تفاصيل مثيرة للهجوم على القنصلية وقتل السفير الأميركي

تتكشف أسرار وتفاصيل جديدة عن الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي، ما يثير الشك في أنها عملية مدبرة. فتتساءل هيلاري كلينتون كيف يحدث هذا الهجوم في بلد ساعدنا في تحريره؟

كشفت تقارير صحافية أميركية اليوم عن معلومات وتفاصيل مثيرة جديدة تتعلق بالهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأميركية في بنغازي، والذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة آخرين.

قبل ساعة من بدء الهجوم، شوهد موكب من السيارات يتحرك صوب مبنى القنصلية. بحلول مساء يوم الثلاثاء الماضي، تجمع نحو 50 شخصًا مزودين بأسلحة ثقيلة خارج أسوار القنصلية المرتفعة.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في هذا الصدد عن شهود عيان قولهم إن هؤلاء الأشخاص انضموا لأفراد كانوا يتواجدون أمام القنصلية للتظاهر ضد فيلم "براءة المسلمين" المسيء للرسول. واللافت أنهم لم يردّدوا لدى وصولهم أي شعارات ولم تكن في حوزتهم لافتات.

في مقابلة مع التلفزيون الليبي، قال الصحافي فراس عبد الحكيم: "قالوا إنهم مسلمون يدافعون عن الرسول ويدافعون عن الإسلام، بادروا بعدها بفترة قصيرة إلى إطلاق النيران، ثم اقتحموا المجمع وأضرموا النيران في مباني القنصلية".

بعدها بساعات، تم احتلال المجمع وقتل أربعة أميركيين، من بينهم السفير الأميركي في ليبيا كريستوفر ستيفينز (52 عامًا) وشون سميث الموظف الذي يعمل لدى الخارجية الأميركية.

حتى وقت متأخر من مساء يوم أمس، كانت تفاصيل الهجوم تتكشف شيئًا فشيئًا، في الوقت الذي ما زال يكتنف الغموض الحقائق الأساسية، خصوصًا الطريقة التي لقي فيها ستيفينز حتفه وطريقة وصول جثمانه لإحدى مستشفيات بنغازي.

تخطيط مسبق

تقول المؤشرات الأولية إن الهجوم مخطط له مسبقًا، وأن المنفذين استغلوا بدهاء ومكر التظاهرة التي كانت محتشدة أمام مبنى القنصلية. وتساءل النائب آدم سكيف، وهو عضو بلجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي: "هل كان هذا الهجوم عملًا عفويًا؟ أم كان استغلالًا لفرصة أتاحتها التظاهرة؟ أم كان منفصلاً وبعيداً عن القاعدة؟".

وقال النائب مايك روغرز، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، إنه قد تم التخطيط والتنظيم بشكل جيّد للهجوم على ما يبدو، وأن المنفذين قاموا بما هو أشبه بالمناورات العسكرية.

وأضاف مسؤول استخباراتي أميركي بارز: "لم نرَ أي إشارة هامة دالة على تورط القاعدة في ذلك الهجوم. وهناك مؤشرات متضاربة بشأن نطاق التخطيط له. كما لم تتحصل أجهزة الاستخبارات الأميركية على أي معلومات تنذر بوقوع مثل هذا الهجوم".

وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن وكالة الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي وغيرهما من الوكالات يتحركون الآن لتحديد منفذي الهجوم وملاحقتهم، في عملية من الممكن أن تُساعد فيها الطائرات الآلية الأميركية التي ما زالت تواصل عمليات التمشيط منذ سقوط طرابلس.

انتقام القاعدة؟

يعتقد مسؤولون أميركيون آخرون أن مسؤولية تنفيذ الهجوم تقع على فرع تابع لتنظيم القاعدة، ربما للانتقام لمقتل أبو يحيى الليبي الذي كان مسؤولًا بارزًا في التنظيم لفترة طويلة.

وفي الإطار ذاته، تساءلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون: "كيف لهجوم كهذا أن يحدث في بلد ساعدنا في تحريره، وفي مدينة أنقذناها من الدمار؟ ويعكس هذا التساؤل كيف يمكن للعالم ان يكون معقدًا وفي بعض الأحيان يكون مربكًا".

واستعادت الصحيفة مؤشرات مبكرة بوجود تهديد على القنصلية، إذ انفجرت امام بوابتها قنبلة في الخامس من حزيران (يونيو) الماضي، في أول هجوم تتعرض له منشأة أميركية منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، من دون وقوع إصابات.

وبينما أوضح مسؤولون أميركيون أنه لم يتضح لهم حتى الآن هوية الأشخاص الذين أخذوا السفير وما إن كان لا يزال على قيد الحياة حينها أم لا، أشار مسؤول بارز، في المستشفى الذي نقل إليه السفير، إلى أنه كان قد توفي حين وصوله، وأن جسده كان بلا جروح خارجية، وأن الأطباء رجحوا وفاته مختنقًا جراء الدخان.