للمشاركة للمرة الأولى في الواحد من أيار/مايو، الذي يعتبره يوم الدفاع عن حقوق العمال.
وبعدما ساهمت الآيات والأحاديث القرأنية التي شاركوا فيها على الصفحة في زيادة عدد المشاركين، قاموا بتأسيس فريق عمل يتكون من 20- 30 شخصًا، وبدأوا بتحضير اللافتات التي سيحملونها في الإحتفالات، والتي قرروا أن يكتبوها باللغة التركية والكردية والعربية والأرمنية.
الفريق سعيد جداً بالإهتمام الذي حازه، ويفيد أصلان أن الكل مدعو إلى موكبهم، مشيراً إلى أن هذه الفعالية لا تتعلق بالعقيدة، بل بالضمير، وبأن الكل سواء إن كان صاحب عقيدة أو ملحد مدعو إلى هذا الموكب، وقد أكد أن هذا الحدث سيلعب دوراً في تعرف المسلمين باليسار ومصالحته والإختلاط به.
كان لإشتراك مجموعة من الشباب في إحتفالات عيد العمال في الواحد من مايو لعام ألفين وإثني عشر، رافعين لافتات تحمل أيات قرأنية وأحاديث نبوية صدى كبيراً في تركيا. وقد قامت هذه المجموعة، التي تطلق على نفسها اسم المسلمين المناهضين للرأسمالية، أولاً بأداء صلاة الجنازة في جامع الفاتح على أرواح العمال الذين لقوا حتفهم في زونغولداك، بعد إنهيار المنجم عليهم، والعمال الذين لقوا مصرعهم في الحريق، وتوجهوا بعدها إلى ميدان تقسيم للمشاركة في الإحتفالات، وقد دخلوا إلى الميدان بهتافات، وإستقبلتهم المجموعات التابعة للتيار اليساري بالتصفيق.
أستاذ العلوم الإسلامية إحسان ألي أتشيك أعلن عن دعمه للموكب، مشيراً إلى أن الفاتح يمثل الحياة الدينية وأن ميدان تقسيم يمثل الحياة الإجتماعية والدنيوية، كما أكد أن هذا الموكب سيساعد على بناء جسر تاريخي بينهما.
إلغاء الأعياد الرسمية في تركيا ومناقشات الديموقراطيةرغم أنها المرة الأولى التي تشارك فيها مجموعة إسلامية في إحتفالات عيد العمال، إلا أن علاقة التيار الإسلامي التركي بالمجموعات اليسارية كانت موضوع نقاش مستمر في تركيا منذ سنين.
زيادة ثروات العديد من رجال الأعمال المحافظين لحصولهم على عمل من الحكومة بعد مجيء حزب العدالة والتنمية، وتهاتف المحافظين على البذخ والماركة وقضاء العديد من النساء المحافظات الثريات أوقاتهم في مراكز التسوق وتجاهلهن للفقراء أصبح موضوعاً للإنتقاد المستمر.
قاد إحسان ألي أتشيك ومحمد بكار أوغلو النائب السابق في حزب الفضيلة الإسلامي، الذي كان يتزعمه نجم الدين أربكان، هذا التيار الذي بدأ بالظهور بشكل أوضح عام 2005، وكانت خطوطه الأساسية هي الإشارة إلى العدالة الإجتماعية، وإلى أن الإسلام كان دوماً تمردًا على الظلم وعدم المساواة، ومع مرور الزمن حصل هذا التيار على دعم زاد في الفترة الأخيرة، وخاصة بين الشباب. والكل يحب أن يطلع مدى نموه ومقدار الدعم الذي سيحصل عليه من الناس والرأي العام.
لفت مفهوم المسلمون المناهضون للرأسمالية إنتباه التيار اليميني واليساري في الوقت نفسه، وقد إهتم الإعلام بمشاركتهم في إحتفالات الواحد من مايو/أيار، وصلاة الجنازة التي أدوها قبل ذلك، وبدأ الكُتاب والصحافيون بمناقشة هذا الموضوع من جوانبه كافة، وفي اليوم السابق لعيد العمال إلتقى إحسان ألي أتشيك ومحمد بكار أوغلو في برنامج حواري في إحدى القنوات التركية ليجدا فرصة في مشاركة الرأي العام أفكارهما ورأيهما في هذا الموضوع طيلة أربع ساعات.
دخل البروفيسور نفزات يالتشين تاش المحافظ القديم في نقاش حاد مع أفراد المجموعة المناهضة للرأسمالية، متهماً إياهم بمحاكاتهم للشيوعية والإشتراكية، وقد أشار يالتشين تاش إلى أن الخروج من الجامع، ومن ثم التوجّه إلى إحتفالات عيد العمال، سيكون خطأ فادحًا، وتعرّض إثر ذلك لرد فعل قاس من إحسان ألي أتشيك ومحمد بكار أوغلو.
لم يكن الإعلام البصري فقط هو من ناقش هذه المسألة، فالعديد من الكتاب الصحافيين كتبوا لأيام عدة عن المسلمين المناهضين للرأسمالية وهدفهم ومدى إمكانية إستمرارهم وما الذي يعنوه في تركيا.
أما طه أكيول أحد أقدم الصحافيين المحافظ في جريدة مليت فقد كتب في مقالته بتاريخ 8 مايو/أيار بأنه بإمكان الإسلام أن يقبل الأفكار الليبرالية والأفكار اليسارية في الوقت نفسه، كما أشار إلى أنه من الطبيعي زيادة ردود الفعل تجاه الفروق الطبقية التي نتجت من زيادة ثروات فئة معينة مع زيادة التطور الرأسمالي في تركيا، وهو ما حدث في أوروبا أيضاً التي ظهرت فيها الحركات الإشتراكية المسيحية، وتلاها ظهور هذا التيار في العالم الإسلامي بفضل حسن حنفي وعلي شريعاتي.
وأضاف أكيول في مقالته أن الإنتقادات التي وجّهت إلى الرأسمالية من قبل الفكر الماركسي والمسلمين المناهضين للرأسمالية هي إنتقادات في محلها، رغم أنهما لم يضعا البديل منه.