أخبار

لينا أبو بكر ناشرة "أسرانا": أقلامنا بنادقنا ونسعى لتحويل الأسرى إلى قضية دولية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

من صحيفة "أسرانا"، تريد لينا أبو بكر تحويل قضية كل أسير فلسطيني في سجون إسرائيل إلى قضية دولية، فتحشد أقلام الأسرى والمحررين وتوثق معاناتهم في مراحل أسرهم وما بعدها، لتقدم وثائقها للمحافل الدولية.

هموم متتابعة تحملها، لا شيء يشغلها الآن أكثر من هموم الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. فالحرية ذات معانٍ إنسانية عدة، والكرامة بدونها لا تساوي شيئًا، والاستقلال لا معنى له، وحتى الأخلاق تضيع في ظل فقدانها.

إنها الشاعرة والإعلامية الفلسطينية لينا أبو بكر المقيمة في لندن، التي ترى في معاني الحرية أبرز الدوافع العامة لإطلاق صحيفة "أسرانا" لتحمل معها همّ الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، ورافعة لواء الدفاع عن حقوقهم، من خلال تجربة صحفية جديدة ومختصة تمامًا في قضايا الأسرى، وانتاج مواد إعلامية ذات صلة مباشرة، صنعها الأسرى أنفسهم.

الحرية عنوان الصراع

ترى أبو بكر أن عنوان القضية الفلسطينية في جوهرها هو الحرية، وتقول لـ"إيلاف": "قضيتنا الجوهرية أولًا وأخيرًا هي الحرية، والحرية تستوعب بالضرورة كل المعاني الإنسانية التي تنطوي تحت جناحها، فلا وجود بلا حرية، ولا كرامة بلا حرية، ولا استقلالية، ولا حق، ولا أخلاق، ولا سلام وغيرها من القيم التي تصبح غير واقعية بمجرد فقدان الحرية كقيمة أسمى، كل ذلك كان من دوافع إصدار صحيفة أسرانا، لكن هناك دوافع مباشرة أيضًا، فالإرادة الشخصية يحكمها بالدرجة الأولى الهم الوطني، من دون إغفال التأثر الشخصي بموقف معين أو تجربة ما".

عملت أبو بكر في العديد من القضايا الوطنية ضمن مجال التحقيقات الصحافية مشيرة إلى أن الهدف من ذلك كان "إنعاش الذاكرة من خلال التحاور مع الناجين من المجازر، وقد ضمت تلك التحقيقات فنانين ورجال دين وجنودًا اسرائيليين، وحتى عملاء، وكنا في كل مرة نصطدم بالحرية كإشكالية في ظل الاحتلال كواقع".

مشيرة كذلك إلى أن خروج صحيفة أسرانا إلى النور عززه انضمام أسرى محررين إلى صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، عملوا على شحن الإرادة الشخصية للوصول إلى تصور يستطيع أن يضم مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية على اختلافها. وتضيف:"من هنا تحديدًا جاءت أسرانا".

ليست رقمًا

تنفي أبو بكر أن تكون صحيفة أسرانا موقعًا إلكترونيًا وتقول: "لسنا موقعًا الكترونيًا، ومنذ البداية حرصنا على ألا نكون كذلك، علمًا أن كل تلك المواقع الالكترونية تعد مرجعًا لنا في تقصي أخبار الأسرى أولًا بأول، تعمل بهمة ودقة وإحاطة وشمولية، وتغطي عجزًا فاضحًا يتعمده الإعلام العربي والعالمي باتجاه قضية الأسرى الفلسطينيين على خطورتها".

وتابعت:"لا نريد أن نكون مجرد رقم زائد، كان لا بد لنا ونحن نتعامل مع أسرى أو أسرى محررين لديهم طاقات إبداعية متعددة، وأقلام ومواهب، ورؤى أدبية، أن لا نكون مجرد موقع يكرر الخبر أو ينقله، ونعلم مدى صعوبة صناعة الخبر في ظل احتلال يحظر الحقيقة، ويزجها في سجونه تمامًا كما هي الحال مع فلسطين".

وحرصت أبو بكر على أن يكون الأسرى والمحررون أنفسهم صنّاع هذا العمل وأسرته. فالمشرف العام للجريدة هو الأسير المحرر مراد السوداني، وكاتب الافتتاحية إما أسير أو محرر من كلا الجنسين، ومصمم الشعار هو الأسير المحرر ياسين أبو لفح، وصانع التقارير الأخبارية هو الأسير المحرر الصحافي علاء كنعان، ومحررو بعض الصفحات أسرى محررون ومنهم جمعة الرفاعي ومراد المطور ومنير المطور، وهناك أسرى يقومون بتحرير المواد من داخل السجون.

