بعد الثورة... المصريون في بحث طويل عن المفقودين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لايزال مصير العشرات من المتظاهرين الذين وقفوا في وجه الشرطة أثناء ثورة 25 كانون الثاني (يناير)غامضاً، بعد مرور أكثر من 18 شهراً من دون أن يسمع ذووهم أي خبر عنهم.
بيروت: تعيش الكثير من العائلات المصرية في معاناة البحث عن أحبائها المفقودين، والذين خرجوا ليطالبوا بالحرية فلم يعودوا، ولا يزال مصيرهم لغزاً حتى الآن. ووجهت هذه العائلات نداء استغاثة للرئيس محمد مرسي علّه يكشف عن مصير أبنائها.
بعد 18 شهراً من الثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك، لم تعرف العائلات شيئاً عن مصير عشرات المصريين الذين تظاهروا واشتبكوا مع الشرطة خلال تلك الأيام الدرامية، ولم يترك ذووهم مكاناً إلا وبحثوا فيه سواء المشارح وسجلات المستشفيات والسجون في سعيهم اليائس عن أدلة تكشف تؤدي إلى معرفة مصيرهم.
بعض النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن مسؤولي الأمن قاموا بالاعتداء على العديد من المفقودين واحتجازهم بشكل غير قانوني في محاولة لإفشال الثورة.
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ "واشنطن بوست" عن والدة شاب يدعى محمد صادق قولها :"إبني أخبرني أنه في طريقه للمشاركة في التظاهرات ولن يعود حتى يرحل مبارك"، ومنذ ذلك الحين لا تعرف عنه شيئاً.
وتقول الناشطة نرمين يسري التي أطلقت العام الماضي حملة "دعونا نجدهم" إن هناك أشخاصا في عداد المفقودين الذين لم يكونوا في المشرحة، ولا المستشفيات ولا السجون، مضيفة "بالتأكيد لم يتبخروا، شيء ما قد حدث".
وتشير نرمين إلى انها تلقت نحو 60 حالة، وهو رقم ضئيل مقارنة بالعدد الإجمالي للأشخاص الذين اختفوا خلال الثورة وفترة الحكم العسكري التي أعقبت ذلك.
أما حسام بهجت، أحد أبرز الناشطين في مجال حقوق الإنسان، فيعتقد ان الأعداد أكبر بكثير، مضيفاً:"أعتقد أننا خدشنا السطح فقط".
بدأت أم صادق بالبحث عن ابنها بعد بضعة أيام من مغادرته المنزل، وتقول: "كان ابني متميزًا في دراسته، وحصل على شهادة البكالوريوس في التجارة الدولية وتعلم اللغة الإنكليزية، لكنه فشل في العثور على وظيفة في مجال تخصصه، فقبل وظيفة وضيعة".
وأضافت أن ذلك جعله يشعر بمرارة في بلد كان الحصول فيه على أي شيء أقرب للمستحيل، كما كان على صلة بالنشطاء على الانترنت الذين دعوا للثورة، مشيرة إلى أنها شعرت بسعادة غامرة لأن ابنها في الخطوط الأمامية للثورة.
أما صباح عبد الفتاح، فتقول إن ابنها كان يكره مبارك، ورأى أن الثورة هي فرصة للتخلص منه بعد أن دمّر البلاد.
بعد الاشتباكات التي اندلعت بين قوات الأمن والعديد من المصريين، بدأت صباح بزيارة المشارح والسجون يومياً، كما أنها صادفت الكثير من الناس الذين كانوا يبحثون أيضاً عن ذويهم، وحبست أنفاسها مثلهم ترقباً لورقة تحمل أسماء عشرات الجثث، لكن لم يرد اسم ولدها، الأمر الذي دفعها لمعاودة البحث.
وأشارت الـ "واشنطن بوست" إلى أن بعض الآباء والأمهات الذين كانوا يبحثون عن أطفالهم المفقودين قد فقدوا الأمل، حتى ان بعضهم أقام جنازات من دون وجود جثث لوضع حد للبؤس الذي يعانون منه.
ونقلت الصحيفة عن أحد هؤلاء في مدينة الجيزة قوله إن ابنه عمرو سيد محمود (18 عاماً)، اختفى يوم جمعة الغضب، فأصبح ثورياً وذهب إلى ميدان التحرير للمطالبة بالبحث عن نجله، إلى أن أطلق سراحه في 17 تموز (يوليو) عام 2011 من أحد السجون شمال مصر في حالة صدمة.
ظل عمرو في حال من الذهول عدة أيام قبل أن يتمكن من العودة إلى أهله، وعندما ضغط عليه والده ليقول له ما حدث، انهار الشاب معترفاً بأنه تعرض للاغتصاب. وبعد فترة وجيزة، غادر عمرو منزله لأنه "ذاهب للانتقام" فاختفى ولم تسمع عنه عائلته شيئاً.
استمر الأب بالمشاركة في تظاهرات ميدان التحرير للمطالبة برحيل العسكر واصطحب معه ابنته سماح، 17 عاماً التي تعاني إعاقة سمعية.
وكأن غياب ابنه لا يكفي، استقلت سماح المترو في أحد الأيام لكنها لم تعد إلى منزلها، ويقول والدها إنه بحث عنها في كل المستشفيات وأقسام الشرطة والمشارح ولم يجدها، ولا يزال الأب يبحث عن ولديه حتى الآن دون جدوى.