تسليم المحمودي يولّد أزمة بين رئاستي الحكومة والجمهورية في تونس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أثار تسليم الحكومة التونسية البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في عهد معمر القذافي، الأحد إلى ليبيا، ردود فعل غاضبة من رئاسة الجمهورية التي عبرت عن رفضها لقرار رئيس الحكومة وادانته واعتبرته قرارًا غير شرعي ينطوي على تجاوز للصلاحيات، الأمر الذي خلّف أزمة سياسية حادة وغير مسبوقة بين الحكومة والرئاسة.
تونس: أوضحت الحكومة التونسية برئاسة حمادي الجبالي، امين عام "حركة النهضة" الاسلامية، أنه تم الأحد 24 حزيران/يونيو 2012 تسليم المواطن الليبي البغدادي علي أحمد المحمودي إلى الحكومة الليبية".
وقالت إن التسليم جاء بعد "الاطلاع على تقرير اللجنة التونسية الموفدة الى طرابلس لمعاينة شروط توفر المحاكمة العادلة للمواطن البغدادي المحمودي، وبناء على تعهدات الحكومة الليبية بضمان حماية البغدادي المحمودي من كل تعدٍ مادي أو معنوي وتجاوز مخالف لحقوق الانسان".
وأضافت أن التسليم يستند الى حكمين قضائيين صادرين في 8 و25 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 عن محكمة الاستئناف في تونس.
وذكرت بأن مجلس الوزراء التونسي وافق خلال جلستي عمل في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 باشراف رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي، والثانية في 15 ايار/مايو 2012 باشراف حمادي الجبالي "على تسليم المواطن البغدادي المحمودي".
وسرعان ما نددت الرئاسة التونسية بالقرار الحكومي، متهمة رئيس الوزراء حمادي الجبالي بـ"تجاوز صلاحياته".
وأعربت الرئاسة في بيان عن "رفضها" و"ادانتها" لقرار تسليم المحمودي إلى "الحكومة الليبية الموقتة"، معتبرة أن التسليم "قرار غير شرعي ينطوي على تجاوز للصلاحيات، خاصة وأنه تم بشكل أحادي ودون استشارة وموافقة" الرئيس المنصف المرزوقي.
وأضافت الرئاسة أن الجبالي سلم المحمودي الى ليبيا "دون تشاور لا بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي) ولا في اجتماعات (أحزاب) الترويكا (التي تشكل الائتلاف الحاكم في تونس) وآخرها ذلك الذي انعقد يوم الجمعة 22 حزيران/يونيو 2012".
وحملت الرئاسة الجبالي مسؤولية "ما قد يكون لهذه الخطوة من انعكاسات على الائتلاف" الثلاثي الحاكم، مؤكدة أن "أمر التسليم الذي وقعه رئيس الحكومة فيه خرق واضح لالتزامات بلادنا الدولية وتجاه الأمم المتحدة خاصة وأن المنظمة الدولية للاجئين طالبت السلطات التونسية بعدم تسليم السيد المحمودي قبل البت في مطلب اللجوء المقدم من طرفه بحسب ما يجري به التعامل وفق اتفاقية جنيف لسنة 1951".
وبحسب القانون التونسي، فإن تسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة خارج تونس لا يتم إلا بعد توقيع رئيس البلاد على مراسيم (قوانين) تسليم.
رئاسة الجمهورية لم تكتفِ بإدانة عملية التسليم بشكل أحادي ودون استشارة وموافقة وإمضاء رئيس الجمهورية، إنما قررت كذلك "عرض هذا التجاوز للصلاحيات على نواب الشعب في المجلس الوطني التأسيسي لأخذ ما يتوجب من مواقف بمقتضى الفصل 20 من التنظيم الموقت للسلطات العمومية".
تونس تحترم تعهداتها
مصطفى اليحياوي، المكلف بمهمة لدى وزير العدل أكد في تصريح لـ"إيلاف" أنّ قرار تسليم الرئيس البغدادي المحمودي إلى السلطات الليبية وقّعه رئيس الحكومة الجبالي، وذلك في خطوة لتنفيذ قرار دائرة الإتهام في محكمة الاستئناف، وبعد الإطلاع على تقرير اللجنة التيانتقلت إلى ليبيا للتأكد من شروط المحاكمة العادلة،وأنّ الحكومة الليبية تعهدت بضمان حماية المحمودي من أي نوع من التجاوزات، وبالتالي فإنّ قرار التسليم كان مستوفيًا كل الشروط القانونية والسياسية والأخلاقية، على حدّ تعبيره.
