أخبار

استقالة وزير المالية التونسي تزيد حكومة "النهضة" ضعفًا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تسببت استقالة وزير المالية التونسي في ارباك جديد للحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، ويرى سياسيون وخبراء أن الاستقالة ستضعف الحكومة، في حين يقلل آخرون من شأنها ويصفونها بـ"الاستباقية".

تونس: أثارت استقالة وزير المالية التونسي حسين الديماسي الجمعة تعليقات متباينة ووضعت الحكومة في حالة صعبة، خاصة أنها تأتي بعد أقل من شهر من استقالة الوزير المكلف بالإصلاح الإداري محمد عبو.

ملاحظون يرون أنّ استقالة الديماسي وضعت الحكومة في مأزق وجاءت لتؤكد ما تم تداوله أخيرًا من طرف بعض أحزاب المعارضة من أنّ الحكومة تعيش وضعًا داخليًا صعبًا أثر على أداء الوزراء وساهم في بعض الحركات الإحتجاجية في عدد من المحافظات، بينما يرى آخرون أنّ استقالة الديماسي لم تكن إلا استباقًا لإقالته في التحوير الوزاري المزمع إجراؤه قريبًا.

الوزير المستقيل أصدر بيانًا يوضح فيه أسباب استقالته وكال فيه عديد الاتهامات الخطيرة لحكومة الترويكا حيث أكد وجود " تسيّب حكومي في الإنفاق" و"سوء تصرف في المال العام لأغراض انتخابية" و"خطة صرف تعويضات ضخمة للمتمتعين بالعفو التشريعي العام في وقت تشهد فيه تونس أزمة اقتصادية خانقة".

وزير المالية التونسي المستقيل حسين الديماسي

وزير المالية المستقيل اتهم الحكومة بإهدار المال العام والإنفاق بهدف كسب ودّ مختلف الفئات الاجتماعية في الانتخابات القادمة، وهو ما ضاعف في نفقات الدعم".

واعتبر الديماسي ذلك من ضمن "انزلاقات الحكومة المتعددة في المال العام لأغراض انتخابية".

اختلافات في وجهات النظر

يقول الوزير المستقيل حسين الديماسي في تصريح خصّ به "إيلاف" إن لا خلاف له مع رئيس الحكومة ولكن الإشكال يتمثل في "اختلافات في وجهات النظر حول بعض المسائل الجوهرية، وهي التي سرّعت باتخاذي قرار استقالتي من الحكومة".

وأوضح الديماسي أن مسألتين هامتين كانتا من أهمّ نقاط الخلاف الأساسية والتي يجب الوقوف عندها وإيجاد الحلول الكفيلة بتجاوزها لتأثيرها المباشر على مستقبل اقتصاد البلاد، ويقول: "النقطة الأولى تتمثل في صندوق الدعم والذي يخص أساسًا دعم المحروقات الذي ارتفعت كلفته على ميزانية الدولة حتى أنه أصبح يهدد التنمية في البلاد فالدعم الخاص بالمحروقات يخفض من نسب التنمية وإن تواصل لفترات أخرى فسيكون تأثيره أكبر".

ويقترح الوزير المستقيل الترفيع في أسعار المحروقات وفي مقابل ذلك يتم تحسين دخل الطبقات الشعبية الضعيفة والمتوسطة وإذا لم يتم تطبيق هذا الحلّ فستدخل البلاد في مرحلة تداين يصعب الخروج منها بسلام، على حدّ تعبيره.

الديماسي أكد أنه لو لم يتم التدخل لمعالجة وضع صندوق الدعم فسنصل يومًا مضطرين إلى زيادات كبيرة في أسعار المحروقات.

استقالة استباقية

يؤكد الدكتور اسكندر الرقيق الخبير الإقتصادي ورئيس الهيئة السياسية لحزب الأمان في إفادته لـ"إيلاف" أنّ "استقالة وزير المالية الديماسي ومن قبلها استقالة الوزير محمد عبو في ظل تسريبات بتحوير وزاري وشيك سوف يشمل الوزراء الفاشلين وأمام تسريبات بأن الديماسي سوف يكون ضمن الوزراء الذين ستتم إقالتهم، لا يمكن أن تكون إلا استقالة استباقية لحفظ ماء الوجه".

وأضاف رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمان :"حسين الديماسي لم يكن في الأصل ضمن التشكيلة الحكومية التي تم اختيارها في البداية ولكن الإشكال الذي حصل لخيام التركي هو الذي جاء بالديماسي الذي لم أكن مقتنعًا به أصلاً لأن الكفاءة تنقصه، تجربته نظرية أكثر منها واقعية، وبالتالي لم يكن بمقدوره تحقيق النجاح، ومن جهة ثانية فقد عمل مستشارًا للإتحاد العام التونسي للشغل، وبالتالي فخلفيته لا يمكن أن تفيد البلاد في هذه المرحلة الانتقالية بعد الثورة".

