تأرجح المواقف الروسية بداية لرفع الدعم عن بشار الأسد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
منذ انتفاضة الشعب السوري ضد نظام حكم الرئيس بشار الأسد في منتصف مارس/ آذار 2011، ورغم سقوط نحو 60 ألف قتيل، فضلاً عن نحو 2.5 مشرد، و20 ألف مفقود، إلا أن روسيا تصرّ على دعم هذا النظام، في تحدٍّ سافر لكل المشاعر والقيم الإنسانية، إلا أن مؤشرات قوية إلى قرب وقوع الطلاق السياسي ظهرت ما بين الأسد وبوتين.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: انطلقت هذه البوادر مع تسريبات إعلامية، تشير إلى أن روسيا لن تدعم الأسد حتى النهاية، لكن الرئيس فلاديمير بوتين، أعلن ذلك صراحة، وقال في تصريح له: "نحن لا نسعى إلى إبقاء نظام الأسد في السلطة بأي ثمن، ولكن يتعيّن على السوريين التوافق في ما بينهم بشأن مستقبلهم، حتى نبدأ حينها بالبحث عن سبل تغيير النظام القائم".
قرّاء "إيلاف" رأوا أن روسيا بدأت في التخلي عن نظام بشار الأسد، وذلك في سياق الإجابة عن سؤال الاستفتاء الأسبوعي، الذي جاء فيه: "ما معنى التناقض في المواقف الروسية من الرئيس السوري بشار الأسد؟.. بداية تراجع عن دعم النظام السوري.. مناورة لتحقيق مكاسب سياسية".
شارك في الإجابة عن السؤال 12751 قارئاً، وأيّد 10971 قارئاً منهم، بنسبة 86.4% الخيار القائل إن تناقض التصريحات الروسية يشي بأنها سوف ترفع الغطاء السياسي والعسكري عن بشار الأسد، فيما رأت الأقلية من القرّاء، وعددها 1780 قارئاً، بنسبة 13.96% أنها مناورة لتحقيق مكاسب سياسية.
يأتي تأرجح المواقف الروسية، في ظل تسارع الأحداث على الأرض في سوريا، وسيطرة المعارضة على مساحات أكثر من التي يسيطر عليها نظام الأسد، ووصولها إلى قلب العاصمة دمشق. لكنّ خبراء سياسيين يرون أن المعركة الحالية هي معركة البحث عن بديل جاهز وغير عدواني لنظام بشار الأسد، إضافة إلى محاولة تقديم الثمن إلى روسيا.
وقال الدكتور محمد عبد المجيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن روسيا بدأت فعلياً في التخلي عن بشار الأسد، ولكنها تتفاوض الآن على الثمن مقابل ذلك من الدول الحليفة للمعارضة، ومنها أميركا والسعودية وقطر وتركيا والاتحاد الأوروبي.
وأوضح لـ"إيلاف" أن إيران صارت غير قادرة على دفع الفاتورة لروسيا، في ظل اشتداد الأزمة الاقتصادية في إيران، وظهور أصوات معارضة لنهج الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامئني.
وأضاف أن ثمة صفقات تشترك فيها أطراف دولية وإقليمية، تجري في الغرف المغلقة من أجل إنهاء الحرب الدموية وإسقاط حكم الأسد، لكن المعضلة الأساسية، تتمثل في البديل الجاهز لقيادة سوريا، والحفاظ على أمن إسرائيل، وعدم انتقال المعركة إلى الجولان، أو تحوّل الأراضي السورية إلى قاعدة للإسلاميين المتشددين، ينطلقون منها إلى الجهاد ضد إسرائيل، أو يحدث تحالف مع حزب الله.
ولفت إلى أن الغرب يخشى من الجماعات المتشددة، التي تقاتل ضمن فصائل الجيش الحر ضد بشار الأسد. مشيراً إلى أن هناك حالة من الرعب لدى الغرب من أن تتحوّل أسلحة المعارضة المتشددة إلى صدور الأجانب، وتهدد مصالح أميركا في المنطقة.
ورغم تراجع التأييد الروسي لبشار الأسد، إلا أن زعيم المعارضة معاذ الخطيب رفض دعوة وزير خارجيتها إلى الذهاب إلى موسكو لإجراء محادثات، وقال في تصريحات له: "نحن قلنا بشكل صريح لن نذهب إلى موسكو.. قد نجتمع في دولة عربية إذا كان هناك جدول أعمال واضح.. وأيضًا نريد اعتذارًا من السيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لأنه طوال الوقت ظل يقول إن الشعوب لابد أن تقرر مصيرها من دون تدخل خارجي، بينما تتدخل روسيا في الشأن السوري بقوة، وكأن كل المذابح التي حصلت بحق الشعب السوري مجرد نزهة".
وأضاف الخطيب: "إذا كنا لا نمثل الشعب السوري، فلماذا يدعونا؟، وإذا كنا نمثل الشعب السوري، فلماذا لا يستجيب، وتصدر روسيا بيان إدانة واضحًا لتوحّش النظام، ومطالبة صريحة بتنحّي الأسد، الذي هو شرط أساسي في أية مفاوضات".
المعارضة السورية ترى أن المجتمع الدولي خذل الشعب السوري، ولم يقدم له أي دعم على الإطلاق، وقال مأمون الحمصي المعارض السوري البارز، إن تراجع روسيا عن دعم الأسد، ليس إلا مناورة دولية لمنح النظام فرصة أخيرة من أجل سحق الثورة السورية وتركيع الشعب، باستخدام الأسلحة الكيماوية، ضمن الفرص العديدة، التي منحها المجتمعان العربي والدولي له.
وأضاف لـ"إيلاف" أن نظام بشار الأسد يستخدم حالياً أسلحة كيماوية وأسلحة محرّمة دولياً ضد الشعب. وأوضح أن آثار هذه الأسلحة ظهرت على جثث الضحايا من حروق وفتك في جثث المدنيين الأبرياء، ولفت إلى أن تلك الآثار تشير إلى أن هناك ترخيصًا جديدًا لاستخدام هذه الأسلحة، ولكن بشروط تحديد الأماكن والكميات المسكوت عن استخدامها، بما يحفظ عدم وصولها إلى دول الجوار.
وأضاف أن الدعم من قبل الشريكين "الأسد - خامنئي" وعصاباتهما بدعم روسي صيني، مازال مستمراً، بهدف إبادة الشعب السوري وتدمير البنية التحتية للدولة، لاسيما في ظل تقدم الجيش السوري الحر على الأرض، وإحرازه انتصارات ساحقة ضد الجيش النظامي وعصاباته وشبيحته.
روسيا صارت مقتنعة تماماً بأن رحيل الأسد صار أمراً مفروغاً منه. وقال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف: "الأسد بدأ يفقد السيطرة، وإنه لا يمكن استبعاد أن تنتصر المعارضة في النهاية"، فيما كان الرئيس بوتين أكثر صراحة، حيث قال: "لسنا معنيين بمصير الأسد. نتفهم أن هذه العائلة موجودة في السلطة منذ أربعين سنة، وهناك حاجة إلى التغيير". وأضاف: "موقفنا ليس الاحتفاظ بالأسد ونظامه في السلطة بأي ثمن".
غير أن الرئيس السوري بشار الأسد يصرّ على عدم الرحيل، وعلى أنكل يجري في بلاده حرب خارجية ضد الدولة، لإسقاط سوريا الممانعة، وطرح مبادرة للخروج من الأزمة، لا تتضمن رحيله، بل إيقاف أعمال القتال، والبدء في التفاوض على تشكيل حكومة جديدة. ما عرّضه لانتقادات واسعة من جانب المعارضة والمراقبين، والولايات المتحدة الأميركية.
ويتبنّى نائب الرئيس السوري، فاروق الشرع، وجهة نظر رئيسه، إذ قال: هذا صراع طويل.. والمؤامرة كبيرة، وأطرافها عديدون: إرهابيون.. رعاع.. مهرّبون". وهي الألفاظ نفسها التي استخدمها معمّر القذافي في وصف معارضيه قبيل سقوطه، فهل يتكرر السيناريو الليبي في سوريا؟.