وأضاف اليحياوي:" تونس وليبيا تربطهما اتفاقيات ثنائية تتعلق بتسليم المجرمين، كما أنّ البلدين أمضيا على اتفاقية المغرب العربي الخاصة كذلك بتسليم المجرمين وهذا تأكيد جديد على سلامة قرار التسليم".
اليحياوي أشار كذلك إلى أنّ عملية التسليم جاءت في إطار احترام تونس لتعهداتها واحترامًا للشعب الليبي الذي يرغب في محاكمة من أجرم واستبدّ طوال فترة القذافي.
مخالفة لمبادئ حقوق الانسان
عبد الستار بن موسى، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، يقول في تصريح لـ"إيلاف" إنّ قرار التسليم مخالف لأبسط مبادئ حقوق الإنسان وفيه خرق للمعاهدات الدولية وخاصة الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وكذلك لصلاحيات رئيس الجمهورية على اعتبار أن مجلة الإجراءات الجزائية في الفصل 324 تخول للرئيس فقط الإمضاء على قرار التسليم.
وأضاف بن موسى أنّ هذا القرار ضرب بعرض الحائط تقارير المنظمات الدولية التي تؤكد أنّ ظروف المحاكمة العادلة غير متوفرة في ليبيا وليست هناك سلطة شرعية، فلماذا هذا الاستعجال خاصة وأنه بعد بضعة أيام ستجرى الانتخابات، ويضيف: "أعتبر أنّ تقرير اللجنة التي تحولت إلى ليبيا لا يمكن أن يأتي بالجديد بعد تقارير المنظمات الحقوقية العالمية".
وقال بن موسى:" نحن نعرف جميعًا أن الوضع في ليبيا غير آمن وسيف الإسلام القذافي محجوز لدى إحدى القبائل إلى حدّ الآن وتم أخيرًا اختطاف مجموعة من القضاة من المحكمة الدولية في لاهاي، وفي اعتقادي أن هذا القرار ستكون له تداعيات خطرة وأحمّل المسؤولية للحكومة بخصوص التداعيات الخطيرة على أمن التونسيين المقيمين في ليبيا وعلى أمن التراب التونسي، وكذلك على سلامة البغدادي المحمودي نفسه الذي قد يتعرض إلى التعذيب أو التنكيل أو حتى التشفي من طرف من يتهمونه بالتحريض على الاغتصاب والقتل".
"جريمة دولة"
مبروك كورشيد، رئيس لجنة الدفاع عن البغدادي المحمودي، وفي تصريح لـ"إيلاف"، اعتبر عملية التسليم "جريمة دولة" بإعتبار أن رئيس الدولة الذي يخوّل له القانون حق الإمضاء على التسليم لم يمضه، وبالتالي فإن التسليم تمّ خارج دائرة القانون وعندما تخالف الدولة القانون نعتبر أنها ارتكبت جريمة دولة"، على حدّ تعبيره.
ويكشف كورشيد أنّ البغدادي المحمودي سلّم ولديه مطلبًا في اللجوء السياسي والقانون التونسي يمنع التسليم في ظل وجود طلب للجوء السياسي لم يتمّ البتّ فيه، وهو ما يؤكد أن الدولة التونسية خرقت القانون وارتكبت مؤامرة على شخص هو في الأصل تحت حمايتها".
تلويث صورة المرزوقي
سياسيًا، يقول المحامي مبروك كورشيد: "أعتقد أن الموضوع ليس موجّهًا لشخص البغدادي المحمودي وهو في الأصل موجّه للرئيس المرزوقي حيث أرادوا أن يلوّثوا صورته ويوجهوا له طعنة وهو ما حدث، فأنا علمت بأمر التسليم في تمام الساعة الواحدة بعد الظهر من يوم الأحد أي قبل أن يعلم المرزوقي، وهو شريك في الحكم بينما أنا مواطن وهذا مؤسف جدًا، فمن سيصدقه بعد اليوم، لقد لوثوا صورة الرجل الذي كان يؤكد لي قبل ثلاثة أيام أنه لن يسلّمه، ويقول لي "كن مطمئنًا".
ويرى كورشيد أنّ خلافًا حادّاً يهدد الائتلاف الحكومي وسيتولّى نواب الشعب في المجلس الوطني التأسيسي البت فيه، ويضيف: "إما أن تكون أزمة حقيقية بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية أو أنه على المرزوقي أن يعدّ الأيام المتبقية له في قصر قرطاج ويقوم بشيء آخر غير السياسة فعندما يعطينا صورة مغلوطة ويتآمر "تحت الطاولة" وقتها ماذا سيبقى له في السياسة؟"
لا أزمة بين الرئاستين
وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو أكد الاثنين أنّ "لا وجود لبوادر أزمة بين الرئاستين"، وأضاف أنّ قرار التسليم استند إلى الشرعية الدستورية وفق القانون الموقت للسلطات العمومية، والذي حدّد صلاحيات كل طرف".
ويؤكد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى وجود أزمة بين الرئاستين "لأن الشرعية التوافقية تعني التوافق بين الرئاسات الثلاث"، على حدّ تعبيره.
ويتساءل بن موسى: بماذا نفسر قول رئيس الجمهورية بأنه لن يمضي على قرار التسليم بينما رئيس الحكومة يقول بأن قرار تسليم البغدادي إلى ليبيا ليس في حاجة إلى إمضاء المرزوقي. لقد كان من المستحسن اللجوء إلى المجلس الوطني التأسيسي لأن له رقابة على أعمال الحكومة والآن سبق السيف العذل فرئيس الدولة جردوه من صلاحياته وكأنهم أقالوه ولو كنت في مكانه لاستقلت أو على الأقل أهدّد بالاستقالة".
التعليقات
لا أزمة بين الرئيسين
تونسي تونسي -في البداية شكرا على هذا التقرير حيث تتحفنا إيلاف دائما بالتقارير المتميزة في الوقت المناسب ، ثانيا لا أزمة في تونس بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حسب خبير دولي في القانون رئيس الحكومة له الحق في التسليم ، ثالثا البغدادي عذب شعبه و أهانه ومن حق الشعب الليبي أن يحاكمه . أليس كذلك .. وفي الختام لا تجعلوا من الحبة قبة وستقوم المعارضة في تونس بآستغلال هذه المسألة حتى تصل إلى أن الحكومة فاشلة .. والواقع أن كل الأمور بدأت تتحسن في تونس ..
ماوراء الحدث
زائر -الحقيقة أن تسليم البغدادي هو صفقة بين الحكومة الإسلاموية في تونس وشقيقتها في ليبيا، ومن وراءها إمتيازات مالية وإقتصادية لتونس مقابل تسليم البغدادي هذا فقط، أما الصراع بين الحكومة والرئيس ماهو إلا تمثيلية لتبرئة المرزوقي من دم البغدادي إن غدر به أو قتل كغيره من المساجين. المحير أن الميليشيات تقتل المحامين والقضاة والسياسيين والمعقتلين والمدنيين في كفرة والشقيقة والسرت وسبها وغيرها من المدن بالآلاف وما يهم الإنتقالي الليبي هو محاكمة البغدادي كنوع من توجيه الأنظار نحوه شخص بدل الإهتمام بماهو أهم وهو جمع السلاح، توقيف المليشيات الإرهابية والقاعدة، تشجيع المصالحة ومحاربة التقسيم، مساعدة المدن المتضررة من الحرب والميليشيات وعودة النازحين والمهجرين من الشعب الليبي، لكن لا حياة لمن تنادي.
جيد جدا
زائر -موضوع طيب جدا والأزمة لا مكان لها بين رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة في تونس إنما هو تبادل أدوار ولك يقوم بمهمته على أحسن وجه ولا وجود لمشاكل فعلية .
ماوراء الحدث
زائر -الحقيقة أن تسليم البغدادي هو صفقة بين الحكومة الإسلاموية في تونس وشقيقتها في ليبيا، ومن وراءها إمتيازات مالية وإقتصادية لتونس مقابل تسليم البغدادي هذا فقط، أما الصراع بين الحكومة والرئيس ماهو إلا تمثيلية لتبرئة المرزوقي من دم البغدادي إن غدر به أو قتل كغيره من المساجين. المحير أن الميليشيات تقتل المحامين والقضاة والسياسيين والمعقتلين والمدنيين في كفرة والشقيقة والسرت وسبها وغيرها من المدن بالآلاف وما يهم الإنتقالي الليبي هو محاكمة البغدادي كنوع من توجيه الأنظار نحوه شخص بدل الإهتمام بماهو أهم وهو جمع السلاح، توقيف المليشيات الإرهابية والقاعدة، تشجيع المصالحة ومحاربة التقسيم، مساعدة المدن المتضررة من الحرب والميليشيات وعودة النازحين والمهجرين من الشعب الليبي، لكن لا حياة لمن تنادي.