السيستاني يدعو لتشريع أممي يجرم الاساءة للنبي محمد

فيما تجددت التظاهرات الشعبية في مختلف المدن العراقية لليوم الثاني على التوالي منددة بفيلم "براءة المسلمين" وبحرق الأعلام الأميركية، فقد دعا المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني الأمم المتحدة إلى تشريع قانون يجرم الاساءة إلى النبي محمد، بينما وصف رئيس الكنيسة الكاثولوكية في العراق االكاردينال عمانوئيل دلي، الفيلم بالشوفيني، في وقت دعا خطباء الجمعة من السنة والشيعة إلى اجراءات توقف استمرار التهجم والتحريض ضد المسلمين ووصفهم بالارهابيين.

لندن: حمل الشيخ عبد المهدي الكربلاء معتمد السيستاني خلال خطبة الجمعة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) الولايات المتحدة مسؤولية انتاج وتوزيع فيلم "براءة المسلمين" المسئ للنبي محمد وقال ان استفزاز اكثر من مليار مسلم قد ولد ردود افعال كثيرة من مشاعر الانفعال والغضب مشيرا إلى ان الدول التي انتج فيها هذا الفيلم تتحمل مسؤولية هذه الاساءة لانها " كانت سببا غير مباشر في تهديم التعايش السلمي بين الشعوب".

وطالب معتمد السيستاني الأمم المتحدة العمل تشريع قانون أممي ملزم لجميع الدول والهيئات والمنظمات يجرم أي إساءة إلى السول محمد نبي اكثر من مليار مسلم ورسول السماء إلى العالم .
وأوضح ان مشاعر الغضب التي تشهدها البلدان الاسلامية حاليا هي امر طبيعي داعيا إلى تجنب انعكاس هذه المشاعر إلى مارسات ضد المسيحيين لان "هذا ما اراد له ان يكون منتجي الفيلم".

وقال "نحن نسأل الأمم المتحدة التي شرعت قانوناً بتجريم معاداة السامية لماذا لا تدرس بعناية هذه الإساءات التي تترك آثاراً خطيرة على التعايش السلمي الأهلي، وتهدد الاستقرار والأمن لدى بعض الشعوب وتولد الضغائن بين أصحاب الأديان، وتبادر لتشريع قانون يجرم مثل هذه الأعمال لأنها تشكل تهديدا لمبدأ التعايش السلمي والتسامح والاحترام بين أصحاب الديانات، وهي أي الأمم المتحدة المسؤولة عالمياً عن حفظ السلم والاستقرار بين الشعوب". وقال إن هذه الاساءات يمكن ان تهدد التعايش السلمي الأهلي خاصة لدى الشعوب الخليطة وما قد يجر اليه من اعمال عنف غير متوقعة بسبب مشاعر الغضب والانفعال لدى المسلمين في هذه الدول .

وأشار إلى ان مشاعر الغضب التي عبر عنها الكثير من المسلمين هو حق طبيعي ومطلوب ولكن ينبغي ان لا ينعكس سلباً على أصحاب الديانات الأخرى ويجر إلى أعمال عنف ضدهم، وهو الغرض الذي يريد تحقيقه هؤلاء الاشخاص والجهات التي ترعى هذه الأمور، فكما أن المجاميع الإرهابية في العراق والجهات التي ترعاها كانت تريد وما تزال من وراء أعمالها الإرهابية جر الشعب العراقي إلى فتنة واقتتال طائفي من خلال استهداف افراد طائفة معينة كذلك، فان هذه الجهات وهؤلاء الاشخاص الذين تتكرر منهم هذه الاساءات يريدون جر المسلمين خاصة الشعوب التي يختلط فيها المسلمون بالمسيحيين إلى فتنة دينية.

وأضاف الكربلائي "في العراق حيث يتعايش المسلمون والمسيحيون سوية وهم مواطنون لهم ما لنا وعليهم وما علينا، ينبغي علينا أن نحفظ هذا التعايش السلمي وكذلك في بقية الدول التي يعيش فيها المسلمون والمسيحيون جنبا إلى جنب فقد أكد النبي في تعاليمه وخلقه وفعله وسيرته على ان نحترم أصحاب الديانات الاخرى ونحرص على الحفاظ على التعايش السلمي المبني على نبذ العنف والاعتداء على الآخرين."

وأوضح ان ما جاء في الفيلم مجاف وبعيد عن الحقيقة وفيه الكثير من التجني والإساءة إلى كرامة النبي حيث هدف منتجوه إلى تصوير النبي رجلا ً يبحث عن الشهوة والقتل بينما الستشرقون الغربيون أنفسهم يعترفون بما كان عليه النبي من عفة ظاهرة وخلق كريم واحترام للدماء. واضاف ان حرية التعبير عن الرأي لا تبرر ابداً الاساءة إلى الرموز الدينية المقدسة .

رئيس الكنيسة العراقية يصف "براءة المسلمين" بالشوفيني

وفي كلمه إلى المسلمين والمسيحيين، فقد وصف الكاردينال عمانوئيل دلي الثالث رئيس الكنيسة الكاثوليكية في العراق فيلم "براءة المسلمين" بأنه شوفيني داعيا جميع دول العالم إلى سحبه من العرض لما يشكله من اساءة إلى المسيحيين كما ال المسلمين. واضاف ان المسيحيين يرفضون اي اساءة إلى اي رمز ديني لان ذلك شكل اساءة إلى المسيحيين انفسهم الذين يؤكد دينهم على المحبة وعدم التفريق بين الديانات والقوميات.

وطالب منتجي الفيلم إلى سحبه فورا والاعتذار علنا إلى المسلمين عن الاساءة التي لحقت بدينهم، كما طالب المسؤولين في مختلف دول العالم إلى منع عرضه في بلدانهم لانه "يثير النزعات الدينية ويسئ إلى مختلف الاديان" .. واصفا الفيلم بالشوفيني والمسئ لكل المعتقدات.

وجاء في كلمة الكاردينال دلي التي حصلت "ايلاف" على نصها :

يا أبناء شعبنا العراقي الكريم

باسم بطريركية بابل الكلدانية نستنكر وندين الفلم المسيء إلى شخصية الرسول محمد والذي تم انتاجه مؤخرا واننا نعتقد ان غاية القائمين على إنتاج هذا الفيلم هو اثارة الفتنة الطائفية في العالم وخصوصا في العالم العربي وهو يمر بظروف صعبة تستدعي من كل المؤمنيين بالله الحذر من تلك المخططات الشريرة التي تستهدف الوحدة الوطنية وجر كل بلدان المنطقة إلى اتون الحرب الطائفية التي اكتوت شعوبنا بنارها.

إن بطريركية بابل الكلدانية اذ تتوجه إلى كافة المؤمنيين من مختلف الأديان في العالم اجمع، بادانة هذا الفيلم والتنديد بالقائمين عليه او أي عمل آخر يشبهه في المضمون والهدف لأنها ترى أن أي اساءة إلى اي دين اخر او رمز من رموزه هو اساءة إلى الدين المسيحي وإلى سيدنا يسوع المسيح بالذات لان الديانة المسيحية تحتم علينا ان نحب الآخر ولا نجرح شعوره بالاساءة إلى رموزه الدينية لأن اعظم وصايا الله هي المحبة بين البشراجمعين لافرق بين دين اومعتقد او قومية فكلنا قد جبلنا من الله رب الكل .

واننا إذ ندعوا منتجي الفلم إلى سحبه من دور العرض فورا، وتقديم الاعتذار العلني إلى كافة المسلمين في العالم أجمع عن اساءتهم إلى الدين الاسلامي ونحث كل المسؤليين في دول العالم كافة إلى منع عرضه في بلدانهم كونه يثير النزعات الشوفينية والدينية وتسيء إلى مجموعة دينية كبيرة في العالم الا وهم اخواننا المسلمون بموجب القوانين التي تحضر كافة اشكال التمييز بين البشر والاساءة اليهم ومعتقداتهم الدينية .

الكاردينال
عمانوئيل الثالث دلي

وبالتوازي مع ذلك قال المجلس الأعلى الاسلامي العراقي برئاسة عمار الحكيم في بيان اليوم الجمعة ان عملية التطاول على النبي "جسدت بواقعها ابشع انواع الاستهتار بالقيم الالهية واخطر اشكال التجاوز على المعتقدات الدينية وهذا هو اسفل ما يمكن ان يصله اليه السافلون وأسوأ ما تجترحه ايدي المأجورين". ودعا "احرار العالم, والمجتمع الدولي إلى تحريم هذه الاعمال وتجريم مرتكبيها ومحاسبة كل الداعمين و المروجين لمثل هذه الجرائم النكراء وخاصة وان هذه الممارسات البائسة قد تكررت و الحقت الاذى والمرارة باكثر من مليار مسلم". وناشد المجلس المتظاهرين ضد الفيلم حفظ النظام ورعاية الحقوق عبر التظاهر السلمي والاحتجاج الملتزم.

كما ندد خطباء مختلف المساجد الشيعية والسنية في البلاد بالإساءة إلى النبي محمد ودعوا إلى اجراءات توقف استمرار التهجم والتحريض على المسلمين ووصفهم بالارهابيين.

تظاهرات عراقية لليوم الثاني على التوالي ضد واشنطن

وقد تجددت التظاهرات المنددة بالفيلم قبيل وبعد صلاة الجمعة لليوم الثاني على التوالي والتي نظم معظمها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الأعلى الاسلامي يرئاسة عمار الحكيم حيث شهدت مدن البصرة والنجف والعمارة والكوت وبغداد والموصل والناصرية والحلة وسامراء حرق المتظاهرين للإعلام الأميركية والاسرائيلية والمطالبة باستدعاء السفير الأميركي، والتهديد بضرب المصالح الأميركية في البلاد التي شهدت استنكارا شعبيا واسعا ودعوات رسمية إلى عدم اللجوء إلى العنف في الاحتجاج على الفيلم وانما العمل على محاصرة ممارسات المتطرفين وعدم نشر أفكارهم الخطيرة .

ورفع المتظاهرون لافتات تقول "أرواحنا فداك يارسول الله" و"نعم نعم للرسول" مؤكدين أن الاساءة إلى النبي محمد هي اساءة للانسانية جمعاء، وطالبوا المنظمات الدولية "بتجريم كل من يسيء للنبي كما دعوا إلى احترام الرسالة المحمدية وعدم التهجم والاساءة ومعاقبة كل من يحاول أن يتعرض مرة اخرى إلى السيرة النبوية . وردد المتظاهرون الذين حملوا اعلاما عراقية وصورا للصدر "كلا كلا اميركا .. كلا اسرائيل" "خيبر خيبر يا يهود .. جيش محمد سوف يعود".

كما ردد المتظاهرون بالانكليزية "داون (تسقط) ..داون أميركا ..داون داون اسرائيل". وحمل المتظاهرون لافتات كتب على احدها "الحوزة الشريفة تستنكر الاعتداء الاثم والجبان على مقام الرسول الاكرم" و"الموت لاميركا عدوة الشعوب".
ووزعت خلال التظاهرات بيانات تدعو "الحكومة العراقية باستدعاء السفير الأميركي في بغداد ومناقشة ماحصل معه" في اشارة للفيلم و"عدم استقبال الضيوف او اي زائر اميركي في العراق".

وشدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس على انه "لا ينبغي ان تكون حرية التعبير ذريعة لممارسة الاساءات البالغة للمقدسات الدينية كما ان ترك هؤلاء يعبثون دون رادع وعدم أخذ زمام المبادرة لمنعهم يمكن ان يعرض عملية التواصل بين الشعوب والثقافات التي نادت بها الاديان السماوية والقيم الانسانية إلى الخطر ويفتح ابواب العنف والفوضى".

أما رئيس لمجلس الأعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم فقد اكد انه لا معنى لحرية تتطاول على الناس وعلى معتقداتهم . ومن جهتها دانت الخارجية العراقية " قيام مجموعات من المتظاهرين والمسلحين بالاعتداء على القنصلية الأميركية في بنغازي بليبيا الذي ادى إلى مقتل السفير الأميركي وعدد من أعضاء البعثة وعبرت عن تعازيها لذوي الضحايا .

أما مجلس النواب العراقي فقد دعا الكونغرس الأميركي إلى التدخل لايقاف الفيلم المسئ للرسول مستنكرا حادثة مقتل السفير الأميركي في ليبيا . وطالب "المؤسسة الدينية المسيحية بردع هذه التصرفات ومنعها".
أما الشيخ قيس الخزعلي زعيم جماعة عصائب أهل الحق المنشقة عن التيار الصدري فقد هدد المصالح الأميركية في العراق د بسبب الفيلم المسيء للنبي محمد حيث كانت هذه الجماعة قد نفذت بعضا من أعنف الهجمات ضد الأجانب خلال حرب العراق . وقال في تصريحات صحافية اليوم إن الإساءة للنبي ستضع المصالح الأميركية في خطر مشيرا إلى أن الجماعة لن تسامح من فعلوا هذا.

والفيلم الطويل الذي أثار مشاعر المسلمين أشبه بتهجم فج وساخر على الاسلام ما اثار الشارع الاسلامي وادت احتجاجات عنيفة في العديد من الدول الاسلامية احداها في بنغازي شرق ليبيا إلى مقتل اربعة اميركيين بينهم السفير كما تشهد العديد من المدن العربية والاسلامية تظاهرات عنيفة حول السفارات الأميركية.

وكان القس الأميركي تيري جونز الذي أحرق نسخ من القرآن الكريم في نيسان (ابريل) الماضي، أعلن نيته "الإعداد لمحاكمة شعبية" للرسول محمد والتحضير لفيلم بهذا الشأن تزامنا مع الذكرى الـحادية عشر لاستهداف مركز التجارة العالمي في نيويورك .