لا حاجة لقانون جديد... بل إعادة هيكلة الشرطة المصرية
صبري عبد الحفيظ
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام إضغط هنا للإشتراك
الشرطة تواجه المتظاهرين بالرشق بالحجارة في إحدى المظاهراتتتهم القوى السياسية المصرية جماعة الإخوان بالإطباق على المجتمع المصري من خلال قانون جديد لحماية المجتمع من الخطرين، ليس إلا استعادة لقانون الطوارىء الذي قتل خالد السعيد وتسبب بالثورة. لكن الإخوان يؤكدون أن لا رجعة إلى الوراء أبدًا. كشف مشروع قانون حماية المجتمع من الخطرين، المقترح من قبل وزارة الداخلية المصرية، عن انعدام الثقة بين جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة من جانب، والقوى السياسية الأخرى من جانب آخر، كما بين الشرطة والمواطن المصري.ففي الوقت الذي تنادي فيه وزارة الداخلية بإعادة العمل بقانون الطوارىء أو منحها سلطات استثنائية لمواجهة الظواهر الإجرامية المتفشية في المجتمع، مثل البلطجة وإنتشار السلاح وتجارة المخدرات، ترى القوى السياسية ومنظمات حقوق الإنسان أن تلك السلطات تمثل إنقلابًا على الثورة التي قامت أساسًا ضد الطوارىء، وتتهم جماعة الإخوان المسلمين التي تتولى السلطة حاليًا بمحاولة إستنساخ الحزب الوطني السابق، وحكم البلاد بالإستبداد. وأكدت هذه القوى أن الشرطة المصرية في حاجة للتدريب والإحترافية في العمل وليس إلى إعادة إنتاج قانون الطوارىء بمسميات جديدة. من "الخطرين"؟وفقًا لمشروع القانون المقدم من الداخلية تحت اسم "حماية المجتمع من الخطرين"، فإن لوزارة الداخلية الحق في تحديد إقامة "كل معتاد للاجرام أتي سلوكًا وضع به نفسه في حاله تُنبئ عن خطورته على النظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر أو ترويع المواطنين، يعاقب بتدبير أو أكثر كتحديد الإقامة في جهة أو مكان أمين مدة لا تزيد على ثلاثين يومًا، أو الالتزام بالاقامة في مكان معين أو حظر ارتياد مكان معين، أو الوضع تحت مراقبة الشرطة، أو الايداع في إحدى مؤسسات العمل التي تحدد بقرار من وزير الداخلية.يعرف مشروع القانون معتادي الاجرام بأنهم من ارتكبوا جرائم الاعتداء على النفس أو المال أو العرض أو جرائم الخط، وجرائم الرشوة والاعتداء على المال العام، وجرائم الاتجار في الاسلحة والذخائر والمفرقعات، وجرائم الاتجار بالمواد المخدرة أو السامة أو العقاقير المؤثرة على الحالة النفسية، وجرائم اتلاف وهدم المباني والمنشآت العامة والآثار وقطع الطريق، وجرائم تعطيل وسائل النقل أو المواصلات العامة أو الخاصة او جرائم الاتصالات، وجرائم تزييف النقود أو تزوير المحررات، وجرائم الاتلاف والتخريب والحريق العمدي، وجرائم الاعتداء على حرية العمل، وجرائم الاتجار في البشر، وجرائم نقل وزراعة الاعضاء، وجرائم التموين والغش والتدليس، وجرائم اخفاء المجرمين والاشياء المتحصلة من الجرائم أو الوساطة في ذلك.بحسب نص المشروع، تختص بالفصل في الدعاوى المرفوعة وفقًا لأحكام هذا القانون محكمة تعقد في عاصمة كل محافظة، تشكل من قاضٍ واحد يعاونه خبيران، أحدهما يمثل وزارة الداخلية والآخر يمثل وزارة الشؤون الاجتماعية، ويكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبيًا، وعلى الخبيرين أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف المتهم من جميع الوجوه، وذلك قبل تاريخ الجلسة المحددة للمحاكمة. وتكون الاحكام التي تصدر تطبيقًا لهذا المرسوم بقانون واجبة التنفيذ فورًا ولو مع حصول استئنافها، ولا يجوز وقف تنفيذ التدبير. شرطة لا تقوى على مجرمينلماذا تصر وزارة الداخلية على العمل بقوانين إستثنائية؟ يجيب اللواء رفعت منصور، مساعد وزير الداخلية الأسبق، بالقول لـ"إيلاف" إن الجريمة تفشت بشكل واسع بعد الثورة، وصارت الشرطة غير قادرة على مواجهتها وفقًا للقوانين العادية. وأوضح منصور أن القوانين العادية تستلزم أوقاتًا طويلة لإلقاء القبض على المجرم، فضلًا عن أن تلك القوانين "مليئة بالثغرات التي تمكّن المجرمين من الإفلات من العقاب في حالة إلقاء القبض عليهم في حالة تلبس".وأشار منصور إلى أن يد رجال الشرطة مغلولة في مواجهة معتادي الإجرام، الذين يعرفون ثغرات القانون جيدًا، فصارت خطورتهم على المجتمع والشرطة لا تحتمل، إذ يمتلكون أسلحة أكثر تطورًا وأشد فتكًا من الأسلحة التي تستخدمها الشرطة. فالبلطجية وتجار المخدرات والعاملون في تجارة البشر "يمتلكون أسلحة رشاشة من نوع كلاشنكوف وقاذفات أر بي جي وقنابل يدوية، بل حتى مضادات للدبابات والطائرات". ولفت إلى أن ضباط الشرطة يخشون على حياتهم عند مواجهة عصابات البلطجية والمخدرات، فالمواجهة غير متكافئة. كما تسمح ثغرات القوانين للمجرمين بالإفلات والعودة للإنتقام من ضباط وأفراد الشرطة.وأشار منصور إلى أن مشروع قانون حماية المجتمع من الخطرين ليس إستنساخًا لقانون الطوارىء، منبهًا إلى أن الشعب المصري ثار على قانون الطوارىء ولن يعود مرة أخرى تحت أي مسمى، "على الرغم من أن المجتمع المصري كله يعاني من إنتشار الجريمة والبلطجة، ولا يمانع من عودة قانون الطوارىء، لا سيما أنه لا يضر بالشرفاء، بل كان موجهًا ضد المجرمين والإرهابيين وتجار المخدرات فقط، وهؤلاء لن تردعهم القوانين العادية". استنساخ نظام مباركمن جانب آخر، يرى الناشط السياسي جورج إسحاق أن جماعة الإخوان المسلمين تحاول إستنساخ نظام طوارىء مبارك بحذافيره، عبر إصدار مجموعة من القوانين الإستثنائية، في ظل غيبة مجلس الشعب وإنفراد الرئيس بالسلطة التشريعية. وقال لـ"إيلاف" إن الشعب المصري "يرفض أي عودة لقانون الطوارىء تحت أي مسمى جديد، فالثورة قامت في الأساس ضد قانون الطوارىء الذي تسبب في استشهاد خالد سعيد، المعروف بشهيد الطوارىء".ولفت اسحاق إلى أن مصر تمتلك ترسانة من القوانين سيئة السمعة، وتحتاج إلى التطهير، وليس إلى زيادتها. ونوه بأن المنظمات الحقوقية أبدت إعتراضها على مشروع القانون، لأنه يمنح الشرطة سلطات واسعة في مواجهة الشعب، ويعود بنا إلى العهد البائد، فضلًا عن أنه يسلب المصريين الحق في التظاهر السلمي الذي يعتبر أحد أهم مكتسبات الثورة. المطلوب احتراف وهيكلةيشير المهندس شريف صادق، عضو حركة شباب الثورة، إلى أن مشروع القانون يكشف "أن نظام حكم الإخوان لا ينوي حقيقة تطهير وزارة الداخلية إعادة هيكلتها". وقال لـ"إيلاف" إن الشواهد تؤكد أن الإخوان "ماضون في إعادة إنتاج نظام مبارك، من حيث أخونة الدولة وزرع جميع أفراد الجماعة في المواقع القيادية بالدولة، بالإضافة إلى إصدار قوانين إستثنائية في غيبة من البرلمان".ولفت صادق إلى أن مشروع قانون حماية المجتمع من الخطرين يكشف أيضًا إفتقاد جهاز الشرطة في مصر إلى المهنية والإحتراف في العمل، وأن أفراده لا يمكنهم العمل "إلا في ظل قوانين إستثنائية تمنحهم سلطات واسعة في الإعتقال لمجرد الإشتباه وممارسة التعذيب، ثم الإفلات من العقاب كما كان الحال في ظل النظام البائد".