أخبار

أي مصير ينتظر فنزويلا في حال توفي تشافيز؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تعيش فنزويلا مؤخرًا على وقع أخبار الرئيس هوغو تشافيز الصحية. وبين إعلان إجراء عملية جراحية ثم الإعلان عن إصابته بالتهابات حادة وجد الشعب الفنزولي نفسه ومعه العالم أمام سيل من الأخبار المتناقضة حول صحة الرئيس اليساري. فما هو مصير البلاد في حال خسر تشافيز معركته مع المرض؟

يعتبر دستور فنزويلا الذي أُقر عام 1999 مفخرة الرئيس اليساري هوغو تشافيز، ويروق للرئيس الفنزويلي ان يلوح بنسخة جيب من الدستور الذي كُتب بعد توليه الرئاسة أول مرة قبل 14 عاما مثلما كان القادة الشيوعيون الصينيون يرفعون كتاب الرئيس ماو الأحمر الصغير.

ولكن بعد غياب تشافيز (58 عاما) عن المسرح جراء الاصابة بالسرطان وصراعه مع الموت في مستشفى كوبي، كما تفيد التقارير، أخذ الفنزويليون يبحثون عما يدلهم الى الطريق الصحيح في الدستور البوليفاري، كما يُسمى. ولكن ما وجدوه بين نصوص الدستور خارطة ملتَبسة يمكن ان تُدخل أغنى بلد نفطي في نصف الكرة الغربي في طريق مسدود هذا العام.

وتكمن في أساس البلبلة والإلتباس عبارة "بصورة دائمة". وبموجب الدستور فإنه من المفترض أن يؤدي تشافيز، الذي أُعيد انتخابه لولاية اخرى مدتها ست سنوات، اليمين القانونية وأن تجري مراسم تنصيبه في 10 كانون الثاني/يناير. ولكن يبدو أن حالته الصحية لا تسمح بذلك.

وتنص المادة 233 من الدستور على أنه "عندما يصبح الرئيس المنتخب غائبا بصورة دائمة عن الخدمة قبل تنصيبه فإن إنتخابات جديدة تُجرى في غضون 30 يوما متعاقبة".

وتحدد المادة غياب الرئيس بصورة دائمة على أنها تعني حالات الوفاة أو الإستقالة أو الإقالة أو العجز الجسدي أو العقلي الدائم بشهادة طبية أو بإعلانه شخصيا عن سحب يده من السلطة. ولا تسري أي من هذه الحالات على وضع تشافيز الحالي، أو هذا على الأقل ما يقوله نيكولاس مادورو نائب تشافيز الذي زار الرئيس الفنزويلي في هافانا هذا الاسبوع. فما العمل في مثل هذا الوضع؟

في البدء لا بد من الإلتفات الى شعبية تشافيز بين أتباعه الذين ذهبوا الى حد تقديسه ضامنين له الفوز بفارق 11 في المئة على منافسه بفضل برامج مكافحة الفقر التي نفذها رغم أن فنزويلا تعاني أعلى معدلات الجريمة في أميركا الجنوبية ومعدل تضخم يُعد بين أعلى معدلات التضخم في العالم. وعندما أُخضع تشافيز لجراحة كبرى الشهر الماضي هتف نائبه "لا بد أن تعود الينا، ونحن أطفالك سنكون بانتظارك. فاننا أقسمنا بالولاء لك بعد هذه الحياة... جنودك إلى الأبد".

ومن هنا إمتنع مادورو وغيره من أركان حكومة تشافيز، بمن فيهم رئيس البرلمان ديوسدادو كابيو، عن إعلان تشافيز غائبا "بصورة دائمة" عن المنصب رغم إقتراب يوم 10 كانون الثاني/يناير الذي يتعين خلاله إنتخاب رئيس جديد.

وقال حاكم ولاية انزواتيغوي الشرقية ارستوبولو استوريز وهو سياسي واسع النفوذ من أنصار تشافيز، "إن الرئيس إذا لم يتمكن من آداء اليمين في 10 كانون الثاني/يناير يجب أن يبقى رئيسا إلى أن يتمكن من أداء اليمين". ولكن الدستور الذي يتباهى به تشافيز ويشهره بفخر وإعتزاز ينص على أن ولايته تنتهي في هذا التاريخ تحديدا.

ويجيز الدستور لنائب الرئيس أن يتولى مهامه حين "يكون الرئيس غير متاح للخدمة بصورة موقتة". ولكن هذه الولاية تنتهي بعد 10 كانون الثاني (يناير) إذا لم يتمكن تشافيز من أداء اليمين لولاية أخرى.

