ترحيب إسرائيلي مشوب بالحذر بعد خلافة شحاتة لموافي

أعربت تل أبيب عن ارتياحها لتعيين اللواء رأفت شحاتة مديراً للاستخبارات المصرية العامة خلفاً للواء المُقال مراد موافي، وفي حين أبدت الخارجية الاسرائيلية هذا الموقف، رأى النائب الاسبق لرئيس جهاز الامن العام الاسرائيلي "يسرائيل حاسون" أنه ينبغي على الدولة العبرية توخي الحذر، واصفاً الظروف الراهنة ببالغة الخطورة.

استحوذ قرار الرئيس المصري محمد مرسي احالة مدير الاستخبارات العامة اللواء مراد موافي الى التقاعد على اهتمام الدوائر السياسية والأمنية في تل أبيب، إذ فرضت تداعيات القرار علامات استفهام كبيرة لدى الدولة العبرية، رغم المبررات التي جاءت على لسان المتحدث باسم الرئاسة المصرية، كما وضعت الدوائر الاسرائيلية دائرة حول اللواء محمد رأفت شحاتة المكلف الجديد بالمنصب، في محاولة لتقييمه والوقوف على كيفية تعامله مع اسرائيل في تلك المرحلة البالغة الحساسية، بحسب صحيفة يديعوت احرونوت.

وبحسب الصحيفة فجرت العملية الارهابية الاخيرة في سيناء زلزالاً ظهرت توابعه في القاهرة، عندما قرر الرئيس مرسي اجراء عدة تعديلات قيادية في اجهزة بلاده الامنية، وكانت في طليعتها احالة اللواء مراد موافي مدير جهاز الاستخبارات العامة الى التقاعد، وهو الرجل الذي كان مسؤولاً عن العلاقات المصرية الاسرائيلية، كما أنه اجرى الاتصالات الخاصة بصفقة اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليط مع حماس، ونظراً لخلو المقعد البالغ الحساسية في القاهرة، قرر مرسي تكليف اللواء محمد راأفت شحاتة بدلاً من موافي، ليطرح سؤال كبير نفسه، كيف تنعكس تلك التغييرات القيادية في منظومة مصر الامنية على مستقبل العلاقات المصرية الاسرائيلية؟

ارتياح وتطلع لاستمرار العلاقات الطيبة مع تل أبيب

وتعليقاً على ذلك، أفادت دوائر دبلوماسية في الخارجية الاسرائيلية بأن مدير الاستخبارات المصرية العامة المصري الجديد ليس محسوباً على التيار المعادي لإسرائيل في القاهرة، كما أن ملف سيرته الذاتية يشي بأنه كان ولا يزال على علاقات طيبة برجال اجهزة الامن الاسرائيلي، وربما يعكس ذلك ارتياحاً وتطلعاً في تل ابيب لاستمرار العلاقات المتينة بعد خلافة شحاتة للواء مراد موافي، رغم ذلك قالت الدوائر الدبلوماسية عينها: "حركة التنقلات القيادية الجديدة في المنظومة الامنية المصرية شأن داخلي، وليس من اللائق تدخل اسرائيل في شأن داخلي مصري".

الصحيفة العبرية قالت إن مرسي أقال موافي بعد أن أربك الاخير مؤسسة الرئاسة، حينما اعترف لوسائل اعلام مصرية أن جهازه كان يمتلك كافة المعلومات الاستباقية حول العملية الارهابية، التي استهدفت جنوداً وضباطاً في قاعدة عسكرية في سيناء، وأن موافي أبلغ الرئيس مرسي بأن الجهاد العالمي يعتزم القيام بتلك العملية، غير أنه على حد قوله لم يتوقع أن يقتل مسلم اخاه المسلم اثناء افطار رمضان، وأضاف: "نحن جهاز معلوماتي يبلغ المستوى السياسي بالمعلومات ولسنا سلطة تنفيذية".

