أخبار

الموسم السياسي الجديد في المغرب سيكون على صفيح ساخن

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تنذر رداءة الوضع الاجتماعي في بعض مناطق المغرب، مع تعثر أداء الحكومة سياسيًا واقتصاديًا، بموجة عارمة من الاحتجاجات... هذا ما يخلص اليه نشطاء ومحللون تنبّأوا بمستقبل الموسم السياسي الجديد في المغرب.

الرباط: سنة مرّت على تنصيب الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، لكن يبدو أن الموسم السياسي والاجتماعي الجديد في المغرب لن يمر بردًا وسلامًا على حكومة الإسلامي عبد الإله بنكيران.

أكثر من أي وقت مضى، باتت الحكومة مطالبة برفع وتيرة أدائها والتسريع في التطبيق الديمقراطي لمضامين الدستور الجديد من جهة، والبحث الجدي عن الأجوبة الشافية للمعضلة الاجتماعية التي احتدت مع اشتداد وقع الأزمة الاقتصادية من جانب آخر، وذلك حسب ما يعتقده فاعلون سياسيون وناشطون في الحركات الاجتماعية ومحللون، تحدّثوا إلى إيلاف.

لا رسائل طمأنة

"الكل يتوقع بداية سياسية واجتماعية صعبة"، يؤكد عبد الحميد جماهري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لـ إيلاف.

ويوضح القيادي اليساري أن "نهاية الموسم السابق كانت حرجة بالنسبة للحكومة بعد الجدل الذي دار بعد منع نشاط كانت تعتزم شبيبة حزب العدالة والتنمية تنظيمه في مدينة طنجة المغربية كان سيحضره رئيس الحكومة.

مناطق نائية في المغرب تشكو الاهمال ورداءة الوضعين الاجتماعي والاقتصاديّ

وهو المنع الذي كانت فيه مواقف لرئيس الحكومة إزاء أحد مكونات الأغلبية الحكومية التي يرأسها، ويتعلق الأمر بالأمين العام لحزب الحركة الشعبية الذي يشغل منصب وزير الداخلية في حكومة بنكيران.

ويضيف جماهري لـ"إيلاف": "هذه المناوشات أعطت انطباعًا أن هناك صعوبة داخل الأغلبية الحكومية وأن ثمة صراعًا ما بين وزارة الداخلية من جهة، وما بين رئاسة الحكومة وحزبها من جهة ثانية، ولحد الساعة، يبدو أن رئاسة الحكومة تفضل تماسك الحزب الداخلي على تماسك الأغلبيّة أو على الأقل على صورة الأغلبية"، وهي النقطة التي تبدو أنها تخيم اليوم على الأغلبية على الرغم من الطمأنة التي يطلقها رئيس الحكومة أحياناً وبعض وزراء حكومته، بحسب جماهري.

وضع اجتماعي واقتصاديّ "خلافيّ"

بخصوص الوضعية الاجتماعية والاقتصادية، يرى جماهري أن تصريحات رئيس الحكومة المتعلقة بالوضع الاقتصادي لا يشاطره فيها وزير المالية الذي ينتمي إلى حزب الاستقلال، بل على العكس من ذلك.

وقال لـ"إيلاف": "إن هناك انطباعًا لدى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين على أن الحكومة لا تدري على أي قدم ترقص: هل على قدم التفاؤل؟ أم على قدم الحذر؟

فالمعطيات التي تتراكم والتي سبق وأن قدمها وزير المالية نزار بركة أمام إحدى لجان البرلمان تؤكد أن الوضع صعب جدًا وأنه مرشّح لأن يزداد صعوبة لاسيما وأنه ليست هناك رسائل طمأنة سواء من فاعلين اقتصاديين محليين أو من الخارج."

ويشير جماهري إلى أن طغيان المناوشات والحروب السياسية داخل فريق العدالة والتنمية قد أربك الاغلبية، مثلما أربك الفاعلين السياسيين وأعطى الانطباع على أن هناك اولويات غير تلك التي يسعى إليها الجميع، وأهمها ما أصبح يطلق عليه بالتنفيذ الديمقراطي للدستور.

