نشاطها إزداد رغم ما تلقته من ضربات.. القاعدة خنجر في قلب اليمن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يرسم تقرير حقوقي مستقبلاً مظلماً لليمن في ظل تغلغل تنظيم القاعدة في هذا البلد الخليجي المثخن بجراحه في ظل ما يشهده من عنف وانتهاكات وتصارعات سياسية، لكنه رغم ذلك يرى ضوءاً في آخر النفق، فقد أحرزت القيادة الجديدة بعد الثورة تقدمًا مهمًّا في معركتها ضد القوى المتطرفة.
صنعاء: عرفت اليمن خلال الفترة الماضية الكثير من التطورات الحدية، أبرزها خروج الرئيس علي عبدالله صالح من سدة الحكم، وتولي نائبه منصور عبد ربه زمام السلطة، ومنذ ذلك الوقت شهد هذا البلد الخليجي المعروف بتعقيداته الجيوسياسية سلسلة أحداث وتطورات أمنية وسياسية، زادت من ضبابية المشهد وجعلت اليمنيين يعيشون في حالة من الارتباك والخوف من المجهول، وبخاصة في ظل حالة الاستقطاب السياسي بين الأحزاب والقوى الفاعلة.
ويبين تقرير أعده الملتقى الوطني لحقوق الإنسان "NFHR" أن شهر أغسطس المنصرم شهد استمرار شركاء التسوية السياسية في تقاسم المناصب والوظائف الحكومية غير آبه بتدني الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية وما يعانيه المواطنون من صعوبات بالغة في الحصول على الخدمات الإنسانية نتيجة الغياب شبه الكلي للدولة.
من جانبها أعلنت اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني بلاغًا صحفيًا أوضحت فيه ما يحيط بعملية التحضير للحوار من أحداث وحوادث معيقة لتنفيذ المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية والقرارات الدولية ذات العلاقة، وبخاصة ما حدث من هجوم على وزارة الداخلية ووزارة الدفاع ومبنى التلفزيون والأمن السياسي في عدن.
وقالت اللجنة "إن تلك الحوادث وعدم إبعاد المؤسسة العسكرية والأمنية عن الاستقطابات السياسية وتوظيفاتها سيؤثران سلبًا وبشكل كبير على تحضيرات الحوار والثقة في إمكانية تطبيق مخرجاته". وأشارت إلى أن من بين إنجازات اللجنة مناقشتها لحزمة من القضايا والمتطلبات اللازمة لإنجاح الحوار الوطني الشامل والتهيئة له من خلال خلق مناخات مناسبة وصديقة تساعد على بناء جسور الثقة وترميمها.
مشيرًا في هذا الصدد أن اللجنة رفعت تلك المتطلبات إلى رئيس الجمهورية على أمل إصدار توجيهاته باتخاذ الإجراءات الميدانية والعملية لتنفيذها، من ناحية أخرى تم تأجيل المؤتمر الجنوبي الذي كان مقررًا عقده في منتصف شهر أغسطس، حيث أفادت مصادر في الحراك أن المجلس الأعلى للحراك الذي يتزعمه القيادي البارز حسن باعوم اقر تأجيل المؤتمر الجنوبي الذي كان مقررًا مرجحة بأن خلافات طرأت بين باعوم وعلي سالم البيض حول التحضيرات للمؤتمر وتم تأجيل المؤتمر لإفساح المجال أمام شخصيات لحضور المؤتمر.
الوضع الأمني تفاقم
أما من الناحية الأمنية فقد تفاقم الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد ورُصد خلال أغسطس المنصرم- بحسب تقرير الملتقى الوطني لحقوق الإنسان الذي اعد في إطار مشروع مراقبة ورصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن الذي ينفذه بالشراكة مع الصندوق الوطني للديمقراطية (NED)، عدد من الأحداث الأمنية في كافة المحافظات اليمنية.
نشاط القاعدة ازداد
كما يبين التقرير أن نشاط تنظيم القاعدة ازداد على الرغم من الضربات الموجعة التي تلقاها التنظيم مؤخرًا، وجعلته ينسحب اضطراريًا من مدينتي زنجبار وجعار، كبرى مدن محافظة أبين الجنوبية؛ وذلك بعد مواجهات عنيفة مع الجيش واللجان الشعبية، الذين أطبقوا الخناق على عناصر التنظيم وكبدوهم خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات خلال شهر يوليو الماضي؛ إلا أن التنظيم خلال شهر أغسطس المنصرم ما زال حاضرًا في المشهدين السياسي والأمني، من خلال عمليات التفجير والاغتيالات المتفرقة التي يقوم بها بين الفينة والأخرى.
