مصير مرشحي الرئاسة في مصر مرتبط بتاريخهم وماضيهم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يشكل تاريخ وماضي المرشحين للرئاسة المصرية نقطة بارزة في حسم خيار الناخبين، وفي حين يركز المرشح الليبرالي عمرو موسى على تحسين وضع معيشة الفلاحين يسعى ابو الفتوح الطبيب الاسلامي الى تحسين أوضاع الصحة والتعليم.
القاهرة: قد تبدو الطريقة التي تتوقف بها الحافلة التي يستعين بها مرشح انتخابات الرئاسة المصرية، عمرو موسى، في كثير من الأماكن، طريقة عشوائية بالنسبة إليه في سباق الانتخابات.
إلا أن تلك التوقفات المستمرة تمثل جزءًا من خطة محسوبة في الوقت الذي يسافر عمرو موسى من خلال الطرق الخلفية المزدحمة مرورياً في منطقة دلتا النيل الفقيرة. فمع توقف الحافلة، تتاح لموسى الفرصة كي يحيي الجماهير المحتشدة من القرويين وهو يقف على باب الحافلة أو يهمّ لإلقاء كلمة موجزة على مسرح معد سلفاً.
وقال ناطق باسم الحملة يدعى، أحمد كمال، بينما كان يتواجد موسى في إحدى المدن الزراعية المتربة: "لدينا مفهوم في الحملة هو أن من سيفوز بهذا السباق هو من سيشاهده ويسمعه ويقابله معظم الناس. وحين نتحدث عن تلك الأماكن التي كانت تحظى بتجاهل من النظام السابق، فإن زيارة أحد مرشحي الرئاسة لها تعتبر شيئًا لم يلمسوه من قبل. وأرى أن زيارة كهذه تعني الكثير والكثير بالنسبة إليهم".
واعتبرت في هذا السياق مجلة "التايم" الأميركية أن طريقة الانتقال من قرية إلى قرية طريقة جديدة في أكبر دول العالم العربي، حيث يستعد المصريون للإدلاء بأصواتهم لاختيار أول رئيس لهم منذ 3 عقود يومي الـ 23 والـ 24 من الشهر الجاري.
وأضافت الصحيفة أن مصر هي أولى الدول التي يطلق عليها دول الربيع العربي التي تجري انتخابات رئاسية، في الوقت الذي أطاحت فيه الثورات الشعبية التي وقعت على مدار العام الماضي بزعيمي تونس وليبيا وكذلك بالرئيس المصري حسني مبارك.
لكن في الوقت الذي يحاول أن يصل فيه موسى وغيره من المرشحين إلى مدن وقرى مصر الفقيرة، بطريقة لم يكترث مبارك بفعلها، فإنهم يواجهون أيضاً الواقع الصارم للأرض التي يأملون أن يحكموها. وتابعت المجلة هنا بلفتها مثلاً إلى حالة الفوضى التي يعيشها الاقتصاد المصري المدفوع بقطاع السياحة منذ أكثر من عام. وكذلك عيش نصف الشعب المصري تقريباً على أقل من دولارين في اليوم. إضافة إلى مشاكل المياه النظيفة والصرف الصحي والكهرباء التي تئن منها منطقة دلتا النيل.
وقد تعهد موسى من جانبه أن يجعل الفلاح "في مقدمة أولوياته"، بينما أكد منافسه عبد المنعم أبو الفتوح، وهو طبيب وإسلامي مستقل، أنه سيزيد الميزانية المخصصة للرعاية الصحية والإصلاح التعليمي. كما أعلن كلاهما، على نحو غامض على الرغم من ذلك، عن أنهما سيضعان حداً للفساد المتوطن سياسياً واقتصادياً.
ومضت المجلة تنوه بالإشكالية التي يواجهها الآن كل المرشحين، والتي تتمثل في تاريخهم وماضيهم، ودللت على ذلك بالمناظرة التي جرتأخيرًا بين المرشحين موسى وأبو الفتوح، فبينما اختار الأول أن يصب هجماته على علاقات الثاني بالجماعات الإسلامية المحافظة، تساءل الثاني عن علاقة الأول بنظام الرئيس السابق مبارك.
وبدا أن كليهما يركز على فكرة أن سمة الآخر البغيضة - النظام السابق في مواجهة الإسلاميين - هي الأسوأ في وجهة نظر الناخبين. وهو ما حدا ببعض الساخرين إلى القول إن المسألة ربما تصل إلى حد التساؤل عن امتلاك أي منهم ماضيًا أقل سوءًا.
وبينما جاءت أحدث استطلاعات الرأي لتضع موسى في الصدارة، أوضح كثير من المحللين السياسيين أنهلا يزال هناك كثير من المواطنين المصريين لم يحسموا أمرهم بعد.
ثم لفتت المجلة إلى رهان حملة موسى على خبرته في العمل السياسي، بسابق عمله كوزير للخارجية ثم كأمين عام لجامعة الدول العربية، ونقلت عنه في هذا الصدد قوله: "لا يمكنك أن تكون مبتدئاً أو لم يسبق لك عمل أي شيء في المجال الحكومي، وتسعى إلى حكم مصر في تلك المرحلة الحرجة جداً. وفي أوقات كهذه، تكون بحاجة إلى الخبرة، وإلى العلاقات الدولية، وإلى العلاقات الخاصة مع العالم العربي".
في الإطار نفسه، نقلت المجلة عن مدرّس يدعى أحمد في قرية في منطقة الدلتا تدعى ميت فارس، قوله: "أنا معجب به منذ أن كنت طالباً صغيراً في الجامعة. فهو رجل خبرة وذو شخصية مميزة، وهو ما يجعله رجل المرحلة. لأن مصر بحاجة إلى شخص كعمرو موسى".
هذا وقد اعترف أناس من داخل حملة موسى بأن وصمة الانتماء إلى النظام القديم تشكل عقبة كبرى. وعاود كمال، المتحدث باسم موسى، ليؤكد أن فكرة أن يوصف شخص بأنه فلول (من بقايا النظام السابق) قد أضحت نقطة سامة في الخطاب السياسي.
في المقابل، يرى منتقدو موسى أن كثيرًا من مؤيديه حالياً هم أناس ممن كانوا يناصرون ويؤيدون النظام السابق، بما في ذلك الطبقات العليا المرتبطة بعالم السياسة، وكذلك هؤلاء الذين استفادوا في السياسة المحلية والريفية. وقال أحد المنتقدين هنا "عمرو موسى من النظام القديم. أما نحن فنريد قائدًا للبلاد من ميدان التحرير".
على عكس موسى، أشارت التايم إلى أن أبو الفتوح صوّر نفسه باعتباره الرجل الذي قضى عمره في معارضة شديدة للنظام الاستبدادي في البلاد. وختمت بقولها إن موسى وأبو الفتوح سعيا، بالطريقة نفسها، إلى تحقيق توازن بين الجوانب الإيجابية والسلبية في ماضيهما المتناقض.