زوبعة "براءة المسلمين" تُقلّل فرص تدخّل أميركي في سوريا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الغضب العارم الذي اجتاح العالمين العربي والإسلامي بسبب فيلم "براءة المسلمين" يبشّر بآفاق سيئة لأي استثمار أميركي مستقبلي في الديمقراطية بالعالم العربي، بعدما برزت نداءات تطالب بفك الارتباط مع هذه المنطقة.
القاهرة: تسبب ارتفاع معدل القتلى في سوريا خلال الأسابيع الأخيرة في ارتقاء الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد لتصبح على رأس قائمة اهتمامات إدارة أوباما، في وقت يضغط فيه بعض القادة العرب كي تلعب أميركا دوراً أكبر في الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
ومع هذا، أشارت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن التظاهرات التي عمت الشرق الأوسط خلال الأسبوع الماضي احتجاجاً على فيلم "براءة المسلمين" جاءت لتقدم مثالاً واضحاً على أن دعم الولايات المتحدة لنشر قدر أكبر من الديمقراطية في العالم العربي ليس ضماناً ضد قوة الشعور الإسلامي والغضب المناهض لأميركا.
وأضافت الصحيفة أن تلك الفوضى لم تسفر سوى عن احتدام المأزق المؤلم الذي يتأثر بشكل كبير بحملات انتخابات الرئاسة الأميركية.
وتابعت بتأكيدها أن الهجمات التي تعرضت لها المقرات الدبلوماسية الأوروبية والأميركية، وبخاصة واقعة مقتل السفير الأميركي ومعه ثلاثة آخرون في ليبيا، قد أثارت نداءات تطالب في الولايات المتحدة بفك الارتباط مع العالم العربي والفوضى التي يعيشها بشكل غير متناهٍ على ما يبدو.
وأشارت الصحيفة في الإطار نفسهإلى أن ذلك المقطع الذي تبلغ مدته 14 دقيقة، ويضم محتوى مسيئاً للرسول محمد ( ص )، وقد تسبب في إثارة كل هذا الغضب، من الممكن أن يبشر بآفاق سيئة لأي استثمار مستقبلي في الديمقراطية بالعالم العربي.
وقال بعض المحللين إن تلك النداءات التي تطالب بفك الارتباط تهدد بأن تطغى على السياق الأوسع في النطاق الخاص بسوريا، حيث يمكن أن يثبت حمام الدم الطائفي المتصاعد ومعه النفوذ المتنامي للقاعدة على أعتاب إسرائيل، إن لم يتم فحصهما، أنهما أكثر إضراراً بالمصالح الأميركية من أحدث موجات الاضطرابات التي نشبت هناك.
وقال سلمان الشيخ وهو مدير مركز بروكينغز الدوحة "يمكنك فهم سبب رغبة الولايات المتحدة في فك الارتباط، بعد ما حدث في القاهرة وبنغازي.
لكن في حقيقة الأمر لابد من النظر إلى الفوضى والإسلاميين الذين شاهدناهم في ليبيا باعتبارهم تحذيراً لنا بخصوص سياسة الرجوع إلى الخلف هذه. ومن الوارد أن تتحول سوريا إلى مكان أكثر خطورة من ليبيا بالنسبة لأميركا والمنطقة، ومازال الأوان لم يفت لإحداث فارق".
وأشار مسؤول بارز في الإدارة الأميركية، بعد رفضه الكشف عن هويته، إلى أن الهجمات التي استهدفت السفارات الأميركية الأسبوع الماضي أظهرت حدة خطاب الرئيس أوباما، الذي ينطوي على تقديم المساعدات الإنسانية واللوجستية وليس السلاح للثوار.
وأوضحت الصحيفة أن أي محاولات للتدخل عسكرياً في سوريا قد تحدث بدون إجازة من جانب مجلس الأمن، الذي تبدي فيه روسيا اعتراضها على الدوام.
وإلى جانب مشكلة القاعدة، نوهت الصحيفة إلى أن ما يزيد من تعقيد الموضوع السوري هو الصلة التي تربط الجانب السوري بإيران، وكذلك النقاش الدائر في الولايات المتحدة وإسرائيل بخصوص إمكانية استخدام الهجمات الجوية لوقف برنامج إيران النووي.
لكنه مازال من غير الواضح ما إن كان التدخل الغربي في سوريا سينجح في إزاحة إيران، التي تحظى بشبكات عميقة في البلاد، والتي قد تثبت أنها أكثر مهارة عن غيرها من أي قوة غربية أو عربية في العمل داخل سوريا الفوضوية في مرحلة ما بعد الأسد.
ولفتت الصحيفة كذلك إلى أنه وبعيداً عن مسألة التدخل، فإن أحدث التظاهرات المناهضة للولايات المتحدة من الممكن أن تؤثر على الطريقة التي تخصص من خلالها الولايات المتحدة الدعم المحدود الذي توفره للثوار الذين يحاربون حكومة الأسد.
وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية مقربون من أوباما إنه وفي الوقت الذي ما زال يعترض فيه على التدخل العسكري في سوريا، فإن أحداث الأسبوع الماضي لم تصرف انتباهه عن أي نوع من أنواع التواصل مع المعارضة السورية المناهضة للأسد.
وفي غضون ذلك، أشار تقرير نشرته اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن المقرات الدبلوماسية الأميركية مازالت تخضع للتهديد، وذلك بعد مرور بضعة أيام على الاضطرابات المناهضة للولايات المتحدة التي شهدها العالم الإسلامي بسبب الفيلم المسيء للنبي محمد ( ص ). حيث قتِل متظاهر واحد على الأقل وجُرِح 18 آخرون في باكستان يوم أمس الأحد مع اختراق المئات أحد الحواجز في مسيرة إلى القنصلية الأميركية في كراتشي، بينما تظاهر الآلاف في لاهور، حيث تم حرق أعلام أميركية.
ومع عودة العمل في السفارة الأميركية في القاهرة بكامل طاقمها، يوم الأحد، للمرة الأولى منذ بدء التظاهرات هناك يوم الثلاثاء الماضي، ظل التواجد الدبلوماسي الأميركي متراجعاً في أماكن أخرى في المنطقة، وهو ما يعني قلة الاحتمالات التي يمكن انتهاجها لإصلاح العلاقات، خاصة بعد ما حدث في أعقاب موجة الربيع العربي.