أخبار

اختلافات جوهرية حول الهيئة الوقتية للقضاء في تونس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

رافق نقاش حاد بلغ درجة الاستنكار والاتهام جلسات المجلس الوطني التأسيسي في تونس عند مناقشة القانون الأساسي للهيئة الوقتية للقضاء، وسط اتهامات لحركة النهضة بمحاولة استمرار هيمنتها على السلك القضائي لخدمة أهدافها.

تونس: أفضت النقاشات الساخنة تحت قبة المجلس الوطني التأسيسي في تونس إلى رفض مشروع قانون الهيئة الوقتية للقضاء من طرف غالبية أعضاء المجلس الذين ينادون باستقلالية كاملة لهذه الهيئة باعتبارها مجلسًا انتقاليًا للقضاء.

تنحصر الاختلافات بين النواب حول الهيئة الوقتية للقضاء أساسًا في مسائل جوهرية تتعلق بتركيبة الهيئة وتركيبة مجلس التأديب واستقلاليتها المالية والإدارية، وهل هي تقريرية أم استشارية.

يرى مراقبون أنّ الهيئة الوقتية للقضاء يجب أن تكون مستقلة فعلاً عن أي تجاذبات سياسية لضمان حسن سير المرحلة الانتقالية التي ستشهد في الأشهر القادمة محطات سياسية هامة ومحددة لمستقبل البلاد، ومنها على سبيل المثال الانتخابات التشريعية والبلدية وإمكانية إجراء استفتاء حول الدستور.

أكد وزير العدل نور الدين البحيري في تصريحات لوكالة الانباء الرسمية أنّ ما يحدث من نقاشات داخل المجلس التأسيسي حول مشروع قانون الهيئة الوقتية للقضاء ليس سوى "مؤشر صحي" لأن الجميع يرغب في بناء سلطة قضائية مستقلة.

وقال الوزير:" بعد رفض أوّلي للمشروع يجب أن يضع النواب نصب أعينهم المصلحة العليا للبلاد بعيدًا عن المصالح الضيقة للأحزاب وأن يتمكنوا من التوافق لتمرير القانون".

وأضاف نور الدين البحيري:" نتمنى أن لا يتواصل هذا الخلاف حتى لا يتعطل بعث الهيئة الوقتية للقضاء حتى نقوم بإجراء الحركة الوطنية للقضاء العام الجاري".

وحول الإختلاف بين مختلف النواب داخل المجلس التأسيسي، قال فاضل موسى رئيس لجنة القضاء العدلي والمالي والإداري في إفادة لـ"إيلاف" إن "المسألة الجوهرية محور الاختلاف بين مختلف الأعضاء في اللجنة تتمثل أساسًا في مدى استقلالية النيابة العمومية عن السلطة التنفيذية".

وأكد أنّ:" هناك من يرى بوجوب التنصيص على علاقة التعليمات التي تجمع بين النيابة العمومية والسلطة التنفيذية بينما يعتبر البعض الآخر من النواب أنّ القانون هو الذي يضبط علاقة النيابة العمومية بالسلطة التنفيذية".

قضاة تونسيون في احتجاج سابق من أجل الاستقلالية وتطهير سلكهم الذي يشهد الكثير من التجاذبات

ويحاول فاضل موسى إيضاح مسألة الاستقلالية قائلاً: أهم ما تعنيه الاستقلالية هو التنصيص على إخضاع القاضي لجهة مستقلة ومحايدة تمنحه الضمانات الضرورية ومن بينها الحماية من الإعفاء أو النقلة التعسفية أو الإيقاف أو التأديب أو تدخلات السلطة التنفيذية إلى جانب الاستقلالية المالية والإدارية لهذه الهيئة، وبالتالي تكون الهيئة بعيدة عن أي تدخل فعلي من وزارة العدل أو غيرها من مؤسسات الدولة التي يمكن لها أن تستغل التبعية المالية والإدارية للضغط على أداء القضاة، إلى جانب الشخصية المعنوية، وذلك حتى تستجيب الهيئة فعلاً لروح الفصل 22 من التنظيم الموقت للسلطات العمومية، الذي يتضمن ممارسة القضاء لمهامه في كامل الاستقلالية والحيادية".

القاضية روضة العبيدي نائبة رئيس جمعية القضاة التونسيين أكدت أن هناك أزمة فعلاً بعد فشل جلسة المجلس التأسيسي في تمرير الهيئة الوقتية التي ستشرف على القضاء العدلي بسبب اختلافات في الرؤى حول استقلالية القضاء.

وأضافت لـ"إيلاف" أنّ المشروع يتضمن نقاطاً خلافية جوهريةلا تزال عالقة حول استقلالية الهيئة من عدمها وتركيبتها وصلاحياتها، وهذه الإختلافات الجوهرية كانت وراء ظهور شقين داخل المجلس وبالتالي وراء رفض المشروع.

