الصحافيون في تونس يمهلون الحكومة ثلاثة أسابيع قبل الاضراب العام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أقرّت نقابة الصحافيين التونسيين مبدأ الاضراب العام وأمهلت الحكومة 3 اسابيع لتحقيق مطالب القطاع، يأتي ذلك فيما يبلغ الاحتقان أشدّه بين الاعلاميين والحكومة على خلفية قضية "القائمة السوداء" لإعلاميي بن علي، والتعيينات الأخيرة التي قامت بها الحكومة في الاعلام العمومي.
تونس: تتواصل في تونس سلسلة التجاذبات بين الحكومة والاعلاميين، والتي اشتعلت منذ تسلم الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية مقاليد السلطة.
وأثارت التعيينات التي طالت التلفزة الرسمية ودار الصباح (احد اعرق مؤسسات الصحافة المكتوبة ويملك أغلب اسهمها صهر الرئيس السابق) جدلاً واسع النطاق، إضافة الى تهديد المستشار السياسي لرئيس الحكومة لطفي زتون بإصدار القائمة السوداء للصحافيين مما جرَ على الحكومة وابلاً من الاتهامات بمواصلة سعيها إلى السيطرة على الإعلام عبر الإنفراد بتعيين موالين لها.
أعلنت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين خلال جلسة عامة استثنائية عقدت الجمعة مبدأ الإضراب العام في قطاع الإعلام، في حال لم تستجب الحكومة التي تتزعمها حركة النهضة لمطالب الصحافيين قبل منتصف شهر سبتمبر المقبل.
وقالت نقابة الصحافيين التونسيين في لائحة الجلسة العامة الاستثنائية التي حضرتها "إيلاف": بعد انعدام التواصل مع الحكومة الموقتة التي لم تلتزم بوعودها السابقة حيث سعت من خلال جملة من القرارات التي اتخذتها وآخرها التعيينات على رأس المؤسسات العمومية والمصادرة دون التشاور مع هياكل المهنة ودون تفعيل المرسومين 115 و116 ، مما يؤكد إصرار الحكومة وضع اليد على قطاع الإعلام وإخضاعه".
إستنادًا إلى نفس اللائحة، قررت الجلسة العامة الإضراب العام في القطاع على أن يحدد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تاريخ الإضراب وشكله بالتنسيق مع الهياكل المهنية المذكورة آنفًا على أن لا يتعدى ذلك منتصف شهر سبتمبر /أيلول 2012، في صورة عدم الاستجابة لمطالب الصحافيين".
وفي تصريح لـ"إيلاف" قال الكاتب العام لنقابة الصحافيين في تونس منجي الخضراوي: "الجلسة العامة أقرت مبدأ الإضراب العام حيث فوضَنا الصحافيون للحوار مع الحكومة وأمهلونا إلى حدود 15 سبتمبر المقبل، وفي حال لم تتحقق مطالبنا سنضطر لتنفيذ الإضراب العام".
ناجي البغوري النقيب السابق للصحافيين أكد لـ"إيلاف" أنّ "الإضراب العام في قطاع الإعلام يجب أن يظل قائمًا، فخطر الانقلاب على حرية التعبير محدق ويمكن أن يعودوا بنا إلى عهد بن علي".
وهاجم عدد من الصحافيين المكتب التنفيذي للنقابة خلال الجلسة العامة الاستثنائية التي رصدتها "إيلاف" معتبرين أنّ النقابة لم تقم بدورها وأن التراجع على إعلان الإضراب العام سيعطي الحكومة هامشًا للمناورة وفرصة أخرى للتمادي في محاولات السيطرة على الإعلام.
وردًا على هجوم الصحافيين، قالت نجيبة الحمروني نقيبة الصحافيين:"إذا أحست الحكومة بالخطر ودعتنا الى الحوار فإننا لسنا مغفلين لفسح المجال أمامها للمناورة فاللقاء كان بروتوكولياً لا غير لن نرضى بمجرد وعود".
واجتمع الخميس رئيس الحكومة حمادي الجبالي مع ممثلين عن النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للثقافة والإعلام وجمعية مديري الصحف لمحاولة السيطرة على الأزمة التي يرى مراقبون أن حكومة الترويكا ومن وراءها حركة النهضة في غنى عنها حاليًا على الأقل.
وفقًا لبيان مشترك صادر عن الأطراف المشاركة في الاجتماع، اطلعت عليه "إيلاف"، فقد تم الإتفاق على إنشاء "إطار تشاوري" لتجاوز معضلة غياب التشاور بين الحكومة والأطراف المعنية بقطاع الإعلام في تونس.
الكاتب العام لنقابة الصحافيين التونسيين منجي الخضراوي قال في تصريح لـ"إيلاف" "اللقاء كان إيجابيًا للغاية واتفقنا على إحداث إطار تشاوري يجمع بين رئاسة الحكومة والهياكل المهنية الممثلة لقطاع الإعلام يهتم بكل المسائل المتعلقة بالقطاع ومشاغله ويقوم هذا الاطار التشاوري بدراسة الآليات العملية للتوافق حول القضايا المتعلقة بالإعلام إلى حين إحداث الهيئة التعديلية من قبل المجلس الوطني التأسيسي".
في المقابل، أكد الصحافي بشير واردة خلال مداخلة أثناء الجلسة العامة الاستثنائية: "البلاغ المشترك مجرد ثرثرة كلامية ولا طائل منه ولا يجب إنتظار أي شيء من هذا الاجتماع فالحكومة تقوم بالمناورة لا غير".
من جانبها، عبرت منية العرفاوي محررة في صحيفة الصباح من خلال إفادتها لـ"ايلاف"عن استيائها عمّا أسفر عنه اجتماع رئيس الحكومة بنقابة الصحافيين وباقي الهياكل المهنية قائلة": نسجل في دار الصباح استياء عميقًا مّما تمخض عن الاجتماع لأننا استشعرنا أننا كنا جملة عرضية في المفاوضات مع رئيس الحكومة".
وتتابع العرفاوي"مطالبة الحكومة بإثباتات حول تورط المدير العام المعين من طرفها مع النظام السابق تنقصه الدقة، حيث أنه من المفترض أن تتثبت الحكومة بنفسها من خلفيات الأشخاص الذين تقرر تعيينهم على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية، التي تضع يدها عليها بحكم المصادرة".
تأهب للانتخابات
وأُعتبرت التعيينات التي طالت التلفزة الرسمية في تونس ودار الصباح التي كانت مملوكة من طرف احد أصهار الرئيس السابق، تسجيدًا لرغبة الحكومة في تونس في السيطرة على الإعلام في فترة تسبق استحقاقات انتخابية ثانية منذ سقوط نظام بن علي.
حزب العمال اتهم في بيان اطلعت عليه "إيلاف"حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحكومي في تونس بالتخطيط للسيطرة على الإعلام العمومي وتحويله إلى بوق دعاية لبرامجها وسياساتها، تحضيراً للانتخابات القادمة وضمان الفوز فيه.
وقال الحزب في البيان ذاته إن "تعلاَت الحكومة لتبرير قراراتها لم تعد تنطلي على احد، باعتبار أن الذين عيّنتهم على رأس دار الصباح و مؤسسة التلفزة كانوا أبواق دعاية لنظام بن علي وقدّموا له الخدمات الجليلة"،على حد تعبير البيان.
نزار مقني محرر في صحيفة الصباح اليومية أكد لـ"إيلاف" أنّ "الأسلوب الذي تمت به التعيينات الأخيرة هو أسلوب لا يشرف تونس ما بعد الثورة، فالمرحلة تتطلب توافقاً وليس أسلوباً فوقياً أو تعاملاً بمنطق أغلبية أو أقلية، وبذلك فإن التعيينات الأخيرة على رأس وسائل الإعلام هي رسالة بالغة الخطورة، وهذا الأسلوب هو ممر آمن لتطويع الإعلام حسب أجندات سياسية تعمل عليها الحكومة الحالية وخاصة حركة النهضة".
المحلل السياسي الجمعي القاسمي يرى من خلال إفادته لـ"إيلاف" أن"التجاذبات التي برزت خلال الايام الماضية بين الحكومة والصحافيين كانت متوقعة لعدة اعتبارات أولها مرتبط بطبيعة الاستحقاقات الإنتخابية، فالحكومة تسعى إلى توظيف الإعلام استعداداً لهذا الاستحقاق الذي يعول الكثيرون عليه لتغيير المشهد السياسي في تونس.
في المقابل، أكد النائب عن حركة النهضة في المجلس التأسيسي وليد البناني لـ"إيلاف" "التعيينات الاخيرة كانت وفق القانون المنظم للسلطات العمومية، وبالتالي لا أعتقد أن الحكومة أخطأت أو خالفت القانون".
قائمة سوداء
الى ذلك أثار تصريح المستشار السياسي لرئيس الحكومة لطفي زيتون بأن الحكومة بصدد إعداد القوائم السوداء للإعلاميين مصحوبة بكل الأدلة وستعرضها على الشعب التونسي، مشيرًا إلى أن المؤسسات الإعلامية رفضت القيام بالتطهير الذاتي ووصل الأمر بها إلى التبشير بثورة ثانية، إستياءا لدى الأوساط الصحافية معتبرين أنه تهديد.
في رده على تصريحات زيتون أكد عضو النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين زياد الهاني أن الحكومة لم تستجب لمطلب النقابة مدها بقائمة سوداء للصحافيين الذين كانوا يتعاملون مع البوليس السياسي، وقال الهاني إن النقابة ليست لها ثقة في الحكومة الحالية وإصدار قائمة سوداء للصحافيين يعتبر ابتزازًا ومساومة سياسية.
مضيفا "القائمة ستشمل بالتأكيد أسماء الذين لم يلتحقوا بركب حركة النهضة، أما اللذين دانوا لها بالولاء فلا مشكل معهم، وبالتالي تتحول القائمة التي نسعى من خلالها لتحصين الإعلام وتطهيره إلى أداة بيد الحكومة لشراء الذمم ومحاربة المخالفين".
في هذا السياق، يقول المحلل السياسي الجمعي القاسمي لـ"إيلاف" "هذا التهديد هو الذي ترك إنطباعاً مفاده أن الحكومة تسعى إلى تدجين الإعلام لأنه ليس من مصلحة الحكومة ولا دورها نشر القائمة السوداء لأن أهل المهنة أدرى بالوضع داخل القطاع وهم من يحددون من أساء للمهنة".
وتابع القاسمي"عملية الوعيد التي برزت على لسان المستشار السياسي لرئاسة الحكومة يمكن ترجمتها على أنها دعوة للصحافيين للمضي في الاتجاه الذي تريده الحكومة أو أنها ستقوم بالتشهير بهم عبر القائمة السوداء وأخشى أن تتحول هذه القائمة الى وسيلة لتصفية الحسابات في حين أن القطاع هش وفي غنى عن مثل هذه التجاذبات لا سيما في مرحلة لا يزال يتحسس فيها طريقه نحو نوع من الاستقلالية والحياد".
في حين رأى القيادي في حركة النهضة وليد البناني من خلال إفادته لـ"إيلاف" أن ما صدر عن المستشار السياسي لرئاسة الحكومة "ليس تهديدًا بقدر ماهو كشف للحقائق" قائلا:" الحكومة طالبت النقابة بمدها بالقائمة السوداء ولكنها رفضت وبالتالي لن تبقى مكتوفة الأيدي".
وبخصوص عدم إصدار نقابة الصحافيين للقائمة السوداء إلى حد الساعة، وضّح منجي الخضراوي الكاتب العام للنقابة لـ"إيلاف" أنّ "الموضوع حساس وخطير حيث أن القائمة ستكون بمثابة الإعدام المدني فلا يجوز إعدادها دون أدلة مادية دامغة لا يرقى إليها الشك، وهذا ما لا يتوفر لدينا بل بين أيدي الحكومة وطالبنا ومازلنا نطالب بها".
وتشمل القائمة السوداء أسماء الصحافيين المتهمين خلال حكم النظام السابق بالحصول على أموال طائلة مقابل تجميل صورة النظام والتجسس على زملائهم ممن رفضوا الانسياق في لعبة التضليل الإعلامي طيلة أكثر من عقدين.
ونشرت العديد من القوائم "السوداء" على صفحات التواصل الاجتماعي، غير أن المهتمين بالقطاع الإعلامي اعتبروها مزورة وتهدف لتصفية الحسابات السياسية والمهنية.
وتواصل نقابة الصحافيين التونسيين الضغط على وزارة الداخلية لنشـر قائمة الإعلاميين الذين تعاونوا مع "البوليس السياسي"، وهو ما رفضه وزير الداخلية علي العريض، بحجة حماية أعراض عائلات هؤلاء.
من جهتها، تطالب الحكومة نقابة الصحافيين التونسيين بمدِّها بقائمة الإعلاميين الذين تتهمهم النقابة بالفساد، وهو ما رفضته النقابة خوفًا من أن يتِم متابعتها قضائيًا من قِبل المشكوك فيهم، وهي تُـصِرّ على أن مصالح الداخلية تُـعتبر الجهة التي تملك وثائق الإثبات، وهي المطالبة بالكشف عن خفايا هذا الملف.
وشكّلت نقابة الصحافيين في تونس إبان ثورة 14 جانفي/ يناير لجنة خاصّة بإعداد قائمة سوداء بأسماء صحافيين تورطوا مع النظام السابق.
التعليقات
الصواب والخطأ
مريم -اهل مكة أدرى بشعابها صحيح ، أما أهل المهنة أدرى بالوضع داخل القطاع وهم من يحددون من أساء للمهنة خطأ