الأزمة الأمنية تهدد سلطات الرئيس اليمني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أصبحت الأزمة الأمنية في اليمن في مرحلة خطر قد تؤدي إلى خروجها عن مسار نظام الربيع العربي الوحيد الذي يلقى تأييداً دولياً، والذي روّج له الرئيس الأميركي باراك أوباما باعتباره نموذجا من الممكن تطبيقه لإيجاد حل في سوريا.
بيروت: وتواجه الدول الغربية والخليجية الساعية إلى تشجيع الإصلاح السياسي في اليمن أزمة مستعصية، وهي في الوقت ذاته تدعم حرب الرئيس عبد ربه منصور هادي ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وجماعات إسلامية أخرى، وهي حرب أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص.
ويقول محللون إن العلاقة الوثيقة بين القوى الدولية والرئيس تنطوي على خطر يتمثل في منح حجة دعائية للميليشيات لتقول إنها تخوض حرباً عادلة ضد قوات الرئيس والولايات المتحدة التي صعدت هجماتها في جنوب البلاد الذي تسوده الفوضى، مستخدمة طائرات من دون طيار.
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ "فاينانشال تايمز" عن غريغوري جونسن، الخبير في الشؤون اليمنية في جامعة برنستون، قوله: ''السؤال الكبير هو أي رواية ستكسب: هل هي الحكومة اليمنية الجديدة التي تقول إنها تستعيد السلطة والاستقرار في البلاد، أم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذي يقول إن عملياته رد انتقامي على الهجمات الأميركية والحكومية، وإنه يقدم خدمات في مناطق طالما عانتالإهمال''؟
ووصلت المعركة التي مضى عليها شهران بين قوات الحكومة اليمنية والميليشيات التي استولت على مناطق وقواعد عسكرية في جنوب البلاد، إلى العاصمة صنعاء من خلال هجوم انتحاري أدى في الأسبوع الماضي إلى مقتل 90 جندياً.
وبعد يومين، تعهدت القوى العالمية تقديم أكثر من أربعة مليارات دولار من المساعدات إلى اليمن، من ضمنها مساعدات بقيمة 3.25مليارات دولار تعهدت المملكة العربية السعودية تقديمها. وفي الوقت ذاته، كانت قوات هادي تقاتل الميليشيات في مدينتي زنجبار وجعار الجنوبيتين في معارك قيل إنها أسفرت عن مقتل 33 فرداً من الميليشيات وتسعة جنود.
وتسعى القوى الغربية والخليجية جاهدة إلى أن يمضي اليمن في طريق التحول السياسي الذي تم رسمه قبل تنحي الرئيس علي عبد الله صالح في شباط (فبراير) الماضي بعد حكم دام 33 عاماً، وهي صفقة قال الرئيس أوباما لزعماء الدول الكبرى الثماني هذا الشهر إنها يمكن أن تكون نموذجاً لتغيير النظام في سوريا.
ووفقاً لتلك الخطة فاز هادي بالانتخابات الرئاسية، ووعد بدستور جديد وانتخابات حرة. غير أن موقف الغرب من انتقال السلطة في اليمن أصابه التعقيد بسبب القوة المتزايدة للميليشيات الإسلامية التي استفاد رجالها من الاضطراب السياسي والانقسامات بين صفوف جيش صالح الذي تمسّك بالسلطة لنحو عام كامل في مواجهة انتفاضة ضده.
ووجهت الطائرات من دون طيار الأميركية ضربات قوية إلى عدو تدعي واشنطن أنه يقف وراء مؤامرات لتفجير طائرات ركاب غربية.
ونقلت الـ "فاينانشال تايمز" عن سارة فيلبس، خبيرة الشؤون اليمنية في جامعة سيدني-اوستراليا، إشارتها إلى أن هذه الغارات أصابت ''وتراً حساساً لدى السكان المحليين"، مضيفة أن ''الكثير من الناس لا يحبون ذلك وقد استفادت القاعدة من ذلك".
وحاولت وزارة الخارجية الأميركية في الأسبوع الماضي مواجهة المواد المعادية للأميركيين على مواقع القبائل اليمنية بإعلانات تظهر كيف أدت عمليات القاعدة إلى قتل اليمنيين.
ويدرك مسؤولون غربيون آخرون الحاجة إلى معالجة العلاقة بين الحاجات اليمنية الضخمة غير الملباة، نظراً لأن اليمن هو البلد العربي الأكثر فقراً، والدعم الشعبي للميليشيات المقاتلة. ويقول الإسلاميون إنهم يقدمون الطعام وخدمات أخرى في بلد تحظر فيه وكالات المساعدات من أن تصل إلى عشرة ملايين جائع.
بدوره، شدد ألان دونكان، الوزير البريطاني للتنمية الدولية من أن "التنمية الاقتصادية الجيدة هي أفضل سلاح ضد القاعدة''، مشيراً إلى أن ''غياب السلطة والخدمات يساعد القاعدة".
أما الصعوبة الأخرى التي تواجه الولايات المتحدة والقوى الدولية المتحالفة معها فهي أنها تتعامل مع زعيم انتقالي "غامض"، ولا سيما أنه كان نائب الرئيس السابق لأكثر من 15 سنة.
وعلى الرغم من أن هادي قام ببعض الجهود لإزالة بعض أقارب وأعوان سلفه من المناصب الحكومية العليا والمراكز الأمنية، إلا أن الرئيس السابق لا يزال له تأثيره.
ووقع الرئيس أوباما هذا الشهر، على أمر تنفيذي هدد بعقوبات على أي عضو في الحكومة اليمنية يعمل على تقويض ''قوة واستقرار'' البلاد، الأمر الذي يسلط الضوء على أن سياسة البلاد ما زالت قائمة على تصرفات الأفراد، بدلاً من الحكم الدستوري الذي تقول البلدان الغربية إنه ضروري كي يتجذر التغيير الفعلي.