تونس..المطالبة بالزيادة في رواتب النواب تقابلها دعوات الى التقشف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أثار قرار المجلس الوطني التأسيسي عقد جلسة مغلقة للنظر في رواتب ومنح النواب ثم إقرار الزيادة في رواتبهم لتبلغ 4200 دينار (نحو 3000 دولار) جدلا واسعا وردود أفعال مستهجنة، اعتبارا إلى التناقض بين الزيادات في أجور النواب بينما تطالب الحكومة الموظفين بـ"سنة بيضاء" للوضع الاقتصادي الدقيق الذي تعيشه البلاد.
أكد وزير المالية حسين الديماسي أنّ مسألة الزيادة في رواتب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ما تزال موضع درس والحكومة لم تعط رأيها في ذلك وقد "وصلني مطلب رئاسة المجلس متضمنا الزيادات، ولكن من ناحيتي لم أوافق على ذلك نتيجة الوضع الإقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد كما أنه من غير المنطقي أن يطالب النائب بالزيادة بينما نطالب بسنة بيضاء".
من ناحيته أشار المولدي الرياحي، عضو حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والمجلس الوطني التأسيسي في تصريح لـ"إيلاف" أنّ الزيادات في رواتب أعضاء المجلس: "لم يتم البت فيها، وهي تحت الدرس وما تزال موضع نقاش على عكس ما يروج له البعض وستعقد ستكون جلسة للمجلس التأسيسي لاتخاذ القرار اللازم".
وقال الرياحي: "نحن نعتبر أن هذه المنحة من حق النواب والنواب في كل برلمانات العالم يتحصلون على منح خلال فترة عملهم والنائب في المجلس التأسيسي يتحصل على أقل منحة مقارنة بجيراننا مثلا ففي المغرب يتحصل النائب على منحة تتجاوز ستة آلاف دينار".
وأضاف الرياحي: "أمام الظرف الاقتصادي الدقيق الذي تمر به بلادنا تم الإبقاء على حجم المنحة كما هي لكن ليعلم المصاريف كانت كبيرة حيث تتكفل الدولة بدفع الإقامة وأكل النواب التي كانت مكلفة جدا حيث تبلغ تكاليف إقامة النائب الواحد في النزل وفي الليلة الواحدة 132 دينارا (90 دولار) أما العشاء لوحدة فكلفته 34 دينارا (23 دولار) وبالتالي فإن تخصيص منحة للنائب في حدود 900 دينارا (620 دولار) شهريا يوفر للخزينة التونسية عشرات المليارات لأن النائب الواحد كانت كلفته في حدود 3 آلاف دينار (2050 دولار) كما أن منحة التنقل هي من حق النائب، وهناك من النواب الذين يأتون من مسافة تتجاوز 500 كلم، وبالتالي فمن حقه أن يتمتع بهذه المنحة وقد تمت المطالبة بمنحة نقل في حدود 600 دينار (415 دولار)، ولكن لم يتم إلى حد الآن اتخاذ القرار النهائي في هذه المقترحات".
دعوة إلى التقشف
سليم بوخذير، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الديمقراطي المستقل، يؤكد على أنه نواب حزبه لم يطالبوا بتاتا بالزيادة في أجور النواب، وقال في تصريح لـ"إيلاف": "حزبنا لم يطالب بالزيادة في أجور النواب، بل على العكس فنحن ندعو إلى اعتماد سياسة التقشف في مصاريف الدولة وسلطها الثلاث بدءا بالسلطة التشريعية مرورا بالسلطة التنفيذية وصولا إلى السلطة القضائية، وفي هذا الإطار نحن لا نطالب فقط بالتقشف في مصاريف الدولة، بل بالتخفيض في رواتب الوزراء بتخفيض ميزانية رئاسة الجمهورية ذلك أن ما بلغنا كحزب سياسي من أرقام مهولة تخص رئاسة الجمهورية هي أمور تبعث على العجب فميزانية الرئاسة ضخما وعدد الطواقم والإمكانات المادية والسيارات وغيرها من المصاريف المتوفرة لرئيس الدولة هي نصف ما كان معمول به عند رئاسة المخلوع ونحن الآن لسنا أمام رئاسة مطلقة بل تقريبا رئاسة بلا صلاحيات فلماذا كل هذه المصاريف؟".
