أخبار

"تجار الأزمة" في سوريا يستغلون العقوبات لصالحهم

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قوارير الغاز فيمكن أن تكلف أكثر من سعرها بنحو 34 مرة منذ بدء الثورة

صممت عقوبات الإتحاد الأوروبي لتقويض سلطة رجال الأعمال الأثرياء الذين يدعمون نظام الأسد في سوريا. لكن الواقع يشير إلى أن هذه العقوبات وتداعياتها تساعد أصحاب المشاريع المرتبطين بعلاقات وثيقة مع الحكومة.

بيروت: عندما يبدأ يوسف كات (ليس اسمه الحقيقي) بالحديث عن الحرب في سوريا، يشير إلى الأحداث في بلادع على أنها "الوضع".وبالنسبة لرجال الأعمال والأغنياء في دمشق، فإن "الوضع" ليس بهذا السوء على الإطلاق وفقاً لما نشريته صحيفة "دير شبيغل" الألمانية. جدول أعمال يوسف مزدحم جداً في هذه الأيام، حتى في عطلة نهاية الأسبوع. إنه على استعداد دائم لتلبية دعوة أحد الأشخاص الذي يطلب منه المساعدة في بيع منزله.

ودفعت الأزمة السورية وأحداثها المميتة بالكثير من السكان لبيع منازلهم وأراضيهم، لكن لا يوجد كثر ممن يستطيعون شراءها. ويوسف واحد من هذه القلة، فيقول: "الموقع الجيد سيظل موقعاً جيداً".

وينظر يوسف مؤخراً في إمكانية شراء أحد المطاعم في مدينة دمشق القديمة بالقرب من المسجد الأموي الشهير. في عام 2010، حقق هذا المطعم رقماً قياسياً عندما استقبل نحو 8.8 مليون زائراً. وكان معظم هؤلاء السياح من المحبي السياحة الثقافية، أي الذين يملكون الكثير من المال، على عكس المصطافين على الشاطئ الين يسافرون في مجموعات في تونس ومصر.

وبطبيعة الحال، أدت المشاكل المستمرة في سوريا إلى إبعاد معظم السياح هذا العام. لكن يوسف يعتبر أن الأمور ستعود إلى نصابها في غضون بضع سنوات. وينتمي هذا الشاب إلى طبقة الأثرياء في سوريا، والتي تشكل 1 في المئة من السكان. ويرتبط اغنياء سوريا ورجال الأعمال بعلاقة تكافلية مع نظام الرئيس بشار الأسد، فبعد كل شيء، العلاقات الجيدة تعني تجارة جيدة.

يقول الناس في دمشق أنه من غير الممكن القيام بعملية تصدير كبيرة أو صفقات الاستيراد من دون موافقة النظام. وبسبب علاقاته الجيدة، حقق كات الملايين من خلال التجارة والفنادق والمطاعم. كما أن معظم ممتلكاته بالعملات الأجنبية التي يستثمرها في دبي، الأمر الي أفاده كثيراً في الآونة الأخيرة.

سلع ثمينة

"سوريا مكان جيد للتسوق في الوقت الراهن" يقول كات. قبل اندلاع الأزمة، كان اليورو الواحد يساوي 60 ليرة سورية، أما الآن فبات سعر صرف اليورو (1.25 دولار) 85 ليرة سورية في السوق السوداء. في آذار/مارس الماضي، وصلت قيمة العملة السورية إلى أدنى مستوى لها حتى الآن، بسعر تداول بلغ 125 ليرة مقابل اليورو.

وهناك مصطلح جديد في سوريا للرجال مثل كات، وهو "تجار الأزمة"، ويمارس هؤلاء أعمالهم التجارية في ثلاثة أمور: العقارات، غاز التدفئة ووقود الديزل. وتساعد عقوبات الاتحاد الأوروبي على دعم واقع أثرياء الحرب.

ومن أجل زيادة الضغط على نظام الأسد، فرضت بروكسل عقوبات على النفط ومنتجات الغاز السورية، الذي يعتبر واحداً من أهم القطاعات في اقتصاد البلاد. وفي أيار (مايو) الماضي، قال وزير النفط السوري سفيان العلاو إن العقوبات قد تكلف البلاد نحو 4 مليارات دولار.

لكن المدنيين من السوريين يدفعون ثمن هذه القيود، فمضخات الديزل في محطات الغاز أقفلت في وجه الناس لأن النظام يفضل أن يستخدم ما تبقى من الوقود لدباباته، عوضاً عن إعطائها للناس لاستخدامها للتدفئة وإعداد الطعام.

وعندما تصبح قوارير الغاز متاحة، فإنها يمكن أن تكلف أكثر من سعرها بنحو 34 مرة منذ بدء الثورة. ويعاني الفقراء في سوريا النتيجة المترتبة على الانهيار الاقتصادي وزيادة الأسعار، حتى أفراد الطبقة الوسطى اضطروا إلى استخدام مدخراتهم وبيع منازلهم إلى التجار والأثرياء الفاحشين.

السياسيون كذابون

ويتجول كات مساء في المدينة القديمة في دمشق حيث يلتقي صديق قديم من أيام مدرسته في أحد المطاعم، مثل كات، ينتمي الصديق إلى الطائفة المسيحية وهو متقاعد في الجيش. لكن بسبب موقعه السابق كجنرال في الجيش السوري، يقول الصديق أنه عاد ليعمل "شيئاً مع الأمن الداخلي" عندما اندلعت الثورة السورية، رافضاً الخوض في مزيد من التفاصيل.

الجنرال السابق يقول ان "الوضع" سيكون تحت السيطرة في أقل من شهر. لكن ما أن يرحل حتو يقول كات: "السياسيون كلهم كذابون". وعلى الرغم من أن يوسف لا يعتقد أن الأزمة ستنتهي خلال مهلة لا تتعدى الشهر، إلا أنه يقول: "بالتأكيد ستحل القضية في غضون سنة".

وعلى عكس العديد من رجال الأعمال السنة، لم يقطع يوسف علاقاته مع نظام الأسد. انه ينظر الى الثوار والمعارضين على أنهم "الطاعون في البلاد الذي نشرته عناصر أجنبية"، مشيراً إلى أن النظام "سيعرف كيف يعتني بهم" اي يتخلص منهم.

ونقلت "شبيغل" عن يوسف قوله: "على وجه الحصر تقريباً، سيتم تنظيف الاحياء السنية، مثل بابا عمرو معقل المتمردين في حمص، وستجري إعادة توطينهم بعد ذلك مع مجموعة من السكان المختلطين"، أي الناس الذين ينتمون إلى أقليات في سوريا. وأضاف: "لن يكون هناك أحياء مثل حمص"، مدعيًا أن ما يقوله قد وصل إليه من مصادر حكومية.

كان من المفترض أن عقوبات الاتحاد الأوروبي قد فرضت خصيصاً لاستهداف الناس مثل كات، وبعبارة أخرى، رجال الأعمال الذين يستخدمون أموالهم لدعم النظام. أثناء جلوسه في إحدى مقاهي العاصمة، انضم إلى يوسف صديق من أيام دراسته الجامعية. يقول الصديق أن الأزمة الاقتصادية كلفته وظيفته في أحد الفنادق. وعلى الرغم من أنه مسيحي مثل كات، إلا أنهما لا يتفقان في وجهات النظر السياسية.

يوسف يكيل الشتائم للمتمردين، في حين أن صديقه يدخن النرجيلة في صمت. وما أن ابتعد اللأول قليلاً، قال الصديق بحسرة وغضب: "هناك بعض الناس في سوريا الذين يملكون أموال فاحشة بشكل لا يحتمل".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العقوبات على الشعوب
لهيب الثورة -

أثبت الزمن أن العقوبات الاقتصادية على دولة معينة يعاني منها الشعب و خصوصاً الفقراء قبل المعنيين بالعقوبة و العراق و نظام صدام أقرب مثل ، حيث يحرم الفقراء أساسيات العيش بسبب الغلاء الناجم عن نقص المواد في السوق ، بينما قد يحرم الأغنياء و المرتبطون بالنظام إحدى السلع الكمالية ، و حتى المساعدات الخارجية التي ترسل للفقراء تصبح تجارة بين يدي المسؤولين في النظام و من يمثلهم من التجار .

العقوبات على الشعوب
لهيب الثورة -

أثبت الزمن أن العقوبات الاقتصادية على دولة معينة يعاني منها الشعب و خصوصاً الفقراء قبل المعنيين بالعقوبة و العراق و نظام صدام أقرب مثل ، حيث يحرم الفقراء أساسيات العيش بسبب الغلاء الناجم عن نقص المواد في السوق ، بينما قد يحرم الأغنياء و المرتبطون بالنظام إحدى السلع الكمالية ، و حتى المساعدات الخارجية التي ترسل للفقراء تصبح تجارة بين يدي المسؤولين في النظام و من يمثلهم من التجار .