ويقول التقرير: "الواقع أن حجم العمليات المنفذة من قبل تنظيم القاعدة في الآونة الأخيرة، ونوعيتها، يدل على أن التنظيم ما زال يعمل ويتحرك في مساحات واسعة، ولديه قدرة نسبية على التخطيط والإعداد لتنفيذ عمليات توصف رسميًا بأنها إرهابية وانتقامية ضد أهداف مهمة وحيوية في البلد. وبالتالي، فإن على كافة مكونات المجتمع اليمني ،حكومة واحزاباً ومنظمات، البحث في عدد من المحاور الجوهرية التي تطرح نفسها بقوة في هذه المرحلة المهمة الحساسة من تاريخ اليمن، وأهمها: ما هي الأسباب والعوامل التي تسمح بتجدد نشاط القاعدة وتنفيذ عمليات نوعية على الرغم من الانتصارات المعلنة للجيش عليها؟ ومن ثم كيف سيؤثر تجدد نشاط القاعدة وحضورها الميداني على المرحلة الانتقالية والتسوية السياسية في البلد؟ وأخيرًا، ما هو السيناريو المستقبلي والمتوقع بالنسبة لحضور ونشاط القاعدة في ضوء المتغيّرات الراهنة؟
أطراف أخرى مستفيدة
ويبين الملتقى الوطني لحقوق الإنسان أن تنظيم القاعدة ليس وحده المستفيد من الهجمات والعمليات القتالية التي تشهدها الساحة اليمنية خلال هذه الفترة، فهناك أطراف سياسية ومراكز قوى فقدت مصالحها وهي غير راضية عن عملية الانتقال السياسي في اليمن، وترى أن التسوية السياسية في حال سارت بشكل طبيعي ستضعفها بشكل كبير وستحد من نفوذها أو ربما تقضي عليها تمامًا، لذا فمن غير المستبعد أنها من سهّل للقاعدة تنفيذ بعض هذه العمليات، خصوصًا وأن هذه القوى، ما زالت تمتلك حتى الآن بعض العناصر والأفراد داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية.
ويقول التقرير: "على أية حال، فإن عدم قدرة الحكومة الجديدة على حسم المعركة مع الجماعات المتشددة أيًا كانت، سيؤثر عليها بشكل سلبي، وسيضر بسمعتها داخليًا وخارجيًا، فمن جهة سيفقد المواطن اليمني ثقته بالحكومة التي وعدت بمحاربة ما يعرف بظاهرة الإرهاب والقضاء عليه، ومن ثم تخفيف معاناته المعيشية، وهذا ما قد يدفع ببعض المواطنين للانخراط في مشاريع سياسية أخرى ذات طابع جهوي أو مناطقي، أو حتى الارتماء مجددًا في أحضان الجماعات الجهادية، ولا شك أن ذلك لن يساعد على إتمام التحضيرات والمشاورات السياسية الجارية لعقد مؤتمر الحوار الوطني خلال الأشهر القليلة القادمة، والذي تراهن عليه الحكومة وبعض القوى السياسية كمدخل فعلي لحل العديد من القضايا الشائكة على المستوى الوطني".
صعوبة في التعامل
ووفقاً للتقديرات التي يطرحها الملتقى فإن معركة اليمن مع تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية المسلحة في ظل تعقيدات المرحلة الانتقالية، وعدم الاستقرار السياسي، مهمة صعبة وتحتاج الى الكثير من الجهد والعمل المدروس والمخطط له بعناية، خصوصًا وأن هذه الجماعات تعمل في اليمن منذ ما يقارب العقدين من الزمن، وأصبحت لديها قدرة ومرونة على التكيّف والعمل في أصعب الظروف، كما أنها تغلغلت في النسيج الاجتماعي لبعض المكونات القبلية والمحلية، ناهيك عن اختراق عناصرها للأجهزة الأمنية. وهو ما أكد سعيد عبيد الناطق الرسمي باسم لجنة الشؤون العسكرية في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط قبل أيام.
مهمة غير مستحيلة
ولكن، على الرغم من كل ذلك، لابد من الإشارة إلى أن مهمة القضاء على القاعدة على الرغم من صعوبتها، إلا أنها غير مستحيلة. حسب معدي تقرير الملتقى الوطني لحقوق الإنسان في اليمن، فقد أحرزت القيادة الجديدة بعد الثورة تقدمًا مهمًّا في هذه المعركة، واستطاعت طرد العناصر المتشددة من المناطق التي سيطرت عليها سابقًا، وهي قادرة اليوم على إكمال المهمة بنجاح خصوصًا إذا تبنّت إستراتيجية أمنية شاملة، للتعامل مع خطر ما يدعى ظاهرة الإرهاب في هذه المرحلة، والاهتمام بالتثقيف والتوعية المجتمعية.
سوء حالة حقوق الإنسان
وإجمالاً فإن تلك التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية أنفة الذكر أعلاه في اليمن خلال أغسطس المنصرم قد ساهمت حسب الملتقى الوطني في سوء حالة حقوق الإنسان وزادت من حدة الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون من حيث تنوع الوقائع وعدد الضحايا والفئات الاجتماعية التي تعرضت للانتهاك المباشر وغير المباشر، فخلال شهر أغسطس المنصرم تم رصد عدد (228) واقعة انتهاك بلغ عدد ضحاياها (44234) ضحية.
وسجل الاعتداء الجسدي ومحاولة القتل والتهديد الظاهرة الأعلى من حيث الظواهر المرصودة بعدد (96) واقعة انتهاك، يليه القتل خارج إطار القانون بعدد (67) واقعة انتهاك، وحرية الرأي والتعبير بعدد (9) وقائع، والاختطاف بعدد (8) وقائع، والحرمان من الحق في التعليم بعدد(7)، والاعتقال التعسفي بعدد (7) وقائع، والحق في الحصول على العمل بعدد (5) وقائع، والاعتداء على الممتلكات وهدمها أو مصادرتها بعدد (5) وقائع، والتعذيب وسوء المعاملة بعدد (4) وقائع، وانتهاك الحق في المحاكمة العادلة بعدد (4) وقائع، والزواج المبكر بعدد (3) وقائع، والعنف الأسري بعدد (3) وقائع، والانتحار بعدد (3) وقائع، والحق في التجمع والتظاهر (2) وقائع، والاغتصاب (2) وقائع، والحرمان من الحق في الصحة (2) وقائع، والعقاب الجماعي وانتهاك الحق في البيئة بعدد واقعة واحدة لكل منهما، بينما لم تسجل أي واقعة انتهاك للحق في الضمان والرعاية الاجتماعية .