هل سيكون السودان بلد الربيع العربي المقبل؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تمددت الاحتجاجات الطلابية في مختلف مدن السودان استنكاراً لارتفاع أسعار الغذاء والسكن، والوقود. لكن الحكومة تعتمد نهجاً قاسياً في الرد على هذه التحركات، فهل ستكون النتائج عكسية وتغذي المعارضة؟
الخرطوم: الاحتجاجات الطلابية في جميع أنحاء السودان جعلت العديد من المواطنين السودانيين يسألون أنفسهم: هل سيكون السودان بلد الربيع العربي المقبل؟
اندلعت شرارة الاحتجاج بعد سلسلة من تدابير التقشف التي أقرتها الحكومة بعد فقدانها 75 في المئة من عائدات النفط لصالح الجزء الجنوبي من البلاد والذي نال استقلاله في تموز/ يوليو الماضي.
ومنذ ذلك الوقت، اتسع نطاق الاحتجاجات في السودان من مدينة بور سودان على البحر الاحمر إلى العاصمة الخرطوم وغيرها من البلدات النائية مثل العبيد.
في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ "كريستيان ساينس مونيتور" أن عدد المتظاهرين قليل نسبياً ولا يمكن مقارنته بحجم الحشود التي أسقطت أنظمة الحكام المستبدين مثل زين العابدين بن علي في تونس أو حسني مبارك في مصر.
لكن استمرار الاحتجاجات في مواجهة حملات الشرطة القاسية، والغضب العارم على خلفية الوضع الاقتصادي المتدهور، وحقيقة أن رئيس السودان الحالي عمر البشير صعد إلى السلطة من خلال احتجاجات في الشوارع وانقلاب عسكري، جعل من الصعب تجاهل هذه الجولة الجديدة من الاحتجاجات.
ظهر البشير في خطاب يوم الاحد وكأنه لا يعير أهمية للمتظاهرين، عندما قال: "يقولون إن التدابير الاقتصادية كانت فرصة للربيع العربي، لكن كان لدينا ربيع عربي في كثير من الأحيان. عندما يتمرد الشعب السوداني، يتمرد ككل، لكن الناس الذين يحرقون اطارات السيارات هم قلة من المحرضين".
مثل العديد من الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم العربي وجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، شاهد السودان الانتفاضات العربية من شهري كانون الثاني وشباط عام 2011 بخوف متزايد.
وفي محاولة لوأد أي حركة احتجاج وليدة في مهدها، فرض السودان سياسة صارمة على شخصيات المعارضة والصحافيين المستقلين والمدونين. لكن مع ازدياد منسوب الاستياء على خلفية الوضع الاقتصادي، وارتفاع أسعار الغذاء والوقود، وخفض عدد وظائف الخدمة المدنية، وعدم وجود نمو كاف لاستيعاب أعداد كبيرة من الشباب المتعلمين العاطلين عن العمل، يبدو أن حكومة السودان تكافح للحفاظ على سيطرتها.
على الرغم من أن المتظاهرين لم يكونوا مسلحين، أو على الأقل ليس تسليحاً خطيراً، إلا أن الشرطة السودانية ردت بقوة شديدة. ونقلت "هيومن رايتس ووتش" عن شهود العيان والمشاركين انهم تعرضوا للضرب والاعتقال، وهجمات بالغاز المسيل للدموع والهراوات، والرصاص المطاطي.
"السودان يستخدم هذه الاحتجاجات كذريعة لاستخدام العنف والترهيب لإسكات المعارضين"، يقول دانييل بيكيلي، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، مضيفاً أنه على "السلطات إلغاء الحملة التي تنفذها قوات الأمن وإنهاء العنف فوراً، واحترام حق الشعب في الاحتجاج سلمياً".
من جهتها، أدانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، حملة القمع التي شنتها الحكومة السودانية، مشيرة إلى أن "النهج الأخرق الذي اعتمدته قوات الأمن السودانية غير مناسب ومقلق للغاية".
واعتبرت الـ "ساينس مونيتور" أن تكتيكات حكومة البشير قد تبدو قاسية، لكنها ليست مستندة إلى جنون العظمة. ويقول أنصار حركة احتجاج ان هدفهم شبيه بأهداف المحتجين في تونس ومصر وليبيا: إسقاط النظام.
"الناس يصرون على إسقاط هذا النظام تماماً، وهذه المرة الأولى التي يتوحد فيها الشعب على أمر ما، ومن ضمنهم شعب جنوب السودان"، يقول عمر يحيى، وهو ناشط معارض يؤيد حركة الاحتجاج السودانية من منفاه في باريس.
واضاف "اننا نحث المجتمع الدولي أيضا على الوقوف معنا ودعمنا لإحداث تغيير سلمي. فحكم البشير للسودان أدى إلى الكثير من الضرر. عدنا الآن إلى نقطة الصفر، بل وأسوأ من ذلك".
وائل ناشط معارض في الخرطوم، رفض الإفصاح عن اسمه الكامل لحماية عائلته، ويقول إن الطلاب بدأوا بالإحتجاج منذ أكثر من أسبوع بسبب ارتفاع الأسعار وما يسميه "الظروف الاقتصادية المتردية". انضم نشطاء المعارضة للطلاب في وقت لاحق، وذلك باستخدام حرم جامعة الخرطوم كقاعدة، لكن الأجهزة الأمنية ردت بقوة شديدة.
"استخدمت الشرطة العنف المفرط"، يقول وائل، في اشارة الى الاحتجاجات التي حدثت خلال عطلة نهاية الأسبوع، مضيفاً أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع والعصي، وكلفت عصابات من أشخاص مقربين من النظام لضرب الطلاب.
ويعتقد وائل أن الطلاب أصبحوا أكثر غضباً بسبب تكتيكات الشرطة، مشيراً إلى أن الاحتجاجات ستستمر وتنتقل إلى ما وراء الخرطوم "إلى كوستي والقضارف وكسلا وواد مدني، فضلاً عن الاحتجاجات المستمرة في العبيد وبور سودان".
وقال "هناك احتجاجات تحدث الآن، لكننا نخرج ليلاً خوفاً من الشرطة وعصابات الحكومة. هدف الحزب الحاكم هو تخريب عمل موظفي الخدمة المدنية والبقاء في السلطة"، لكن وائل يؤكد أن فكرة النضال والعصيان المدني على المدى الطويل تعني أن "علينا التظاهر والاحتجاج حتى سقوط النظام".