ونبه صادق إلى أن الشرطة ليست في حاجة إلى قوانين إستثنائية لمواجهة جرائم البلطجة والمخدرات والسلاح، بل تحتاج إلى تدريب على مواجهة الجرائم الجنائية بشكل إحترافي، وتسليح جيد متطور، وإعادة هيكلة حقيقية بعد ما اصاب هذا الجهاز من ترهل وفساد منذ عشرات السنين.وأوضح صادق أن وزارة الداخلية تمتلك قطاع الأمن المركزي الذي يقدر عدد أفراده بأكثر من 2.5 مليون فرد، وهو رقم يفوق عدد جنود الجيش كله، مشيرًا إلى أن "قوة الأمن المركزي معطلة ولم تستفد منها مصر بعد الثورة". وشدد على أهمية إعادة هيكلة هذا القطاع بما يمنح إدارة المباحث الجنائية قوة وسرعة في الإنتشار لمحاصرة البؤر الإجرامية والقضاء عليها، لاسيما أنه يمتلك تسليحًا جيدًا. لاعودة للوراءفي المقابل، يصف الدكتور جمال حشمت، القيادي في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، القول إن الإخوان يسعون لإعادة إنتاج نظام مبارك، أو القول بأخونة الدولة، بأنه "هزل سياسي"، مشيرًا إلى أن الرئيس محمد مرسي وحزب الحرية والعدالة يتحريان المصلحة العامة في جميع القوانين أو القرارات التي يصدرها، وما يقال عن محاولات أخونة الدولة لا وجود لها إلا في أذهان رافضي المشروع السياسي في مصر بعد الثورة.وأضاف حشمت: "ليس في وزارة الداخلية قيادي واحد من حزب الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك الأجهزة السيادية أو وزارة الخارجية، حتى يقال إن هناك إتجاهاً لأخونة مصر".ونبه إلى أن مرسي انفصل عن الإخوان تمامًا منذ توليه مسؤولية في الأول من تموز (يوليو) الماضي، لافتًا إلى أن عقارب الساعة لن تعود الى الوراء، ولن يعود قانون الطوارىء، لأن الشعب ثار ضده وأسقطه.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
طريقة توزيع الضباط
دكتور شكري حمد -
نقطة أراها مهمة جداً في عمل ضباط الشرطة ... فقد جرى العرف أن يكون الضابط من غير أهالي المنطقة التي يعمل بها وأظن أن سبب هذه كان في النظام القديم لضمان الولاء ... وأرى أن هذا أيضاً سبب عدم المبالاة من بعض الضباط في عملهم حيث أنهم يعملون في أماكن لا تمت لهم بصلة ... وأرى أنه من الأفضل أن يتم توزيع الضباط على العمل في أماكن سكنهم أو في بلدانهم الأصلية التي نشأوا منها فذلك أدعى لأن يكونوا حريصين على الأمن في المكان حيث سكنهم أو أهلهم ... وكذلك ذلك يمكنهم من معرفة المجرمين معرفة جيدة لأنهم سيكونوا على صلة بكبار عائلاتهم ويمكنهم من الحصول على المعلومات اللازمة لعملهم
طريقة توزيع الضباط
دكتور شكري حمد -
نقطة أراها مهمة جداً في عمل ضباط الشرطة ... فقد جرى العرف أن يكون الضابط من غير أهالي المنطقة التي يعمل بها وأظن أن سبب هذه كان في النظام القديم لضمان الولاء ... وأرى أن هذا أيضاً سبب عدم المبالاة من بعض الضباط في عملهم حيث أنهم يعملون في أماكن لا تمت لهم بصلة ... وأرى أنه من الأفضل أن يتم توزيع الضباط على العمل في أماكن سكنهم أو في بلدانهم الأصلية التي نشأوا منها فذلك أدعى لأن يكونوا حريصين على الأمن في المكان حيث سكنهم أو أهلهم ... وكذلك ذلك يمكنهم من معرفة المجرمين معرفة جيدة لأنهم سيكونوا على صلة بكبار عائلاتهم ويمكنهم من الحصول على المعلومات اللازمة لعملهم