رومانيا... ديمقراطية اوروبية فتية تمر بأزمة حادة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تعاني رومانيا من أزمة سياسية حادة لأسباب عدةمنها،وجود أحزاب سياسية تمثل جماعات مصالح اقتصادية هدفها هو الإمساك بكل دوائر الحكم وليس الدفاع عن المصلحة العامة.
بوخارست:بعد مرور نحو 23 عامًا على سقوط احد اكثر الانظمة الدكتاتورية القمعية في اوروبا، ما زال الرومانيون يعيشون في ديمقراطية متعثرة كما تظهر الأزمة الاخيرة التي تثير قلق اوروبا، كما قال محللون لوكالة فرانس برس.
ومن اسباب الازمة كما يرى عالم الاجتماع ميرسيا كيفو وجود "احزاب سياسية تمثل جماعات مصالح اقتصادية اكثر من ايديولوجية وهدفها هو الامساك بكل دوائر الحكم وليس الدفاع عن المصلحة العامة".
لكن ايضا وجود مجتمع مدني يستغل احيانًا، وغير قادر احيانًا أخرى على تعبئة صفوفه لفرض المزيد من الاحترام للديمقراطية، بحسب جان ميشال دي فايلي برفسور العلوم السياسية في الجامعة الحرة في بروكسل.
وقد نددت المفوضية الاوروبية هذا الشهر بانتهاكات الحكومة الرومانية (وسط يسار) لدولة القانون ووضعتها تحت المراقبة المشددة لارغامها على التقيد بالقيم الديمقراطية.
وتأخذ بروكسل على الائتلاف الاشتراكي-الليبرالي الذي وصل الى الحكم في ايار/مايو الماضي، انحرافاته (هجمات على المحكمة الدستورية... ) لعزل خصمه الرئيسي الرئيس ترايان باشيسكو (وسط يمين) المتوقف عن ممارسة مهامه اليوم.
ورأى الفيلسوف اندريه بليسو على الموقع الاخباري هاتنيوز "أن الصراع الانتخابي هو اشبه اليوم بحرب، وهي حالة يجب أن لا تكون موجودة في أي ديمقراطية".
وقالت الينا منجيو بيبيدي رئيسة الجمعية الاكاديمية الرومانية والبرفسورة في مدرسة هرتي حول الادارة الرشيدة في برلين "إن كثيرين من الناس انتفضوا على ما حاول قادة الائتلاف الاشتراكي الليبرالي القيام به. فلاسقاط ترايان باشيسكو انتهكوا القوانين الاساسية".
ولفتت الى "أن التلاعب بدستورنا لم يبدأ في تموز/يوليو" فالحزب الديمقراطي الليبرالي بزعامة باشيسكو تلاعب ايضًا بالنص.
وتابعت: "لكن الائتلاف الاشتراكي الليبرالي تجاوز قطعًا كل الحدود من خلال عزل الوسيط (المعروف بمحامي الشعب) ومن خلال السعي عبر بعض اعضائه الى التدخل في محاكمات بتهمة الفساد، وهي أمور غير مقبولة".
ويؤكد الخبراء أن العدالة هي مصدر أمل ولو أن حالة الديمقراطية الرومانية ما زالت غير مرضية.
وامام ضغوط بروكسل فهي تعمل ولا تتردد اليوم في ملاحقة سياسيين رفيعي المستوى بتهمة الفساد.
لكن "الغائب الاكبر هو المجتمع المدني"، كما قال فايلي باسف.
ولم تعد تساور عدد كبير من الرومانيين أي أوهام وباتوا لا يعيرون اهتمامًا للسياسة. ففي هذه الدكتاتورية السابقة لم يعد التصويت في انتخابات حرة حلمًا ونسبة الامتناع عن التصويت بلغت مستويات قياسية.
واذا كان آلاف المتظاهرين نددوا خلال الشتاء بمحاولة باشيسكو فرض اصلاح للنظام الصحي مثير للجدل، فإن انزلاقات الائتلاف الاشتراكي الليبرالي لم تتسبب بتظاهرات كبيرة حتى ولو برز القلق في الاحاديث الخاصة.
وقالت مونجيو بيبيدي: "في مجتمع يشهد حالة استقطاب شديد، يتردد الناس في التظاهر".
ويأسف المحللون لأن الفريق الديمقراطي المؤيد للتحديث لم ينجح في توحيد صفوفه ليبرز قوة سياسية مختلفة على الصعيد الوطني.
وفي بلد تتغلغل فيه الشرطة السياسية الشيوعية "سيكوريتات" بشكل واسع في نسيج المجتمع حيث لها آلاف الواشين "يوجد ارتياب كبير بين المواطنين يسيء الى التحرك الجماعي".
اما بالنسبة للمستقبل فيرى المحللون أن مراقبة الاتحاد الاوروبي ستكون اساسية.
"وربما تسجل الازمة الحادة (التي يمر بها هذا البلد) في الوقت الحاضر خطوة نحو الشفاء كما بالنسبة لبعض الامراض"، على ما قال الكسندرو سولومون الذي اعد فيلمًا وثائقيًا عن المرحلة الانتقالية الصعبة الى الديمقراطية في رومانيا بعنوان: "الرأسمالية، طريقتنا السرية".