لاجئون سوريون في الأردن يتحدثون عن معاناتهم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مخيم الزعتري: يشعر اللاجئون السوريون في مخيم الزعتري شمال الاردن بالاحباط، ويقولون إنهم يفضلون العودة الى بلدهم بدل "الاهانة والذل" في المكان الذي فروا اليه هربًا من العنف.
وقادت معاناة هؤلاء التي زاد منها حر الصيف والغبار وعدم توفر الكهرباء، الى الاعتصام ومحاولة الهرب من المخيم احتجاجًا على اوضاعهم المزرية على حد تعبيرهم.
واضطر الأمن في المخيم الواقع قرب الحدود مع سوريا لاستدعاء قوات الدرك الاثنين لتفريق لاجئين غاضبين اصطدموا مع حرس المخيم عند محاولتهم مغادرته.
وينتشر في الزعتري في المفرق (85 كلم شمال شرق عمان) آلاف الخيم فوق رمال صحراوية .
وقال مروان البسطي (32 عامًا) الذي جاء من قرية الطيبة (جنوب دمشق)، لوكالة فرانس برس: "لم نهرب من ذل بشار (الاسد) لنذل هنا. افضل أن اموت ببلدي على هذا الحال".
واضاف البسطي الذي كان واقفًا في طابور ويرتدي بنطال جينز أزرق بات لونه بنيًا تقريبًا بسبب الغبار: "يوميًا نقف بالطابور لساعات حتى نتلقى معونة ويوميًا تقع مشاكل".
واكد بحرقة "نموت بشرف وكرامة في سوريا افضل من أن نذل هنا. فوجئنا بالوضع هنا لو كنا نعلم لما أتينا".
اما فاطمة علي الصبيحي (38 عامًا) التي قدمت من درعا فقد بدت سعيدة عندما خرجت من طابور وهي تضع كمامة بيضاء تغطي انفها وفمها وتحمل كيسًا فيه خبز وزجاجة كوكاكولا كبيرة واجبان ومربى وعدد من زجاجات المياه.
وتقول إن "أحدهم اعطاني دوره لم اقف في الانتظار الا نصف ساعة فقط، حظي جيد اليوم".
وتضيف: "أسوأ ما في الامر هنا هو الغبار الذي أمرضني وأمرض اولادي. كلنا اصبنا بالتحسس، والخيام ليست جيدة ولا تحمينا".
وقال زياد يونس (14 عامًا) وهو ايضًا من درعا لفرانس برس إن "امي اصابها التهاب رئوي من الغبار وهي تتلقى العلاج حاليًا في المستوصف وأنا عيناي تحرقاني وأنفي يؤلمني من التحسس".
واضاف الشاب الذي وصل الى الاردن برفقة سبعة اخوة وخاله وامه عبر السياج الحدودي: "قبل ايام قام البعض بالتظاهر مطالبين بتحسين الوضع في المخيم. لو كنا نعلم أن الوضع سيكون على هذا الشكل لما أتينا".
واوضح أن "والده فضل عدم المجيء عندما علم بالوضع هنا".
واكد أن "دبابات بشار لم تذلنا، جئنا الى هنا وانذلينا"، معبرًا عن امله في العودة الى بيته. وقال: "ليتني اعود الى بيتي واحضن والدي وامضي العيد معه. انا خائف عليه لأن اخباره لا تصلنا".
ويخرج من جيبه بعض العملة السورية، قائلاً: "ليس هناك من يرضى أن يصرف لي هذه النقود أو يأخذها مقابل أن اتصل بوالدي".
من جانبه، قال محمد (50 عامًا) وهو أب لاربعة ابناء رفض اعطاء اسمه كاملاً كان يقف في الطابور منذ ساعتين وهو يغطي رأسه بقطعة قماش ويضع كمامة تقيه الغبار: "هذا سجن كبير لا يصلح حتى للحيوانات".
واضاف: "لا شيء متوفر هنا لا كهرباء ولا غاز حتى الاتصالات أو التلفاز. نحن معزولون عن العالم حتى السجين يحظى بحقوق اكثر منا".
