أخبار

مقدسيون يروون قصصهم في ذكرى نكبة فلسطين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

القدس: رحلت ديانا صافية البالغة من العمر اليوم 72 عاما من بيتها في حي الطالبية الراقي في القدس الغربية عندما كان عمرها ثماني سنوات مع اهلها الى القدس القديمة خشية على حياتهم من ارهاب المنظمات اليهودية الصهيونية.

كان ذلك قبل يومين من اعلان دولة إسرائيل في 15 ايار/مايو 1948 والذي يمثل ذكرى النكبة بالنسبة للفلسطينيين الذين نزح وشرد مئات الآلاف منهم، مع انتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين.

وتقول ديانا صافية "لا زلت اذكر سيارات المنظمات اليهودية تجوب شوارعنا في نيسان (ابريل) 1948، وتعلن عبر مكبرات الصوت ان منظمة الارغون العسكرية اليهودية قادمة. حرصا على ارواح ابنائكم وبناتكم ونسائكم اتركوا منازلكم بسلام".

وتضيف هذه السيدة الانيقة التي تتقن الفرنسية والانجليزية "كانوا يرهبوننا بتذكيرنا بمذبحة دير ياسين الواقعة عند اطراف القدس والتي ارتكبت في التاسع من ذلك الشهر، وقتل فيها نساء وعجائز .. اكثر من مئتي فلسطيني من القرية". وتختلف المصادر في تحديد اعداد قتلى مذبحة دير ياسين والتي تراوح بين 120 و350 قتيلا.

وتذكر ديانا صافية العمليات الارهابية للمنظمات اليهودية التي سبقت رحيلهم، بقولها "ليس بعيدا عنا، كان احد الفلسطينيين يملك فندق سميراميس. اعتقد ان فندقه آمن فاحضر عائلته لتسكن فيه، لكنهم فجروا الفندق بمن فيه".

وتضيف "نقلنا عمي بسيارته في 13 ايار/مايو تحت جنح الليل انا ووالدي وشقيقي حنا الى القدس القديمة. تركنا كل شيء خلفنا، بيتنا وسيارتنا ووثائقنا وكل شيء معتقدين انها بضعة ايام وسنعود".

وفي 15 ايار/مايو، اعلن قيام دولة إسرائيل لتندلع غداة ذلك اول حرب بين إسرائيل والدول العربية.

وارغم حينها اكثر من 760 الف فلسطيني على النزوح هربا من المعارك مع تقدم القوات اليهودية وسيطرتها على القرى والمدن. وبات عدد هؤلاء يقدر اليوم في الشتات بنحو خمسة ملايين مع المتحدرين منهم.

وتضيف "منذ ان احتلت اسرائيل القدس، لم نتمكن سوى مرة واحدة من رؤية بيتنا عندما اصطحبني ابي مع اخوتي. كان ذلك في 1967. وقفنا نتفرج على البيت ثم خرج يهودي من اصل تونسي يتكلم الفرنسية، كان لا زال متمسكا ببعض العادات العربية، ودعانا للدخول".

وتتذكر "كانت حديقة البيت مهملة. فصلوا غرفتي عن البيت وحولوها الى بقالة لبيع السكاكر والشوكلاتة. لم يعد ابي بعد ذلك اليوم الى الطالبية مرة اخرى".

وتقول ديانا "انا اخر فرد من عائلتي بقيت في مدينة القدس. لقد فككوا المجتمع الفلسطيني. شتتونا وبتنا غرباء في قدسنا. جزء من عائلتي في لبنان وجزء آخر في سوريا".

وكان شقيق ديانا عفيف صافية ممثل فلسطين في بريطانيا وموسكو وواشنطن وعاد لاول مرة عام 1993 الى القدس بجواز سفر بريطاني. اما اخوها حنا فدخلها كسائح بجواز سفر برازيلي.

وتقول ديانا "انا لاجئة بدون بطاقة لاجئين".

وتقول جميلة فريج خوري (81 عاما) بمرارة وغضب "كانت عائلتي تسكن في حي القطمون، وبدات المنظمات اليهودية تهاجم العرب بضراوة عام 1947. عندما تزوجت وسكنت في القطمون العليا قصفونا بوحشية. هربت وانا حامل عند اهلي، لكن الوضع عندهم كان اسوأ. كانوا ينسفون بيوت العرب. نسفوا بيت عمي ومات من فيه".

وتضيف "كانت معارك القطمون في الاول والثاني والثالث من ايار (مايو) الاشرس وكان قائد المعركة ابراهيم ابو دية. سقط الكثير من الشهداء، وجرح ابو ديه وسقطت القطمون بيد اليهود".

وتتابع جميلة "معظم القادة اليهود مجرمو حرب مثل مناحيم بيغن وارييل شارون واسحق شامير وغيرهم. كان يجب على العالم تقديمهم لمحاكمات دولية. لقد هجروا شعبنا وشردونا وتسببوا لنا بالالام والاذى. انهم مسؤولون عن كل شيء ويجب تقديمهم للمحاكمة، وبدلا من ذلك اعطوهم دولة على ارضنا واعترفوا بهم".

وكان الفلسطينيون الميسورون من اهالي الشطر الغربي لمدينة القدس، من مسيحيين ومسلمين، يتنافسون قبل 1948 على بناء البيوت الحجرية المزينة والمزخرفة بترف بالسراميك الملون والنقوش الحجرية. وتتميز هذه المنازل بالاقواس التي تزين مداخلها. ولا تزال الاشجار القديمة الضخمة باسقة بجوارها وفي حدائقها.

وفي الشطر الغربي للمدينة وعند عند دوار سلامة في حي الطالبية الذي غيرت اسرائيل اسمه الى دوار "اورد وينغت"، يقول الدكتور عدنان عبد الرازق "كانت مساحة القدس بشقيها الغربي والشرقي 20 الف دونم. وبعد عام 1948 حصلت اسرائيل على 16261 دونما من اراضي القدس، وحولت 850 دونما الى منطقة حرام تحت اشراف الامم المتحدة، و2200 دونم مع القدس الشرقية".

وكان يتبع مدينة القدس 66 قرية بما فيها المالحة، ودير ياسين وعين كارم.

ويقول عبد الرازق ان "الاملاك العربية في فلسطين كانت تشكل ما نسبته 93%".

ويتابع "هناك بيوت عربية في الطالبية سكنها مسؤولون يهود مثل بيت حنا وواصف بشارات الذي نقش عليه عند بنائه +هذا قصر هارون الرشيد+. لكن الاسرائيليين دمروا النقش العربي لانهم لا يريدون شاهدا يقول انه ليس لهم. سكنت هذا البيت رئيسة الوزراء السابقة غولدا مئير، واربعة وزراء اسرائيليين".

وتعيش عائلة بشارات في الاردن وتحولت ملكيتة بيتها بحكم القانون الاسرائيلي الى املاك غائبين ومن ثم الى ملكية اسرائيلية.

اما الدبلوماسي الفلسطيني عبد الله عبد الله الذي كان يسكن حي القطمون في القدس الغربية عام 1948 فيذكر انه عندما غادر القطمون كان له صديق يهودي اسمه عمنوئيل وكانت صداقتهما حميمة. وعندما غادر مع عائلته بكى الاثنان. ويقول "كان يريد ان يذهب معي وانا كنت اريد ان ابقى معه".

ويتابع عبد الله عبد الله "ضمت والدتانا احداهما الاخرى، وقالت ام عمنوئيل +ستعودون قريبا+ وهي تحضن والدتي وتبكي".

ويضيف "لم نعد ابدا، ولم ار صديقي مرة اخرى".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف