أطفال غزة عين على الدراسة وعين على العمل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما أنتجته الحرب والسياسة والاقتتال الداخلي ساهم بشكل كبير في تغيير حياة آلاف من الأسر الفلسطينية، وكباقي المجتمعات في العالم يتأثر الأطفال بكل ما يجري سواء أكان ذلك على المستوى العائلي الشخصي أم المجتمع. أطفال الشوارع حكاية المأساة والمعاناة والتفكك الأسري. "إيلاف" تجولت بين الأطفال العاملين ورصدت أحلامهم البسيطة ومعاناتهم..
غزة: في وجوههم تبدو براءة الحياة رغم كل ما تحمله قلوبهم من مآسي وآلام الفقر، يتساءلون عن الأسباب التي أدت بهم إلى نقطة الصفر.
كل صباح يستيقظون محملين بالأحلام ،تلمع عيونهم بأبسط الحقوق التي حرموا منها في زحام الحياة.
غزة على مقربة من بدء الموسم الدراسي الجديد، ومع بدء التجهيزات والتحضيرات يعيش الأطفال العاملون حكايات الوجع والألم والتعب.
إيلاف عاشت حكاياتهم، وطموحاتهم قبل أيام من بدء الموسم الدراسي الجديد.
بعد طلاق والدتي أصبحت الأب لإخوتي...
بهذه الحروف الكبيرة التي ينطق بها الطفل "محمد" والتي كشفت بين ثناياها عن أكثر القصص إنسانية حين توجهنا إليه، وسألناه عن سبب عمله، ليبدأ موجة البكاء والتي تنم عن الوجع والمأساة.
يقول "أبي طلق أمي منذ سنوات طويلة، وأنا في الصف الأول، وكبرت وأبي غير موجود في البيت، كانت أمي هي من تقوم برعايتنا، ولكن عندما أصابها السرطان أصبحت عاجزة ولا تستطيع المشي ولا الخروج".
ويتابع: "أصبحنا بعد فترة نعيش على الصدقات من أصحاب الخير، ولم نكن نعلم أن الدنيا بهذه الصعوبة، بل امتد الأمر ليصل بنا أننا لم نتخيل حجم المأساة التي لحقت بنا، ذهبت إلى الجيران وأخذت أرجوهم أن اعمل لديهم حتى أعيل عائلتي وكانوا دوما يرفضون بسبب صغر سني إلا أن الحاجة دفعتني في يوم من الأيام أن أذهب إلى إحدى الإشارات الضوئية، وطلبت من أحد الأطفال مثلي أن أعمل معه".
ويكمل وقد بدأت الدموع تنهار من عينيه من جديد: جاء الموسم الدراسي، ولا أدري كيف سأوفر المال لعائلتي مع العلم أنني لا أستطيع توفير أكثر من قوت يومنا.
ويضيف: "أحلم بأن أكمل دراستي في المدرسة هذا العام لكن الطرق دوما مسدودة في طريقي، فوالدتي مريضة وإخواني الصغار لا يستطيعون إعالة أنفسهم، فكيف سيكون حالي بعد دخول المدرسة، وأنا لا أستطيع الذهاب بسب عملي المتواصل على الإشارات الضوئية؟".
ويختم حديثه بكل براءة وعفوية "أرى الأطفال وهم عائدون من المدرسة وقد أمسكوا بحقائبهم الجميلة وأقلامهم فأتحسر وأبكي كثيرا ، بسبب أبي نحن الآن نعمل في الشارع أنا وإخوتي الصغار ،فأنا أصبحت الأب لعائلتي بعد طلاق والدتي منه".
على مسافة ليست ببعيدة من الطفل محمد يجلس الطفل ياسر، وقد أنهكه العمل لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، ورغم القروح التي في يديه، واصل العمل ليلا ونهارا من أجل توفير المال.
سألته مراسلة "إيلاف" عن استعداده للعودة إلى مقاعد الدراسة، "الطفل ياسر" يروي تفاصيل حياته وكيف بدأ العمل.
لن أذهب للمدرسة..
لا يتجاوز الرابعة عشر ربيعا، في يديه بقية من حلوى يبيعها على إحدى الإشارات الضوئية، اختار أن يجلس ليلهو مع رفاقه الصغار قبالة أحد الشوارع الرئيسة في غزة.
يتحدث قائلاً: "بدأت العمل في سن السابعة من عمري وقتها كانت والدتي تعاني المرض، بينما لا يعمل والدي بسبب ظروف الحصار الشديد والتي جعلت من عائلتنا مكانا للتشرد على عكس ما يتمناه الصغار".
ويضيف: "كبرت ونشأت في جو مشحون دائما بالمشاكل، كنت اهرب من عائلتي وضرب والدي المتكرر لي إلى الإشارة".
ويتابع: "في البداية سرقت أحد المحلات التجارية من أجل أن أعود إلى البيت وأعطي المصروف لأبي الذي كان يضربني وبشدة إن لم أحضر شيئا ليأكله ثم تكررت العملية والسرقة إلى أن عثرت على عمل شريف في يوم من الايام من خلالأحد أصدقائي في المدرسة وقتها قررت أن أعيل عائلتي وأساعدها بطريقتي الخاصة".
ويصف ببراءة لا تخلو من الهموم كنت من الأوائل في المدرسة لكني الآن لا أستطيع الذهاب إلى المدرسة هذا العام بسبب عملي في الشارع.. أتمنى أن أعود إلى مقاعد الدراسة، لكن ما يمنعني هو الفقر الشديد لعائلتي وعدم مقدرتنا على توفير أيّ من النقود لذلك اخترت أن أترك الدراسة.
أما الطفل "أحمد" الذي لا يتجاوز التاسعة من عمره، فهو يقف عند أحد المحلات ويستعطف أحد الزبائن من اجل أن يقوم بالشراء منه.
مراسلة "إيلاف" اقتربت من الطفل الذي أصر على الحديث من دون تصوير خوفا كما يقول من جبروت والده.
"تركت البيت وهربت منه منذ سنة تقريبا، فحياتنا لا يوجد فيها شيء مميز، أبي لا يعمل أبدا، طوال النهار يظل جالسا في البيت، بل ويحملنا مسؤولية عدم عمله ليقوم بضربنا دائما الأمر الذي اضطرنا إلى الخروج إلى العمل ليلا ونهارا".
ويمضي قائلا: "كنا نعطي أبي كل ما نجنيه من عملنا، لكن مع إصرار والدي على عملي اضطرني الأمر إلى أن أتغيب فترة طويلة جدا عن المدرسة التي كنت في صغري أحبها جدا".
ويواصل حديثه بنبرة الألم والحزن "كانت المدرسة بالنسبة لي ولإخوتي مكانا لنرفه عن أنفسنا، كنا نهرب إلى المدرسة، لكن هذا العام وبسبب ظروف عملي الاستثنائية لن أعود إلى مقاعد الدراسة والسبب أنني أنام خارج البيت ولا أستطيع التوفيق بين دراستي وعملي".
ويختم حديثه: "الأطفال مثلنا لا يعيشون مثل الأطفال الطبيعيين، بسبب ظروف الحصار والفقر وكذلك الاقتتال الداخلي.. أمل في يوم من الأيام أن أعود إلى المدرسة وأن أرتدي الملابس كل صباح وأن اجلس إلى مقاعد الدراسة مرة أخرى كما باقي أطفال العالم".
ولعلم النفس كلمة
اخصائية العلاج النفسي في جمعية الوداد للتأهيل المجتمعي، منى موسى، تتحدث عن ظاهرة عمالة الأطفال في الشوارع، قائلة: "منذ القدم تعتبر هذه الظاهرة موجودة عند العرب بشكل عام وعند الفلسطينيين والمصريين بشكل خاص نظرا لارتفاع معدلات البطالة عند رب الأسرة الأمر الذي يضطر الطفل للخروج من أجل البحث عن فرصة للعمل، ما يؤدي به إلى العديد من المشاكل الكبيرة منها التشرد والضياع وكذلك تعرضه للاستغلال من قبل الكبار".
وتتابع: "أطفال الشوارع في غزة في تزايد مستمر فهم يهربون من المدارس يوميا وبأعداد كبيرة جدًا، ويقومون بالذهاب إلى الشوارع ويقومون بالبيع على الإشارات الضوئية وأحيانا يضطر الطفل من اجل أن يحصل على المال لارتكاب جرائم كثيرة، وهذا ما حدث بالفعل مع المئات من الأطفال الذين بسبب تشردهم ارتكبوا جرائم كبيرة مثل السرقة وكذلك التخابر مع الاحتلال الإسرائيلي".
وتمضي قائلة: "نحاول أن نجمع هذه الفئة المهمشة والكثيرة في المجتمع ونعيد تأهيلهم من اجل أن يعودوا أطفال سليمين من أي خلق غير حسن، فالكثير من الأطفال قد وضعناهم في مكان يدعى الأحداث، وهو مخصص للأطفال الذين ارتكبوا بعض الجرائم من اجل أن نقوم بتعديل سلوكهم".
وتواصل حديثها" أصبح أطفال الشوارع يشكلون العبء الكبير على المجتمع وبسبب ثقافة الفقر والحصار لم تعد أمنيتهم مواصلة الدراسة، وهذا قد يؤثر بشكل كبيرفي المجتمع وعليهم كفئة خاصة وضعيفة.
من الجدير بالذكر أن هذه الفئة لا إحصائيات كبيرة ومحددة عن عددها في المجتمع الفلسطيني، لكن ما تؤكده الجمعيات المختصة بالأطفال أن الأعداد كبيرة وفي تزايد مستمر. غادرنا أحد شوارع غزة وعيون الأطفال تراقبنا، وقد حملت عيونهم الدموع والأمل بحياة كريمة يحلمون أن يعيشوها.
التعليقات
اطفال محرومين
غدير -الفقر والحرمان الاقتصادي والاجتماعي ادى بهؤلاء الاطفال الى التشرد والضياع هذه حالة طبيعية جدااااا
مأساة
فاطمة منذر -أطفال الشوارع مأساة العصر المتطور هذه المأساة التي جلبتها مصالح الدول الكبرى وكذلك الافلام والمسلسلات واهمال الاباء وكذلك البطالة التي تجعل الطفل يترك مدرسته ويذهب للعمل
مشكلة الطلاق
أحمد اسماعيل -نتيجة الطلاق طبيعية للغاية وهي تشرد الاكفال وضياعهم وحاجتهم الى المال قد تدفعهم الى العمل غير شريف لذلك من المؤسف ان يترك هؤلاء الاطفال مدارسهم وان يدفعو ثمن تشرد أسرهم وغيره من الامور السيئة الاخرى جميل أن تسلط جريدتكم ع الواقع العربي وما يحياه العرب
ya allah
maya -بصراحه الوضع كتير مزري واتمنى من الجهات المختصه تعمل خطوة وتبارد الى التخلص من هاجه المشكله او تقدم المساعده اليهم وتعونهم
ماسي العرب
Em Malk Al Turk -ماسي العرب كثيرة وكبيرة جدا ومن ينظر الى الحوادث والطرق التي تيسلكها الاطفال في غزة وغيرها يرى مدى الاسى والظلم الذي يحل بهذه الفئة من الاطفال ابكيتومونا يا ايلاف في هذا التقرير
أستغرب؟
أبو مالك -أستغرب أن يكون هذا الوضع في مدينة غزة ؟هل هنالك فئة كهذه ومهمشة ،أين حكومة حماس،واصحاب الخير ؟
طفولة مشردة
هدى جابر -طفولة مشردة عند كل العرب وليس في غزة وحدها يجب أن يدرك اصحاب الخير هؤلاء الاطفالوان يساعدوهم بان يقدمو لهم ايدي النجاة .شكرا ايلاف على التميز في الطرح
مضحك
محمد -العرب واقعهم مضحك للغاية ومن ينظر اليهم يجد مدى التناقض الذي يعيشون به .اللعرب منذ القدم تعودوا على جيوش البطالة وكذلك ع حرمان ابنائهم من الامور الطبيعية لذلك هذا التقرير طبيعي ان كان من غزة
ايلاف؟؟
سهام رمضان.. -ايلاف دوما في صدارة الاخبار الغريبة والعجيبة سواء بالتميز بالطرح وكذلك بنوعية الاخبار لكن ما سبب الحديث عن مدينة غزة وتركيزكم على كل ما يحدث في غزة من ماسي .اصبح الدور لايلاف وجريدتكم غريب جدا
فئة مغمورة
فاتن -الحديث عن الفئات المغمورة وغير المنتبه اليها هو حديث اعلامي وسياسي واجتماعي بمعنى ان مشكلة اطفال العاملين مشكلة العرب اجمعين وليست مشكلة فرد معين او مدينة بعينها .مثل هذه الفئات تحتاج لدور رعاية وتاهيل مجتمعي كبير والعديد من الخدمات التي لا تتوفر في الوطن العربي .
مشاكل متنوعة
مشكلة العرب -مشاكل الدول العربية متنوعة وكثيرة جدا ،هؤلاء الاطفال جزء من الاف المشاكل التي ينغي لحكومات الربيع العربي الالتفاق اليهم بالذات في مصر التي يوجد بها ملايين الاطفال المتشردون
تقرير مؤلم
جيش البطالة -تقرير مؤلم جدا يكشف الوجه الحقيقي للبطالة والحرمان الذي يلحق بالاطفال الذين يلجأون بسن صغيرةالى العمل ،لكن القصص الملحقة بالتقرير مؤلمة جدا وتحتاج للكثير من الخير واصحاب المال ليتم الحاق وضم هذه الفئة للمدارس
استياء
باش مهندسة نفين -استياء من وضع العرب ومن كل ما يحيينوه،أبن الحكومات من الاطفال الم تكن هذه الفئة الضعيفة هي من تهم مصلحة المجتمع السليم كيف سينشا هؤلاء الاطفال ؟
ثورة حتى النصر
واحدي فيكاني -لا يهمنا الفقر لا يهمنا الجوع نحن مشاريع شهداء حتى تحرير فلسطين كل فلسطين ورفع علم حماس شامخاً فوق قبّة القدس . مهما صال وجال الإحتلال فسيندحر آجلاً أم عاجلاً وستكون طائراته وقنابله النووية العاباً بيد أطفالنا . انجبي ايتها النساء فنحن نحتاج الى أكبر عدد من الأبطال ولا تحدّثونا عن المدرسة والعلم والعمل فهذه امور تافهة بالنسبة للهدف الاسمى وهو التحرير واعلموا أنّ للباطل جولة و أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة . لبيك فلسطين من النهر الى البحر ومن الأغوار الى حيفا ويافا وبعد بعد يافا . وإنها لثورة حتى النصر