أحفاد الصلح وشمعون وسعادة: منهم من سار على الدرب ومنهم من وصل بآرائه الخاصة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لعب رياض الصلح وكميل شمعون وانطون سعادة دورًا بارزًا في الحياة السياسية اللبنانية. فهل خلفوا أولادًا وأحفادًا تابعوا مسيراتهم وحققوا نجاحًا ورثوا أصوله عن أجدادهم؟
بيروت: هو رياض الصلح، أول رئيس وزراء لبناني بعد الاستقلال. تولى رئاسة الوزراء مرارًا، وكان له أثر كبير في فصل لبنان عن سوريا وبناء كيان سياسي مستقل للبنان تحت الانتداب الفرنسي.
في العام 1943، كان رئيسًا للحكومة التي اقترحت تعديل مواد في الدستور اللبناني، دسها الفرنسيون فيه لأغراضهم الاستعمارية، فأخرج مع رئيس الجمهورية آنذاك بشارة الخوري الميثاق الوطني، الذي نظّم تركيبة الحكم الطائفي في لبنان، فأغضبا الفرنسيين الذين اعتقلوهما مع أكثر الوزراء وبعض النواب، وحبسوهم في قلعة راشيا.
وكان ذلك ما أثار اللبنانيين ضد الانتداب الفرنسي، وأدى في النهاية إلى إطلاق سراحهم وإعلان استقلال لبنان في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1943. وفي 16 تموز (يوليو) 1951، وبينما كان ذاهبًا إلى مطار ماركا في شمال شرق العاصمة الأردنية عمان، أُطلق النار عليه في سيارته.دفن جثمانه في جوار مقام الأوزاعي في بيروت وتسمى الساحة القريبة منه الآن بساحة رياض الصلح.
لرياض الصلح 5 بنات، هم علياء، ومنى والدة الأمير الوليد بن طلال، وبهيجة، ولمياء أرملة الأمير المغربي عبد الله العلوي عم ملك المغرب محمد السادس، وليلى زوجة ماجد حماده ابن الرئيس صبري حماده.
أقدم فتراجع
أهم أحفاد الصلح هو الأمير السعودي الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، رجل الأعمال الذي تقدر ثروته بنحو 19,5 مليار دولار.
قبل اغتيال رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري، كان الوليد بن طلال قد أثار جدالًا واسعًا في الأوساط السياسية اللبنانية، حين لوّح بترشيح نفسه لمنصب رئاسة الحكومة اللبنانية. كما خاض غمار معارك كثيرة مع الحريري نفسه، إذ رأى فيه رئيس الوزراء الراحل خصمًا عنيدًا، بعدما وجّه انتقادات للسياسات الاقتصادية التي كان ينتهجها الحريري في لبنان.
اليوم، عدا سيارة إسعاف تقدمها مؤسسته الخيرية لجمعية تعنى بشؤون المعوقين، أو قاعة يطلق عليها اسمه في دار من دور العجزة لقاء مكرمة، أو قص شريط تقوم به خالته ليلى الصلح في افتتاح مشغل خياطة في قرية، لا ذكر للوليد بن طلال في الحياة السياسية اللبنانية. فلماذا انكفأ عن الساحة اللبنانية بعدما طمح يومًا ليكون رئيسًا للحكومة اللبنانية، على خطا جده رياض الصلح، وبعدما نقل نفوسه إلى مسقط رأس جده رياض الصلح في صيدا، مستصدرًا بطاقة هوية تؤكد لبنانيته منذ أكثر من عشرة أعوام.
يعتقد متابعون أن الكلمات القليلة التي قالها الوليد على درج قصر قريطم، معانقًا بهاء الحريري بعد وفاة أبيه، التي أعلن فيها المصالحة مع آل الحريري، كانت بداية النهاية لمشروع الوليد السياسي في لبنان.
مع انطلاق الاستعدادات وبدء التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة، تلفت مصادر سياسية مراقبة إلى أن أطرافًا تنوي الاتصال بالوليد بن طلال لتبيان موقفه وجس نبضه لناحية نيته الانخراط في الحياة السياسية إبّان المرحلة المقبلة. وتوقعت هذه المصادر أن تكون صيدا بوابة المحاولة لاستعادة حضور الأمير لبنانيًا.
مولاي الديمقراطي
مولاي هشام بن عبد الله هو ابن عم الملك المغربي محمد الخامس. هذا الأمير هو أيضًا حفيد الصلح، وابن خالة الوليد بن طلال وصديق طفولة الملك الاردني عبد الله ابن الحسين. صلات القرابة هذه لم تمنع الأمير هشام من الدعوة إلى الديموقراطية، هو الذي يرد الموجة العربية المطالبة بالديموقراطية إلى أن كافة البنى الوسيطة، من احزاب ونقابات وجمعيات تمثل المجتمع المدني، لا تملك أي صدقية، ولأن النخبة المهيمنة فاقدة لحريتها، منقطعة عن الواقع، وتعتمد على الأجهزة الامنية، ولأن الانفتاح الاقتصادي الذي فرضته العولمة، والذي بخّرت له صناديق الدعم الدولية، لم تستفد منه الا هذه النخبة.
وفي غياب سياسة توزيع عادلة، ترافق النمو الاقتصادي مع إفقار الطبقات الوسطى واهتزاز استقرارها. اخيرًا علينا الأخذ بالاعتبار التطوّر الديموغرافي في البلدان العربية، ناهيك عن الانتقال من العائلة الموسّعة إلى العائلة النووية، وانخراط النساء في العمل واهتمامهن بالقضايا العامة. بموازاة ذلك، فان تعميم وسائل الاتصال الجديدة حوّل احتكار الدولة للمعلومة إلى مجرد وهم، وفتح العالم الخارجي أمام المواطنين. وقبل وصول كل هذه التكنولوجيا الجديدة كان لدخول قناة "الجزيرة" إلى البيوت فعل الثورة.
ومولاي هشام، بهذه الاراء التقدمية، تجاوز جده الاستقلالي بأشواط، مشعلًا لنفسه شعلة تجاوز نورها المغرب إلى العالم.
أراده.. وأردناه
رياض الأسعد، حفيد آخر للصلح من ابنته بهيجة، يرى في جده الراحل "العمق العربي والحلم الفيصلي والتصدي للاستعمار، اللا تعصب الطائفي والاستخفاف بالمال".
لم يعرف الأسعد جده الصلحي، ويتذكر قليلا من الأسعدي. يقول إن ما أثر فيه هو مجموعة تجارب متداخلة ومتضاربة لا تخلو من التحدي والمغامرة، بالرغم من أنه ولد في العام 1958 وترعرع في قصر آل الصلح في بئر حسن، في كنف جدته، فيما كان أبوه سفيرًا بين العواصم. تعرَّف على زوجته المارونية الزغرتاوية ندى روبير بولس في باريس وتزوجا عام 1994 ولهما اليوم ثلاثة أولاد سعيد وفيصل و...علياء.
لم يعمل البيك الأسعدي في الهندسة، بل إنخرط في النضال على أكثر من جبهة، وإلى جانب أكثر من طرف. من بيروت إلى الجنوب، "حيث كنت أشعر فعلًا أننا في مواجهة مع اسرائيل". فقاتل في صفوف حركة فتح في ما عرف بحرب الجسور.
تشبه سيرته معظم سير أولاد الذوات الذين تمرّدوا في شبابهم على سياسة آبائهم ثم تابوا. يقول إن والده لم يكن يتدخل في خياراته، وهو لا يتحرك انطلاقا من "أنني ابن فلان ووالدتي فلانة".
وفي مداخلة له حول جده رياض الصلح، في تشرين الثاني (نوفمبر ) الماضي، شدد الأسعد على أن الصلح "رجل في وطن ووطن في رجل"، ودعا لمناسبة استذكاره في عيد الإستقلال إلى عقد أخلاقي جديد بين الرجال والأوطان.
وقال: "أراد الصلح لبنان سيدًا عزيزًا حرًا مستقلًا، فجعلناه مرتهنًا مهانًا ذليلا مجوفًا. وأراده مشتلًا للحرية ومنبتًا للأحرار، فجعلناه مطمرًا للكرامة ومسلخًا للارادة. وأراده سدًا منيعًا قويًا، فجعلناه ممرًا ومقرًا ومستقرًا".
حزبها الخاص
شهدت نهاية عهد كميل شمعون، ثاني رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال، اضطرابات عرفت بأحداث 1958، لانه أراد تجديد فترة ولايته الرئاسية، فجوبه برفض بعض القوى اللبنانية، وعلى رأسها كمال جنبلاط. أسس في العام 1958 حزب الوطنيين الأحرار، وترأس في العام 1976 الجبهة اللبنانية، أحد ابرز طرفي الصراع أثناء الحرب الأهلية اللبنانية. توفي في 7 آب (أغسطس) 1987، فخلفه على رأس حزب الوطنيين الأحرار نجلاه داني ثم دوري.
ترايسي شمعون، المولودة في العام 1962، هي ابنة داني الذي اغتيل مع عائلته في العام 1990، من ام استرالية. بات ظهورها السياسي طاغيًا في الفترة الاخيرة، بعدما عادت إلى لبنان وأسست حزب "الديموقراطيون الاحرار"، متمايزة عن خط حزب جدها، اي حزب الاحرار، وبعدما أعلنت أكثر من مرة انها مرشحة للانتخابات النيابية إلى جانب رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، ما اثار حفيظة عمها النائب دوري شمعون الذي ينتمي إلى قوى 14 آذار، فتبرأ منها علانية.
وتحقيقًا لنقطاعها عن حزب جدها وخطه السياسي الذي يحاول عمها دوري إحياءه، غردت عبر تويتر في 29 ايلول (سبتمبر ) الماضي، قائلة: "هذا هو المخطط منذ اغتيال داني شمعون، الذي يهدف إلى تسليم حزب الوطنيين الأحرار لسمير جعجع، الذي لا يمثل أيًا من مبادئ كميل شمعون".
في الوقت المناسب
أما كميل دوري كميل شمعون، فيفاخر بالزوارق التي ينتجها مصنعه وتستوفي المعايير الأوروبية، وبالطراد العسكري الذي لا يكشفه الرادار، الذي صممه وباعه للجيش اللبناني، قائلًا: "هذا الطراد أبدع في معارك مخيم نهر البارد".
ولشمعون هذا آراء تنسجم مع ابيه وجده، ويرى أن الثالث عشر من نيسان (أبريل) 1975 التاريخ الرسمي لاندلاع الحرب الأهلية، هو صفحة سوداء في تاريخ لبنان، وهو نتيجة مؤامرة على البلد، بدات ولم تنته بعد، لأن مشكلة الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان مستمرة.
يقول إن قسمًا من اللبنانيين، للأسف، أيّد الفلسطيني بسبب قلة نضج فكري وسياسي. وعندما اتخذ قرار حمل البندقية، قال له جده الرئيس شمعون: "هذا واجبك وواجب كل مواطن قادر على حمل السلاح ليدافع عن وطنه".
اليوم، هل سيدخل السياسة اللبنانية من الباب النيابي؟ يقول: "سأترشح في الوقت المناسب، والترشح للرئاسة هو من ضمن مشروعي السياسي، وأنا لا أخفيه، وإذا وصلت إلى هذا الموقع سأعيد البلد إلى صورته في عهد الرئيس شمعون".
انطون سعادة
ولد أنطون بن خليل سعادة مجاعص في الأول من آذار (مارس) 1904 في الشوير قضاء المتن. كان والده الدكتور خليل سعادة طبيبًا وعالمًا وأديبًا، ومن أبرز القادة الوطنيين في المغترب اللبناني في البرازيل، أسس جمعيات عدة وأحزاب مهجرية وطنية وقومية، كما أنشأ صحيفتي المجلة والجريدة في ساو باولو في البرازيل.
في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 1932، أسس أنطون سعادة وخمسة طلاب في الجامعة الأميركية في بيروت الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي انتظم فيه المئات في غضون السنوات الثلاث الأولى من العمل السري. كشف الفرنسيون أمر الحزب في العام 1935، فاعتقل سعادة وعدد من معاونيه. وعندما خرج الفرنسيون من سوريا ولبنان، أسس سعادة صحيفة الجيل الجديد. اتُهم بتدبير عصيان مسلح في حزيران (يونيو) 1949، فعمدت السلطة اللبنانية إلى ملاحقة الحزب، فانتقل سعادة إلى دمشق حيث اعلن الثورة القومية الاجتماعية الأولى لإسقاط حكم الطغيان والفساد والتزوير في لبنان. فضغط الفرنسيون على الرئيس السوري آنذاك حسني الزعيم، فسلم سعادة إلى السلطات اللبنانية في 7 تموز (يوليو) 1949، حيث حقق معه وحوكم ونفذ فيه حكم الإعدام خلال أربعة وعشرين ساعة.
يراجع النائب مروان فارس تاريخ عائلة الزعيم اللبناني انطون سعادة، فيقول إنه كان ابًا لثلاث بنات، الدكتورة صفية سعادة، التي تزوجت ولم تلد، وهي استاذة في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، وابنته الثانية اليسار، كان لديها ولدًا اسمه سعادة ابو ناصيف، توفي على الدراجة النارية منذ أكثر من عامين، وابنة، أما ابنته الثالثة فمتزوجة في اميركا اللاتينية.
ويتحدث فارس عن سعادة، حفيد انطون، فيقول إنه كان لامعًا ولديه حضوره السياسي، وكان مسؤول الطلاب في الجامعة الاميركية في بيروت تمامًا كجده، كان ناشطًا سياسيًا، وكانت مواقفه شبيهة بجده. ويصفه النائب فارس بانه كان من خيرة الطلاب وقومي اجتماعي بكل ما للكلمة من معنى، وكان ناشطًا في صفوف الحركة الطالبية، واستمر بنهج جده. كانت العائلة تعوّل عليه كي يستلم ميراث جده. وعندما توفي كان في الخامسة والعشرين من عمره.