أخبار

القوماني: على الحكومة التونسية خفض التشنج السياسي القائم

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تونس: أكد الأمين العام لحزب الإصلاح والتنمية التونسي، محمد القوماني أنّ الخلاف بين رئاستي الجمهورية والحكومة في قضية البغدادي المحمودي، ليس حول التسليم بل من حيث التراتيب.

وأشار القوماني في حديثه لـ"إيلاف" إلى أنّ الحكومة برئاسة الجبالي مطالبة بـ"فتح أبواب الحوار ومحاولة خفض التشنج السياسي الموجود" وأنّ " على الحكم أن يوسع أكثر ما يمكن قاعدته السياسية حتى يكون السلطة التي تدعم قوة الدولة في محاربة الجريمة والهشاشة الأمنية و السياسية".

القوماني وهو حقوقي سابق وكان أحد أعضاء الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان دعم المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام ، مؤكدا أنّ حزبه ليس قريبا من "حركة نداء تونس" التي "تعتمد الميراث البورقيبي ولا تتبنى اهتمامات الثورة ولا تنخرط في مسارها وهي عبارة عن استمرار للمنظومة القديمة".

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملا:

مازال الجدل محتدما في قضية تسليم البغدادي المحمودي إلى ليبيا . فكيف ينظر حزب الإصلاح والتنمية الى الموضوع؟

مسألة تسليم البغدادي المحمودي رئيس الوزراء الليبي السابق ما كان لها أن تأخذ مثل هذا الاهتمام وتثير حولها الجدل إلى حدّ تقديم لائحة لوم في المجلس الوطني التأسيسي، لولا الجوّ المتوتر بطبعه بين الائتلاف الحاكم والمعارضة. وكذلك الجو المتوتر داخل الترويكا الحاكمة نفسها بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.

الأمين العام لحزب الإصلاح والتنمية التونسي محمد القوماني

أعتقد ربما أن الحكومة لم تقدر حسن التقدير تداعيات مثل هذا القرار.

وأرى كذلك أن هذا الخلاف ليس حول قرار التسليم في حد ذاته لأن كل التونسيين موافقون على تسليم مجرم بل إن الخلاف هو في سياق هذا التسليم سواء من حيث التراتيب بين الرئاستين، وكذلك من حيث ظروف التسليم وشروطه.

كيف تقيم أداء الحكومة بعد نحو ستة أشهر من العمل ؟

السيد رئيس الحكومة ما زال يقول إنهم في سنة أولى حكم وتدرب على السلطة، لكن هذا لم يعد مقنعا بعد ستة أشهر من العمل الفعلي.

إذ آن الأوان لأخذ الأمور بجدية أكبر وخاصة أني أعتبر أن الحكومة تبذل جهودا مهمة من أجل التصدي للقضايا الرئيسة التي هي من أولويات أهداف الثورة التونسية من أمن وتشغيل وتنمية جهوية وغيرها، لكن الجهود غير موفقة على الوجه الأمثل بسبب مشاكل في الأداء السياسي وخاصة في العلاقة ببقية الأطراف خارج الترويكا الحاكمة فالحكومة تأخرت كثيرا في فتح أبواب الحوار ومحاولة خفض التشنج السياسي الموجود.

في أي إطار تضع استقالة الوزير محمد عبو ؟

أعتقد أن استقالة السيد محمد عبو تدخل في استراتيجيته الشخصية في مستقبله السياسي من خلال موقعه في حزب المؤتمر وفي الرهانات السياسية القادمة أكثر من أنها تدخل في الصلاحيات التي لا تمثل مبررا مقنعا للخروج من الحكومة.

في أحد حواراتك قلت "إن تونس تعاني شرعية ضعيفة". فهل من توضيح ؟

أنا أقصد أن الشرعية التي قامت عليها الترويكا هي شرعية الانتخابات وهي شرعية حقيقية ولا جدال حولها، ولكنه تبدو غير كافية لأننا نحن في مرحلة تأسيسية ليس لدينا مؤسسات دستورية ودستور وعقد اجتماعي.

ولم نتعود بعد على تقاليد الديمقراطية وخرجنا من أزمة ثقة كبيرة بين الأطراف السياسية قبل الثورة وفي مثل هذه الأجواء الانتخابات وحدها لا تكسب الشرعية الكافية لممارسة السلطة.

أقول إن الشرعية السياسية التي تحتاجها تونس تبنى بالشرعية الانتخابية وبالبحث عن توافق واسع وبتوسيع مجال المشاركة السياسي لأن المرحلة السياسية في تقديرنا لا تقوم على ثنائية سلطة/ معارضة، بل على مبدأ الشراكة، فعلى الحكم أن يوسع أكثر ما يمكن قاعدته السياسية حتى يكوّن السلطة السياسية التي تدعم قوة الدولة في محاربة الجريمة والهشاشة الأمنية والسياسية.

