بريطانيا: الاتهام بالعنصرية يعوق عمل الشرطة وسط الأقليات

في تقرير يهمّ المهاجرين في بريطانيا بالدرجة الأولى، يقول بنك العقول إن شبه عجز الشرطة عن التحقيق كما ينبغي في الجرائم التي يرتكبها بعضهم، ينطلق من إحساس بالخوف إزاء الحساسيات العرقية. لكنه يضيف أن هذا يهدد بشل يديها تمامًا عن تحقيق العدالة للجميع.

صلاح أحمد: تجد الشرطة البريطانية يديها شبه مكبلتين عندما يتصل الأمر بالتحقيق في الجرائم التي يرتكبها أفراد ينتمون إلى أقليات البلاد العرقية. هذا ما يأتي في تقرير أصدره بنك العقول البريطاني "معهد دراسات المجتمع المدني" المعروف بالاسم Civitas "سيتيفاس"، والمختصر من أحرفه اللاتينية الأولى.

يرجع هذا المعهد المستقل السبب الرئيس في هذا الأمر إلى خوف القائمين على شؤون الشرطة من الحساسيات العرقية المؤدية إلى الاتهام بالعنصرية المؤسسية. وكان هذا الوضع قد نشأ نتيجة لما يسمى "تقرير مكفيرسون"، الذي وسم الشرطة بهذه السمة في أعقاب تراخيها الواضح في القبض على قتلة فتى أسود، اسمه ستيفن لورانس، في لندن قبل تسع سنوات.

كان هذا رغم أن كل الدلائل كانت تشير بوضوح إلى أن خمسة مراهقين بيض هم مرتكبو الجريمة. وصارت لهذه القضية تداعيات غرزت إسفينًا عريضًا بين الشرطة كحامية للمجتمع ككل والأقليات العرقية - كالسوداء - التي أرجعت التراخي إلى تحيز الشرطة العنصري للقتلة فقط لأنهم من البيض.

يقول تقرير "سيتيفاس" إن تقرير مكفيرسون "نجح في تنبيه الشرطة إلى علّة واضحة، لكنه أفرز أيضًا قيودًا بيروقراطية، كبلت يديها في ما يتعلق بالتحقيق في الجرائم التي يرتكبها أفراد الأقليات العرقية أنفسهم". وقال إن هذه القيود "تأتت بدافع الحساسيات العنصرية، فلا تُتهم الشرطة بأنها ثقيلة اليد على الأقليات وخفيفة اليدعلى البيض الأكثرية. بل إن تقرير "سيتيفاس" يذهب إلى حد وصف "تقرير مكفيرسون" بأنه "افتقر إلى الدلائل الدامغة في رمي الشرطة بالعنصرية المؤسسية".

وبشكل رئيس فقد استند تقرير سيتيفاس، في قوله إن الشرطة باتت تخاف التحقيق العميق في جرائم الأقليات، إلى قضية شهيرة عن عصابة من تسعة من المسلمين الآسيويين أدينوا في نهاية المطاف بتهم استغلال قاصرات بين الثالثة عشرة والخامسة عشرة من العمر لمتعتهم الجنسية وأيضًا للاتجار بهن كمومسات.

وقد أدانت محكمة في مانشيستر الكبرى في مايو / أيار الماضي المتهمين بالذنب في التهم الموجهة إليهم، وأصدرت في حقهم أحكامًا بالسجن تتراوح بين 5 أعوام و19 عاماً، وتبلغ في إجماليها 77 عامًا.

لكن هذا أتى بعد تراخٍ دام سنوات إزاء اتهام بعض الشباب الآسيويين بأنهم يعتبرون فتيات البيض "حلالاً" لهم. وقال القاضي يخاطب المُدانين قبل نطقه بالأحكام إن الصبايا صرن ضحايا لهم بسبب لونهن ودينهن. وقال: "لو أنهن كن من جاليتكم ودينكم لما فعلتم بهن هذا".

صاحبت هذه القضية موجة أخرى من الاتهامات للشرطة في أن الخوف من إثارة الحساسيات العنصرية هو الذي حدا بها للتراخي في القبض على الآسيويين المدانين. وكان هذا على الرغم من أن إحدى ضحاياهم تقدمت ببلاغ إلى الشرطة يفيد باستغلالها جنسيًا على أيدي هؤلاء الآسيويين العام 2007.

بعد الحكم بسجن المجرمين، وجّه محمد شفيق، المدير التنفيذي في "مؤسسة رمضان"، وهي أكبر مؤسسات شباب المسلمين البريطانيين، اتهامًا لاذعًا إلى الجالية الباكستانية "لإخفاقها المريع في كبح جماح ذلك النوع من الممارسات". لكنه أهاب أيضًا بالشرطة التخلي عن تحفظاتها المتصلة بالعرق والدين عندما يتعلق الأمر بمكافحة الجريمة من أي ربوع أتت. وهذا هو ما يخلص اليهتقرير "سيفيتاس" الذي يدق ناقوس الخطر من أن الخوف من الحساسيات العرقية هو أكبر قيد يكبل عمل الشرطة ومن ورائها العدالة للجميع.