الصين تلبس لباس الشرير مجددًا في الحملة الرئاسية الاميركية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
اكرون: لعب الرئيس الاميركي باراك اوباما مجددا ورقة توجيه الانتقادات الى الصين، المفضلة لدى المرشحين الرئاسيين الاميركيين وذلك ليحمي نفسه من الهجمات التي ستكون اكثر مباشرة من قبل منافسه الجمهوري ميت رومني.
واعلن اوباما في اوهايو، الولاية التي لم تحسم اصواتها والتي تعتبر من مراكز صناعة السيارات في الولايات المتحدة، ان حكومته تقدمت بشكوى لدى منظمة التجارة العالمية ضد فرض رسوم على دخول سيارات اميركية الى الصين بقيمة اجمالية قدرها 4 مليارات دولار.
وصرح اوباما بالقرب من توليدو مقر مصانع "جنرال موتورز" و"ديملر كرايسلر" انه "هذا الصباح اتخذت ادارتي اجراء يحمل الصين مسؤولية ممارسة تجارية غير منصفة تضر بمصنعي السيارات الاميركيين".
ونفى المسؤولون انه يلعب ورقة السياسة، لكن توجيه انتقادات الى العملاق الاسيوي يعتبر طريقة سهلة لكسب الاصوات في الوقت الذي يعترض فيه الناخبون على خسارة وظائف اميركية في الخارج. الا ان تحرك اوباما يعتبر محدودا خصوصا اذا تمت مقارنته مع خطاب رومني الذي اتهم اوباما ب"التذلل" امام العملاق الشيوعي.
وفي الواقع، اعرب اوباما عن استنكار ادارته للخطابات النارية ضد بكين، وفضل اتباع الممارسات المعتمدة من خلال اللجوء الى منظمة التجارة العالمية لاعادة الصين الى نظام دولي تحكمه القواعد. وكان اوباما اشتكى في السابق من ان الصين تدعم قطاع قطع غيار السيارات وتفرض رسوما على وارداتها من الاطارات وتقدم بشكوى ضد القيود التي تفرضها الصين على صادراتها من المعادن النادرة المستخدمة لانتاج مواد ذات تقنية عالية.
الا ان انتقاد اوباما بشأن ادراته للعلاقات مع الصين له مبرر بالنسبة الى رومني فهو يندرج ضمن استنكاره لطريقة ادارة الرئيس للاقتصاد الاميركي والتي تعتبر الصين مرتبطة به بشكل وثيق. كما ان رومني يسعى من خلال هجومه الى ايجاد نافذة لاستهداف اوباما حول ما يعتبر انه نقطة ضعف: السياسة الخارجية.
وبينما بوسع رومني توجيه الانتقادات قدر ما يشاء الى الصين، فان اوباما ملزم بحكم مسؤولياته بالحفاظ على العلاقة الدبلوماسية الاكثر اهمية وتعقيدا ربما في العالم. الا ان الضجة حول الشكوى لدى منظمة التجارة ومن بينها تسريبات في الصفحة الاولى لاحدى الصحف في اوهايو، تظهر مدى القلق الذي يمكن ان تثيره الصين على صعيد قضايا سياسية داخلية.
فالصين اداة انتخابية لاوباما يركز من خلالها على دور رومني عندما كان رجل اعمال وساعد على ما يبدو شركات على "ان تكون في مقدمة" انتقال الوظائف الاميركية الى الخارج. وكان نائب الرئيس الاميركي جو بادين قال مؤخرا في آيوا "لا بد من التوجه الى رومني بالشكر فهو اوجد وظائف في سنغافورة والصين والهند".
وانضم رومني الى تقليد اتبعه عدد من المرشحين الرئاسيين من بينهم بيل كلينتون الذي انتقد "الجزارين في بكين" والذين يسعون الى استغلال الرئيس الحالي حول الصين. كما تعهد رومني بالحؤول دون الدخول في "قرن الصين" وان يسعى الى تصنيف الصين كدولة تتلاعب بسعر عملتها منذ اليوم الاول لتوليه مهامه الرئاسية وان يضع عراقيل امام صعود الصين لتصبح "قوة اقليمية".
وقالت المتحدثة باسم الحملة الانتخابية لرومني اندريا سول الخميس ان "المرشح اوباما يمكن ان يتحدث عن موقف قوي من خلال تصديه للصين ونضاله من اجل الصناعة الاميركية الا انه لم يحقق وعوده".
لكن وكما التقليد يقوم على انتقاد الصين بشدة خلال الحملة الانتخابية، فهناك سوابق لرؤساء خففوا من حدة لهجتهم بمجرد توليهم مقاليد السلطة. ويبدو ان القادة الصينيين الكبار الذين باتوا على اطلاع على مجرى السياسة الاميركية، قالوا لاوباما انهم يتوقعون بعض الانتقادات بحقهم خلال الحملة الانتخابية.
لكن الصين تبدو مهتمة اكثر بعودة الاستقرار بعد تشرين الثاني/نوفمبر وهو ما بدا واضحا في الحل الذي تم التوصل اليه بالتفاوض في قضية المنشق الصيني شي غوانغشينغ الذي لجأ الى السفارة الاميركية في بكين.
لكن التاريخ يتوقع ان تجري الامور بسهولة اكبر في العالم المقبل. فبعد كل الحملة الغاضبة التي شنها كلينتون ضد بكين، كان هو الرئيس الذي اشرف على انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية وبذل جهودا اكثر من اي رئيس اخر لضمان صعودها كقوة اقتصادية عظمى.
وفي العام 2008، قال اوباما خلال حملته الرئاسية ان على الرئيس انذاك جورج بوش ان يقاطع الالعاب الاولمبية في بكين. لكنه وفي العام التالي جلس هو نفسه الى مادبة عشاء في قصر الشعب في بكين. الا ان خطاب رومني جعل التراجع اكثر صعوبة على ما يبدو.
وقال جوليان زيليزر استاذ التاريخ في جامعة برينستون "انه يضيق على نفسه"، ملمحا الى ان رومني يلعب "لعبة خطرة". واضاف زيليزر ان رومني سيتعرض للانتقادات بانه يغير ميوله بسرعة منذ بداية ولايته الرئاسية في حال تراجع سريعا عن مواقفه.
كما ان انتقاد الصين يمكن ان ينطوي على عواقب اكبر من الماضي عندما كانت الصين مجرد قوة محتملة الصعود. فبكين لديها القدرة اليوم، وغالبا ما لديها الميول، لاحباط السياسة الخارجية الاميركية وهي قدرة تتجلى في المساعي الدبلوماسية الحالية لتنحية الرئيس السوري بشار الاسد من الحكم.
وعليه فان رومني الذي يمكن ان يتولى الحكم في كانون الثاني/يناير وسيكون بحاجة لدعم الصين حول قضايا مثل كوريا الشمالية وايران، وبالتالي سيتعين عليه دفع ثمن في مرحلة ما. اما في حال فوز اوباما في تشرين الثاني/نوفمبر فان استمرار العلاقات الاميركية الصينية دون مشاكل ليس امرا مضمونا.
فخلال قمة ابيك في هاواي في تشرين الثاني/نوفمبر، عبر اوباما عن خيبة امله ازاء السياسة التي تعتمدها الصين حول عملتها اليوان وقال لنظيره الصيني هو جينتاو ان الولايات المتحدة "بدأ صبرها ينفد". وعلى الرغم من تاكيد اوباما بانه لا يريد "احتواء" الصين، فان قراره العام الماضي نشر قوات من مشاة البحرية الاميركية في استراليا اثار استنكار بكين.