الخلاف السياسي والنزاع السوري يغذيان العنف في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد: بلغت حدة اعمال العنف في العراق اعلى معدلاتها منذ نحو عامين، في تطور يرى محللون أنه مرتبط بعوامل سياسية محلية وايضا اقليمية تستمدّ زخمها من النزاع المسلح في سوريا، محذرين من ان البلاد قد تدفع نفسها نحو موجة عنف طائفي جديدة.
وبحسب حصيلة أعدتها وزارات الدفاع والداخلية والصحة وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها الاربعاء، فقد قتل 325 شخصا في تموز/يوليو هم 241 مدنيا و44 عسكريا و40 شرطيا، وهي اعلى حصيلة شهرية منذ مقتل 426 شخصا في اب/اغسطس 2010.
وتمثل هذه الحصيلة ارتفاعا كبيرا جدا في عدد ضحايا اعمال العنف عن الشهر السابق حيث قتل 131 شخصا وفقا للارقام الرسمية، علما ان اعلى حصيلة ضحايا شهرية لهذا العام سجلت في كانون الثاني/يناير وبلغت 151 قتيلا.
ويقول المحلل والخبير الامني والاستراتيجي علي الحيدري ان "اسباب ارتفاع معدلات العنف في البلاد سياسية وأمنية واستراتيجية مرتبطة خصوصا بالنزاع المسلح في سوريا". ويوضح ان "الخلافات القائمة بين الكتل السياسية في العراق تنعكس سلبا على العملية الامنية والاقتصادية وسط حالة من انعدام الثقة بين الشركاء السياسيين وعدم التوافقية في صنع القرار الامني السياسي".
ويعيش العراق منذ الانسحاب العسكري نهاية العام الماضي بعد تسع سنوات من اجتياح البلاد التي تشهد منذ ذلك الحين اعمال عنف يومية، على وقع ازمة سياسية باتت تشل مؤسسات الدولة. وتدور الازمة حول اتهام خصوم رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006، بالتفرد بالسلطة وتهميش المكونات الاخرى.
ورغم مرور اكثر من عام ونصف على تشكيل حكومة الشراكة الوطنية الحالية، القائمة على المحاصصة الطائفية والحزبية، بقي منصبا وزيري الداخلية والدفاع شاغرين بسبب الخلاف بين اطراف السلطة حول أحقية تولي هاتين الوزارتين الحيويتين.
ووقعت اكبر هجمات شهر تموز/يوليو في بداية الاسبوع الماضي حين قتل 113 شخصا واصيب العشرات بجروح في سلسلة هجمات منسقة في مناطق مختلفة هي الاكثر دموية منذ مقتل 127 شخصا في اعمال عنف مشابهة في كانون الاول/ديسمبر 2009.
وتبنى تنظيم دولة العراق الاسلامية، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، هذه الهجمات التي وقعت بعد يوم واحد من دعوة زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي "شباب المسلمين" للتوجه الى العراق. ويرى الحيدري ان "الصراع في سوريا يشتد بين النظام والمجاميع المسلحة، وهذه المجاميع المسلحة تتكون مما يطلق عليه الجيش السوري الحر، وايضا من عناصر من تنظيم القاعدة".
ويضيف ان هذا الامر "ادى الى وجود مساحة حركة لتنظيم القاعدة بين العراق وسوريا، وبات التنظيم يتنفس بحرية اكبر هنا، ومن الواضح ان دعوة ابو بكر كانت تعني فتح جبهة جديدة في العراق، وهذا ما يحدث". وتشترك سوريا مع العراق بحدود تمتد لحوالى 600 كلم يقع اكثر من نصفها تقريبا في محافظة الانبار.
وغالبا ما يحذر مسؤولون عراقيون من احتمال تمدد الازمة السورية الى الدول المجاورة، وخصوصا الى العراق الذي سبق وان اتهم النظام السوري في الماضي بانه كان يدرب ويمول مجموعات جهادية لتنفيذ هجمات فوق اراضيه.
وكان المالكي اعلن في بداية اذار/مارس ان تنظيم القاعدة "بدا يهاجر" من العراق الى سوريا التي أصبحت بحسب قوله "في قلب المشكلة الارهابية"، فيما اكد مسؤولون آخرون وجود حركة تهريب للسلاح والجهاديين بين البلدين.
ويقول المحلل الامني البريطاني والخبير في شؤون العراق جون دريك ان "سوريا تشكل فرصة مهمة للارهابيين". ويوضح ان "غياب السلطة في مواقع كثيرة في البلاد قد يوفر لهذه الجماعات فرصة لتعزيز قوتها وشن هجمات في منطقة اكبر".
ويتابع ان "نظرة تنظيم القاعدة في العراق اليوم باتت تتخطى محافظات عراقية مثل نينوى وبابل وديالى والانبار، لكنها تشمل سوريا ايضا، (...) وترى في ما يحدث هناك فرصة لشن عمليات في البلدين معا".
وفي مقابل ازدياد قدرة تنظيم القاعدة على شن هجمات مؤلمة، كهجمات الثلاثاء التي استهدفت مجمعا امنيا محصنا في بغداد وقتل فيها 21 شخصا بينهم 14 من عناصر الشرطة، تعاني القوات العراقية نقصا في المعدات اللازمة لمواجهة قدرة مماثلة.
ويقول الحيدري ان "العراق تنقصه معدات متطورة للكشف عن المتفجرات، وكاميرات مراقبة في الشارع، والتتبع الدقيق لحركة الوافدين". ويرى دريك من جهته ان ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز الخمسين درجة مئوية "يضعف قدرة القوات الامنية على البقاء متيقظة طوال النهار، ويسمح للمسلحين بشن هجمات اكبر خلال فصل الصيف".
ويعمل الجنود العراقيون 19 ساعة تقريبا في اليوم الواحد، يقضون معظمها تحت الشمس، ويمنحون اجازة لسبعة ايام بعد كل اسبوعي عمل، فيما يعمل رجال الشرطة لثماني ساعات يوميا يقضون معظمها في حمل جهاز الكتروني لتعقب المتفجرات سبق وان ثبتت عدم فاعليته.
وغالبا ما تستهدف الهجمات اليومية في العراق الشيعة الذين يسيطرون على الحكم منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وهي هجمات سبق وان تسببت عام 2006 بموجة عنف طائفي دامية قتل فيها الآلاف.
ويقول المحلل السياسي احسان الشمري ان "العراق يواجه في الوقت الحالي خطر خطين من العنف".
ويوضح ان"الخط الاول تقوده القاعدة ومجاميع مسلحة اخرى تحاول ان تثبت انها لا تزال قوية وتحظى بمناصرة جماعات اخرى (...)، والثاني ينتظر نجاح الخط الاول حتى يدفع البلاد نحو عنف طائفي جديد".