فلسطينيون يعيدون احياء "السناسل" لحماية أرضهم من الاستيطان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يسعى فلسطينيون إلى تسوية أراضيهم بالحجارة في ما يعرف محليًا باسم بناء "السناسل" بهدف حماية أرضهم من المستوطنين ومحاولة تقليل الهجمات عليها، خاصة تلك الأراضي التي تقع في أماكن قريبة من المستوطنات.
عين يبرود: يؤكد الفلسطيني عامر دحابرة أن اهتمامه بأرضه في قرية عين يبرود في شمال رام الله في الضفة الغربية، وتسويرها بالحجارة على الطريقة التي عرفها اجداده منذ القدم، هي افضل طريقة لحمايتها من الاستيطان والالتفاف على القيود الاسرائيلية.
يعمل دحابرة البالغ من العمر ستين عامًا منذ اربع سنوات على احاطة أرضه بهذه الاسوار الحجرية التي تعرف باسم "السناسل"، والتي يرصها بعضها فوق بعض مستخدمًا حجارة قديمة جلبها من الجبال المحيطة.
ويقول لوكالة فرانس برس: "إن السناسل ارث عن اجدادنا، كانوا يبنونها لحماية الارض، واعتقد أنه آن الاوان لكل فلسطيني أن يهتم ببناء السناسل لحماية أرضه، لأنها الحل الامثل".
والارض التي يملكها دحابرة تناهز مساحتها ثمانية دونمات وتقع في عين يبرود شمال مدينة رام الله، وتحديدًا في المنطقة (ج) التي تعتبر وفق التقسيم السياسي خاضعة للسيطرة الاسرائيلية، ولا يسمح البناء فيها الا وفق القوانين والشروط الاسرائيلية الصارمة.
ويوضح مسؤول في وزارة شؤون الجدار والاستيطان الفلسطينية أن الادارة المدنية الاسرائيلية اصدرت اخيرًا "تعليمات وقيودًا جديدة لمنع الفلسطينيين من استصلاح اراضيهم الواقعة في المنطقة (ج) وتنميتها".
ويقول دحابرة: "اسرائيل تمنع البناء في هذه المنطقة، ولو سمح لي بذلك لقمت منذ اليوم ببناء بيت لي فيها".
ويضيف: "لأجل حمايتها من المصادرة والاستيطان، اقوم منذ اربع سنوات بالعناية بها بهذا الشكل. انظر اليها، الا تعتقد أنها جميلة؟"
وزرع دحابرة داخل ارضه المسورة "بالسناسل" المشمش، والعنب، والخوخ، والكوسا، وقام بترميم قنطرة قديمة فيها كانت تستخدم لايواء حارس الارض.
ويتابع دحابرة: "اسرائيل تمنعنا حتى من استخدام الاسمنت، ولذلك استخدمت الحجارة القديمة".
ويؤمن دحابرة الذي امضى عشر سنوات في الولايات المتحدة بأن العناية بالارض بهذه الطريقة تحميها من المصادرة، ويقول: "لو قام كل فلسطيني بتسوير ارضه بهذا الشكل لربما حمينا ارضنا من الاستيطان".
ولا يمر عمل دحابرة من دون مضايقات أو منغصات من قبل سكان مستوطنة عوفرا القريبة، الذين يعملون على تخويفه باطلاق النار في الهواء بالقرب منه.
وعن ذلك يقول: "لم ارتعب ولم أخف بل واصلت العمل في ارضي، لأنني اشعر أن وجودي فيها والعمل على اصلاحها هو الطريقة الوحيدة لحمايتها".
وعلى الجهة المقابلة من ارض دحابره، يعمل نادر الطاهر بالمثل على تسوير حوالي تسعة دونمات بالسناسل. وهو يأتيها يوميًا لري المزروعات من بئرمحفور فيها.
ويعمل نادر وكيلاً لصاحب تلك الارض الذي يعيش في الولايات المتحدة الاميركية.
ويشرح نادر أنه لا يمكن المغامرة ببناء بيت في المنطقة (ج) "هناك صديق لصاحب الارض بنى بيتًا في المنطقة وقامت اسرائيل بهدمه".
ويضيف: "لا يريد اصحاب الارض الدخول في اشكاليات قانونية، لقد صرفوا مبالغ طائلة للعناية بها".
واستغرق العمال حوالي سبعين يومًا من العمل الشاق، بمساعدة جرافة، لرص حجارة عملاقة على السنسلة، لكن نتيجة عملهم كانت رائعة.
وعلى تلة مرتفعة، بنى العاملون مظلة من القرميد، وضعت تحتها طاولة كبيرة من الرخام.
وبالقرب من المكان، يعمل فلسطيني آخر على تسوير ارضه، لكن بدا أنه يعمل بشكل بطيء.
ويشرح نادر أن صاحب الارض "عمر ابو زهرة عمل مثلنا خوفًا من الهدم".
ويقول عبد الله عبد الله، الذي يعمل مستشارًا لوزارة شؤون الجدار ومواجهة الاستيطان الفلسطينية "إن الادارة المدنية الاسرائيلية اصدرت مؤخرًا قوانين وتعليمات لتقييد استصلاح الاراضي".
ويضيف: "بعد التوجه الاوروبي الاخير لدعم عمليات التنمية الفلسطينية في المناطق (ج) حاولت اسرائيل من خلال الادارة المدنية الاسرائيلية وضع قيود لاعاقة أي عمل تنموي لاستصلاح الاراضي، من ضمنها منع استخدام الاسمنت الا بتراخيص، وفرض رسوم لم تكن لا في عهد الانتداب البريطاني ولا تحت الوصاية الاردنية".
ويتابع أن "اصحاب الاراضي يستخدمون السناسل للالتفاف على القيود الاسرائيلية كما أن تكلفة الحجارة في عملية التسوير والجدران قد تكون اقل، مما يساعدهم على استصلاح ارضهم".
ويشير عبد الله، الذي يحمل شهادة عليا في نظم المعلومات الجغرافية وشهادة في الهندسة المدنية، الى أن السناسل "ارتبطت بحماية الارض منذ قدم الانسانية، وهي الطريقة المثلى للحفاظ على البيئة واحياء التراث".