رمضان يحل ضيفاً وسط طقس حار وتقلبات سياسية بالمنطقة

استقبل سكان الكثير من الدول العربية شهر رمضان هذا العام وقد تغيرت لديهم الكثير من المعطيات خاصة على الخارطة السياسية، فقد شهدت بعض الدول تغييرا لنظام الحكم فيما لا تزال سوريا تشهد ثورة مستمرة للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

لم يأت اختلاف شهر رمضان هذا العام عن الأعوام السابقة فقط لقدومه في أوج موجة شديدة الحرارة، وطقس لا يحتمل، بل لتزامنه كذلك مع موجة تغيير سياسي يعيشها العالم العربي للعام الثاني على التوالي، في ظل تغيير للأنظمة الحاكمة في بعض الدول، وسير الأمور في نفس الاتجاه ببلدان أخرى، على خلفية أحداث الربيع العربي.

وأبرزت في هذا السياق صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أجواء شهر رمضان، على الصعيدين الروحي والديني، وأوردت في مستهل حديثها عن سائق تاكسي يعمل في ميدان التحرير يدعى حاتم شوقي، 42 عاماً، قوله :" رمضان شهر رائع ولله الحمد. لكن صعوبته تكمن هذا العام لقدومه في ظل هذا الطقس شديد الحرارة".

وأعقبت بقولها إن هذا هو ثاني رمضان يأتي في موجة الربيع العربي، وفي سوريا تحديداً، لم يؤثر رمضان على ما يحدث هناك من أعمال عنف، مع احتدام المعارك في دمشق بين الجيشين النظامي والحر، وفي وقت قرر فيه الآلاف من المغتربين العراقيين أن بلادهم أكثر أماناً، ولاذوا بالفرار إلى هناك بالفعل خلال اليومين الماضيين.

وفي أماكن أخرى بالمنطقة، جاءت رمضان مقترناً بحالة غموض تهيمن على البلدان التي تمر حالياً بموجة تغيير، كما هو الحال في مصر، بعد نجاح مرشح الإخوان، محمد مرسي، في انتخابات الرئاسة، حيث مازال الغموض قائماً ولم تشكل الحكومة بعد.

فيما نجحت ليبيا في انتخاب برلمان غير إسلامي، قبل أقل من أسبوعين، وإن كانت لم تفرض بعد كامل سيطرتها على الميليشيات المسلحة. واستغنت تونس عن خدمات محافظ البنك المركزي، في خطوة وصفت بالتضحية لذلك الواقع المرير الذي ما يزال يعاني فيه الشباب الذي ساعد في دفع أول انتفاضة بموجة الربيع العربي من البطالة.

وبينما أعلن عن أن بداية رمضان هي السبت في إيران والعراق وكثير من المناطق الشيعية، أعلن أن بدايته هو يوم الجمعة في أجزاء كبيرة بالعالم السني. هذا وقد أعلنت حكومة الرئيس بشار الأسد، التي تخضع لهيمنة العلويين، المقربين من الشيعة، عن أن السبت هو بداية رمضان، في الوقت الذي ينتمي فيه معظم الأشخاص الذين يتظاهرون ويناضلون في الشوارع من أجل الإطاحة به للأغلبية السنية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أحد الأشخاص الذي يقوم بدور المسحراتي، قد عثر عليه مقتولاً في إحدى ضواحي دمشق، بعد منتصف ليل أمس الجمعة.

ثم مضت الصحيفة تشير إلى طول فترة الصيام، بصورة واضحة، خصوصاً هذا العام. وقالت إنه في القاهرة على سبيل المثال، يتعين على الناس أن ينتهوا من تناول الطعام قبل الساعة 3:27 صباحاً وأن ينتظروا حتى موعد الإفطار بعد الساعة 6:56 مساءً، أي أن ساعات الصوم تمتد في القاهرة حوالي 15 ساعة ونصف.

ونتيجة لتقدم شهر رمضان بمدة تتراوح ما بين 10 أو 11 يوماً، كل عام، فمن المتوقع أن تكون أيام الصوم خلال الأعوام الثلاثة المقبلة أكثر طولاً من العام الجاري، وإن كان ستنخفض درجات الحرارة بصورة أكثر وضوحاً عما هي عليه حالياً.

ومن الجدير ذكره أن آخر مرة بدأ فيها رمضان في ذروة فصل الصيف كانت قبل 33 عاماً، وتحديداً في العام 1979. ونوهت الصحيفة في الإطار ذاته كذلك إلى أن الصيام سيكون أمراً صعباً كذلك بالنسبة لبعض من الـ 3000 رياضي مسلم الذين سيشاركون في دورة الألعاب الأولمبية المقرر انطلاقها في لندن بعد أيام قليلة، وذلك للمرة الأولى منذ دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها موسكو عام 1980، حيث ستستمر الفعاليات على مدار أسبوعين ونصف، ستكون كلها في رمضان. واللافت أن ساعات الصوم هناك ستكون أطول، حيث ستكون 18 ساعة ونصف.

وبينما أعلن بعض الرياضيين عن أنهم سيلتزمون بالصوم، أعلن البعض الآخر عن أنه سيفطر وسيلتزم بما وصفتها بعض الجهات الدينية بالكفارة وهي إطعام 60 مسكيناً.

وفي وادي البقاع بلبنان قرب الحدود السورية، وصل ما يقرب من 20 ألف لاجئ سوري بعد أن لاذوا بالفرار من سوريا، وفقاً لما قاله مختار محمد حمزة، العامل المتخصص في شؤون اللاجئين. وأضاف " نأمل أن يكون رمضان شهر النصر للثورة".

وفي القاهرة، بدا الهدوء واضحاً في الشوارع، ونقلت الصحيفة عن بائع بالشارع يدعى محمود حمام، 35 عاماً، قوله :" يمكث جميع الناس في منازلهم الآن. لكنهم يجلسون هناك فوق بركان من الغضب. فإن حدث ثمة شيء خطأ، سينزلون جميعهم للميدان".

وأعقبت الصحيفة بقولها إن أنشطة العمل على مدار اليوم تشهد في كثير من الدول حالة من التباطؤ. وهو ما جعل رئيس مصر المنتخب حديثاً، محمد مرسي، يدعو الناس في خطاب له مع بداية شهر رمضان لأن يكونوا قدوة للعالم في الإنتاج والاستقرار والأمن ودعم الفقراء. وختمت النيويورك تايمز بتأكيدها أن رمضان سيكون بلا شك فرصة لكثير من التأملات في العديد من البلدان بالمنطقة. وأن هناك فجوة، في كثير من الأحيان، على الرغم من ذلك، بين النوايا التقية والدينية والنتائج العملية.