ويشير د. الرقيق إلى أن ما يقلق فعليًا هو الارتباك البادي على الحكومة وبالتالي عليها الإسراع بإجراء التعديل الوزاري المنتظر حتى نواصل من أجل الوصول إلى الانتخابات القادمة.

ويستبشر اسكندر الرقيق خيرًا للوضع العام بالبلاد ويقول:" كل المؤشرات تبشر بكل الخير فالاقتصاد في وضع طيب وبدأ يسترجع عافيته والإنتاج في عديد القطاعات فاق ما كان عليه في 2010 كما أن القطاع السياحي حقق هو الآخر انتعاشة طيبة جدًا واقترب كثيرًا من مؤشرات 2010، ولكن تبقى الطبقات الشعبية الفقيرة في حاجة إلى اهتمام وعناية خاصتين، وهناك ارتباك واضح على مستوى الجمارك والجباية".

مجانبة الحقيقة

يشير الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية محمد عبو وهو الوزير المكلف بالإصلاح الإداري المستقيل منذ نحو شهر إلى أنّ ما ذكره الديماسي من بين أسباب استقالته "وجود تسيّب حكومي في الإنفاق" و"سوء تصرف في المال العام" فيه كثير من التجني، فعندما كنت ضمن التشكيلة الوزارية لم يكن هناك إشكال كبير في هذا الشأن، أما عن مسألة التعويض للسجناء السياسيين وضحايا الاستبداد فأنا أؤكد أنّ الحكومة لم تقل أبدًا أنها ستنفذ ذلك خلال العام الجاري 2012 بل من حيث المبدأ يقع إقرارها خلال السنة الجارية وداخل المجلس الوزاري تم الاتفاق على أنه ليس من حق أي وزير أو عضو في المجلس التأسيسي أن يطالب بالتعويض، وبالتالي كيف لمثل هذه الإجراءات أن تضرّ بالتوازنات؟"

من جانبه، يؤكد محمد جمور عضو الهيئة التنفيذية لحزب العمل الوطني الديمقراطي لـ"إيلاف" أنه لا يشاطر الوزير المستقيل الديماسي في عدد من الأسباب التي عددها على غرار صندوق الدعم لأنه لم يفتح ملفات مكافحة التهرب الجبائي التي كانت ستشكل مداخيل إضافية للدولة إلى جانب النظام الجبائي الذي لم يتم إصلاحه وكان أولى به أن يعمل على ذلك".

ويضيف جمور: في المقابل أشاطره رأيه حول التعويضات المالية التي ستسندها الحكومة للسجناء السياسيين وضحايا الاستبداد بينما تعيش بلادنا وضعاً ماليًا صعبًا".

التصنيف الائتماني

يتوقع مراقبون أن تدفع استقالة وزير المالية وكالات التصنيف العالمية إلى المزيد من تخفيض تصنيف تونس الائتماني بعد إقالة محافظ البنك المركزي، مما قد يؤدي إلى حذر الدول الدائنة وتخوفها من عدم قدرة تونس على التسديد حسب الآجال المحددة.

ولكن الخبير الاقتصادي اسكندر الرقيق يرى أنّ التصنيف الإئتماني الذي يقوم به عدد من الوكالات سياسي أكثر منه اقتصادياً، فألمانيا و تركيا تم تخفيض تصنيفهما الائتماني بينما تحققان نموًا رهيبًا، على حدّ تعبيره.

ويضيف الرقيق أنّ تونس تعيش وضعًا صعبًا وإن كانت المؤشرات مطمئنة ولكن يمكن أن يخفض التصنيف من جديد ولكن ذلك لا يعني شيئًا والأهم هو أن تعمل الحكومة على لملمة نفسها واستقطاب عديد الكفاءات إلى جانب المحافظة على وحدة الصفّ أمام الخارج حتى تستطيع البلاد استقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة لخلق مواطن الشغل بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار الداخلي".

ويبيّن محمد جمور أن استقالة الديماسي ستزيد الحكومة ضعفًا، ويقول:" الاستقالة ستزيد في ضعف الحكومة لدى الرأي العام التونسي، وكذلك لدى مؤسسات الترقيم العالمية التي ستعجّل بتخفيض التصنيف الائتماني لتونس، وهو ما سيؤثر على الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد إذ ستزداد صعوبة الاقتراض من خلال الترفيع من نسب الفائدة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف