عراقيون غاضبون: الموت لأميركا والحساب لمن أساء للرسول

شهدت مدن عراقية عدة اليوم تظاهرات شعبية معادية للولايات الاميركية، احتجاجًا على الفيلم المسيء للنبي محمد. وصدرت إدانات رسمية لمهاجمة السفارات الاميركية، ومناشدات بمحاصرة ممارسات المتطرفين وعدم نشر أفكارهم الخطيرة .

لندن: قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إن تكرار مشبوهين الإسائة إلى المقدسات الدينية "يستحق أشد حالات الادانة والاستنكار، خصوصًا الفيلم الاخير الذي خلا من أي قيمة سوى الاستهانة بمقدسات المسلمين وقيمهم النبيلة". واكد المالكي أن الرد الطبيعي على هؤلاء المشبوهين واعمالهم المشينة يكون بتعاون اتباع الديانات السماوية على حصار العنصريين وعدم نشر أفكارهم الخطيرة، والامتناع عن اللجوء إلى العنف، والتحلي بمبادئ الاسلام وقيمه الحضارية.

وشدد على ان حرية التعبير "لا ينبغي أن تكون ذريعة للاساءة للمقدسات الدينية، كما ان ترك هؤلاء يعبثون من دون رادع يعرض عملية التواصل بين الشعوب والثقافات التي نادت بها الاديان السماوية والقيم الانسانية إلى الخطر، ويفتح ابواب العنف والفوضى".

"لا معنى لحرية تتطاول على الناس وعلى معتقداتهم"، بحيب ما قال رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم. أضاف: "على من يدعي احترام عقيدة الناس ان يقيد الحرية في بلاده بما لا يتعارض مع هذه الحرمات والمقدسات".

وأكد الحكيم على المسلمين ضرورة التزامهم بالتعبير الحضاري المنضبط على هذه الإساءات، داعيًا لعدم استخدام القوة للتعبير عن الاعتراضات على هذه الإساءات المتكررة.

الخارجية تدين

من جهتها، دانت الخارجية العراقية قيام مجموعات من المتظاهرين والمسلحين بالاعتداء على القنصلية الاميركية في بنغازي- ليبيا، ومقتل السفير الاميركي وعدد من أعضاء البعثة.
وقالت في بيان صحافي إن هذا الامر "يعتبر أعتداءً على حرمة البعثات الدبلوماسية، وانتهاكًا صارخًا لاتفاقية فيينا، ولمبادئ العلاقات الدولية، ولا نعتقد أن هذه المجموعات تمثل الشعب الليبي الذي تحرر من الدكتاتورية والقمع بفضل جهود المجتمع الدولي".

ودعا مجلس النواب العراقي الكونغرس الاميركي إلى التدخل لايقاف هذا الفيلم، مستنكرًا حادثة مقتل السفير الاميركي في ليبيا.
وقالت لجنة الاوقاف الدينية البرلمانية اليوم إن مجلس النواب يستنكر التطاول على النبي محمد من قبل أقباط موجودين في الولايات المتحدة، بالتعاون مع القس المتطرف الامريكي تيري جونز ، ويدعو العراقيين إلى ضبط النفس.

كما طالب مجلس النواب العراقي "بسن قانون يمنع التعامل مع دول تسيء للاسلام وللرسول الاكرم" سائلًا المؤسسة الدينية المسيحية بردع هذه التصرفات ومنعها.

ندعو العقلاء للرد

استنكر ديوان الوقف السني بشدة قيام "متطرفين اقباط في المهجر بإعداد الفيلم في الذكرى السنوية لاعتداءات 11 أيلول في الولايات المتحدة". وقال الديوان في بيان صحافي "إن الإسلام دين السلام والحرية والتعايش وحفظ النفس والروح، وما أدل على ذلك إلاّ دخول الملايين من أبناء الانسانية في هذا الدين العظيم. لكن في كل مكان من العالم هناك متطرفون منبوذون يحوالون الاساءة إلى الاديان، وكان آخرها ما قام به متطرفون أقباط بإعداد ما يسمى باليوم العالمي لمحاكمة الرسول في الذكرى السنوية لاعتداءات 11 أيلول، ما أثار صدمة الغالبية الساحقة من أبناء الانسانية عمومًا و المسلمين خصوصًا".

وأضاف: "هذا الفيلم يشكل إساءة كبيرة وفاحشة لرسول وصفه الله بالخلق ألعظيم (وإنك لعلى خُلق عظيم) وبآية أخرى (وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين). ولولا كل صفات الخير والمحبة التي امتاز بها لما وصل الاسلام إلى أقصى الارض".

وشدد البيان على القول: "نستنكر بشدة هذا العمل المشين، فإننا نرفض بشدة هذه المحاولات التي تحاول إثارة الفتنة بين الشعوب و الاديان، وندعو العقلاء إلى الرد على هذه الاعمال بالحكمة و الموعظة الحسنة".

اما الشيخ قيس الخزعلي، زعيم جماعة عصائب أهل الحق المنشقة عن التيار الصدري، فقد هدد المصالح الأميركية في العراق بسبب الفيلم. وكانت هذه الجماعة قد نفذت بعضًا من أعنف الهجمات ضد الأجانب خلال حرب العراق.
وقال في تصريحات صحافية اليوم إن الإساءة للنبي "ستضع المصالح الأميركية في خطر"، مشيرًا إلى أن الجماعة لن تسامح من فعلوا هذا.

لا تستقبلوا أميركان!

شهدت عدة مدن عراقية، بينها بغداد والنجف وكربلاء والبصرة والكوت والناصرية، تظاهرات معادية للولايات المتحدة نظمها التيار لصدري المعروف بقربه من طهران وعدائه لواشنطن، رفضًا للفيلم الذي أثار موجة عنف مناهضة للاميركيين في العديد من الدول الاسلامية.
تجمع متظاهرون عند ساحة ثورة العشرين وسط مدينة النجف تلبية لدعوة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وحملوا سيوفًا وأعلامًا عراقية وصورًا للصدر، وردّدوا "كلا كلا امريكا .. كلا اسرائيل" و "خيبر خيبر يا يهود ..جيش محمد سوف يعود".

كما حمل المتظاهرون لافتات كتب على إحداها "الحوزة الشريفة تستنكر الاعتداء الاثم والجبان على مقام الرسول الاكرم".
ووزع خلال التظاهرة بيان عن مكتب الصدر طالب فيه "الحكومة العراقية باستدعاء السفير الاميركي في بغداد ومناقشة ما حصل معه، وعدم استقبال الضيوف أو أي زائر أميركي في العراق".

مطالبة المنظمات الدولية بالتدخل

ونظم العشرات من اتباع التيار الصدري في البصرة، بمشاركة ممثلين عن بعض الطوائف والمذاهب، تظاهرة للتنديد والاستنكار والاحتجاج ضد الفيلم، وسط اجراءات امنية مشددة.
وفي كربلاء انطلقت تظاهرة للتيار الصدري تطالب المنظمات الدولية بالرد على الاساءة للنبي داعية إلى ضبط النفس وعدم الجوء إلى العنف او اي تصرف سلبي. وطالب المتظاهرون المنظمات الدولية بضرورة التدخل ليقاف هذه الاساءة للنبي محمد.

وفي مدينة الصدر في بغداد تظاهر الالاف من انصار التيار الصدري بينهم اعضاء في مجلس النواب ومراجع دينية. وقام المتظاهرون خلال التظاهرة التي استمرت نحو ساعة بحرق العلم الاميركي ورفعوا لافتات كتب على إحداها "الموت لاميركا عدوة الشعوب". كما خرج العشرات من انصار التيار الصدري في مدينة الكوت رفضًا للاساءة ذاتها. وتجمع المتظاهرون امام مقر مبنى مجلس المحافظة مرددين "كلا كلا للسكوت". وفي الناصرية، تظاهر العشرات في ساحة الحبوبي وسط المدينة، وهم يرددون "لبيك يارسول الله" وقاموا بحرق العلم الاميركي.

العراقية: لمحاسبة المسيئين للنبي

وصفت القائمة العراقية الفيلم بأنه أسلوب دنيء لازدراء الأديان والعقائد ووسيلة قذرة لاثارة العنف والصراعات وتهديد مفاهيم السلام العالمية.
وقال مستشار العراقية هاني عاشور في تصريح لـ"ايلاف" إن قائمته "وباسم قادتها والملايين من ناخبيها ومؤيديها تستنكر بشدة الفلم المسيء للرسول الاعظم محمد، وترى أن نشر مثل الافلام وانتاجها يعرض البشرية والحضارة الانسانية لاثارة الاحقاد بين الأديان والأمم والشعوب، لغايات دنيئة تكمن في نفوس مروجي هذه الافلام والإعلام الحاقد".

ودعا عاشور المؤسسات الحكومية الأميركية إلى محاسبة من يقف وراء إنتاج وترويج مثل هذه الافلام، التي تزعزع السلم البشري وتنشر الضغائن بين الامم، مستغلة أجواء الحرية بشكل خاطئ وسيء ومريض.

نداء لوقف التطاول على المقدسات الدينية

اما ديوان الوقف الشيعي فقد طالب الحكومة العراقية ورئيسها المالكي ومجلس النواب مخاطبة منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي من اجل العمل على إيقاف هذا العبث والتطاول على المقدسات الدينية وإصدار قانون يجرم الإساءة إلى مقدسات الشعوب على غرار القانون الذى يجرم معاداة السامية".
وقال انه" وبعد جريمة احراق نسخة من القران الكريم وما شكلته من صدمة كبرى واستغراب كبير لدى المسلمين أقدم مثيري الفتن والأزمات على ارتكاب جريمة جديدة بحق المسلمين بعرض فيلم مسيء للرسول الكريم .

وشدد على أن"هذا الفعل غير مقبول أخلاقيا ويمثل خروجا على مبادئ وضوابط حرية الرأي والتعبير وتعديا صارخا على المقدسات الدينية للشعوب وعلى الأعراف والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي تؤكد أن حرية التعبير عن الأديان يجب أن تكون مقيدة بضوابط القانون التي تحقق المصالح العامة لحماية الحياة والأخلاق والحقوق والحريات".
واضاف ان عرض الفيام جريمة كبرى وتطاولاً على مقام رسول الإسلام محمد وعلى الإسلام والمسلمين في مختلف أنحاء العالم و يدل على مخطط وفعل همجي مشين يراد منه إثارة الفتن والكراهية بين الشعوب .