مرسي في الأمم المتحدة ينهي مرحلة تقزيم مصر

يزور الرئيس المصري محمد مرسي مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ويستغل اجتماع الجمعية العامة للقاء عدد من زعماء العالم، لكنه لن يزور البيت الأبيض، مقر الإدارة الأميركية، حسبما أعلنت رئاسة الجمهورية المصرية.

القاهرة: إلتقى الرئيس المصري محمد مرسي رموز وقيادات ومنظمات دينية إسلامية ومسيحية ويهودية في نيويورك، بحضور داليا مجاهد مستشارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون الأديان، وأجرى معهم مناقشات عديدة حول مجريات الأمور في مصر وعلاقاتها بالعالم، إضافة إلى ما يثار حول اضطهاد يتعرض له الأقباط في مصر، وإهدار حقوق المرأة، فضلاً عن تداعيات فيلم "براءة المسلمين" المسيء للرسول محمد، والرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد التي نشرتها مجلة "شارلي أبيدو" الفرنسية.

دولة للفلسطينيين

خلال اللقاء، قال مرسي إن مصر تقدر دور الولايات المتحدة الأميركية في دعم الربيع العربي، مشدداً في الوقت نفسه على أن القضية الفلسطينية أهم عقبة في طريق السلام في الشرق الأوسط، داعياً إلى إقامة دولة للفلسطينيين.
أضاف: "الفلسطينيون محاصرون ويعيشون حياة صعبة في غزة، وحتى في الضفة الغربية، لذا يجب التعاون في إحقاق حقهم في أن يعيشوا في أمن وسلام، ولا بد أن يحصلوا على حقوق الإنسان ولذا لا استطيع أن أجد الفلسطينيين يموتون دون أن أفتح المعابر في رفح لدخول المؤن الغذائية والدوائية والأقارب".

ولفت مرسي إلى أن مصر تصرّ على مكافحة الجماعات المسلحة في سيناء، فمن حقها فرض سلطاتها وسيادتها على أراضيها في شبه جزيرة سيناء. وأكد مجدداً احترام مصر لاتفاقياتها ومعاهداتها الدولية، في إشارة إلى معاهدة السلام مع إسرائيل. وقال: "نحن أكدنا أكثر من مرة أننا دولة تحترم ما توقع عليه من اتفاقيات، لكن من دون أن يتعارض ذلك مع وجود دولة للفلسطينيين".
ولفت إلى أن مصر بعد الثورة تتحرك نحو التعامل بندية مع العالم الخارجي، وليس بناء على التبعية كما كان الحال سابقًا.

لا إضهاد للمرأة أو الأقباط

وعن حقوق المرأة في ظل الحكم الإسلامي، قال مرسي إن الإسلام يحفظ حقوق المرأة، مشيرًا إلى أن الجميع في مصر متساوون في الحقوق والوجبات، وتساءل: "لا أعرف من أين أتى الناس بهذه المفاهيم المغلوطة عن الإسلام في ما يخص حقوق المرأة؟".
وحول ما يثار عن إضطهاد الأقباط في مصر، قال مرسي إن المسلمين يختلفون في ما بينهم، والمسيحيون أيضًا، ويتم حل هذه الخلافات بالقانون من دون تصعيد. لكن في حال وجود خلافات بين المسلمين والمسيحيين، يتم تضخيم القضية، مشيرًا إلى أن هناك مبالغات في تناول الملف القبطي في مصر.

وروى مرسي قصة حدثت معه شخصياً عندما كان نائبًا في البرلمان في العام 2005، وقال إنه قرأ في إحدى الصحف الأجنبية تقريرًا مطولًا عن اضطهاد الاقباط ومحارقهم في قرية تسمى الجديدة، وتقع في نطاق الدائرة التي يمثلها في محافظة الشرقية، وأن المسلمين يحرقون منازل الأقباط وهم يهتفون "الله أكبر، ولله الحمد". توجه مرسي إلى هذه القرية فلم يجد منازل للأقباط محترقة، بل يعيش المسلمون والأقباط في سلام.
وحمّل مرسي مسؤولية الإحتقان الطائفي بين المسلمين والأقباط في مصر للنظام السابق بقيادة الرئيس السابق حسني مبارك، وقال إن النظم الدكتاتورية تسعى إلى إحداث الفرقة بين الناس لكي تستقر.

حوار الأديان

وتناول مرسي قضية الإساءة للإسلام من خلال فيلم "براءة المسلمين" ورسوم مجلة "شارلي أبيدو" الفرنسية، فدعا إلى الحوار بين أصحاب الديانات لتعظيم النقاط المشتركة وتقليل نقاط الخلاف، مشيراً إلى أن ضرورة قبول الآخر، وتقبل الإختلاف بين الأديان، وبذل المزيد من الجهود لإزالة الصورة النمطية السلبية عن المسلمين لدى الغرب.
وقال مرسي إنه طالب الرئيس الأميركي باراك أوباما بتشريع أميركي يصدره الكونغرس ضد من وصفهم "بأنهم يرتكبون أفعالًا تؤجج الإضطرابات بين الشعوب".
وشدد مرسي على احترام حرية الرأي والتعبير، ولكن من دون إساءة للأديان والمعتقدات والرموز الدينية.

الكل ينتظر الخطاب

قال السفير محمود شامل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة مرسي للأمم المتحدة حدث تاريخي، مشيرًا إلى أن العالم ينتظر خطابه غداً الأربعاء وكله آذان صاغية.
وأضاف شامل لـ "إيلاف" أن هناك أربعة زعماء من دول الربيع العربي يحضرون اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة الأولى، وهم الرئيس المصري محمد مرسي، والتونسي منصف المرزوقي، ورئيس المجلس الوطني الليبي، إضافة إلى الرئيس اليمني عبد ربه الهادي.

ولفت إلى أن مصر تحظى بمكانة دولية، وأعرب الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني ورئيس الوزراء الإيطالي السابق بانبهارهم بثورتها، لدرجة أنهم دعوا إلى تدريسها في المناهج الدراسية.
وأوضح شامل أن الخطاب الذي ألقاه مرسي في قمة دول عدم الإنحياز قدمه زعيماً صاحب مبادئ، يمتلك الشجاعة لقول الحقيقة. ولفت إلى أن دول العالم الغربي تنتظر ماذا سيقول مرسي بشأن العلاقة مع إسرائيل واتفاقية السلام، والقضية الفلسطينية، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، ودعم حركات التحرر والثورات في المنطقة، ولاسيما الثورة السورية.

سياسة خارجية جديدة

وأكد شامل أن مرسي سوف يستغل هذا الحدث المهم لتدشين مرحلة جديدة من السياسة الخارجية للجمهورية المصرية الثانية، تودع فيها عصر التبعية للغرب، خاصة أميركا، لتنسج علاقات ودية بين القاهرة وواشنطن، مباشرة من دون أن تمر عبر تل أبيب.
وقال الدكتور ياسر علي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس مرسي سيستغل زيارته للأمم المتحدة للقاء أكبر عدد من زعماء العالم. وأضاف خلال تدوينة له عبر صفحته الشخصية في موقع فايسبوك: "إن كل جولات الرئيس الخارجية، والجهد الذي يبذله الرئيس في المحيط الإقليمي والدولي، يستهدف تحقيق مصلحة المواطن المصري، ودفع عجلة الاقتصاد، واستعادة دور مصر الإقليمي والدولي".