اذا كانت تلك هى مبررات الدوائر السياسية الرسمية في القاهرة، فعضو الكنيست، نائب رئيس جهاز الامن العام الاسرائيلي السابق "يسرائيل حاسون" يرى أن اقالة اللواء مراد موافي تعود الى واحد من ثلاثة لم يعلن عنها، أولها: أنه كانت هناك انذارات بالعملية الارهابية في سيناء، وموافي لم يتعامل معها بجدية، ثانياً: رغبة مرسي في ابلاغ الجماهير رسالة واضحة وهي أن هناك عقاباً لكل مسؤول يتوانى أو يقصر في أداء واجبه، ثالثاً: تغيير القيادات الامنية واستبدالها بقيادات جديدة تتسق وسياسة جماعة الاخوان المسلمين.

على الرغم من ذلك أوصى الخبير الأمني الاسرائيلي يسرائيل حاسون، أنه ينبغي التعاطي بحذر مع التطورات السياسية والأمنية الحاصلة في القاهرة، ملمحاً الى أنه ليس بالضرورة ما كان هو ما سيكون في المستقبل المنظور، فاللواء موافي انطلاقاً من منصبه، سار على درب اللواء الراحل سلفه في المنصب عمر سليمان، وكان محوراً مركزياً للتنسيق الامني بين مصر وإسرائيل، فضلاً عن تفاصيل اخرى تفوق ذلك، إذ من يتولون هذا المنصب لهم علاقة مباشرة بسياسة مصر الخارجية، لذلك فإن الحقيقة التي ادركتها تل ابيب في الفترة السابقة هي ان هناك لغة مشتركة مع المصريين من خلال جهاز الاستخبارات المصرية العامة، ولكن ذلك قد يتغيّر ولا ينبغي أن تعتبره اسرائيل منهاجاً يقاس عليه في الفترة المقبلة.

مرحلة خطيرة في منطقة الشرق الأوسط

اللواء موافي بحسب الخبير الاسرائيلي الذي يجيد جيداً قراءة واقع الحقل الامني المصري بحسب وصف الصحيفة العبرية، خدم بلاده من منصبه في فترة بالغة الحساسية، إلا أنه من الممكن أن تمر مصر بفترة جديدة مغايرة تماماً لما مضى، ونظراً لمرور منطقة الشرق الاوسط بمرحلة خطيرة في الوقت الراهن، فإنه ينبغي أنينتاب الدوائر السياسية والأمنية في اسرائيل القلق. وفي ما يتعلق بمدير الاستخبارات العامة المصرية الجديد قال حاسون: "إنه الشخص الذي وقف خلف الكواليس، ليدير صفقة الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليط، كما أنه اكثر كفاءة من اللواء الذي احيل الى التقاعد، رغم أنه شغل منصب نائبه لمدة عام كامل".

ويشير ملف اللواء رأفت شحاتة في اسرائيل الى أنه ضابط ملتزم ومشهود له بالكفاءة، وأنه ادار خلال خدمته شبكة من العلاقات المهنية المتشعبة مع كوادر الامن الاسرائيلي، بالاضافة الى علاقاته التي لا تقل اهمية مع السلطة الفلسطينية وحماس، كما أنه يحظى بثقة كبيرة لدى الفلسطينيين بشكل عام، فضلاً عن أن شحاتة ومعه اللواء نادر الأعسر يتوليان سوياً الملف الفلسطيني في الاستخبارات العامة المصرية، كما أنهما مسؤولان عن العديد من القرارات ذات الصلة بالإسرائيليين، بالإضافة الى أن الرجلين ذاتهما كانا ضالعين في كل ما يتعلق بصفقة الافراج عن الجندي غلعاد شاليط، ولعبا دور الوساطة ببراعة غير مسبوقة بين حماس وإسرائيل، وظهر شحاتة في احدى الصور الشهيرة وهو يمسك بذراع الجندي شاليط، وفي الجانب الآخر رئيس الجناح العسكري لحماس في قطاع غزة احمد الجعبري.

الى ذلك، يعتبر شحاتة أحد أبرز رجال الاستخبارات المصرية العامة، الذين عملوا على تمديد فترة التهدئة في قطاع غزة في اعقاب دائرة طويلة من تبادل اطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية واسرائيل، كما أن هناك من يجزم بأن شحاتة كان ضالعاً بشكل مباشر في ابرام اتفاق بين اجهزة الامن الاسرائيلية وقيادة الاسرى الفلسطينيين المعتقلين في اسرائيل، الامر الذي انهى حالة الاضراب عن الطعام التي اعلنها المعتقلون في شهر آيار (مايو) الماضي.