ومع ذلك فان أنصار تشافيز، كما يلمح أستوريز، مستعدون لتجاهل هذا التفصيل المزعج في الدستور والسماح لنائب الرئيس مادورو بتسلم دفة الحكم ما دام الرئيس عاجزا عن ممارسة مهامه، أو الى ان يرحل تشافيز عن هذا العالم إذا كانت حالته خطيرة كما تشير بعض التقارير.

وكان تشافيز الذي يقول مراقبون إنه يُنتخب ديمقراطيا لكنه لا يحكم بأساليب ديمقراطية، علَّم انصاره كيف يناورون للبقاء في الحكم. وعلى سبيل المثال ان الفنزويليين رفضوا في عام 2007 محاولته إجراء استفتاء يلغي تحديد الرئاسة بولايتين، وأن دستوره نفسه يحظر إجراء استفتاء ثان على قضية خلال ولاية واحدة لكنه رغم ذلك مضى قدما وأجرى استفتاء آخر في عام 2009 ونال مرامه في المحاولة الثانية.

وينص الدستور الفنزويلي على أنه إذا توفي تشافيز قبل 10 كانون الثاني (يناير) فان إنتخابات رئاسية جديدة تُجرى في غضون 30 يوما يتولى مهام الرئاسة خلالها رئيس البرلمان. وإذا تمكن تشافيز من العودة إلى فنزويلا لأداء اليمين ولكنه توفي خلال السنوات الأربع الأولى من ولايته الجديدة فان إنتخابات رئاسية جديدة تُجرى ولكن في غضون 30 يوما يتولى مهام الرئاسة خلالها نائبه هذه المرة. وإذا توفي تشافيز خلال العامين الأخيرين من ولايته فان نائبه يُكمل ما تبقى من المدة.

ويقول محللون إن من كتبوا الدستور الفنزويلي تعمدوا أن تكون آلية التوريث معقدة. فهي تُبقي منصب نائب الرئيس ضعيفا نسبيا بهدف تثبيط أي محاولة لتحدي تشافيز من داخل الحزب الاشتراكي الموحد.

كما أن الدستور يدعم إستمرار ثورته اليسارية المعادية للولايات المتحدة بمنح المعارضة 30 يوما لا تكفي لتنظيم حملة إنتخابية. ولكن مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن ستيفن جونسون قال لمجلة تايم إن ما لم يتوقعه تشافيز هو نجاح المعارضة في تهيئة مرشح قوي هو انريك كابريلس حاكم ولاية ميراندا المتاخمة للعاصمة كراكاس. وكان كابريلس الوسطي خاض حملة إنتخابية حسنة التنظيم نسبيا في تنافسه مع تشافيز على الرئاسة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

ويلاحظ أن تشافيز قبل أن يغادر الى كوبا الشهر الماضي كسر تابو التوريث الذي كان الحديث عنه محرما، بتسمية مادورو، وزير خارجيته أيضا، مرشح الحزب الإشتراكي الموحد إذا تعين إجراء إنتخابات جديدة.

ويشير محللون إلى إمكانية حدوث إنقسامات داخل الحركة التشافيزية بين جناح مادورو الإشتراكي وجناح كابيو البراغماتي الذي تربطه علاقات متينة بالجيش ومن المتوقع أن يُعاد إنتخابه رئيسا للبرلمان يوم السبت. ولكن جورج سيكاريلو ماهر أستاذ التاريخ والسياسة في جامعة دريكسل في ولاية بنسلفانيا يرى أن مادورو سيضمن على الأرجح ترشيح الحزب الإشتراكي الموحد والفوز على كابيو. وقال سيكاريلو ماهر لمجلة تايم إن مادورو "أوسع شعبية بين الجماهير الفنزويلية من كابيو أو كابريلس على السواء".

ولكن سيكاريلو ماهر اعترف بأن في الدستور الفنزويلي ما يكفي من الإبهام للتساؤل بتوجس كيف يمكن أن تتجاوز فنزويلا هذه الأزمة بلا نزاع. فان كابريلس وقوى المعارضة غاضبة على السرية المحيطة بحالة تشافيز الصحية واصفة هذه السرية ذات النمط السوفيتي بأنها "اهانة للفنزويليين". وحمل مادورو على المعارضة متهما اياها بترويج شائعات عن احتضار الرئيس "وتسميم الفنزويليين بالكراهية".

وحتى إذا لم يعد تشافيز الى الرئاسة فان الإستقطاب الذي إتسم به عهده مرشح للإستمرار على ما يبدو. وأقل ما يُقال في هذا أنه أمر أوضح من الدستور الفنزويلي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
بيد من حديد
أبو أديب -

الديكتاتورية شيء مقيت و لو كان عرابها تشافيز

بيد من حديد
أبو أديب -

الديكتاتورية شيء مقيت و لو كان عرابها تشافيز