دخول النقابات على خط الاحتجاج الاجتماعي في المغرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بدا أن الحركة النقابية المغربية أعلنت انخراطها في الاحتجاج الاجتماعي بعد مسيرتي الرباط والدار البيضاء في أواخر مايو/أيار، اللتين دعت إليهما منظمات نقابية بعد غياب طويل.
يحيى بن الطاهر من الرباط: تعتبر القيادية في المنظمة الديمقراطية للشغل فاطنة أفيد أنه "كان من المفروض والعادي أن تكون الحركة النقابية في مقدمة الحراك الاجتماعي في المغرب".
وأضافت أفيد لـ"إيلاف": "لما بدأ الحراك مع حركة عشرين فبراير، دعمت النقابات المساندة الحركة، لكن لم يكن هناك الخروج المنتظر".
وفيما تؤكد أفيد على واقع الوضعية الكارثية للطبقة العاملة المغربية، في ظل عدم استجابة الحكومة المغربية للمطالب العاملة، كما تقول، تشير إلى أن هناك "تلويحًا بالإضراب العام، الذي نحن منخرطون فيه، سواء أكنا نحن الذي سندعو إليه أم نقابة أخرى، لأن هذه الوضعية لا يمكنها إلا أن تؤدي إلى خطوة الإضراب".
وتضيف القيادية النقابية لـ"إيلاف": "إن سياسة الهروب إلى الأمام التي تمارسها حكومة العدالة والتنمية لا يمكن لها إلا أن تؤدي إلى اللجوء إلى الإضراب العام"
هناك توجس عام داخل المغرب في ظل وضع اجتماعي مرشح للاحتقان، في ظل تفاقم مهول ومخيف لارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية منذ بداية صيف هذا العام، والمرشحة للمزيد من الارتفاع خلال الأشهر المقبلة، وهو الوضع الذي كان دائمًا مؤشرًا حقيقياً إلى انفلات الوضع الاجتماعي في المغرب.
توقع حراك كبير للاحتجاج
من جهة أخرى، يرى الباحث في العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس في الرباط عبد الرحيم منار السليمي أنه لم تعد في المغرب حدود فاصلة ما بين النقابات والأحزاب السياسية.
ويوضح السليمي لـ"إيلاف": "كان لضغط مجموعة من النقابات تفسيران: أولاً هناك النقابات التي نعتبر أنها خرجت من قلب الأحزاب السياسية، وأصبحت أمام إشكال المعارضة من عدمها، وهذا أدى إلى ضغطها، وهذا التفسير ترك مجموعة من المبادرات تخرج من المجتمع، كحركة المعطلين، ثم في وقت من الأوقات حركة المتصرفين في الإدارات العمومية، عندما بدا أن النقابات لم تعد تلعب دور الوساطة، بقي فقط تأثير بسيط للمركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل، التي ظلت تشتغل على فئة العمال المأجورين".
ويرى الباحث في العلوم السياسية أن هناك ظاهرتين: الأولى أنه بدأت تعبئة النقابات من قبل أن ينتج من حكومة عبد الإله بنكيران أي إجراء، "ما بدا معه أن النقابات تبحث عن خلق توتر مع حكومة بنكيران، وهنا يفتح المجال لقراءة التوظيف السياسي للنقابات"، يضيف مؤكدًا.
من هنا يفسر السليمي خلفية مسيرة الدار البيضاء في أواخر شهر مايو /ايار الماضي التي نظمتها المركزيتان النقابيتان الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل، والتي خرجت خلالها الأحزاب السياسية.
أما بالنسبة الى المسيرة الثانية التي دعت إليها المنظمة الديمقراطية للشغل التي تمت في العاصمة الرباط أسبوعًا بعد مسيرة الدار البيضاء، وبالنظر إلى الرقم الوازن لأعداد المشاركين فيها "إن أخذنافي الاعتبار أن تلك النقابة ضعيفة وتعاني ضعفاً في التعبئة -يضيف الباحث- إلا أنها مع ذلك استطاعت أن تجمع ذلك الحشد الكبير من المحتجين والذي بلغ الستة آلاف محتج، ما يفيد بأن الأرضية خصبة للاحتجاج لو كانت النقابات الكبرى هي التي دعت إلى تلك المسيرة".
وتصنف المركزيتان النقابيتان الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل ضمن أكبر النقابات تمثيلية، مع العلم أن هناك نقابات أخرى تلعب الدور نفسه الذي كانت تلعبه الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكنفدرالية في إحدى المراحل، هناك نقابات أخرى أصبحت تلعب دور هز الحمل مع الحكومة، وهي نقابتا الاتحاد العام للشغالين في المغرب (مقرب من حزب الاستقلال، غالبية حكومية) والاتحاد الوطني للشغل في المغرب الجناح النقابي التابع لحزب العدالة والتنمية.
يعيب السليمي على الوزير الأول المغربي بنكيران القرار الذي كان قد أقدم عليه في الزيادة في أسعار المحروقات وبالطريقة التي قدمت بها والشروحات المقدمة.
ويوضح الباحث: "أن هذه المسألة تبين لنا أنه إذا سلكنا اتجاه هذا النوع من القرارات بالنظر إلى حجم انتظارات المجتمع وإذا سرنا عليها وفق طريقة المرافعات من قبل العدالة والتنمية والنقابات على السواء، ممكن أن نتوقع حراكًا كبيرًا للاحتجاج أكبر مما كانت عليه الحال، لماذا؟ لأن الاحتجاج في المغرب احتجاج غير مؤطر لا تتحكم فيه النقابات أو غيرها خاصة الاحتجاج المرتبط باليومي والمعيشي وأيضًا الاحتجاج الممكن له أن يأتي من الهوامش.
في سياق هذه المعطيات، يرى الباحث في العلوم السياسية أن ثمة "قراءة خاطئة للنقابات لما يجري في المغرب، لأن النقابة كلها تتوجه نحو حزب العدالة والتنمية، في الوقت الذي لا ترى فيه التحولات الحاصلة على مستوى عمق المجتمع المنفلت من النقابات.
ويؤكد أنه منذ سنوات لم تعد النقابات تلعب دور الوساطة التي كانت تقوم به من قبل، أكثر من هذا، "إن بعض الأرقام تشير إلى أن الحركات الاجتماعية في المجتمع ليست لديها ثقة في الأحزاب السياسية ولا في النقابات، وهذا ممكن أن يؤدي بنا إلى ظهور حركات منفلتة"، يضيف مؤكدًا.