إسرائيل تجري اتصالات سريّة بالمعارضة السورية في بلغاريا

كشفت برقية تلقتها الخارجية الإسرائيلية عن إجراء اتصالات بين دوائر سياسية في تل ابيب وكوادر المعارضة السورية في بلغاريا، ورغم ان تلك الاتصالات جرت بعيداً عن الوزير افيغدور ليبرمان، إلا ان القائم بالمهمة أكد أنه حال عودته من صوفيا، أبلغ نائب وزير الخارجية الاسرائيلي بنتائج الزيارة.

القاهرة: أعربت الخارجية الإسرائيلية عن سخطها البالغ مما وصفته بعمليات الالتفاف عليها وتغييبها في محاولات فتح قنوات من الحوار مع المعارضة السورية في بلغاريا، ووفقاً لتقرير مطول نشرته صحيفة هاآرتس العبرية حول هذه القضية، بعث وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان برسالة شديدة اللهجة لرئيس الوزراء نتنياهو، طالبه فيها بتقديم ايضاحات حول وصول موفد عنه إلى بلغاريا للتحاور مع المعارضة السورية في العاصمة البلغارية صوفيا دون علم من الخارجية الإسرائيلية.

وتشير معلومات أزاحت الخارجية الإسرائيلية الستار عنها إلى انها تلقت برقية من سفير اسرائيل لدى صوفيا "شاؤول كميسا"، جاء فيها: "ان "مندي صفدي" مدير مكتب نائب وزير تنمية النقب والجليل "ايوب قرا"، طاف مختلف دول العالم، وقدم نفسه على انه موفد من الحكومة الإسرائيلية، لفتح قنوات من الحوار مع المعارضة السورية".

امتعاض بالغ من تصرفات مدير مكتب نائب الوزير

وأبدى سفير اسرائيل لدى بلغاريا امتعاضاً بالغاً من تصرفات مدير مكتب نائب الوزير الاسرائيلي، مشيراً في برقيته إلى انه زار بلغاريا منذ ثلاثة اسابيع، وجاء في بيان صحافي نشرته وسائل الاعلام البلغارية قبل الزيارة، ان نائب الوزير الاسرائيلي "ايوب قرا" سيزور صوفيا كممثل عن الحكومة الإسرائيلية، غير انه في توقيت الزيارة تعلل قرا بتعرضه لظروف حالت دون سفره، وارسل مدير مكتبه مندي صفدي نيابة عنه.

وقالت الصحيفة العبرية إن برقية السفير الاسرائيلي في صوفيا جاءت تحت عنوان "تصرف يستلزم المتابعة والاهتمام"، وجاء في متن البرقية إن مدير مكتب نائب الوزير ايوب قرا يقوم بدور سياسي في بلغاريا دون تنسيق مع الخارجية الإسرائيلية، التي لم تبلغ بدورها سفارتها في صوفيا بزيارة صفدي وأهدافها بشكل مسبق، كما أوضح السفير الاسرائيلي انه كان تلقى اتصالاً هاتفياً من صفدي، أبلغه فيه الأخير بأن نائب الوزير ايوب قرا سيزور صوفيا، لعقد لقاءات مع المعارضة السورية من خلال نواب في البرلمان البلغاري، فأبدى السفير الاسرائيلي اندهاشاً من طلب صفدي، وقال انه سينتظر طلباً رسمياً بذلك من الخارجية الإسرائيلية في القدس، غير انه لم يصله هذا الطلب.

وفي سياق برقيته التي نقلتها الصحيفة العبرية، قال سفير اسرائيل لدى صوفيا: "منذ هذا الاتصال لم يجر بيني وبين مدير مكتب نائب الوزير قرا اي تواصل، إلا انني فوجئت به في صوفيا، وبأنه اجرى حواراً صحافياً مطولاً مع صحيفة "ستاندرت" الاوسع انتشاراً في بلغاريا، وجاءت تلك المعلومات من مندوب الصحيفة عينها، حينما أكد أنه اجرى حواراً مع صفدي، الذي قدم نفسه على انه مبعوث رسمي عن الحكومة الإسرائيلية، لاجراء اتصالات بالمعارضة السورية في بلغاريا، وطلب محرر الصحيفة البلغارية من السفارة التأكد من هوية صفدي".