ويضيف: "لحد الساعة لم يتم أي تنزيل في هذا الباب، اللهم ما تعلق بقانون التعيينات أو ما يعرف في المغرب بـ "ما للملك للملك وما لبنكيران لبنكيران" مشيرًا إلى أن حتى عملية تنفيذه كما لوحظت خلال اجتماع المجلس الوزاري الأخير لم تتم بالسلاسة التي يتوقعها حزب رئيس الحكومة، "بل إن كل ممثلي الأحزاب الأخرى رفضت صيغة تنفيذه التي جاءت في القانون التنظيمي، ونحن اليوم أمام وضع صعب للغاية بعد مضي أزيد من ثمانية أشهر على تنصيب الحكومة لم يتم تنزيل ولو قانوناً تنظيميًا واحدًا له أهميته القصوى، فأمامنا قرابة 20 قانونًا، وإذا ما استمر المغرب على هذه الوتيرة فسيكون أمامنا عشرون سنة لنتمكن من إنزال كل القوانين التنظيمية."

كما يشير جماهري إلى فاعل آخر في هذا السياق، وهو المتعلق بالطبقة السياسية والإعلام والمهتمين والفاعلين الذين لديهم انطباع بأن هناك تعاملاً مزدوجًا من قبل الحزب الغالب إزاء الدولة.

ويوضح: "من جهة هناك تصريحات وإصرار من قبل رئيس الحكومة على أن تكون الثقة مع المؤسسة الملكية ومع المكونات الرئيسية ومؤسسات الدولة هي الأولوية، وأنه حث على هذه الثقة، لكن من جهة اخرى، هناك أطراف داخل الحزب تريد أن توصل الوضع إلى حد قد يصل إلى التشنج."

موسم اجتماعيّ ساخن ... للاعتبارات التالية:

من جانب آخر، يلاحظ الناشط في حركة 20 فبرايرعبد العزيز إدامين، أن المغرب، مع الموسم الاجتماعي الجديد، سيجد نفسه أمام مجموعة من المطالب والاحتجاجات في ظل وجود طلب هائل على قضايا اجتماعية متعددة.

ويعتبر الناشط في تصريح لـ"إيلاف" أن المطالب المتعلقة بإصلاح مجال التعليم ومنها إصلاح المنظومة التعليمية والموارد البشرية، ومشاكل الصحة، بالإضافة إلى الاحتياجات الحاصلة في مجال السكن الاجتماعي، كلها قضايا ستلقي بظلالها على الحراك الاجتماعي المرتقب خلال هذا الموسم.

... في انتظار إجراءات تعيد الأمل الى المواطن العاديّ

وقال إدامين لـ"إيلاف": "منذ سنة 2004 كانت الحكومة المغربية قد أطلقت برنامجًا متعلقًا بالسكن الاجتماعي والمرتقب انتهاؤه خلال هذه السنة (2004-2012)، والآن ستتم مساءلة المغرب حول مدى تحقيق هذا البرنامج لأهدافه الاجتماعية ومدى التزامه بتنقية جميع المدن المغربية من دور الصفيح (السكنات الهامشية على أطراف المدن).

لهذه الاعتبارات سيكون الموسم الاجتماعي في المغرب ساخنًا وعلى إيقاع مجموعة من الحركات الاجتماعية والاحتجاجية المرتبطة بمطالب فئات محددة: الصحة، التعليم والعاطلون"، إذ سيشهد المغرب احتجاجات بصيغة مختلفة ستكون ذات أبعاد اجتماعية محض مرتبطة بالمعيشي حسب ما يعتقده إدامين.

ولم يفت الناشط الإشارة إلى حركة 20 فبراير التي يعتبر أحد نشطائها، والتي جاءت في سياق الربيع العربي،وأكدت على مطلب أساسي وهو محاربة الفساد.

وأضاف الناشط: "كان الشعار بالنسبة إلى حكومة بنكيران كذلك هو محاربة الفساد وكان أيضا هو شعارها الانتخابي، لكن بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على حكومة بنكيرانما زال هذا الشعار غامضًا وتجريدياً، إذ أن آليات محاربة الفساد بدت غير متبلورة جدا، ومفهوم الفساد نفسه بدا هو الآخر غير واضح."

ويوضح أن مجموعة من المؤشرات تؤكد أن محاربة الفساد تجاوز هذا الشعار والدخول في دوامة أخرى، وأن يقول رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران "عفا الله عما سلف" بخصوص المتورطين في الجرائم التي مست المال العام والجرائم الاقتصادية التي كان الاقتصاد المغربي ضحية لها، "هو مؤشر على أن الحكومة الحالية غير قادرة على مواجهة هذا الإخطبوط الذي ينخر الاقتصاد المغربي المتعلق في الفساد بشقيه الاجتماعي والاقتصادي."

ويعتبر الناشط أن الحكومة المغربية منذ تنصيبها من قبل البرلمان قبل ما يقارب السنة، "زجت بنفسها في مجموعة من الحروب الجانبية، وفتحت عليها مجموعة من الجبهات الاجتماعية"، مشيرًا في هذا الصدد إلى الزيادة التي كانت قد أقدمت عليها في سعر المحروقات التي اعتبرت إجراء انفراديًا في نظر المهنيين، وكذا إلى قضية إصلاح صندوق المقاصة الذي تعتبره الحكومة جزءًا من التدبير القطاعي المحض إلا أن مسألة إصلاحه تعتبر مشروعًا مجتمعيًا يجب، عند إصلاحه، اشراك جميع المتدخلين والفاعلين الاجتماعيين، فالحكومة الآن، ستكرس من الأزمة الاجتماعية في المغرب إن هي لم تستند الى ما جاء به الدستور الجديد في ما يتعلق بالمقاربة التشاركية.

وضع لا يمكن أن يستمرّ

يجزم الباحث في العلوم السياسية سعيد خمري أنه يتوقع "بالفعل" أن يكون الدخول السياسي والاجتماعي في المغرب ساخنًا.

ويوضح الباحث لـ"إيلاف": "لن يكون المغرب في منأى عن الأزمة الاقتصادية العالمية التي تعيشها حاليا أوروبا وبدأت ملامحها تلوح الآن في العديد من القطاعات، نلاحظ ذلك من خلال إعلان رسمي من أعلى هرم في الدولة، (في إشارة إلى الملك)، بخصوص فشل النظام التعليمي، وبالتالي سنعود من جديد إلى نقاش أي إصلاح تعليمي؟ ولأي إصلاح؟ ومن يصلح؟ وكيف يصلح؟...الخ."

وأضاف: "عديدة هي مظاهر الأزمة إن على المستوى الاجتماعي أو على المستوى السياسي، حيث نلاحظ أنه ليس هناك فقط بطء فيما نصطلح عليه بتنزيل الدستور أو التطبيق الديمقراطي للدستور، بل إن هناك أيضا نوعًا من التقطير في تنزيل هذا الدستور."

وعلى الرغم من كون "هذه المسألة مفهومة لصعوبة المجالات التي ينظمها الدستور"، يوضح الباحث، "إلا أن النقاش يتعلق حول كيفية هذا التنزيل وبأي مضمون وبأية ملامح وإلى أي مدى يستجيب للتأويل الديمقراطي للوثيقة الدستورية، هذا هو الرهان المطروح خلال هذا الموسم الاجتماعي والسياسي."

ولا يتوقع الباحث في العلوم السياسية رد فعل مفاجئاً بالنسبة للرأي العام على المستوى الحكومي.

وقال لـ"إيلاف": "اعتدنا أنه منذ تنصيب حكومة بنكيران وأمام مواجهة كثير من المشاكل لم تلجأ الحكومة سوى إلى المسكنات واستعمال تعابير أخلاقية، والحال أن الامر يتطلب منها استراتيجيات واضحة."

وأضاف: "كنا ننتظر أن تكون هناك بوادر لحلول بنيوية هيكلية من قبيل إعادة النظر في النظام الضريبي ككل، لكي يكون نظامًا ضريبيًا عادلاً يتقاسم كلفة الدولة فيه جميع المغاربة على السواء بحسب دخلهم، إذ لم نلاحظ أية مبادرة نحو هذا الاتجاه."

ويرى الباحث أنه في حال إذا ما استمر الوضع على هذه الحال أمام تزايد أعداد المحتجين من العاطلين من ذوي الشهادات واحتجاجات القرى النائية ومشكل حرية التعبير والصحافة وحرية الاحتجاج والاجتماع، وعدم إيجاد حلول جذرية للمعضلة الاجتماعية في المغرب،لا يمكن للحكومة أن تستمر على هذا الشكل لمدة أكثر من سنة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف