فجرُ فلسطين المقاوم للاستيطان يبزغ بمفتاح من أمل من باب الشمس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رواية الكاتب اللبناني إلياس خوري التي صوّرت حياة اللجوء الفلسطيني أمست واقعًا ميدانيًا في مواجهة موجات تهجير جديدة، عبر سلب الأراضي بالاستيطان. وبين قصّة أصبحت واقعًا وواقعٍ أصبح كالرواية، تؤسس القرية الفلسطينية لبداية نهج جديد.
القدس: طرحت إقامة "قرية" فلسطينية على أراضٍ ستصادرها إسرائيل لبناء مشروع استيطاني سيكمل تقسيم الضفة الغربية وفصلها عن القدس الشرقية، أسلوب عمل جديدًا "للمقاومة الشعبية السلمية" الفلسطينية، يرى ناشطون أنه يشكل نموذجًا ينبغي الاحتذاء به.
أخلت قوات الأمن الإسرائيلية فجر الأحد مخيم "قرية باب الشمس"، الذي أقامه نحو مئتي ناشط فلسطيني صباح الجمعة في موقع مشروع "اي-1" الاستيطاني بين الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.
أطلق على الموقع اسم "باب الشمس" تيمنًا برواية الكاتب اللبناني إلياس خوري، التي تتحدث عن النكبة واللجوء والمقاومة الفلسطينية.
وقال محمد الخطيب عضو اللجنة التنسيقية للمقاومة الشعبية وصاحب فكرة تجمع باب الشمس لوكالة فرانس برس إن "الفكرة كانت القيام بنقلة نوعية والبناء على إنجازات تحققت في المقاومة الشعبية، وتكون محفزًا لكل الناس".
ضمت "قرية باب الشمس" نحو 20 خيمة في منطقة "اي-1"، الواقعة ضمن المناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية المحتلة. وتشكل هذه المناطق 60% من الضفة الغربية، وتخضع لإدارة أمنية ومدنية إسرائيلية، حيث يستحيل تقريبًا أن يحصل الفلسطينيون على تصاريح بالبناء.
تشكل هذه الخطوة نقلة نوعية، حيث لجأ النشطاء الفلسطينيون إلى أسلوب اعتاد عليه المستوطنون الإسرائيليون لإقامة بؤر استيطانية عشوائية على التلال خلال الليل في الضفة الغربية.
وقال الخطيب إن الهدف كان "استخدام القوانين الإسرائيلية التي وضعت لخدمة المستوطنين لنثبت عنصريتها وتمييزها" ضد الفلسطينيين. ويعزو الخطيب نجاح المبادرة إلى السرية التامة في التحضير لها و"عنصر المفاجأة" لإسرائيل والسماح لوسائل الإعلام بدخول المكان قبل إعلانه منطقة عسكرية مغلقة.
وأكد الخطيب "الطبيعة السلمية وغير العنيفة لهذا النوع من الاحتجاج"، مشيرًا إلى أنه "حتى عندما تم إخلاء القرية (صباح الأحد) لم يقم الناشطون بأي تصرف قد يوصف بأنه عنيف".
وأضاف "يجب عدم إعطاء مبررات للاحتلال، فهذه ليست حربًا بين جيشين. نحن مدنيون، نطالب بحقوقنا من حرية واستقلال وكرامة وطنية".
وتنظم المقاومة السلمية الشعبية تظاهرات في الضفة الغربية المحتلة بشكل دوري منذ سنوات. ولكن تجربة "باب الشمس" تشكل نقطة تحول للحركة، التي نجحت في السنوات الماضية في تغيير مسار الجدار الفاصل الذي تبنيه إسرائيل.
ورأى المحلل السياسي عبد المجيد سويلم أن "باب الشمس كانت تحديًا مباشرًا للسياسة الإسرائيلية التي تندرج تحت بند اليمين المتطرف"، مشيرًا إلى أنه "لم يعد من المجدي الحديث عن مفاوضات وضغوط دولية، ويجب أن تتأسس على الأرض مقاومة شعبية سلمية ديموقراطية وصلبة".
وأكد سويلم أن مبادرة النشطاء الفلسطينيين تظهر أن "الشعب الفلسطيني بدأ يتحمّل مسؤوليته مباشرة في اتخاذ القرار السياسي وليس القيادة". لكن المتحدثة باسم الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية نور عودة قالت إن رئيس الوزراء سلام فياض لطالما دعا إلى حركة مقاومة سلمية غير عنيفة.
وقالت عودة لوكالة فرانس برس :"الذي قاموا به هو عبارة عن طريقة أكثر ابتكارًا في تجسيد المقاومة الفلسطينية. وهي عبارة عن طريقة جميلة لتمثيل المقاومة اللاعنفية، تظهر الاتصال بالأرض وإفلاس الاحتلال".
وأشارت عودة إلى أنها تتوقع تنظيم احتجاجات مماثلة، تتمثل في قيام فلسطينيين بالمطالبة بالأراضي التي تقرر إسرائيل بناء المستوطنات عليها. وأضافت: "حقيقة أن المعركة الجارية الآن مع موجة غير مسبوقة من الاستيطان ستكون في الغالب الدافع وراء الطريقة التي ستعبّر بها المقاومة الشعبية عن نفسها". وأكملت "ولهذا أعتقد أن باب الشمس قد ولدت، ولهذا أعتقد أنها ستستمر".
وردًا على حصول فلسطين على وضع دولة مراقب في الأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر، ضاعفت حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية المشاريع الاستيطانية رغم انتقادات المجتمع الدولي. ويعتبر القانون الدولي كل النشاطات الاستيطانية غير مشروعة في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة.
اسرائيل تتخوف من تكرار نموذج "باب الشمس" فى مناطق أخرى في الضفة الغربية
توقع مسؤولون في اجهزة الامن الاسرائيلية أن يحاول الفلسطينيون تكرار نموذج القرية الفلسطينية "باب الشمس" في مناطق أخرى من الضفة الغربية. وذكرت صحيفة "معاريف" أن أجهزة الامن تتوقع قيام الفلسطينيين بنسخ نمط عمل المستوطنين في إقامة النقاط الاستيطانية غير القانونية لإقامة بلدات وتجمعات سكانية فلسطينية في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، وخاصة في المنطقة (E1) الممتدة بين مستوطنة معالية أدوميم والقدس الشرقية.
وأشارت فى موقعها الالكتروني اليوم إلى أن المخاوف الأساسية في أجهزة الأمن الإسرائيلية تتمثل في أن يقوم الفلسطينيون في المرة المقبلة خلافًا للمحاولة الأخيرة في باب الشمس باصطحاب ممثلي منظمات أجنبية توفر دعمها للمحاولات الفلسطينية، مما سيزيد من احتمالات الاحتكاك بين إسرائيل والحكومات الأجنبية.
وبحسب مصدر إسرائيلي، فإن الفلسطينيين سيحاولون إثارة استفزازات من أجل جرّ المجتمع الدولي للتدخل في النزاع في المنطقة عبر فرض حقائق فلسطينية على الأرض. وتخشى أجهزة الأمن الاسرائيلية من أن هدف الفلسطينيين من وراء إقامة هذه البلدات على أراضٍ فلسطينية خاصة هو الوصول إلى وضع يحول دون إخلائها فور إقامتها من قبل الجيش الإسرائيلي وإلزام الدولة باستصدار أمر من المحكمة العليا لوقف أعمال البناء فيها، وهي إجراءات تستغرق أيامًا عدة، يتمكن الفلسطينيون خلالها من تقديم اعتراضات ومواصلة البناء في الوقت نفسه وكسب الوقت.