هل هناك تحالف في الأفق مع حركة النهضة؟

لقد بدأنا حوارا سياسيا مع حركة النهضة ومع مجموعة من الأحزاب الأخرى، وغاية هذا الحوار هو التقارب لمعالجة القضايا الحادة التي تعيشها تونس الآن وقد يكون هذا الحوار جاء ليعوض الحوار الوطني الواسع الذي غاب.

هذه اللقاءات لا تزال في بداياتها ولم تكتمل مكونات الحوار لأن طرفي الترويكا أي حزب المؤتمر وحزب التكتل ليس لهما اعتراض على هذا الحوار، ولكنها لم يلتحقا به بعد، وهناك أحزاب أخرى عبّرت عن رغبتها في التقارب، وبالتالي سنكمل المكونات أولا ونحن لم نتقدم بعد حول مصير هذا الحوار الذي لم يتشكل فعلا للتباحث في ثلاث مسائل وهي كيف نبني الشرعية السياسية بعناصر إضافية للانتخابات وكيف نوسع مجال المشاركة السياسية لتكون القاعدة السياسية للحكم أوسع من الترويكا وكيف نخفض التشنج السياسي الحاد في البلاد، وقد نضيف إلى ذلك سؤالا رابعا وهو كيف نوحد كل الطاقات السياسية في البلاد لمجابهة التحديات الكبرى التي تنوء بحملها الأحزاب الثلاثة الحاكمة.

فيم يلتقي وفيم يختلف حزب الإصلاح والتنمية مع حركة النهضة ؟

حزب الإصلاح والتنمية يلتقي مع حركة النهضة كما يلتقي مع أحزاب أخرى في قواسم كبيرة منها العمل على تحقيق أهداف الثورة وحماية نشاط الثورة لأن هذه القوى تعتبر جديدة جاءت لتلعب أدوارا متقدمة في البلاد في المبادئ المعلنة كالعمل على بناء دولة ديمقراطية مدنية فيها حريات وحماية لحقوق الإنسان، وفي اعتبار الهوية العربية الإسلامية مرتكزا أساسيا لمواجهة تحديات المرحلة وبناء أسس الديمقراطية والحداثة والمواطنة وغيرها.

يلتقي معها كذلك في حماية مسار هذه الثورة بخصوص استجابتها للأهداف والنأي بها عن التهديدات من طرف الثورة المضادة والتأثيرات الأجنبية وغيرها، لكن حزب الإصلاح والتنمية يختلف معها في الأرضية الفكرية فنحن لدينا مقاربة للدين وللمجتمع عقلانية وتقدمية، وكذلك في بعض الأولويات كتركيزهم على المسألة الدينية وعودة التعليم الديني وإصباغ الطابع الديني أكثر مما تتحمله المرحلة على المجتمع، من جهة ثانية نحن ما زلنا ننتظر أن تخطو حركة النهضة خطوات أكبر في مؤتمرها التاسع في التحول من حركة أقرب من أن تكون حركة دينية إلى حزب سياسي مدني بكل مقوماته لأن مشاغل قواعد حركة النهضة تطغى عليها المسائل الدينية والشرعية أكثر من الصبغة المدنية.

كيف تنظرون إلى "حركة نداء تونس" التي بعثها الوزير السابق الباجي قائد السبسي؟

"حركة نداء تونس" تحولت إلى حزب سياسي كغيرها من الأحزاب، وهو حزب منافس ولكن قاعدتنا في حزب الإصلاح والتنمية أننا لا نعادي أي حزب لأننا نرى أن السياسة تقوم على الاختلاف والتنافس وليس على العداوة السياسية.

هذه الحركة ما زالت غامضة من حيث تكوينها لأن فيها شبهة أن تكون واجهة للنظام السابق وهذا لم تؤكده الحركة ولم تنفه، كذلك فإن هذه الحركة لم تفصح عن محتوياتها السياسية والاجتماعية وبالتالي ليس لدينا تحفظ على وجود هذا الحزب ولسنا قريبين منه لسببين:

أولا لأن هذا الحزب يعتمد الميراث البورقيبي وبورقيبة بقدر ما كانت له جوانب فكرية واجتماعية كان مخفقا من الناحية السياسية إلى حد كبير وأرسى انحراف الجمهورية بتنصيب نفسه رئيسا مدى الحياة كما عامل خصومه بقساوة كبيرة وحصيلته السياسية هي سلبية كرئيس أول للجمهورية التونسية.

ثانيا، نحن نرى أن حركة نداء تونس لا تتبنى اهتمامات الثورة ولا تنخرط في مسارها وهي عبارة عن استمرار للمنظومة القديمة مع بعض الإصلاحات بينما نحن نتطلع إلى قوى جديدة تتبنى سياقات وأهداف الثورة.

هناك مشروع في الأفق لمنع كوادر الحزب الحاكم سابقا من النشاط السياسي لفترة زمنية معينة، ما رأيكم؟

ما يجب أن نعمل عليه هو عدم عودة النظام القديم، وهذا هو الأهم لأن النظام القديم هو الذي قامت ضده الثورة ولا بد من التصدي السياسي لكل محاولة تعيدنا إلى الوراء.

نحن نتطلع إلى القطع مع المنظومة القديمة للاستبداد لكننا نعتبر أن تعمّد سنّ قانون للمنع السياسي الجماعي من دون إثارة قضايا سياسية وجزائية أمام القضاء هو عمل لا يتناسب مع أهداف الثورة ومسارها الذي جاء ليكرّس التعددية والحرية والتنافس واعتبار الانتخابات هي الأساس الوحيد لإكساب الشرعية السياسية وبالتالي من حيث المبدأ نحن ضد عودة النظام القديم إنما لا نساند سنّ قوانين تتناقض مع حقوق الإنسان.

وماذا عن مبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل؟

لقد سجلنا بإيجابية أن اتحاد الشغل (النقابة الاكبر في تونس) يخرج من دور السياسي الذي حاول البعض أن يجعله في موقع المعارضة للحكومة وهي ليست الوضعية الطبيعية للإتحاد، وعندما يقوم بمبادرة للحوار الوطني من أجل التوافق فهو يسعى إلى أن يكون طرفا وطنيا مهما خارج ثنائية سلطة/معارضة.

كما أن هذه الدعوة تعضد دعوات كثيرة للحوار الوطني والتوافق حول القضايا الخلافية ومن هذه الناحية نراها إيجابية، ونحن كحزب سياسي نعتقد أنه ليس من المناسب أن تقود منظمة ما أو جمعية أو هيئات من المجتمع المدني، لأن المبادرات السياسية الكبيرة يجب أن تتخذها الأحزاب السياسية في علاقة ببعضها البعض أو في علاقة بالحكومة وبالتالي نحن نتمنى أن الحكومة وهي صاحبة الأمر وبإمكانها أن تفتح أبواب الحوار فتتجاوب مع دعوة اتحاد الشغل ومع دعوات أخرى تدشن مباشرة في القريب العاجل بداية حوار وطني حول تلك القضايا المختلفة.

كيف تنظرون إلى بروز السلفيين على الساحة السياسية والمجتمعية، والأعمال التي تنسب إليهم، وكيفية التعامل معهم ؟

أعتقد أن عنوان السلفية من العناوين المظللة في هذه المرحلة الحالية في تونس لأن السلفية في الحقيقة كما أفهمها، هي منهج في التفكير في تناول التاريخ والمجتمع والدين والقضايا المطروحة وهي تضم تيارا عريضا في المجتمع التونسي وربما في المجتمع العربي بصفة عامة، لذلك نحن نخطئ عندما نجمع كل هذا التيار في عنوان سياسي واحد واعتقادي أنهم ليسوا بتنظيم سياسي واحد ولا يملكون موقفا سياسيا واحدا.

مشكلتنا في تونس هي مع التشدد الديني العنيف الذي يعتمد التكفير والوسائل المادية لمحاولة فرض أفكاره على الناس ويستهدف الحريات الفردية والحريات العامة.

هذا التشدد الديني التكفيري العنيف من مصلحة تونس أن تحدده وتحصره في الفئة التي تتحمل مسؤوليته لا أن نعنونه تحت عنوان السلفية فنجعل منه تيارا عريضا من الصعب مواجهته ففي التيار السلفي الفكري توجد مجموعات كثيرة تدين العنف ولا تعتمد التكفير.

نحن نختلف معهم من حيث المقاربة الفكرية ولكن نقبل بالمنافسة الفكرية والسياسية معه، من ناحية ثانية أعتقد أن التشدد الديني العنيف وعندما يرتفع منسوبه في المجتمع يصبح تهديدا وطنيا يحتاج إلى جهود مشتركة لمواجهته وهذه الجهود لا تكون أمنية فقط بل لا بد من حلول أخرى فكرية واجتماعية وسياسية وغيرها.

هناك من يدعو إلى إلغاء عقوبة الإعدام وهناك من يصرّ على الإبقاء عليها، فكيف تنظرون إلى هذه المسألة ؟

أنا شخصيا كحقوقي وقيادي سابق في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، تجدني أقرب إلى إلغاء عقوبة الإعدام لدواعٍ إنسانية كثيرة في هذا الموضوع، ولأن الإعدام يشمل القضايا المختلفة وهو لا يعطي فرصة للتدارك في قضية حقيقية تتعلق بحياة الإنسان فضلا عن أن النصوص الشرعية في هذه المسألة هي محل تأويلات عديدة وفيها ما يعضد فكرة إلغاء عقوبة الإعدام ولذلك نحن نساند المجهودات المطروحة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في تونس وفي العالم عموما.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف