ليبيا: سنة أولى حرية بلا قذافي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
زينت الألعاب النارية سماء طرابلس الغرب احتفالاً بمرور عام على تحرر ليبيا، لكن الدمع ما زال عالقاً في عيون أمهات وآباء ليبيون، فقدوا أبناءهم في جبهات القتال، أم مفقودين ما يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن، بالرغم من التحقيقات الجارية مع فلول أعوان القذافي. وهؤلاء لا يطلبون انتقاماً بل إقامة العدل ليس الا.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: رغم أجواء الفرح والسعادة والتفاؤل، التي طغت على المشهد في العاصمة الليبية طوال الأيام الماضية، تزامناً مع مرور الذكرى الأولى على سقوط نظام القذافي، إلا أن أباءً من أمثال عبد السلام أبو نعمة، 65 عاماً، وهو محاسب متقاعد، لم يهنأ بهذا الفرح، وكيف يفرح، مع وجود خمسة من أبنائه مختفين منذ حالة الفوضى التي عاصرتها البلاد أيام الانتفاضة التي بدأت في مطلع العام الماضي ولم تهدأ إلا بزوال القذافي.
ذكرت في هذا السياق صحيفة التلغراف البريطانية أن المرة الأخيرة التي شوهد فيها هؤلاء الأخوة على قيد الحياة كانت حين اعتقلوا من جانب إحدى الميليشيات الموالية للقذافي عند إحدى نقاط التفتيش، عندما كان يتم حينها قتل الأسرى بدلاً من حبسهم.
ومضت الصحيفة تنقل عن والدهم أبو نعمة قوله: "أبنائي كانوا أعزاء بالنسبة إليّ، وكان من الصعب عليّ أن أفقدهم. وكان فقدانهم جزءًا من الثمن الذي تعيّن على كثير من العائلات دفعه كي تصل ليبيا الى ما وصلت إليه اليوم".
فيما لفتت الصحيفة إلى أن أكثر من 800 مقاتل من صفوف الثوار والمتعاطفين معهم مازالوا مفقودين إلى الآن في أعقاب الانتفاضة والحرب التي شهدتها ليبيا طوال فترة كبيرة من العام الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن تلك الأسر لا تزال تتشبث بالأمل حتى آخر لحظة، حيث تعلق صور ذويهم المفقودين على الحوائط وفي الشوارع، في كل أنحاء العاصمة طرابلس.
وعلى الرغم من تصاعد نبرة التفاؤل في ليبيا الجديدة، إلا أنه لا يزال هناك قدر كبير من مشاعر القلق، حيث نوهت الصحيفة في هذا الجانب بانسحاب الـ 600 ميليشيا التي تكونت على مدار العام الماضي دعماً للانتفاضة من الشوارع، لكنها مازالت تتصارع أحياناً مع بعضها البعض، غالباً نتيجة حدوث مشاحنات لا تذكر في ما بينها.
وأوضحت الصحيفة أن الميليشيات تحتجز ما لا يقل عن 4000 معتقل داخل ملاجئ خاصة، ولا يعلم أحد الطريقة التي يمكن من خلالها أخذ ترساناتهم الضخمة من الأسلحة.
كما لم يُلقِ جميع أنصار القذافي أسلحتهم، ومازالت هناك عمليات اختطاف واغتيالات وهجمات بالقنابل في ثاني أكبر المدن اضطراباً في البلاد، وهي مدينة بنغازي، في الوقت الذي يتم فيه استهداف الدبلوماسيين الأجانب وكذلك المواطنين الليبيين.
مع هذا، خرجت الانتخابات التي أجريت في تموز/ يوليو الماضي بشكل جيد. وتم انتخاب حكومة معتدلة، ولم يكن هناك مكان للأحزاب الإسلامية التي حققت نجاحات كبيرة في تونس ومصر. في غضون ذلك، قدّر تقرير صادر حديثاً من صندوق النقد الدولي بأن يكون معدل النمو في ليبيا هذا العام هو 116 %، وتوقع حدوث نمو مزدوج الرقم حتى عام 2016، وهي التكهنات التي جاءت لتزيد الآمال بحدوث انتعاشة في فرص العمل للعدد الكبير من الشباب الساخط الذي انضم للثورة في العام الماضي.
عاود أبو نعمة ليقول إن ذلك التفاؤل، الذي تولّد بعد سنوات من الديكتاتورية، جاء ليشكل مصدراً للراحة بالنسبة الى تلك العائلات التي فقدت أبناءها في العام الماضي. وشأنه شأن آخرين ممن فقدوا أبناءهم، لفتت الصحيفة إلى أن أبا نعمة بدأ يدرك قبل أشهر عدة أن هؤلاء الأبناء لا بد وأنهم قد لاقوا حتفهم، أو كما وصفهم بـ "الشهداء".
وتابع مثنياً على الصفات التي كان يتميز بها أبناؤه الخمسة بقوله: "كانوا من نوعية الأشخاص الذين كانوا بمقدورهم المساعدة على بناء وتطوير ليبيا الجديدة".
وأضاف أنه قابل رئيس الميليشيا الموالية للقذافي التي كانت مسؤولة عن نقطة التفتيش التي احتجز فيها أبناؤه، وأكمل: "قابلته في السجن في طرابلس. وكان في وضعية صعبة، مثله مثل باقي الموالين للقذافي، فقد كانوا مجرمين، لا توجد في قلوبهم رحمة. وسألته عن أولادي، وأخبرني أن الجيش جاء واصطحبهم. وهو ما لا أصدقه، وأنا متأكد أنه يعلم شيئًا آخر، لكنه لا يريد الإفصاح عن تفاصيله. أنا لا أريد أن أنتقم منه، لكنني أريده أن يمثل للمحاكمة، وإن ثبتت إدانته، فلابد أن يُعدَم. لكن معظم ما أريد معرفته هو ما حدث بالضبط لأولادي. وكل ما آمله هو أن يكونوا لا يزالون على قيد الحياة، لكي يتمكنوا من رؤية ليبيا الحرة التي لطالما تمنوها".