أشارت روضة العبيدي إلى ضرورة التوافق والإسراع لبعث هذه الهيئة حتى لا يجعل الفراغ السلطة التنفيذية تدير القضاء العدلي.

أكد عماد الحمامي عضو المجلس الوطني التأسيسي في تصريح لـ"إيلاف" أن لا أحد ضد استقلالية القضاء ولكن بعد الجدل الواسع الذي حصل وتم رفض المشروع لا بد من إيجاد صيغة للتوافق تقبلها جميع الأطراف يتم من خلالها التنصيص الواضح على استقلالية القضاء وفقًا للمعايير الدولية، على حدّ تعبيره.

وأفاد المنجي القروفي ( عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ) لـ"إيلاف" أنّ "استقلالية القضاء مطلب الثورة التونسية، وبالتالي لا بد من تحقيق ذلك، والآن وبعد النقاشات التي رافقت مشروع قانون الهيئة الوقتية التي ستشرف على القضاء العدلي، لا بد من إعادة النظر في الفصول المكونة للمشروع لأنها ضعيفة ولا تلبيّ رغبة الجميع، مؤكدًا أنّ المشروع جاء بلا روح، وبالتالي لا بد من التصريح باستقلالية القضاء لأنه الضامن الوحيد لنجاح المسار الانتقالي لهذه الثورة.

من جانبها، أكدت النائبة فاطمة لسود لـ"إيلاف" أنّ المعايير الدولية تقرّ بحيادية القاضي عند ممارسة مهامه وهذه الحيادية لا تعني في الحقيقة أن تتمتع الهيئة الوقتية بالاستقلالية التامة حتى لا تؤدي هذه الاستقلالية إلى تغوّل سلطة القضاء.

وأشارت إلى أنّ جميع النواب ينادون باستقلالية القضاء ولكن ليس إلى الحدّ الذي يجعل من القضاء دولة في حد ذاته.

وقد عبر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين في بيان اطلعت عليه "إيلاف" عن "عميق انشغاله وبالغ تخوفه من الثغرات التي طبعت المشروع الأول لقانون الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي، في المشروع الذي تمت المصادقة عليه من قبل الحكومة".

وأضاف البيان أن مشروع القانون "لم يعرف الهيئة بالهيئة المستقلة ولم يشر إلى استقلالها المالي والإداري ولم يعين لها مقراً مستقلاً" ولم يمكنها من "صلاحيات تقريرية، بل أبقى تلك الصلاحية للسلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل".

من جانبها، دعت منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" المجلس الوطني التأسيسي إلى "الإسراع في معالجة العيوب الموجودة في مشروع قانون من شأنه السماح باستمرار التعدّي على استقلال القضاء".

وأضافت المنظمة أنّ "مشروع القانون سوف ينشئ هيئة قضائية موقتة تشرف على تعيين وترقية وفصل القضاة، مضيفة أنه يمنح للسلطة التنفيذية دورًا أقل ولكن لا يزال كبيرًا في تركيبة الهيئة، ولا يقدم مبادئ توجيهية محدّدة خاصّة بالخطوات المتبعة لفصل القضاة." وهو "يُبقي على إمكانية فصل ونقل القضاة بشكل تعسفي".

أما حركة "نداء تونس" فقد أكدت تمسكها "المطلق واللامشروط باستقلالية القضاء معتبرة في بيان اطلعت عليه "إيلاف" المشروع الذي قدمته الحكومة "لا يستجيب للمعايير الدولية لاستقلال القضاء بل يمسّ من هذه الاستقلالية ويعيقها".

وأشارت حركة نداء تونس إلى أن مشروع القانون الذي أعدته الحكومة لإحداث هيئة موقتة للقضاء "يجب أن يضمن استقلالها المالي والإداري وأن يكون لها مقر مستقل خارج مكاتب وزارة العدل وان تكون لها صلاحيات القرار وتركيبة متوازنة تستند الى انتخاب اعضائها من طرف القضاة"، ودعت الحركة إلى الوقوف ضد من يدعو إلى إبقاء القضاء تحت هيمنة السلطة التنفيذية".

وأكدت نقابة القضاة التونسيين من ناحيتها في بيان لها أنها حريصة على "اعتماد مبادئ استقلالية الهيئة في تسميتها وفي تنظيمها وفي تركيبتها وفي هيكلها وفي صلاحياتها".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
المعارضة هي المشكل
FIRAS90 -

في تونس لا اختلاف حول الصورة الجديدة للمعارضة و هي معارضة ايديولوجية فهي تعارض كل ما تأتي به الحكومة و على رأسها الإسلاميون ، هم لا يهتمون بالدولة بل لا هم لهم غير معاداة الإسلاميين حتى تبقى تونس دائما تحت سلطة اليساريين من شيوعيين و ماويين و خوجيين ( أنور خوجة ) .. الله عليهم .. المشاكل تتالى في تونس و لا أحد يقف وراء هذه المشاكل غير المعارضة .