واضاف بوخذير: "بالتالي أنا شخصيا أدعو الدكتور منصف المرزوقي الذي أعرفه متعسفا عن حب المال، أن يتصرف بقرار عاجل مثلما تصرف بقرار التفريط في القصور الرئاسية لفائدة الصالح العام، أن يصدر إذنا بتخفيض هذه المصاريف الكبيرة جدا والخاصة برئاسة الجمهورية حيث يعلم إن رئاسته مجردة تقريبا من الصلاحيات الحقيقية ما عدا بعض الصلاحيات الصغيرة".
ودعا الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الديمقراطي المستقل إلى التقشف، وقال:" ندعو الحكومة إلى اعتماد سياسة التقشف، لأن شعبنا يعاني الآن من أزمة مالية سببها الفساد المالي المتوحش الذي استمر لعشرات السنين، وهو محروم من حقوقه في العيش الكريم في عديد قرى البلاد ومختلف نواحيها، وسياسة التقشف التي ندعو لها لا يمكن أن تعيق السلطات الثلاث، وبالتالي لا بد من التفكير في سياسة تعتمد الشفافية مع الرأي العام في ما يتعلق بموضوع المصاريف، أي سياسة تسمح لهم بما يجب ولا تسمح لهم بأكثر مما يجب".
ومن جانبه، قال فاضل موسى، عضو حزب المسار الديمقراطي الانتقالي والمجلس الوطني التأسيسي في بيان له اطلعت عليه "إيلاف": "على إثر الإعلان عن قرار مكتب رئاسة المجلس الوطني التأسيسي بالترفيع في منح النواب فإن حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي يعبر عن رفضه لهذا القرار المتسرع الذي يتناقض مع ما تقتضيه أوضاع البلاد اليوم من تقشف ويطالب بإعادة النظر في مجمل الزيادات المقررة ومناقشة الموضوع بكل شفافية بتنزيله في إطار مسألة الجرايات والمنح بالنسبة لكل المسؤولين السامين في الدولة بما في ذلك في رئاسة الجمهورية وفي الحكومة".
نائبة تتبرّأ من طلب الزيادة
الأمينة العامة للحزب الجمهوري، مية الجريبي، وفي بيان لها إلى الرأي العام تبرأت من طلب هذه الزيادة، قائلة: "ما كان ينتظر من حكومة ثورة ومن طاقم مسؤولين في زمن الثورة هو أن يبادروا بإعلان الاكتفاء بالحد الأدنى الذي يضمن العمل في ظروف طيبة ويليق بالمكانة، ولكن ما صدمنا هو أن يقع الحديث عن زيادات (وكل إشارة بالتلميح أو التصريح إلى أن المعارضة هي التي طالبت بذلك يندرج في باب التشويه، على كل حال الكتلة الديمقراطية بعيدة كل البعد عن ذلك وأعضاؤها لا يطلبون إلا أن يؤدوا مهمتهم بما يرضي الله والضمير)، ولكن أكثر من الحديث عن الرواتب ما صدمني شخصيا هو الحديث عن زيادات (تحت أي عنوان راتبا كان أو منحا).....زيادات؟ في زمن تتحدث فيها الحكومة عن سنة بيضاء؟ زيادات في زمن يتساءل فيه العاطل هل سيتكرم "الوزير معطر" بإرجاع منحة أمل التي و للتذكير كانت سنت في حكومة الغنوشي، أم لا؟ زيادات؟ وعدد المعطلين قارب المليون؟ أن تراجع آلية تنظيم سكن النواب القادمين من خارج تونس فهذا مقبول جدا وطبيعي أن يؤمن للنائب ظروف سكن لائقة وأن يقع التخلي عن النزل باهظة الثمن مقابل منحة سكن فهذا مطلوب ولكن لماذا نتمتع نحن من يقطن بتونس الكبرى بهذه المنحة؟".
ثم تتساءل الجريبي: "قبل هذا وذاك لماذا الزيادة في المرتب؟، هل لأن الوضع صعب ولأن النائب يحتاج تأمينا لظروفه المادية ليعمل في أمان؟ جيد، ولكن ألا ينسحب هذا التفكير على كل فئات المجتمع؟ ألا يحتاج الممرض والسائق والأستاذ والمعلم ومنظف البلدية تأمينا لظروفه المادية حتى يعمل في أمان؟. الأكيد أنّ الوضع صعب ومسؤولي الدولة في العالم أجمع يتمتعون برواتب وامتيازات مرتبطة بموقعهم ولكن إذا تحدثنا عن ضرورة التضحية وإجراءات تقشفية فذاك ينسحب على الجميع".