رشق الحجارة تهمة يواجهها الأطفال الفلسطينيون في الضفة الغربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مخيم الدهيشة: تنظر ام عبد الله الى صورة باهتة لابنها الاسير عندما كان مراهقا قائلة "يأتي الاسرائيليون في الليل وياخذون اولادنا". فقد دخل ثلاثة من اولاد ام عبد الله السبعة السجون الاسرائيلية بالتهمة نفسها وهي رشق الحجارة عندما كانوا قاصرين. وما زال اثنان منهم وراء القضبان.
واعتقل ابنها عبد الله (20 عاما) ثلاث مرات كانت الاولى منها عندما كان عمره ستة عشر عاما. وقصة هذه المراة التي تقيم في شقة متداعية في مخيم الدهيشة للاجئين في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية امر طبيعي في المخيم الفقير.
ووفقا لحركة العالمية للدفاع عن الاطفال يعتقل 700 طفل من الضفة الغربية سنويا، يتهم معظمهم برشق جنود اسرائيليين وسيارات عسكرية بالحجارة، بينما قد تصل تهم اخرين الى صنع زجاجات حارقة والتورط في "جماعات ارهابية".
واظهرت ارقام جمعتها الحركة انه في نهاية حزيران/يونيو الماضي كان هناك 221 طفلا فلسطينيا قيد الاعتقال بينهم 35 طفلا تتراوح اعمارهم ما بين 12 و15 عاما. وبدأ الشبان الفلسطينيون يلجأون الى رشق الحجارة، رمز المقاومة الفلسطينية، في مخيم جباليا في شمال قطاع غزة خلال الانتفاضة الفلسطينية الاولى (1987-1993).
ويشكل رشق الحجارة حسب الامر العسكري الاسرائيلي رقم 1651 جريمة بموجبها يمكن معاقبة طفل عمره 14 عاما بالسجن لمدة عشر سنوات في حال القاها على شخص بقصد الحاق الاذى به او عشرين عاما في حال رشق سيارة.
وتقول الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال انه بالامكان محاكمة اطفال لا تتجاوز اعمارهم 12 عاما وحبسهم لمدة 188 يوما بدون توجيه اي تهم لهم مع ان معظمهم يحتجزون لفترة تتراوح بين اسبوعين وعشرة اشهر.
وفي تقرير عن الحجارة في 2012 وجدت منظمة بتسيلم الاسرائيلية لحقوق الانسان ان الجيش الاسرائيلي قام بين عامي 2005 و2010 بمحاكمة 835 قاصرا بتهمة رشق الحجارة. وقال الجيش الاسرائيلي في رد خطي ان "الجيش لا يستخف بمثل هذه الحوادث الخطيرة التي قد تعرض سلامة السكان للخطر".
واضاف الرد الاسرائيلي ان الدليل على ذلك واضح في "مقتل عائلة بالمر" في اشارة الى مقتل مستوطن اسرائيلي وابنه بعد ان رشقت سيارتهم بالحجارة مما ادى الى انقلابها. ولم يدل الجيش باي تعليق على القاء الحجارة داخل مخيمات اللاجئين.
ويقول محمد الجريشي وهو من سكان مخيم الدهيشة انه كان يبلغ من العمر ستة عشر عاما عندما اعتقل اولاد من صفه في مدرسة اسكندر الخوري في بيت لحم من بيوتهم خلال مداهمات ليلية. وفي حال اعتقل احد الاطفال تضطر عائلته الى الاعتماد على معلومات من الجيران ومنظمة الصليب الاحمر لمعرفة مكان اولادهم.
ويقول السكان والحركة العالمية للدفاع عن الاطفال ان التحقيقات تجري غالبا بدون اشراف احد الوالدين او محام وقد تمضي اشهر دون ان يتمكن الاطفال من رؤية عائلاتهم. ويشير الجريشي الى انه من بين ثلاثين طالب في فصله انتهى الامر ب24 منهم في السجون الاسرائيلي بتهم رشق حجارة والقيام بنشاط سياسي.
ويضيف ان الستة المباقين الذين لم يعتقلوا وقتها ذهبوا لاحقا الى السجن. واضطر العديد منهم الى اعادة الصف نفسه وما زال بعضهم وراء القضبان حتى الان. واعتقل الجريشي عندما كان عمره 17 عاما بتهمة القاء الحجارة والانتماء الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تعتبرها الولايات المتحدة واسرائيل منظمة ارهابية.
ويقول ان "الحجارة تظهر للجنود الاسرائيليين باننا ما زلنا هنا ونحن موجودون". واضاف "نريد العابا وليس اسلحة او حجارة ولكن هذا سيحدث فقط عندما ينتهي الاحتلال ونستعيد حقوقنا". وتعرض الجريشي للضرب عند استجوابه وامضى 51 يوما في سجن انفرادي معزول في غرفة صغيرة جدا بدون نوافذ وتحت ضوء فلورسنت قاسي كان مضاء على الدوام ويشكل جزءا من منظومة تستخدم للتعذيب النفسي.
وكلما كان يحاول النوم يضع الجنود الاسرائيليون موسيقى بصوت عال. واتهمت بتسيلم الجيش الاسرائيلي ايضا باستخدام الحرمان من النوم والموسيقى الصاخبة واجبار المعتقلين على الجلوس على كراسي واجسادهم مقوسة الى الوراء ووضع اكياس على رؤوسهم وتعريضهم للحرارة والبرد الشديد كوسائل للتحقيق والاستجواب.
واشار والد معتقل يبلغ من العمر 17 عاما الى ان المعتقلين من الاطفال يجبرون على "الاعتراف" من خلال التهديد بالعنف الجنسي ومنعهم من الحصول على دواء. وحثت الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال الامم المتحدة على النظر في التقارير عن التهديدات والاعتداءات الجنسية.
ويصف الجريشي كيف يتم اجبار اطفال في الثانية عشرة من العمر على اختيار "الانتماء السياسي" بين فتح او حماس او الجبهة الشعبية ليتم تصنيفهم وجمعهم في السجن. وعلى الرغم من ان بعض الاطفال ينتمون بالفعل الى تلك الاحزاب السياسية يصر العديد منهم بانهم اتهموا زورا.
ويؤكد محمود البدن (17 عاما) الذي اطلق سراحه وقال اطباء انه مصاب كسر في الفك "احتجزوا اسرتي داخل البيت وضربوني بالبنادق في الشارع (...) لكنني لست خائفا". وكان جمال فراج يبلغ من العمر 14 عاما عند اعتقاله بتهمة القاء زجاجات حارقة على الجيش الذي اجتاح الدهيشة. والان بعد عشرين عاما فان ابنه خالد محتجز في سجن عوفر بالقرب من رام الله بتهمة مماثلة.
ويحمل فراج صورة لابنه وهو بجانبه ويقول ان الاطفال في المخيم يكبرون وسط وجود مستمر للجنود الاسرائيليين. ويضيف "بعد ان كنت في السجن انتقلت من طفل يريد اللعب الى رجل مليء بالغضب يقاوم الاحتلال".