وتابع وقد اغرورقت عيناه بالدموع: "لا أملك اي وسيلة الآن للإطمئنان على بقية اهلي في سوريا".
والى كل ذلك، يشتكي اللاجئون من التحرش بالنساء. وقال خلدون قداح (28 عامًا) من حمص (وسط سوريا) لوكالة فرانس برس إن "عراكًا دار قبل يومين بين عامل نظافة اردني وشاب سوري عندما كان الأول يراقب فتاة لدى دخولها وخروجها من حمام مختلط".
واضاف أن "الشاب ضرب الاردني على رأسه وحضر الاسعاف وأخذه، فيما اعتقلت الشرطة الشاب السوري. قمنا بالاعتصام امام باب المخيم مطالبين باطلاق سراحه دون جدوى".
ولم ينهِ قداح كلامه، قبيل موعد الافطار الرمضاني بقليل، حين دخلت المخيم سيارات تحمل أطعمة ومياهاً للشرب.
لكن سيارة تحمل لوحة كويتية رباعية الدفع استغلت الموقف فدخلت المخيم، وفيما قام راكب الى جانب السائق بالتصوير بواسطة كمبيوتر لوحي قام راكب خلفه برفع ورقة بيضاء رسم عليها قلب حب وداخله رقم موبايل.
وتقترب واحدة من السيارات من فتاة سورية عشرينية تجر صندوق ماء وتحمل كيسًا من المعونات ما لبثت أن شتمت من فيها.
وقالت الفتاة لفرانس برس: "تعودنا على هذه المسخرة وما باليد حيلة. لا نستطيع أن نطلب من الأمن ان يمنع السيارات الخاصة من دخول المخيم لأنها تحمل لنا الطعام والشراب".
وحول هذه المساعدات، قال محمد دعيبس (46 عامًا) متسائلا: "إن السعودية تقول إنها سخرت مئتي مليون دولار للاجئين والكويت 100 مليون واميركا 100 مليون، فأين هي؟"، موضحًا ايضًا أن "بعض المساعدات التي تأتينا لا نحتاج اليها ونرميها في سلة المهملات".
واوضح أنهم "يحضرون لنا اكياس رز وليس لدينا غاز ولا نستطيع أن نطبخه (...) ومنذ أن أتينا نطلب الكهرباء".
واشار الى عمود للكهرباء يبعد خمسة امتار عن خيمته متسائلا: "ما المانع؟ لماذا يحظى القائمون على المخيم والبعثات بكرافانات (منازل متنقلة) مكيفة، هل هم بشر ونحن حيوانات؟".
ويعتبر دعيبس أن "الموت في سوريا اسهل واسرع من الذل والقهر والموت البطيء هنا".
وعلى مسافة قريبة، تتربع شابة سورية (28 عامًا) عرفت بنفسها بأم محمد امام وعاء كبير تملأه من خزانات وسط المخيم وتغسل بطانيات منحتها اياها المفوضية ولعائلتها.
وقالت ضاحكة لفرانس برس "نحتاج الى النظافة والاستحمام كل ساعة تقريبًا. نحن في صحراء فماذا تتوقع؟"، مشيرة الى أنها تقطن المخيم مع زوجها وابنائها واثنين من اخوتها واولادهم.
وتقول: "نحن 15 شخصًا تقريبًا نعيش في خيمتين بالكاد تتسعان لنا".
وردًا على سؤال عن استعداداتها لعيد الفطر الذي يحل بعد ايام، قالت "عن أي عيد تتحدث؟ برأيك هل يستطيع أي منا أن يعرف الفرحة هنا، نحن بالكاد احياء".
ورأت أن "العيد الحقيقي هو عندما يسقط نظام بشار ونعود الى بيوتنا آمنين معززين مكرمين بدل الاهانة والذل".
ويستضيف الاردن اكثر من 150 ألف لاجىء سوري منذ بدء الاحداث في سوريا في اذار/مارس 2011 التي أودت بحياة اكثر من 21 ألف سوري.
وتقول المملكة والمفوضية إن محدودية الموارد والتدفق المستمر للاجئين يحدان من قدرتهما على مواجهة الازمة، لكن الحكومة الاردنية وعدت بتحسين اوضاع المخيم.