ضغوطات على رئيس تحرير الصحيفة الاوسع انتشاراً

السفارة الإسرائيلية في صوفيا أبلغت الصحافي البلغاري أنها لا تعلم عن مهمة صفدي في بلغاريا اية تفاصيل، وطالبت الصحافي بعدم نشر الحوار، كما مارست ضغوطات على رئيس تحرير الصحيفة للتراجع عن النشر، ولم يُنشر الحوار في نهاية المطاف.

ووفقاً لصحيفة هاآرتس، يعتبر سفير اسرائيل لدى صوفيا مقرباً جدا من وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، خاصة ان الأخير عينه في منصبه "تعييناً سياسياً"، ونقلت الصحيفة عن مصدر مسؤول في الخارجية الإسرائيلية قوله: "عندما تلقى وزير الخارجية ليبرمان البرقية، استشاط غضباً وبعث بالبرقية إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وطالبه بتوبيخ نائب وزير تنمية النقب والجليل ايوب قرا".

وكان وزير الخارجية الاسرائيلي قدم شكاوى قبل ذلك من نائب الوزير قرا، بعد سلسلة لقاءات أجراها الأخير في فيينا مع ممثلين عن الحزب اليميني النمساوي المتطرف، الذين كانوا يتحرشون بأعضاء الطائفة اليهودية في النمسا وبالسفارة الإسرائيلية هناك، وحينئذ رفض نتنياهو توجيه اي توبيخ لنائب الوزير ايوب قرا، غير انه في هذه المرة لم يستطع تجاهل موجة الغضب، التي انتابت وزير خارجيته ليبرمان، وأجرى اتصالا هاتفيا بنائب الوزير، لافتاً انتباهه لعدم تكرار ما بدر منه ومن مدير مكتبه مستقبلاً في بلغاريا.

الصحافي الاسرائيلي معد التقرير "باراك رابيد" قال في سياق سرده القضية، انه اجرى اتصالاً بنائب وزير تنمية النقب والجليل ايوب قرا، للحصول على تعليقه على برقية السفير الاسرائيلي لدى بلغاريا، وما انطوى عليها من ردود فعل غاضبة في الخارجية الإسرائيلية، ونفى قرا أية علاقة له بسفر مدير مكتبه إلى بلغاريا، غير انه في الوقت عينه سافر صفدي إلى بلغاريا بالفعل ممثلاً رسمياً عن الحكومة الإسرائيلية، وأضاف قرا: "مدير مكتبي صفدي زار بلغاريا من قبل دوائر رسمية في حكومة الليكود، وليست لي علاقة بالزيارة".

دعوة من البرلمان البلغاري للتباحث حول الملف السوري

وبحسب الصحيفة العبرية، تراجع نائب الوزير الاسرائيلي في مرحلة لاحقة عن تصريحاته السابقة، إذ قال: "ان مساعدي تلقى دعوة من البرلمان البلغاري، للتباحث حول الملف السوري، والتقى هناك شخصيات مهمة لا يجب الكشف عن هويتها لوسائل الإعلام"، واضاف نائب الوزير الاسرائيلي انه لا يرغب في الحديث عن هذا الموضوع، نظراً لما يكتنفه من حساسية شديدة.

من جانبه قال مدير مكتب نائب الوزير الاسرائيلي مندي صفدي، ان سفره إلى بلغاريا ولقاءه عناصر المعارضة السورية في صوفيا، كان بتكليف من شخصية سياسية بارزة في الحكومة الإسرائيلية، ولا يجب الكشف عن هويتها لوسائل الاعلام، وأسهب قائلاً: "هناك تفاصيل وربما معلومات لا يعلم عنها السفير الاسرائيلي في بلغاريا شيئاً، كما ان هناك انشطة يتم تكليفي بها دون علم من نائب الوزير ايوب قرا، ولا يمكنني الحديث عن ذلك بشكل مفصل امام وسائل الاعلام".

وادعى صفدي وهو من مواليد قرية "مجدل شمس" الدرزية في الجولان، انه يتمتع بشبكة متشعبة من العلاقات بالمعارضة السورية، والمح إلى انه نجح قبل ذلك في ترتيب موعد بين عناصر من المعارضة السورية ووزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، وعلى العكس من ادعاءات سفير اسرائيل لدى صوفيا، قال صفدي في سياق حديثه مع الصحيفة العبرية، انه ابلغ دوائر قيادية في الخارجية الإسرائيلية باعتزامه السفر إلى بلغاريا ممثلاً رسمياً عن بلاده، موضحاً انه ابلغ نائب وزير الخارجية "داني ايالون" بنتائج زيارته لبلغاريا ومباحثاته مع عناصر المعارضة السورية في صوفيا.