لاستيعاب الجميع

بينت أبو بكر أن صحيفة أسرانا عمدت إلى ترجمة مختارات من أهم المواضيع إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية وقريبًا العبرية. أضافت: "نسعى في المستقبل لاستقطاب أقلام من الدول الأوروبية والمهتمين الأوروبيين والنشطاء إلى الكتابة معنا في هذه الصفحات من أجل تدويل القضية وتوسيع نطاق الاهتمام بها".

وعن زاوية " دفاتر السجون "، توضح أبو بكر أنها صفحة لتوثيق أهم الأعمال الأدبية التي كتبها ودونها الأسرى داخل السجن، يتم تجميعها ونشرها وتوثيقها للتجربة من خلال رمزيتها الإبداعية والأدبية، على نطاق الرسالة والقصيدة والقصة والخاطرة وغيرها من الفنون الأدبية الأخرى.

يذكر أن العدد الأول من صحيفة أسرانا كان في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، في 17 نيسان (أبريل) من العام 2011، وقد تزامن ذلك مع إعلان أكبر إضراب في تاريخ الحركة الأسيرة شارك فيه 1300 أسير فلسطيني من مختلف الاتجاهات الحزبية والفكرية.

وتؤكد أبو بكر أن أسرانا مستقلة تمامًا، "ولا نخضع لدعم أو تمويل من جهة ما يجعلنا محسوبين على فصيل دون آخر، ولا نضم مجموعات أو شللاً سياسية تحرك توجهاتنا من فصائل معينة، نحن صوت الحرية، حرية فلسطين بكل فصائلها ولا نسمح بأن يغيب عن صفحاتنا أي فصيل، لأننا نؤمن بأن الوحدة الحقيقية ليست في إلغاء أحد، إنما في استيعاب الجميع".

كما تم تخصيص صفحة اجتماعيات للمرأة الفلسطينية الأسيرة أو الحرة أو الزوجة أو الأخت أو ابنة الأسير أو أمه، بالإضافة إلى الطفل الأسير أو الطفلة الفلسطينية الأسيرة.

وقالت أبو بكر:"هذا ما حدا بنا من خلال ما وثقناه وما جمعناه إلى إعلان بيان بكل اللغات، صادر عن جريدتنا، يفيد بنيتنا جمع أكبر عدد ممكن من رجال القانون والقضاء حول العالم، وتقديم الوثائق التي جمعناها من أصحابها أو ذويهم لجهات العدالة الدولية لمقاضاة الجيش الاسرائيلي على انتهاكاته بحق الفلسطينيين، من خلال عمليات الاختطاف التي رفضنا أن ندرجها تحت بند الاعتقال لأنها لا تخضع لشرط أمني أو إجراء قانوني".

قضايا مسكوت عنها

تصف أبو بكر "أسرانا" بأنها "جريدة إنسانية، إبداعية، تفتح ملفات تعنى بقضايا عديدة كان مسكوتًا عنها قبل ظهور "أسرانا".

أضافت:" لقد دخلنا بيوت الأسرى، واقتحمنا عالمهم، وهم في أبعد نقطة للعزلة في هذا الكون، في السجون الاسرائيلية، حصلنا على أرقام ذويهم منهم، أصبحنا جزءًا من تفكيرهم وإبداعهم ومن أحلامهم، وأخذنا على عاتقنا أن نبرهن للعالم أن في السجون نخبة الشعب الفلسطيني، وليسوا إرهابيين كما يتم الترويج عنهم، والدليل هذه الصحافة الحرة الإبداعية الإنسانية التي ابتكروها وصنعوها بأيديهم".

وتراهن أبو بكر على استمرارية "أسرانا". قالت: "لو لم يتبقَ لديناسوى أسير واحد لتكمل أسرانا مضيها قدمًا للأمام، فإننا سنكتفي وسنظل على درب الحرية حتى آخر رمق من دم القلم".

ولا شك في أن إطلاق امرأة صحيفة حول الأسرى الفلسطينيين حدث فريد. قالت: "فلسطين أول النساء وآخرهن، ما رأيك بهذه المرأة التي تضم في قلبها الرجال جميعًا؟ فصلتي مباشرة بفلسطين، فهي الأسيرة الأم".

توثيقي توعوي

أرادت أبو بكر مركزًا صحافيًا وتوثيقيًا وبحثيًا شاملًا، "فالصحافة أعمق تأثيرًا، إنها السلطة الرابعة، أرادت عملًا له قوة، يقتحم، يغامر، يجنح للخلق والابتكار، يحول الضحية إلى عنصر فعّال له إرادة، لا يسعى لمجرد التعافي من ذاكرة الأسر، وهو سعي شخصي، إنما يسعى للتوثيق لمعاناة الأسر كذاكرة للحرية، وحق لا بد من التمسك به".

وأوضحت أن الدور التوعوي بالغ الأهمية في مجال قضايا الأسرى، "وربما يكون الأهم، والتوعية تأتي من استعداد مسبق لدى الأسرى والأسيرات وذويهم من أجل الكشف عن جوانب لم يكن أحد يريد كشفها قبل التعامل معنا، إيمانهم بنا وبنزاهة رسالتنا دفعهم للتواصل معنا والتفاعل من أجل إماطة اللثام عن الكتمان، والحرج، وشعورهم بمبدأ الأمانة اتجاه الحقيقة والواجب الوطني، والتنفيس عن الذات".

وحول الآفاق التي رسمتها لصحيفتها تقول: "حرية فلسطين، والإنسان الفلسطيني من داخله، من أعماقه، والاشتغال على الوعي والإحساس، وصقل الروح والفكر، وتعزيز الشعور داخل كل أسير وحر بأنه عنصر فعّال منتج ومبدع غير مرفوض ولا هو عار أو رد سجون كما كانت النظرة سائدة حتى وقت قريب، قكل هذا يوطد الانتماء إلى الحرية أولًا وأخيرًا، وهذا هدفنا".

كما شددت على أن صحيفة أسرانا تعمل من أجل تحويل قضية الأسرى إلى نقاش دولي، "ونعمل على جمع أكبر عدد ممكن من الحقوقيين ليطلعوا على ما جمعناه من وثائق وتحقيقات خاصة في صفحة ذاكرة القضبان التي نتسلسل بها من مرحلة الاختطاف إلى غرفة التحقيق إلى غرف العار إلى أيام الأسر وحتى أيام الحرية وما بعدها، من أجل جمع الوثائق وعرضها على اللجان القانونية الني نأمل أن تضم رجالات قانون من أنحاء العالم، لنرفعها إلى جهات العدالة الدولية".

لسنا متحفًا صحفيًا

بينت أبو بكر أن صحيفة "أسرانا" عملت على تجهيز استمارة لتوزيعها على مجموعة من الأسرى المحررين وداخل السجون ما أمكن، لتوثيق أوضاعهم الصحية والنفسية قبل الأسر وبعده.

أضافت: "توقف المشروع للأسف لأن إمكانياتنا المادية معدومة في هذا المجال ولكننا لن نيأس، وسنعمل على تحريك الموضوع بمجرد أن ننجح في جمع أكبر عدد من الحقوقيين حول العالم لمتابعة الأمر. لكنني أعتقد أنه لو لم نحقق من المشروع سوى أن نمد الأسير بإحساسه بالطمأنينة لمجرد أنه ليس وحيدًا في معركته، وأن هنالك من يفكر فيه، فإننا بهذا وحده سنرتقي لقلبه وروحه وحريته، ونكتفي".

تضيف:"نحن صحافة إنسانية، ديناميكية، ولسنا مجرد متحف صحفي. ما دام وازعنا الحق فلن يرهبنا أي أمر سوى التنازل عن الحق، والجبن هو الجريمة الأكبر التي يحاكم عليها في أسرانا، فأقلامنا هي بنادقنا، ودفاتر السجون هي كتابنا المقدس، وأحلام أسرانا هي جنة خلدنا، وطموحنا هو أن نحافظ على الأحرار الأحرار".

ميزات "أسرانا"

يرى مراد السوداني، المشرف العام على جريدة "أسرانا" والامين العام للاتحاد العام للادباء والكتّاب الفلسطينيين أن ما تتمتع به "أسرانا" من متابعة للحدث مقروناً بالصور يضفي مصداقية على عملها. وقال لـ"إيلاف": "في ظل تكتم الاحتلال في إخراج أية صورة تتعلق بالاسرى، فإن ما يرشح من صور يتم تسريبها يضيف معنًى بليغًا للعمل الصحفي ويفضح سياق السجّان الصهيوني ويمنح التعاطف مع الاسرى وقضيتهم العادلة".

ورأى الأسير المحرر السوداني أن الاسرى قضية انسانية ووطنية بامتياز، لا بد من تكثيف الجهد فلسطينيًا وعربيًا وعالميًا لاطلاق سراحهم، مشيرًا إلى أن حجم التحرك لا يرتقي لحجم معاناتهم.

قال: "نظرًا لما للاعلام من فاعلية في فضح همجية الاحتلال وادوات رعبه وموته، لا بد من تعزيز المنابر التي تختص بقضية الاسرى، وما نطمح اليه أن تكون هناك فضائية متخصصة بالأسرى وشؤونهم، وبذلك يأتي الاعلام أكله صوتًا وصورة".

أضاف: "آن الاوان لحشد الطاقات الاعلامية لمناصرة اسرانا وهم يخوضون معارك الامعاء الخاوية دفاعًا عن سقف العروبة المنهوب".

وقال السوداني إن الهدف الآن هو أن توضع قضية الأسرى أمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن والهيئات الدولية كافة باعتبارهم اسرى حرب، والضغط في مختلف الاتجاهات لتدويل قضيتهم، وعقد المؤتمرات الدولية لحشد الدعم والتأييد لقضية الاسرى لإطلاق سراحهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف